الوصفة التحريرية لأبحاث أكثر استشهادًا

إن استخدام العبارات الرنانة ثلاثية المقاطع في عناوين الأوراق البحثية، من ذلك مثلًا: "الحسد وغياب المساواة والخصوبة"، أو "حجم السوق والتجارة والإنتاجية" - يمكن أن يزيد من استشهاد الباحثين بها، بحسب دراسة جديدة.

وفي الدراسة، لجأ الباحثون إلى خوارزميات لفحص أكثر من 235 ألف بحث في مجال الاقتصاد، و93 ألف بحث في مجالات الطب وعلوم الحياة، حيث تضمنتْ عناوين هذه الأبحاث عبارات من ثلاثة مقاطع. ووجد الباحثون أن الدراسات في مجالات الطب وعلوم الحياة التي استخدمتْ هذه الصيغة في عناوينها اجتذبتْ 32 استشهادًا إضافيًا في المتوسط، مقارنةً بالأوراق البحثية التي لم تتضمن عناوينها هذه الاستراتيجية. كذلك حصدت الدراسات في مجال الاقتصاد التي اعتمدتْ هذه الصيغة 3.5 استشهادًا إضافيًّا في المتوسط.

وفي ذلك يقول كلوس وولراب، اختصاصي علم الاقتصاد في «معهد لايبنيتس للبحوث الاقتصادية» Leibniz Institute for Economic Research الذي يقع مقره بمدينة ميونخ الألمانية، والمؤلف المشارك في الدراسة: "عندما تستخدم عنوانًا جذابًا لبحثك، تزيد فرص قراءة البحث بأكمله، أو ملخص البحث على أقل تقدير". نُشرت¹ هذه الدراسة التحليلية في فبراير الماضي على خادم «إس إس آر إن» SSRN لنشر المسوّدات البحثية.

وكانت دراسات تحليلية سابقة قد انتهت إلى أن تقليل عدد كلمات العنوان، أو استخدام عناوين طريفة، أو تلك التي تحتوي على علامات ترقيم معينة، مثل الواصِلات، أو الفاصِلات، أو الأقواس، أو النقطتين الأفقيتين، يمكن أن يساعد أيضًا في استقطاب الدراسات لعدد أكبر من الاستشهادات.

يُذكر أن الأبحاث الاقتصادية التي فحصتها الدراسة نُشرت في دوريات علمية مُفهرَسة على قاعدة البيانات البحثية «ويب أوف ساينس» Web of Science في الفترة ما بين عامَيْ 2006 و2019. أما الأبحاث التي فحصتها الدراسة في مجالات الطب وعلوم الحياة، وهي دراسات خضعتْ للتحكيم (مراجعة الأقران) في الفترة ما بين عامَيْ 2001 و2023، فهي حاصلة على تقييم "جيد" أو "جيد جدًا" أو "ممتاز" على خدمة تقييم الأبحاث المنشورة «فاكولتي أوبينيونز» Faculty Opinions.

يلفت وولراب إلى أن الدراسات الطبية ودراسات علوم الحياة، التي تضمنتْ عناوينها عبارات ثلاثية المقاطع، تستقطب المزيد من الاستشهادات الإضافية مقارنةً بنظيراتها من الدراسات الاقتصادية المنشورة؛ نظرًا لأن "متوسط مرات الاستشهاد في مقالات الطب وعلوم الحياة أعلى بكثير منه في المقالات الاقتصادية".

أنماط إيقاعية

تقول الدراسة إن "العبارات ثلاثية المقاطع" تعزز الوضوح من خلال تفكيك الأفكار المركَّبة إلى أجزاء مترابطة، كما تخلق أنماطًا إيقاعية تلتصق بالأذهان، وتستهدف التعبير عن جوانب متعددة من البحث بإيجاز.

في هذا السياق، يضيف وولراب أن هذه النوعية من العبارات شائعة الاستخدام بالفعل في المنشورات العلمية، فنحو نسبة 9% من الأبحاث الاقتصادية و4% من أبحاث الطب وعلوم الحياة المشمولة في عينة الدراسة تضمَّنتْ عباراتٍ ثلاثية المقاطع في عناوينها.

ويرى وولراب أنه من الممكن أن يبدأ الأكاديميون في الإكثار من استخدام العبارات ثلاثية المقاطع، بعد أن يدركوا ما لهذه الصيغة من قدرة على جذب المزيد من الاستشهادات، لافتًا إلى أن هذا الحل قد لا يتناسب بالضرورة مع جميع الأوراق البحثية.

من جانبها، تشدد ستيفاني هوستاين، اختصاصية علم المعلومات بجامعة أوتاوا الكندية، على أهمية العناوين قائلة: "إن تحليل عناوين الدراسات أمر جديرٌ بزيادة الاهتمام، فهي التي تشكل أول انطباع تتركه المقالة في ذهن القارئ". وتصف هوستاين الدراسة التحليلية التي نحن بصددها بأنها "أُجريتْ بإتقانٍ شديد"، وتؤكد أنها تبرهن على أن العبارات ثلاثية المقاطع تُسهم في جذب الاستشهادات.

غير أنها تلفتُ إلى صعوبة عَقد مقارنة مباشرة بين مجموعة البيانات الاقتصادية وعينة بيانات الطب وعلوم الحياة، ومرد ذلك أن مُؤلفِي الدراسة لم يضموا في المجموعة الأخيرة الدراساتِ الحاصلة على تقييم أقل من "جيد". وتضيف قائلة: "شملَت الدراسة مجموعةً مُنتقاة بعناية من الأبحاث [في مجالات الطب وعلوم الحياة]. أما في العينة الاقتصادية، فقد اعتمدت الدراسة أي أبحاث مصنفة على أنها اقتصادية في قاعدة بيانات «ويب أوف ساينس»".

تشير هوستاين كذلك إلى احتمالية وجود اختلاف في أساليب الكتابة فيما بين المجالات المختلفة، أو بين مؤلفي الدراسات الذين يتحدثون الإنجليزية باعتبارها لغة أولى وبين غيرهم، بما يؤدي إلى تفاوت في توظيف العبارات ثلاثية المقاطع.

^{هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور بمجلة Nature بتاريخ 18 مارس 2025}.

اشترك للحصول على النشرة الإلكترونية المحدّثة كل أسبوعين لكي تبقى على اطلاع بكافة المستجدات على الموقع.