ترامب يطلق مهمة «جينيسيس»: هل هي ثورة علمية أم رهان محفوف بالمخاطر؟
30 December 2025
نشرت بتاريخ 30 ديسمبر 2025
وحلّت الولايات المتحدة ثانية، متقدمةً في المجالات المتبقية، وفق تحليل شمل 74 تقنية.
تقود الصين دفّة البحث العلمي فيما يقرب من 90% من التقنيات الحاسمة، ويُقصَد بها التقنيات التي "تخدم مصالح الدولة أو تشكّل خطرًا عليها"، وفقًا لتقرير تقني أصدره «المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية»، وهو مركز أبحاث مستقل.
قيَّم التقرير أبحاثًا عالية الجودة في 74 تقنية حالية وناشئة هذا العام، مقارنة بـ64 تقنية شملها تقرير العام الماضي. جاءت الصين في المقدمة في 66 تقنية، من بينها الطاقة النووية، والبيولوجيا الاصطناعية، والأقمار الصناعية الصغيرة، فيما تصدّرت الولايات المتحدة التقنيات الثماني المتبقية، ومنها الحوسبة الكمية والهندسة الجيولوجية.
تعكس هذه النتائج تحولًا جذريًا: ففي مطلع هذا القرن، كانت الولايات المتحدة تتصدر أكثر من 90% من التقنيات التي خضعت للتقييم، في حين لم تكن الصين تتصدر سوى أقل من 5% منها، بحسب تقرير عام 2024.
تقول إيلاريا ماتسوكو، التي تبحث في السياسات الصناعية الصينية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مؤسسة بحثية غير ربحية مقرها واشنطن العاصمة: " أحرزت الصين تقدمًا مذهلًا في العلوم والتكنولوجيا، وهو ما ينعكس في البحث والتطوير، وكذلك في المنشورات العلمية".
وتقول ماتسوكو إن الاتجاه العام الذي حدده المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية ليس مفاجئًا، لكن من "اللافت" أن تكون الصين مهيمنة ومتقدمة إلى هذا الحد في عدد كبير من المجالات، مقارنةً بالولايات المتحدة.
قد يكون ذلك راجعًا إلى أنواع التقنيات التي تخضع للتقييم، كما يقول وانج يانبو، الباحث في سياسات العلوم بجامعة هونج كونج، مشيرًا إلى أن فرصة الدولة تكون أعلى في اعتلاء الصدارة البحثية في التقنيات الجديدة والناشئة، لا التقنيات المستقرة، مثل رقائق أشباه الموصلات، التي تأتي في طليعتها دول أخرى.
تتبُّع الأبحاث عالية التأثير
استند فريق المعهد في تحليله إلى قاعدة بيانات تضم أكثر من تسعة ملايين ورقة بحثية من مختلف أنحاء العالم. وقد صنّف الدول في كل تقنية من خلال تحديد أعلى 10% من الأوراق البحثية صاحبة النصيب الأكبر من الاستشهادات التي أنتجها باحثو كل دولة خلال فترة خمس سنوات بين عامي 2020 و2024، ثم حسب الحصة العالمية لكل دولة.
ومن النتائج اللافتة أن الصين تتفوق على الولايات المتحدة في الحوسبة السحابية، بحسب ديفيد لين، وهو خبير في الأمن القومي واستراتيجيات التكنولوجيا في مشروع الدراسات التنافسية الخاصة، وهي منظمة غير ربحية مقرها أرلينجتون في ولاية فيرجينيا. ومن المعلوم أن الحوسبة السحابية هي ما تمكّن شركات الذكاء الاصطناعي من تدريب النماذج ومعالجة البيانات دون الحاجة إلى بنية تحتية مادية. ويقول لين إن كثافة الأبحاث الصينية في هذه المجالات "ربما تعكس الاهتمام الكبير الذي توليه بكين لنقل الذكاء الاصطناعي من المختبر إلى السوق".
ويقول ستيفن هاي، باحث الاقتصاد السياسي الذي يركز على الابتكار التكنولوجي في جامعة شي آن جياوتونج–ليفربول في سوتشو بالصين، إن التحليل لا ينبغي تفسيره على أنه "انهيار للقوة الأمريكية"، مضيفًا أن الولايات المتحدة لا تزال، عمومًا، لاعبًا مهمًا على الصعيد العالمي في هذه التقنيات.
وتلفت جيني وونج-ليونج، وهي عالمة بيانات في المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية شاركت في إعداد التقرير، إلى أن النتائج تُظهر أن الديمقراطيات معرضة لخسارة "مكتسبات في العلوم والأبحاث المتقدمة تمّت مراكمتها بشقّ الأنفس على مدى عقود" في عديد من القطاعات الأساسية، وهو أمر لا غنى عنه لتطوير أهم التقنيات الأساسية وإحراز تقدُّم ملموس فيها.
أسئلة الموثوقية
على الرغم من أن التقرير مفيد لقياس الزخم الأكاديمي لدولة ما، فإنه لا يعكس قدرتها الابتكارية الشاملة، على حد قول هاي. وقد أقرّ فريق الباحثين الذي أعدَّ التقرير بذلك في نسخة عام 2025.
فمن ناحية، فإن كثرة المواد العلمية عالية التأثير لا تترجَم بالضرورة إلى كفاءة هندسية أو قدرة تصنيعية أو نجاح تجاري، كما يقول لين. ويسوق مثالًا على ذلك محركات الطائرات المتقدمة، وهي من التقنيات التي خضعت للتحليل والتقييم. صحيح أن الصين تحتل المرتبة الأولى في هذه التقنية، ولديها قاعدة صناعية كبيرة وشركات طيران وفضاء مملوكة للدولة، إلا أن "محركات الصين لم ترقَ بعد إلى مستوى الأداء أو الموثوقية أو المتانة التي تتمتع بها النماذج الرائدة في الولايات المتحدة أو أوروبا".
ثم إن هذا النهج، حسبما يرى وانج، ربما يميل أيضًا إلى ترجيح كفة الدول التي تضم عددًا كبيرًا من الباحثين، باعتبار أنهم أقرب إلى الاستشهاد بالدراسات التي يؤلفها مواطنوهم.
* هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور بمجلة Nature بتاريخ 12 ديسمبر 2025.
doi:10.1038/nmiddleeast.2025.236
تواصل معنا: