Using AI to control energy for indoor agriculture
30 September 2024
Published online 1 ديسمبر 2023
الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والحد من البصمة الكربونية ودعم السياسات الخضراء أهم طرق التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري
يُعد تلوث الهواء الخارجي إحدى أكبر مشكلات الصحة البيئية التي يتضرر منها جميع سكان العالم، وتؤدي إلى حوالي 4.2 ملايين وفاة مبكرة سنويًّا، يحدث 89% منها بالبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية لعام 2019.
وتُعزى هذه الوفيات إلى التعرض للجسيمات الدقيقة التي تسبب الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية وأمراض الجهاز التنفسي والسرطان.
وفي أحدث رصد لعبء مصدر مُحدد لتلوث الهواء الخارجي، ذكرت دراسة دولية أن "التلوث الناجم عن استخدام الوقود الأحفوري (النفط والغاز) يتسبب في 5.1 ملايين حالة وفاة إضافية سنويًّا حول العالم".
وأوضح الباحثون أن هذا الرقم يعادل 61% من إجمالي 8.3 ملايين حالة وفاة بسبب تلوث الهواء الخارجي من جميع المصادر في 2019، والتي يمكن تجنُّبها عبر التحول إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، ونُشرت النتائج بالمجلة الطبية البريطانية (The BMJ).
ويتزامن الإعلان عن هذه الأرقام مع انطلاق مؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ (COP28) بمدينة دبي الإماراتية، ما يزيد من الضغوط على زعماء العالم لاتخاذ الإجراءات اللازمة؛ إذ يُتوقع أن يشكل مستقبل الوقود الأحفوري جوهر النقاشات.
يقول جوس ليليفيلد، الباحث بقسم كيمياء الغلاف الجوي بمعهد ماكس بلانك للكيمياء في ألمانيا، وقائد فريق البحث: "تشير الدراسة إلى أن عبء الوفيات الذي يُعزى إلى تلوث الهواء الناجم عن استخدام الوقود الأحفوري أعلى بكثير من التقديرات السابقة، فالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ستكون له نتائج صحية هائلة وإيجابية، أبرزها تجنُّب 5.1 ملايين حالة وفاة زائدة سنويًّا على مستوى العالم".
يضيف "ليليفيلد" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": توفر الدراسة أدلةً جديدةً لتحفيز التخلص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري، الذي يُعد تدخلًا فعالًا لتحسين الصحة وإنقاذ الحياة، ومنفعة مشتركة رئيسية لهدف الأمم المتحدة المتمثل في الحياد المناخي بحلول 2050.
4 سيناريوهات
يُعد تلوث الهواء الخارجي عامل خطر رئيسيًّا للمرض والوفاة، لكن القليل من الدراسات العالمية أرجعت الوفيات إلى مصادر محددة للتلوث.
لمعالجة ذلك، استخدم الباحثون نموذجًا جديدًا لتقدير جميع الأسباب والوفيات المحددة الناجمة عن تلوث الهواء المرتبط بالوقود الأحفوري، ولتقييم الفوائد الصحية المحتملة من السياسات التي تستبدل بالوقود الأحفوري مصادرَ للطاقة النظيفة والمتجددة.
وقيَّم الباحثون الوفيات الزائدة (عدد الوفيات فوق المتوقع خلال فترة زمنية معينة) باستخدام بيانات من دراسة العبء العالمي للمرض 2019، وبيانات الجسيمات الدقيقة من الأقمار الصناعية لوكالة ناسا، وكيمياء الغلاف الجوي، والهباء الجوي، ونمذجة المخاطر النسبية للمرض.
ووضعوا 4 سيناريوهات، الأول يفترض التخلص التدريجي من جميع مصادر الانبعاثات المرتبطة بالوقود الأحفوري، أما الثاني والثالث فيفترضان تحقيق خفض التعرض بنسبة 25% (ربع الطريق) و50% (نصف الطريق) في إطار التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
أما السيناريو الرابع فيتمثل في إزالة جميع مصادر تلوث الهواء الناجمة عن النشاط البشري، ويترك فقط المصادر الطبيعية مثل غبار الصحراء وحرائق الغابات الطبيعية.
وأظهرت النتائج أنه في عام 2019، كانت 8.3 ملايين حالة وفاة في جميع أنحاء العالم تُعزى إلى الجسيمات الدقيقة بقُطر 2.5 ميكرومتر، والأوزون في الهواء المحيط، منها 61% مرتبطة بالوقود الأحفوري، وهذا يعادل 82% من الحد الأقصى لعدد الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء، والتي يمكن تجنُّبها من خلال التحكم في جميع الانبعاثات بشرية المنشأ.
وكانت الوفيات التي تُعزى إلى جميع مصادر تلوث الهواء الخارجي هي الأعلى في جميع أنحاء جنوب وشرق آسيا، وخاصةً بالصين حيث بلغت 2.44 مليون سنويًّا، تليها الهند بـ2.18 مليون سنويًّا.
ووفق النتائج، سيؤدي التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري إلى أكبر انخفاض مطلق في الوفيات بجنوب وجنوب شرق وشرق آسيا؛ إذ يصل إلى حوالي 3.85 ملايين سنويًّا، أي ما يعادل 80-85% من الوفيات التي يمكن الوقاية منها من جميع المصادر البشرية لتلوث الهواء الخارجي.
أما في البلدان ذات الدخل المرتفع، فيمكن منع حوالي 460 ألف حالة وفاة سنويًّا، ما يمثل حوالي 90٪ من الوفيات التي يمكن الوقاية منها من جميع المصادر البشرية لتلوث الهواء الخارجي.
الوفيات بالأمراض
ترتبط معظم الوفيات الناجمة عن التلوث بالوقود الأحفوري (52%) بحالات شائعة مثل أمراض القلب الإقفارية (30%) والسكتة الدماغية (16%) ومرض الانسداد الرئوي المزمن (16%) والسكري (6%)، أما حوالي 20% منها فلم يتم تحديدها، ولكن من المحتمل أن تكون مرتبطة جزئيًّا بارتفاع ضغط الدم والاضطرابات العصبية مثل مرض ألزهايمر ومرض باركنسون، وفق الدراسة.
يقول ناصر طه -أستاذ أمراض القلب بجامعة المنيا في مصر- في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تتسبب هذه الجسيمات في تلف بطانة الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى تراكُم الترسبات الدهنية وتصلب الشرايين، بالإضافة إلى زيادة مستويات الالتهاب، ما يفاقم من حدوث الذبحة الصدرية والسكتة القلبية والسكتة الدماغية.
من جهته، يؤكد طه عبد الحميد -أستاذ أمراض الصدر والحساسية في كلية الطب بجامعة الأزهر- أن "التعرّض للجسيمات الدقيقة الملوثة للهواء يسبب مشكلات مُزمنة بالرئتين، أبرزها الالتهابات الرئوية المزمنة، وتليّف الرئة، والارتفاع في ضغط الشريان الرئوي".
يقول "عبد الحميد" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تدخل هذه الجسيمات إلى الرئتين في أثناء عملية التنفّس، وتخترق الحويصلات الهوائية والشعيرات الدموية الدقيقة التي تحيطها، وتسبّب تليّفًا في الرئتين وهبوطًا في عضلة القلب، وبالتالي تزيد معدلات الوفيات بأمراض القلب والانسداد الرئوي المزمن.
فرصة لإحراز تقدم
ورأى الباحثون أن مؤتمر (COP28) "يوفر فرصة لإحراز تقدم كبير نحو التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وإنقاذ حياة الملايين".
"في الواقع، يمكن أن يكون للحد من تلوث الهواء عددٌ من الفوائد الإيجابية، ليس فقط تقليل الوفيات، ولكن أيضًا تقليل معدلات الإصابة بالأمراض، فضلًا عن تحسين صحة الإنسان والبيئة عبر الحد من تلف النباتات، وفق أندريا بوتزر، الباحث المشارك في الدراسة من معهد ماكس بلانك للكيمياء في ألمانيا.
وأضاف لـ"نيتشر ميدل إيست": تقليل الوقود الأحفوري وزيادة استخدام الطاقة النظيفة هو الطريق الصحيح، وقد يكون مؤتمر COP28 فرصةً عظيمةً للاتفاق على سياسات تهدف إلى تحقيق هدف الوصول بالانبعاثات إلى الصفر بحلول 2050.
ويعلق "ليليفيلد": التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري أمرٌ ممكنٌ من الناحيتين الفنية والاقتصادية، وتُعد تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح جذابةً اقتصاديًّا للعديد من البلدان، لكن التنفيذ يحتاج إلى دعم حكومي لضمان استقرار مثل هذه الاستثمارات على المدى الطويل، وإلغاء دعم الوقود الأحفوري وتنفيذ تسعير الكربون، في حين يمكن للأفراد المساهمة أيضًا من خلال الحد من البصمة الكربونية ودعم السياسات الخضراء.
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.267
Stay connected: