أخبار

Read this in English

تحقيق نتائج إيجابية في جراحات إعتام عدسة العين لدى المراهقين بفضل مرونة أدمغتهم

Published online 9 مايو 2023

قدرة الدماغ على تفسير المعلومات البصرية تظل مرنةً طوال فترة المراهقة.. 

وهو ما يُسهِم في تحقيق نتائج جيدة في جراحات العين التي تستهدف علاج العمى الخِلقي.

لارا ريد

Bas Rokers & Pawan Sinha, 2023

أجرى فريقٌ بحثي دراسةً طوليةً تَتَبَّعَ خلالها عددًا من الشباب المصابين بعمىً خِلقي وقت خضوعهم لعملياتٍ جراحيةٍ تهدف إلى علاج مرض إعتام عدسة العين، وكشفت الدراسة أن المسارات العصبية المرتبطة بالإدراك البصري لديها القدرة على التكيُّف طوال فترة المراهقة.

يقول باس روكرز، الأستاذ المشارك في جامعة نيويورك أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي قاد فريق الدراسة جنبًا إلى جنبٍ مع زميلته كاترينا بيدرسيني، بالتعاون مع علماء من الهند: "لوقتٍ طويل، سادت حالةٌ من الجدل حول ما إذا كان الجهاز البصري لدى الإنسان يظل محتفظًا بمرونته في أثناء نمو الدماغ، وكذلك مقدار احتفاظه بتلك المرونة، ثمة إجماعٌ في الوقت الحالي على أن الجهاز البصري يصير مقاومًا للتغير، بعد انقضاء فترة حرجة، تبلغ نحو سبع سنواتٍ من الولادة، وقد أردنا سبر أغوار هذا التصور".

عكف الفريق البحثي على دراسة 19 مريضًا من الهند، تراوحت أعمارهم بين 7 سنوات و16 سنة، وكانوا يعانون بشدة من مرض إعتام عدسة العين، في كلتا العينين، تَتَبَّع الباحثون أولئك المرضى، خلال خضوعهم لجراحةٍ تهدف إلى علاجهم من مرض إعتام عدسة العين من أجل التمييز بين التغيرات التي ترتبط بالعمر وتلك التي تُسبِّبها الجراحة فيما يتعلق بمساراتهم العصبية وقدراتهم البصرية عقب الجراحة.

توضح بيدرسيني قائلةً: "نشأ المراهقون الذين شملتهم دراستنا كفيفي البصر، ولهذا السبب، لم يكن جهازهم البصري ينمو نموًّا طبيعيًّا، وقد أتاحت دراستنا فرصةً فريدة للكشف عن التغيرات التي تطرأ على الجهاز البصري، تحديدًا، في أعقاب الجراحة".

طلب الفريق البحثي من المرضى المشاركين أداء مهمات إدراكية ذات صلة بحدة البصر وتمييز الوجوه خلال الأيام والأسابيع التي أعقبت الجراحة، كذلك خضع المرضى بانتظام للتصوير بالرنين المغناطيسي، من أجل فحص التغيرات الطولية التي تطرأ على المادة البيضاء في أدمغتهم، وفي الخطوة التالية، قارن الفريق هذه النتائج مع قواعد البيانات التي تشتمل على صورٍ للدماغ، تجدر الإشارة إلى أن قواعد البيانات هذه جزءٌ من «مشروع الكونيكتوم البشري» human connectome project (المعروف اختصارًا باسم HCP)، وهو مشروعٌ يحتوي على معلوماتٍ تتعلق بنمو الدماغ على امتداد فترة الطفولة بأكملها.

تبيَّن للباحثين أن جراحات العين عزَّزت مرونة المادة البيضاء بدرجةٍ كبيرة، وأن هذا التعزيز بدا جليًّا في مساراتٍ عصبية «بصرية متأخرة» بعينها، وأظهرت هذه المسارات تحسُّنًا في درجة اكتمال بنيتها عقب الجراحة، كما حدث تحسُّن في الوصلات بين المنطقة القذالية (القفوية) التي تقع في الجهة الخلفية من الدماغ وتعالج المعلومات البصرية الواردة من العينين، ومناطقَ دماغيةٍ مهمةٍ مسؤولةٍ عن ترجمة المعلومات البصرية، وأسفرت الجراحة كذلك عن تَحَسُّنٍ كبير في قدرة المرضى على التعرُّف على الوجوه، وقدرتهم على استقبال الإشارات البصرية؛ ومن ثم تَحَسُّن جودة حياتهم بوجهٍ عام.

يقول روكرز: "رصدنا بدقةٍ المسارات العصبية التي تمثِّل أساسًا لهذا التحسُّن الكبير، وهذه التغيرات التي طرأت على الإدراك البصري كانت مستقلةً عن التغيرات العادية المرتبطة بالنمو والبلوغ، وهي تُوحي بأن المادة البيضاء في الجهاز البصري تظل محتفظةً بمرونتها طوال فترة المراهقة".

يتطلع أعضاء الفريق البحثي إلى أن تُسهِم الدراسة الحالية في تنشيط النقاش حول أهمية جراحات العين في حالات العمى الخِلقي، بصرف النظر عن عمر الطفل، ويُشير روكرز إلى أن الأدلة التي قدمتها الدراسة بشأن الاحتفاظ بقدرٍ من المرونة العصبية ربما تفتح الآفاق أمام الباحثين للوصول إلى تدخلاتٍ سلوكية أو دوائية تساعد في استعادة القدرة على الإبصار أو تحسينها.

على هذا تعلق بيدرسيني بالقول: "في الخطوة القادمة، سيكون محور تركيزنا هو استكشاف أوجه القصور العصبية المسؤولة عن حالات ضعف الإبصار الأخف حدةً، مثل كسل العين، فإذا أمكننا عزو هذا الضعف إلى تشوُّهاتٍ في المسارات العصبية نفسها، فإن ذلك قد يفتح آفاقًا جديدةً للعلاج".

 

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.47


Pedersini, C.A. et al. White matter plasticity following cataract surgery in congenitally blind patients. PNAS 120,19 (2023).