مقالات

شخصيات العام من نيتشر: عشرة أسماء رسمت ملامح المشهد العلمي في 2025 

نشرت بتاريخ 29 ديسمبر 2025

يأتي من ضمن قائمة «شخصيات العام من نيتشر» لهذه الشخصيات المذهلة: مسؤولة صحة عامة أُقيلت من منصبها، وعالم يُربي البعوض، وطفل دخلت ابتسامته التاريخ على مستوى العالم. 

تحتفي قائمة «شخصيات العام من نيتشر» بأهم التوجهات والاكتشافات التي شهدها الحقل العلمي على مدى هذا العام، وتسرد قصص من يقفون وراءها. وقد أعدها لك فريق التحرير بدورية Nature لتسليط الضوء على بعض الأبحاث الأقوى تأثيرًا والتطورات العلمية الأبرز التي شكلت العالم. وقائمة هذا العام، تأتي تقديرًا لإسهامات علماء تمتد استكشافاتهم إلى أقاصي الكون وتسبر أعمق أعماق المحيطات. كما تكرِّم القائمة مسؤولًة خدمة مدنية انبرت للدفاع عن سياسات الصحة العامة المرتكزة على الأدلة وسط عاصفة من الاضطرابات في الولايات المتحدة. 

حقوق نشر الصورة: Alyssa Schukar for Nature 
حقوق نشر الصورة: Alyssa Schukar for Nature 

سوزان موناريز: مسؤولة صحة أمريكية انبرت للدفاع عن العلم رغم التهديدات 

 ماكس كوزلوف 

عندما أدت سوزان موناريز قسم اليمين لرئاسة هيئة المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها؛ أبرز هيئات الصحة العامة بالولايات المتحدة، سرى شعور بالارتياح في أوساط كثير من باحثي البلد. 

فلقرابة عشرين عامًا، لزمت موناريز، التي تتمتع بخبرة كعالمة أحياء دقيقة وعالمة مناعة، الحياد السياسي في منصبها كمسؤولة علمية حكومية. كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد رشح بداية للمنصب ديف ويلدون، وهو طبيب ومشكك في جدوى التطعيمات، عمل عضوًا جمهوريًا في الكونجرس الأمريكي بين عامي 1995 و2009، وسحب الرئيس ترشيحه له، ليختار موناريز بدلًا له، ما جاء مخالفًا للتوقعات وقوبل باستحسان عام. 

لكن في أغسطس الماضي، بعد مضي أقل من شهر على تقلدها لمنصبها كمدير للهيئة، فُصلت موناريز عن عملها، ما عللت له قائلة في شهادتها أمام جلسة استماع خيم عليها التوتر أمام الكونجرس الأمريكي في سبتمبر الماضي: "أُقلت من منصبي لأني تشبثت بالنزاهة العلمية". فوفقًا لإفادتها، رفضت الانصياع لأوامر وزير الصحة الأمريكي روبرت إف. كينيدي جونيور، والتي قضت بفصل عدد من كبار علماء الهيئة والتصديق على توصيات محددة بشأن التطعيمات دون النظر أولًا في البيانات العلمية التي تستند إليها.  

وقد نفى كينيدي صحة إفادتها، وشهد أمام الجلسة بأن موناريز أخبرته بأنها لم تكن جديرة بالثقة. وعليه، أقالها من منصبها. 

ولم يُخف ازدرائه للهيئة، ووصفها بأنها على الأرجح "الأكثر فسادًا" في الحكومة الأمريكية. ويُذكر أن كينيدي، الذي لطالما كان مناهضًا للتطعيمات، سعى إلى فصل ربع القوة العاملة بالهيئة، كما استبدل جميع أعضاء لجنة بارزة من العلماء الذين قدموا استشاراتهم للحكومة الفيدرالية حول سياسات التطعيم بآخرين، ضم بينهم عدد ممن انتقدوا علانية التطعيمات.  

وتُعد موناريز من أبرز المسؤولين العلميين الحكوميين الذين أعربوا عن مخاوفهم إزاء التعديلات السياسية التي تهدد الصحة العامة المتخذة من جانب إدارة الرئيس ترامب. وتأتي هذه التعديلات ضمن حزمة أكبر من الإجراءات التي اتخذتها الإدارة وأدت إلى اضطراب المؤسسة العلمية في الولايات المتحدة. فعلى مدار عام، ألغى مسؤولون أمريكيون بالإدارة آلاف من المنح البحثية، وفصلوا المئات من الباحثين بالجهات الحكومية الأمريكية، كما حجبوا عددًا من التمويلات الممنوحة للجامعات واقترحوا اقتطاعات غير مسبوقة من ميزانية البحث العلمي الأمريكية، زعمًا بأن هذه الإجراءات  تستهدف النهوض بالعلم والابتكار وإحياء ثقة الدولة في هيئات العلوم والصحة العامة. 

عن موناريز، تقول جينيفر نازو، عالمة الوبائيات ومديرة «مركز مكافحة الجوائح» التابع لجامعة براون في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند الأمريكية: "لطالما أثبتت سوزان أنها، قبل أي اعتبار آخر، تستند إلى الأدلة لخدمة الوطن. وقد تصرفت على النحو الذي يليق بأي عالم يحترم مهنته. فأي عالم على هذه الشاكلة سيعارض المصادقة فورًا على القرارات دون التمحيص أولًا في دقة الأدلة العلمية التي تستند إليها". 

وعلى خلفية إقالة موناريز، استقالت ديبرا هاوري، كبيرة المسؤولين الطبيين بهيئة المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها وثلاثة من كبار علماء الهيئة. وامتد الخلاف إلى العلن، عندما أدلى كل من موناريز وهاوري وكينيدي بإفادته ومنظوره للأحداث أمام أعضاء من مجلس الشيوخ الأمريكي في جلسات استماع انعقدت في مبنى الكونجرس الأمريكي بالعاصمة واشنطن. خلال الجلسات، شهدت هاوري في إفادتها بأن كينيدي وفريقه البحثي لم يطلبا مشورة علماء الهيئة حول قرارات مهمة، من بينها قرار صدر في مايو الماضي بالحد من وصول الأطفال والنساء الحوامل إلى لقاحات «كوفيد-19».  

وهي إفادة طعنت في صحتها وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، التي يرأسها كينيدي وتضم تحت لوائها هيئة المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. 

وأفادت موناريز (التي تتمتع بخبرة سابقة في العمل الحكومي في مجالات الأمن الحيوي والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات) في تصريح لدورية Nature بأنها كانت قد وضعت خططًا طموحة للهيئة، تركز بالدرجة الأولى على تحسين معالجة البيانات لتقديم توصيات صحة عامة مخصصة لكل منطقة وولاية. ففي ذلك الصدد، تقول: "دائمًا ما أتحدى الظروف، لأن هذا هو دور العلماء؛ فهو تحدي الظروف المحيطة بهم ومحاولة تحسينها، لكن دون التفريط في النزاهة الأخلاقية والعلمية من أجل المنفعة الشخصية". 

وإلى الوقت الحالي، يبقى مستقبل الهيئة وقيادتها غير واضح. فحاليًا، يشغل جيم أونيل، نائب كينيدي لوزارة الصحة، وهو صاحب استثمارات عدة في شركات تقنيات حيوية، منصب الرئيس المؤقت للهيئة. وبحسب نازو، واجهت إدارة ترامب صعوبة في العثور على من يتقلد بصفة دائمة منصب رئيس هيئة المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. والآن، بات العثور على من يشغل هذا المنصب أصعب. 

إذ يُتوقع أن يرث المدير القادم للهيئة قوة عمل ضرب فيها الإحباط من جراء حركة تسريح العمال بها، وأصابتها الصدمة من جراء إطلاق نيران في مقرها بمدينة أتلانتا بولاية جورجيا، حيث أسفر الهجوم، الذي شنه معادِ لتطعيمات «كوفيد-19»، عن مقتل ضابط شرطة ومنفذ الهجوم وتحطيم 150 نافذة بمقر الهيئة. 

رغم هذه الظروف، أعربت موناريز عن خالص تمنياتها بالتوفيق لمدير الهيئة القادم. وأضافت في مقابلة صحفية مع دورية Nature في أكتوبر الماضي أن المنصب "سياسي بطبيعته، لكن هذا لا يعني رضوخ صاحبه للضغوط السياسية". وختامًا تقول: "لا يمكن التسليم بغياب دور كيان بأهمية هيئة المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها". 

  حقوق نشر الصورة: Bhumika Bhatia for Nature 
  حقوق نشر الصورة: Bhumika Bhatia for Nature 

 آتشال أجراوال: خبير نزاهة علمية كشف أزمة سحب الأوراق البحثية في جامعات الهند 

ميريام نداف 

كان آتشال أجراوال قد أنهى لتوه إلقاء محاضرة، عندما فاتحه طالب جامعي متحمس بفكرة مشروع بحثي.  رحَّب أجراوال بالفكرة، إلى أن وصف الطالب الجامعي كيف استخدم برمجية لإنتاج بحث بإعادة صياغة نص آخر منشور بالفعل. 

أوضح أجراوال أن إجراءً كهذا يُعد سرقة علمية، أي انتهاكًا صارخًا للنزاهة البحثية، لكن الطالب أصر على أنه ليس كذلك، لأن البحث اجتاز اختبارات الجامعة للتحقق من خلوه من السرقات العلمية.  مسترجعًا هذه الأحداث، يقول أجراوال الذي يعمل اليوم عالم بيانات حر في مدينة رايبور الهندية: "لقد صُدمت!". 

دارت هذه المحادثة في أواخر عام 2022، وقد جعلت أجراوال يدرك أن هذا النوع من ممارسات الإخلال بالنزاهة البحثية بات يضرب بجذوره عميقًا في المؤسسة البحثية، ما وطد عزمه على التحرك لعلاج هذه المشكلة. وبعد شهر من الواقعة، ترك وظيفته الجامعية، ليكرس منذ تلك اللحظة وقته للتوعية بانتهاكات النزاهة البحثية في الهند. وقد جعلته جهوده التطوعية في هذا الإطار أحد أبرز المشاركين في الحوار الوطني الهندي حول الحوافز الأكاديمية

وهذا العام، أسهمت جهوده مع آخرين على هذه الساحة في إدخال تعديلات بارزة على سياسات تصنيف جامعات التعليم العالي الهندية. ففي أغسطس الماضي، أعلنت الحكومة الهندية أن «إطار التصنيف المؤسسي الوطني»، الذي أرسته لتقييم المؤسسات الجامعية سنويًا والذي يؤثر في أهلية الجامعات للحصول على التمويل ضمن برامج المنح البحثية، سيفرض عقوبات على المؤسسات الجامعية حال سحب عدد هائل من الأوراق البحثية التي ينشرها باحثيها. وتهدف هذه الخطوة، التي تُعد الأولى من نوعها في هذا النظام التصنيفي، إلى محاربة الممارسات البحثية غير الأخلاقية. وقد انخفضت بالفعل درجات بعض المؤسسات الجامعية على التصنيف ويُتوقع أن تصبح العقوبات المُفروضة على الجامعات التي تخل بممارسات النزاهة البحثية أكثر صرامة العام القادم. تعقيبًا على هذا الإعلان، يقول أجراوال: "غمرني شعور عارم بالسعادة ذاك اليوم". 

فنظام التنصنيف السابق نزع إلى مكافأة كثرة نشر الأبحاث، بغض النظر عن جودتها. من هنا، عن أجراوال، يقول مات سبيك، اختصاصي الطب الحيوي من جامعة سَرِي في مدينة جيلدفورد بالمملكة المتحدة: "لقد أخذ على عاتقه البرهنة على أن الجامعات تستهدف استيفاء معايير خاطئة".   

حصل أجراوال على درجة الدكتوراة في الرياضيات التطبيقية عام 2016 من جامعة باريس-ساكلي في بلدية أورساي بفرنسا. وفي عام 2018، عاد إلى الهند، حيث عمل بالعديد من الجامعات. وهناك، لمس تأثير الدوافع المحركة للنشر العلمي في النزاهة البحثية والعملية التعليمية. فيذكر كيف أن زملاءه نبذوا وراءهم مسؤولياتهم كمعلمين سعيًا إلى التركيز على نشر الأبحاث. 

وبعد استقالته من منصب جامعي عام 2022، أسس على الإنترنت هيئة «إنديا ريسيرش ووتش» India Research Watch (اختصارًا IRW ويعني اسمها هيئة الرقابة البحثية في الهند)، وهي مجموعة من الباحثين والطلاب الذين يعملون على تسليط الضوء على الانحرافات عن النزاهة البحثية كالسرقة العلمية وغيرها من ممارسات الإخلال بالممارسات الجيدة في النشر العلمي. كما شرع في نشر تحليلات لوقائع سحب الأوراق البحثية في المؤسسات الجامعية الهندية على موقع التشبيك المهني والاجتماعي «لينكد إن» LinkedIn، وكتب في عدد من المنافذ الإعلامية عن التصاعد المثير للقلق لممارسات الإخلال بالنزاهة البحثية في البلد. 

ولعدة شهور، شعر بأن صوته لا يجد آذانًا صاغية. لكن مع الوقت، بدأت آراؤه تحظى بالاهتمام. وفي الوقت الحالي، صار لهيئة «إنديا ريسيرش ووتش» أكثر من 77 ألف متابع على موقع «لينكد إن». وتتيح منصة الهيئة على الإنترنت بوابة للإبلاغ عن وقائع خرق النزاهة البحثية دون الإفصاح عن هوية من يُخطر بالواقعة. وصار أجراوال يتلقى على المنصة نحو عشرة من هذه البلاغات يوميًا. 

وفي العام الماضي، أضاف مع زملائه إلى المنصة لوحة تحكم لوضع تمثيل بياني لإحصاءات سحب الأوراق البحثية في البلدان المختلفة، بالاستعانة ببيانات من قاعدة بيانات «ريتراكشن ووتش». وقد حلت الهند في المرتبة الثالثة بعد الصين والولايات المتحدة على قائمة البلدان التي تشهد أعلى معدلات سحب أوراق بحثية. واستندت غالبية قرارات سحب الأوراق البحثية الهندية إلى مخاوف متعلقة بالنزاهة البحثية. 

في هذا الإطار، ترى موتيما كولي، اختصاصية تحليل سياسات الأبحاث من معهد العلوم الهندي في بنجالور أن الهيئة قد أثارت نقاشات حول النزاهة البحثية في الوسط الأكاديمي للبلد، لا سيما بين الباحثين في مقتبل حياتهم المهنية. علمت كولي بالجهود التي يبذلها أجراوال عبر موقع «لينكد إن»، ومنذ تلك اللحظة، شاركته في تأليف عدة إصدارات بحثية. وتشيد بمقاربة أجراوال المرتكزة على البيانات في هذا الإطار قائلة: "إنها مذهلة". 

في عام 2024، برهنت كولي مع أجراوال على أن المؤسسات الجامعية الخاصة تتسلق القائمة التصنيفية التي وضعها «إطار التصنيف المؤسسي الوطني» للهند من خلال تحقيق زيادة هائلة في عدد ما تنتجه من إصدارات بحثية وفي عدد الاستشهادات البحثية بأبحاثها (A. Agrawal and M. Koley Preprint at Zenodo https://doi.org/qbr3; 2024). غير أن هذه الزيادة، كما لفت أجراوال وكولي، يرجح أنها تحدث مع غياب للضوابط الكافية في الجامعات لنزاهة وجودة الأوراق البحثية. 

لاقت جهود أجراوال صدى خارج بلده أيضًا. فيقول سبيك، إن خبراء التدقيق في النزاهة البحثية كانوا غالبًا ما يبدأون في رصد مشكلات تعتري نزاهة الأبحاث في بقاع أخرى، عندما يلفت أجراوال إلى ممارسات بحثية مشبوهة مماثلة. 

على أن هذا الطريق كلف أجراوال الكثير. فإلى يومنا هذا، لم يمكنه العثور على وظيفة، ويواجه في الوقت الحالي دعوى قضائية أقامتها إحدى الجامعات الخاصة ضد سبعة من أعضاء هيئته. وفي بعض الأيام، يجد هذا العبء ثقيلًا. فيقول: "من وقت لآخر، أفكر بأن علي على الأرجح ترك هذا الطريق". 

إلا أنه واصل المضي فيه، وهذا العام بدأ في إدارة ورش عمل للجامعات للتوعية بممارسات النزاهة البحثية. وهدفه العام، حسبما يفيد، هو نشر حس المسؤولية البحثية ومساعدة المؤسسات الجامعية على التحرك لمحاربة هذه الظاهرة. ويأمل أن ينسحب تأثير جهوده على ترتيب الجامعات تحت «إطار التصنيف المؤسسي الوطني» في الهند. 

وهو يعي أن تطهير المشهد العلمي الهندي من الممارسات المشبوهة سيستغرق وقتًا. ويستخدم تعبيرًا اصطلاحيًا هندوسيًا يشبه فيه هذه العملية بالتقطير قطرة قطرة لفصل الصالح عن الطالح. ويضيف: "من الصعب التنبؤ بالوقت الذي سيمتلئ فيه وعاء هذه القطرات. لكن علينا أن نواصل ملئه". 

حقوق نشر الصورة: Rocco Ceselin for Nature 
حقوق نشر الصورة: Rocco Ceselin for Nature 

توني تايسون: عالم منحنا مرصدًا جديدًا لسبر أقاصي الفضاء  

دافيديه كاستلفيكي 

في وقت سابق من هذا العام، سنح لتوني تايسون إجراء المعاينة المبكرة لأولى الصور التي التقطها  مرصد «فيرا روبن» Vera Rubin الجديد في دولة تشيلي، وهو مشروع حلِم بإنشائه قبل أكثر من 30 عامًا. كان قد أمضى مع فريقه البحثي شهورًا في إصلاح أعطاب هذه المنشأة وبرمجيات التحكم فيها، لتصبح أخيرًا صور آلاف المجرات جلية تمامًا أمام عدسات تلسكوب المرصد. مسترجعًا هذه اللحظة، يقول تايسون: "شتان بين أن تعلم أن المرصد يعمل بكامل عدته وأن ترى هذا بأم عينيك. فأمام هذا المشهد، لم يكن مني إلا أن أقول ذاهلًا: "رائع!". 

من موقعه على جبل سيرو باتشون، بين سلاسل جبال الإنديز، يُتوقع أن يصبح تلسكوب مرصد «فيرا روبين» عن قريب أكبر تلسكوب رقمي في العالم يبدأ في إرسال بث مرئي متواصل لسماء نصف الكرة الجنوبي. ورغم أنه يزن حوالي 350 طنًا، فهو يتمتع بتصميم صغير يسمح له بالتنقل بخفة لالتقاط الصور الجديدة كل 40 ثانية. ويُزمع أن يضع خريطة ثلاثية الأبعاد للمادة المظلمة غير المرئية في الكون، وأن يكتشف ملايين النجوم النابضة أو المتفجرة، فضلا عن رصد الكويكبات التي تشكل تهديدًا لكوكب الأرض

ويُعد هذا المشروع بتصميمه غير المسبوق وتكلفته التي بلغت 810 ملايين دولار أمريكي رهانًا كبيرًا. فعنه، يقول تايسون، وهو فيزيائي من جامعة كاليفورنيا في مدينة ديفيس الأمريكية: "إنه مشروع مرتفع المخاطر والعوائد. وقد أخذنا على عاتقنا تحمل هذه المخاطرة". 

جدير بالذكر أن تايسون لم يكن مجرد صاحب فكرة المشروع، بل عمل أيضًا على ترجمتها إلى واقع رغم الشكوك التي أحاطت بها في البداية. حول ذلك، تقول كاثرين هايمانز، عالمة الفلك من جامعة إدنبرة في المملكة المتحدة والتي تشغل منصب الفلكي الملكي للبلاط البريطاني في اسكتلندا: "ما كنا سنحصل اليوم على مرصد فيرا روبين، لولا رؤيته وعزمه الذي لا يفتر". 

بدأ شغف تايسون بالعلوم وبتصميم الأجهزة الإلكترونية مبكرًا. ففي عمر خمس سنوات، أرغمته نوبة من مرض رئوي وحمى روماتويدية على قضاء ساعات عديدة في خيمة استشفاء بالبخار، حيث اعتاد الاستماع إلى إذاعة راديو قصيرة الموجة. ومع هذه التجربة، حسبما يروي، وُلد شغفه الذي لازمه طوال حياته بالحصول على المعلومات من بين الإشارات الصاخبة. كما ولع في وقت مبكر من حياته بدراسة الجاذبية

وبعد وقت قصير من حصوله على درجة الدكتوراة في الفيزياء، التحق بالعمل في شركة «إيه تي آند تي بِل لابز» AT&T Bell Labs في منطقة موراي هيل في ولاية نيوجيرسي الأمريكية عام 1969. وهناك، عمل على أحد أوائل كواشف موجات الجاذبية، ثم تحوَّل اهتمامه إلى مستشعرات أجهزة اقتران الشحنات، التي كانت قد ابتُكرت للتو في الشركة نفسها. وأدرك أن قدرة هذه المستشعرات على استشعار الضوء- ولو كان بكميات ضئيلة- قد تغيِّر وجه علم الفلك. فشرع في استخدام هذه المستشعرات لاكتشاف أبعد المجرات وأكثرها غموضًا لنا. 

وقد تمثل هدفه الأساسي في تصوير قطاعات شاسعة من السماء، لقياس مدى انحراف صور المجرات عن شكلها الحقيقي مع سفر ضوئها عبر كون يمتلئ بتكتلات هائلة من المادة المظلمة. وعام 1973، بدأ في التقدُم بطلبات لحجز استخدام بعض المراصد من أجل الكشف عن هذا التأثير.  بيد أن طلبه، كما يقول: "رُفض مرارًا وتكرارًا". 

وهو ما تعلل له هايمانز قائلة: "رأى كثيرون أن تحقيق أمر كهذا سيكون ضربًا من المستحيل"، الأمر الذي ينطبق بالأخص على الرصد من الأرض.  لكن في عام 2000، كان تايسون أحد الباحثين القلائل الذين برهنوا على وجود المادة المظلمة باستخدام مقاربة تُعرف باسم "تأثير عدسة الجاذبية الضعيف" (D. M. Wittman et al. Nature405, 143–148; 2000). 

وفي الآونة نفسها، بدأ في استخدام أجهزة اقتران الشحنات لتصميم كاميرات تلسكوبية رقمية أكبر فأكبر. على سبيل المثال، داخل تلسكوب أمريكي بدولة تشيلي، ثُبتت كاميرا كان قد صممها في أوائل تسعينيات القرن الماضي مع الفيزيائي جاري بيرنشتاين، الذي عمل لديه آنذاك باحثًا في مرحلة ما بعد الدكتوراة. وعُدت هذه الكاميرا من أهم الأدوات التي أدت إلى اكتشاف الطاقة المظلمة عام 1998. وخلال العمل على ذاك التلسكوب، واتت تايسون فكرة تصميم تلسكوب مرصد «فيرا روبين»، الذي قاد تأسيسه وإنشاءه منذ التقدم بمقترح بالفكرة عام 2000، حتى إتمام تصميم مرآة التلسكوب الرئيسة. ولا يزال يشغل منصب كبير علماء المرصد، حيث يتولى إدارة ضبط إعدادات هذا التلسكوب المعقد. 

عن تايسون، يقول بيرنشتاين الذي يعمل حاليًا بجامعة بنسلفانيا في ولاية فيلادلفيا الأمريكية إن أفكار تايسون التي تنطوي على "خيال جامح" - وإن كانت تخفق في بعض الأحيان- كانت كثيرًا ما تنجح، مضيفًا أن تايسون "لا يتهيب الأفكار الطموحة". 

واليوم، باتت الكاميرات الرقمية المصممة بأجهزة اقتران الشحنات الأداة القياسية للتصوير الضوئي في جميع مناحي علم الفلك. ويتمتع «تلسكوب سيمونيي لعمليات المسح الفلكي» Simonyi Survey Telescope في مرصد «فيرا روبين» بأكبر ما صمم على الإطلاق من هذه الكاميرات الرقمية. إذ يضاهي هذا التلسكوب حجمًا سيارة صغيرة، ويمكنه التقاط صور بدقة 3200 ميجا بكسل. ومن خلال مسح سماء نصف الكرة الجنوبي بالكامل لمئات المرات، يُتوقع أن يكتشف الأجرام شديدة الخفوت ليستحدث خريطة لتغيرات الكون بمر الوقت. وعنه، تقول هايمانز: "لا شك أنه سيغير الطرق التي نعتمد عليها في علم الفلك". 

وحتى في عمر الخامسة والثمانين، لم يفتر عزم تايسون. وهو يَتوقع أن يحقق التلسكوب الذي عمل جاهدًا من أجل بنائه رؤيته الكبرى للمستقبل، بأن يُجري أكبر مسوح للكون تستخدم تأثير عدسة الجاذبية الضعيف، وأن يسفر عن اكتشافات مذهلة. فختامًا، يقول: "ثمة احتمال هائل بأن نقع على اكتشافات مبهرة". 

حقوق نشر الصورة: Chris de Beer-Procter for Nature 
حقوق نشر الصورة: Chris de Beer-Procter for Nature 

 بريشَس ماتسوسو: المرأة وراء نجاح أول معاهدة عالمية للتصدي للجوائح 

سيليست بيفر

عام 2025، بدا في كثير من الأحيان أن العالم قد انقسم على ذاته. لكن في السادس عشر من إبريل الماضي، في حوالي الساعة الثانية صباحًا بالتوقيت المحلي لمدينة جنيف في سويسرا، بدا لوهلة أن هذا الانقسام قد تبدد ليلوح بصيص من الأمل في وحدة. فحينذاك، توصلت قرابة 190 دولة عضوة في منظمة الصحة العالمية إلى اتفاق على نص مسودة أول معاهدة عالمية للتصدي للجوائح. وحددت وثيقة الاتفاق، التي أثمرت عنها ثلاث سنوات من المفاوضات المضنية، المبادئ الإرشادية للكيفية التي ينبغي بها للعالم التعاضد للوقاية من الجائحة القادمة والتأهب والتصدي لها. تعقيبًا على هذا الحدث، تقول بريشس ماتسوسو، الرئيسة المشاركة لمجموعة عمل منظمة الصحة العالمية التي أدارت المفاوضات صباح ذاك اليوم: "يغمرني شعور عارم بالسعادة". 

ثار جانب كبير من التناحر في هذه المحادثات بشأن كيفية وضع خطة تحقق مساواة أكبر بين الدول في الاستجابة للجوائح، مقارنة بالاستجابة العالمية لجائحة «كوفيد-19». فإبان الجائحة، سمحت المشاركة المفتوحة للعينات والبيانات حول انتشار وتطور فيروس «سارس-كوف-2» بابتكار علاجات ولقاحات منقذة منه. غير أن الدول لم تتشارك بالتساوي الانتفاع بهذه الموارد. إذ أُرغمت الدول منخفضة الدخل على انتظار العقاقير المنقذة من «كوفيد-19»، فيما اتُهمت الدول مرتفعة الدخل باكتناز هذه العقاقير

وقد تمتعت ماتسوسو، بوصفها خبيرة في قضايا الصحة العامة، بالمؤهلات المطلوبة لإدارة هذه المفاوضات التي تخللتها أحيانًا المشاحنات. ففي محطات عدة من مشوارها المهني، منها منصبها كمدير عام لوزارة الصحة بدولة جنوب إفريقيا من عام 2010 إلى عام 2019، ساعدت ماتسوسو في تعزيز الوصول إلى أدوية علاج فيروس نقص المناعة البشرية. وفي الوقت الحالي، تعمل في مدينة بريتوريا بدولة جنوب إفريقيا، في «ائتلاف ويتس للصحة» Wits Health Consortium، بجامعة فيتفاترسراند، بعد أن شغلت على مدى العقدين الماضيين العديد من المناصب القيادية في منظمة الصحة العالمية. 

ويشار إلى أن المفاوضات سالفة الذكر كانت شاقة، بحسب ما يفيد رولاند دريس، الذي شارك ماتسوسو إدارة أول عامين ونصف منها، وهو يشغل حاليًا منصب مدير وزارة الصحة الهولندية في مدينة لاهاي. فيقول في هذا الإطار: "يستاء الجميع منك لأنك لا تحقق لهم مرادهم، وتحاول دومًا العثور على حل وسط". 

وقد استخدمت ماتسوسو العديد من الأساليب لتشجيع الدول المشاركة في المفاوضات على تقديم تنازلات. وأحيانًا، في وجه الجدل المرير، كان عليها أن تتحلى بالحزم.  فتذكر أنها ناشدت الجميع بالوصول إلى تسوية ذات مرة قائلة: "لا أريد سماع أن أحدًا لديه خط أحمر. أعتقد أن عليكم إخباري كيف سنحل هذه المشكلة!". 

بيد أنها أيضًا أضفت على صناعة المفاوضات لمسة من الود والابتكار، أبهرا دريس. ففي لحظة من المفاوضات، أنشدت لمفوضي الدول المشاركة في المؤتمر السطر التالي من إحدى أغاني فرقة البيتلز: "كل ما نحتاجه هو الحب"، لتبعث رسالة مفادها التعاون. حول ذلك، تقول ماتسوسو: كان علي أن أستخدم كل ما في جعبتي من حيل لحثهم على إنجاز المهمة". 

شارك أيضًا لورانس جوستين، الباحث في الشؤون القانونية من جامعة جورجتاون في العاصمة الأمريكية واشنطن، في المفاوضات كاستشاري لمنظمة الصحة العالمية حول المعاهدة. ويفيد بأن جهود ماتسوسو لعبت دورًا بالغ الأهمية. ما أكده بقوله: "لولاها، كان من المحتمل ألا يصير لدينا اتفاق للتصدي للجوائح". 

اعتمدت حكومات الدول رسميًا نص المعاهدة في مايو الماضي لكن تبقى هناك تحديات عدة يجب تجاوزها قبل أن تصبح أحكامه سارية المفعول. فإلى الوقت الحالي، لا يزال فريق عمل متخصص يعمل على وضع تفاصيل بند مثير للخلاف بشأن الوصول إلى بيانات الممرِضات المسببة للجوائح، وتشارُك منافع الأبحاث، ويزمع الانتهاء من هذه المهمة في مايو من عام 2026. ولكي يصبح هذا البند ملزمًا تمامًا، يجب أن تصدق على المعاهدة 60 دولة، ما قد يستغرق شهورًا أو حتى سنوات. 

كما رأى البعض أن المعاهدة لا تقدم ما هو كافٍ للدول منخفضة الدخل.  فقد جاء في نصها أن على الشركات المنتجة للقاحات وغيرها من الأدوية خلال الجائحة أن توفر نسبة لا تقل عن 20% من هذه المنتجات لمنظمة الصحة العالمية. تعليقًا على هذا الشرط، نوهت افتتاحية في دورية «لانسيت» Lancet شهر مايو الماضي إلى أن "نسبة 20% أفضل من لا شيء، لكنها غير كافية لأن ترسي عدلًا أو إنصافًا حقيقيًا" (انظر:  Lancet405, 1555; 2025). 

وترى ماتسوسو أن مثل هذه الانتقادات تُغفل اتفاقات أخرى أمكن الوصول إليها بعد عناء، مثل الوعود بنقل الخبرات والمعارف التقنية للدول منخفضة الدخل، بحيث يمكنها إنتاج الوسائل التشخيصية والمنتجات الدوائية بنفسها. وتضيف أن هذه أول اتفاقية من نوعها تعطي المناطق على اختلافها الحق في صنع هذه المنتجات محليًا. ما تؤكده قائلة: "لدينا الأحكام التي تقضي بذلك الآن".

وعن المفاوضات، تقول ماتسوسو أنها بدت "كخوض ماراثون طويل، عدوًا!"، إذ تطلبت النظر في قائمة مرهقة من المهام التي تعين إنجازها جميعًا على وجه السرعة. وفي الوقت الذي لا يتمنى فيه أحد اندلاع جائحة أخرى، تستبشر ماتسوسو بأن العالم سيكون أكثر استعدادًا من ذي قبل لكارثة كتلك إن نزلت به من جديد.  وتضيف: "آمل أن يجد الناس بعد بضعة عقود جهودًا كهذه جديرة بالعناء". 

حقوق نشر الصورة: Jessica Hallett/Nature 
حقوق نشر الصورة: Jessica Hallett/Nature 

سارة تبريزي: العالمة وراء نجاح أول علاج جيني لداء «هنتنجتون» 

إيلي دولجين 

في مكالمة مرئية في أوائل سبتمبر الماضي، طالعت سارة تبريزي النتائج التي سعت على مر عقود مع غيرها من الباحثين في مجال علاج داء «هنتنجتون» لتحقيقها؛ نتائج تبرهن بقوة على قدرة علاج جيني على إبطاء التقدم المستمر لهذا الداء التنكسي العصبي الدماغي. 

فتقول تبريزي، وهي عالمة أعصاب ومديرة لـ«مركز علاج داء هنتنجتون» في كلية لندن الجامعية: "كنت قد بدأت أتخوف من احتمالية أن يكون الأوان قد فات على علاج هذا الداء بمجرد ظهور أعراضه على المرضى". لكن ها قد صار بين يديها دليل قوي على أن الإطار الزمني لعلاج هذا الداء الوراثي النادر يبقى مفتوحًا، ما يسمح بإجراء تدخلات علاجية مؤثرة في مسار تطوٌر المرض. 

حول هذا الإنجاز، تقول تبريزي التي كانت الاستشاري العلمي الأول في الدراسة التي أسفرت عن هذه النتائج: "إنه خطوة كبيرة للأمام، وثورة تقلب الموازين". 

هذا العلاج الجيني الذي أُطلق عليه اسم «إيه إم تي-130»، يُعد الأول من نوعه. وقد ابتكرته شركة التقنيات الحيوية الكائنة في أمستردام، «يونيكيور» uniQure. ويستخدم فيروسًا غير مؤذ لإمداد مناطق الدماغ المصابة بالداء بأجزاء محددة من مادة وراثية، تعطل فور وصولها إلى هذه المناطق الدماغية إنتاج بروتين «هنتنجتون» المتطفر الذي يُدمر تدريجيًا خلايا الدماغ. 

جاءت هذه النتائج الإكلينيكية من عينة صغيرة من الأفراد، تضم 12 شخصًا تلقوا جرعة مرتفعة من العلاج. وهو علاج باضع يتطلب جراحة دماغية مطولة. غير أن نتائجه ثبت أنها مذهلة. فعلى مؤشر قياسي لتقييم الوظائف الحركية والإدراكية وغيرها من جوانب الحياة اليومية لدى المصابين بالمرض، انخفضت درجات المشاركين في التجربة ممن تلقوا جرعة مرتفعة من العلاج بمقدار 0.38 نقطة فقط على مدى ثلاثة أعوام. في حين انخفضت على المؤشر درجات المرضى في المجموعة الضابطة بالدراسة بواقع 1.52 نقطة، ما يعني أن العلاج أبطأ معدل التدهور الإدراكي بنسبة 75%. وتأكدت هذه الفائدة الإكلينيكية على الصعيد الجزيئي، إذ انخفضت مستويات سائل نخاعي شوكي من بروتين يرتبط إفرازه بموت الخلايا الدماغية بين من تلقوا العلاج، على عكس ما يحدث عادة في حال تفاقم المرض. 

وكان وقع هذه النتائج على سارة تبريزي، وإد وايلد (وهو بدوره عالم أعصاب من كلية لندن الجامعية، جمعه تعاوُن وثيق بتبريزي في الدراسة) أن تشاركا ما وصفه وايلد بأنه "عناق كبير". لكن بعد ذلك، عادا إلى الاهتمام بمتطلبات الرعاية الصحية اليومية للمرضى والالتفات لبحثهما. فعلى أثر هذه النتائج قال وايلد: "سنحتفل بهذه المناسبة دون تحفظ لفترة وجيزة فقط. لأن هذه ليست إلا محطة في القصة، وما يشغلنا دائمًا هو الخطوة التالية". 

والخطوة التالية لتبريزي ووايلد هي لعب دور رئيس في تقييم خمسة علاجات أخرى قيد التطوير الإكلينيكي حاليًا لتقليص مستويات بروتين هنتنجتون في الجسم، فضلًا عن تقييم علاجات أخرى يُرتقب دخولها قريبًا حيز التجارب على البشر. كذلك ترأس تبريزي في الوقت الحالي دراسات مختبرية تتناول آليات حدوث التنكس العصبي، وهي أبحاث قد تسفر عن العديد من العقاقير الواعدة الأخرى. 

ثناءً على تبريزي، يقول هيو ريكادرز اختصاصي علم الأعصاب النفسي من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدة: "تتمتع سارة بشخصية مذهلة. وهي الحلقة الأهم في شبكة الأبحاث حول هذا المرض. فستجد أنها شاركت بطريقة أو بأخرى في كل العلاجات المُؤثرة في مساره". 

وعنها، يقول سامويل فرانك، اختصاصي علم الأعصاب، الذي شاركها في تجارب حول هذا المرض، ويعمل بـ«مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي» في مدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس الأمريكية" "إنها من ألطف من قد تلتقي بهم يومًا". 

ولعب دور في كل محطة مهمة تقريبًا من تطوير علاجات إكلينيكية للمرض يعني بالتبعية أنها تحمل أيضًا ندبات الإحباطات الأكثر إيلامًا في المجال. على سبيل المثال، قبل أربع سنوات، في دراسة أخرى، تعثر أداء علآج واعد آخر لداء هنتنجتون، عُرف باسم «تومينيرسين» Tominersen في المراحل الأخيرة من التجارب الإكلينيكية لاختبار فاعليته. وإجمالًا، أخفق العقار في تحسين صحة المرضى الذين تلقوه مقارنة بنظرائهم في المجموعة الضابطة، كما أدى إلى آثار جانبية خطيرة عند تلقيه بجرعات أعلى. وبوصفها الباحثة الرئيسة في تلك الدراسة التي شملت حوالي 800 شخص، أُلقيت على عاتقها، مهمة لا تُحسد عليها، وهي اطلاع أسر المشاركين بنتائج التجارب. وتسترجع أحداث تلك الفترة قائلة: "كانت لحظة مؤلمة. 

وتذكر أن رسالتها لأسر المرضى الذين أفجعهم نبأ فشل العقار هي: "التجارب اختبارات علمية. والفشل، مهمًا كان مؤلمًا، هو في الأغلب الطريقة التي نتعلم بها". 

وقد أخذت تبريزي رسالتها تلك على محمل الجد. فساعدت في رسم مسار علاجي جديد بعقار «تومينيرسين»، من خلال الإسهام في تصميم تجارب ذات نظام جرعات مختلف من العقار للمرضى الأصغر عمرًا ممن يعانون شكلًا طفيفًا من المرض. وتدل الشواهد المبكرة على أن هذا النظام من الجرعات أكثر أمانًا. كما قادت تبريزي جهودًا في مختلف ميادين المجال لتحسين تصميم التجارب الإكلينيكية في أبحاث علاج داء هنتنجتون. 

والدروس التي تعلمتها في رحلتها أرشدت جهود تطوير عقار «إيه إم تي-130»، الذي يعده كثيرون اليوم أكثر خطوة يؤمل نجاحها في علاج داء هنتنجتون. ورغم أن الجهات التنظيمية الدوائية قد تحتاج إلى مزيد من البيانات قبل تقييم هذا العقار لاعتماد دخوله الأسواق، يبقى الحماس للإنجاز العلمي خلفه قويًا. فوق ذلك، يعد نجاح عقار «إيه إم تي-130» انتصارًا مهمًا للعلاجات الجينية بوجه عام، بعد أن تزعزعت الثقة فيها في الأشهر الأخيرة مع وفاة عدد ممن خضعوا لها، ومنهم أطفال، في التجارب الإكلينيكية وفي المراحل السابقة على اعتماد هذه العلاجات. 

غير أن أبحاث تبريزي لا تنصب فقط على علاج داء «هنتنجتون»، بل تركز أيضًا على الوقاية منه. وعلى مدار الأعوام الثمانية السابقة، قادت واحدة من كبرى دراسات صحة الدماغ التي شملت عددًا من البالغين الشباب الحاملين للطفرة المسببة للمرض، قبل عقود من ظهور أعراضه عليهم. وفي يناير الماضي، أفاد فريقها البحثي بأن هؤلاء الشباب أظهرت أدمغتهم تغيرات بنيوية طفيفة ومؤشرات جزيئية تدل على إجهاد الخلايا العصبية، وهو اكتشاف تأمل تبريزي في أن يبرر التدخل العلاجي في المراحل المبكرة من المرض (R. I. Scahill et al. Nature Med.31, 807–818; 2025). ختامًا، عن جهودها، تقول تبريزي: "كل هذا جزء من خطة طموحة. فأنا أتطلع إلى معرفة ما إذا كان بإمكاننا الحيلولة تمامًا دون نشأة داء هنتنجتون". 

حقوق الصورة: Billy H. C. Kwok for Nature
حقوق الصورة: Billy H. C. Kwok for Nature

منجران دو: هذه الباحثة اكتشفت أعمق نقطة يعيش فيها الحيوانات على كوكب الأرض

ريتشل فيلدهاوس  

  

 عندما نظرت منجران دو من نافذة الغواصة «فندوتشه»، على عمق يزيد على تسعة كيلومترات تحت سطح المحيط، أدركت من توِّها أنها إنما تنظر إلى شيء لم يعرفه العلم من قبل. فقد سلَّطت الغواصة أضواءها على نظامٍ إيكولوجي ينبض بالحياة، تسبح فيه ديدان شعيرية شبحية بين حقول من ديدان أنبوبية حمراء داكنة.

كانت دو وزملاؤها يستكشفون ما يُعرف بالمنطقة الهادالية؛ وهي أدنى طبقات المحيط، وتوجد على أعماق تتجاوز ستة كيلومترات. هناك، في قاع خندق «كوريل–كامتشاتكا»، الواقع إلى الشمال الشرقي من اليابان، اكتشفت دو وفريقها أعمق نظام إيكولوجي (أو حيوي) معروف حتى الآن يؤوي حيوانات على كوكب الأرض. كان ذلك في عام 2024، إلا أن نتائج هذا الاكتشاف لم تُسجَّل إلا هذا العام (X. Peng et al. Nature 645, 679–685; 2025). تقول دو، وهي عالمة جيولوجيا في معهد علوم وهندسة أعماق البحار التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في سانيا بالصين: "بصفتي باحثة متخصصة في استكشاف أعماق المحيطات، لديَّ دائمًا فضول يدفعني نحو سبر أغوار المجهول في الخنادق الهادالية. ولا سبيل أفضل لكشف المجهول من التوجُّه إلى التوجه إليه ومواجهته وجهًا لوجه، وتفحُّص القاع بأم عينيك".

يعتمد النظام البيئي الذي اكتشفه طاقم «فندوتشه» على مصدر غير مألوف للطاقة. فعلى خلاف معظم أشكال الحياة على السطح، التي تعتمد على ضوء الشمس، يستمد هذا النظام الحيوي في المنطقة الهادالية طاقته من الميثان وكبريتيد الهيدروجين ومركبات أخرى مذابة في السوائل التي تتسرب من قاع المحيط. تستخدم الكائنات الدقيقة هذه الجزيئات الغنية بالطاقة لتحويل الكربون غير العضوي إلى كربوهيدرات، يتغذى عليها سائر سكان النظام الحيوي. وتقول دو إنها كانت أول من لاحظ عدة أنواع من بطنيات الأقدام، والديدان الأنبوبية، والمحار، وكائنات أخرى، ومن المرجح أن يكون عدد منها جديدًا على العلم، أي لم يسبقها إلى اكتشافه أحد.

من جانبه، قال شياوتونج بنج، نائب مدير معهد علوم وهندسة أعماق البحار، الذي كان ضمن الفريق البحثي على متن الغواصة: "قدمت منجران إسهامًا كبيرًا في هذه البعثات"، مضيفًا أن خبرة دو في الأبحاث الساحلية مكّنتها من التعرف على الأنواع التي تسكن الأعماق، وهذه مهارة ضرورية لتحديد أهمية ما يقع أمامك، حسب وصفه. ويقول: "شغفها بالأعماق لا حدَّ له، وهذا من بين الأسباب التي مكَّنتنا من إزاحة الستار عن تلك الظواهر المدهشة، هناك في عمق المحيط".

وذكر بنج أن هذا الاكتشاف دفع الفريق إلى تغيير خططه خلال بعثة عام 2024: فقد أخذ الباحثون الغواصة «فندوتشه» للبحث عن نظم حيوية شبيهة في مواقع أخرى، منها خندق «ألوتيان» القريب.

أكملت دو، التي كانت كبيرة المسؤولين العلميين عن البعثة، برفقة زملائها، 24 غوصة باستخدام الغواصة، استغرق كلٌّ منها نحو ست ساعات في المتوسط. وقد صُنعت الغواصة من التيتانيوم لتتحمل ضغوطًا هائلةً تصل إلى 98 ميجاباسكال — أي ما يقارب ألف ضِعفٍ من ضغط الهواء عند مستوى سطح البحر — ولا تتجاوز مساحة مقصورة الطاقم فيها 1.8 متر، فلا تتسع إلا لثلاثة أشخاص.

خلال هذا العام، أطلقت دو وبنج وزملاؤهما بعثات استكشافية في خندق آخر جنوبي المحيط الهادئ، حيث عثروا على نظم حيوية مشابهة لتلك التي عثروا عليها في الجزء الشمالي من المحيط العام الماضي. ويقول الباحثون إن هذا يعتبر دليلًا قويًا على وجود ممر عالمي من هذه الأنظمة الحيوية يمرُّ عبر محيطات الأرض.

وتشير النتائج إلى أن التخليق الكيميائي ربما يلعب دورًا أكبر في أعماق البحار مما كان يُعتقد سابقًا، حسبما ترى زانا تشيس، وهي عالمة محيطات كيميائية في جامعة تسمانيا في هوبارت بأستراليا. كان الباحثون يعتقدون في السابق أن الحياة في قاع المحيط تعتمد على مصادر غذاء تهبط من طبقات أعلى بكثير في عمود الماء، مثل الحيتان النافقة وكائنات أخرى. وتقول تشيس إن وجود كائنات غيرية التغذية، أي تتغذى على كائنات أخرى، له أهميته أيضًا.

تتطلع دو إلى تنفيذ مزيد من بعثات الاستكشاف في أعماق المحيطات، لكشف غموض ذلك العالم المظلِم وإفشاء أسراره. هناك مَن قد يجد قُمرة الغواصة خانقة، لضيقها الشديد، أما دو فتقول إنها تشعر بالحماس دائمًا لدى دخولها، مشبهة إياها بآلة زمن "يمكن أن تفتح لك أبوابًا مختلفة، تأخذك إلى عالم جديد تمامًا".

لوتشيانو موريرا: البعوض سلاحًا لمحاربة الأمراض

ماريانا لنهارو

داخل مصنع ضخم في الحي الصناعي بمدينة كوريتيبا بالبرازيل، يتكاثر الملايين من بعوض الزاعجة المصرية (Aedes aegypti) في غرفة مليئة بالأقفاص الشبكية، يتحكم في أجوائها الباحثون. في كل أسبوع، تنتج المنشأة أكثر من 80 مليون بيضة بعوض.

عملٌ كبير، يقف في القلب منه لوتشيانو موريرا: مهندس زراعي وعالم حشرات هادئ الطباع، هو من افتتح المصنع في يوليو الماضي في إطار جهود مكافحة الأمراض التي ينقلها البعوض في البلاد.

في منشأة «كوريتيبا»، يُصاب البعوض بنوعٍ من البكتيريا تُعرف بالبكتيريا الولبخية (Wolbachia)، التي تحد من انتقال مسببات الأمراض الضارة للإنسان. ويتم إطلاق نسل هذا البعوض في المدن البرازيلية للمساعدة في مكافحة حمى الضنك، وهي من الأمراض الفيروسية الفتاكة التي تنتقل إلى الإنسان أساسًا عبر بعوض «الزاعجة المصرية».

حتى وقت قريب، كان يُطلق البعوض الحامل للبكتيريا الولبخية فقط ضمن مشاريع بحثية محدودة النطاق. ثم جاء هذا المصنع الجديد حاملًا في طيّاته تحولًا نحو اعتماد هذه الطريقة على مستوى الدولة، بعد أن اعترفت الحكومة الفيدرالية البرازيلية بها كإجراء رسمي للصحة العامة لمكافحة حمى الضنك وأمراض أخرى يحملها البعوض. والفضل في ذلك يعود إلى موريرا.

عنه يقول بيدرو لاجيربلاد دي أوليفيرا، عالم الحشرات الجزيئية في جامعة ريو دي جانيرو الفيدرالية بالبرازيل: "لقد نجح ليس فقط في العمل الأكاديمي وتنفيذ التجارب لإظهار فعالية النموذج، بل أيضًا في إقناع صانعي القرار السياسي بوضع التقنية موضع التنفيذ. هذه مهارة لا يمتلكها جميع العلماء".

بدأ اهتمام موريرا بالبعوض في أواخر التسعينيات، عندما كان يعمل زميلًا في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مختبر عالم الحشرات الجزيئي مارسيلو جاكوبس-لورينا، الذي كان يتبع جامعة كيس وسترن ريزيرف بكليفلاند في ولاية أوهايو الأمريكية. وهناك ساهم موريرا في تطوير أول بعوض معدل جينيًّا لوقف انتقال الملاريا.

مرة سنوات عدة، وانضم إلى مختبر عالم الحشرات سكوت أونيل في جامعة موناش، بميلبورن في أستراليا، باحثًا زائرًا. كان فريق أونيل قد نجح في إصابة بعوض الزاعجة المصرية بالبكتيريا الولبخية؛ وهي بكتيريا غير ضارة نسبيًا تصيب الخلايا التناسلية في العديد من أنواع المفصليات. ثم أقدم موريرا على اختبار ما إذا كانت هذه البكتيريا تؤثر في قدرة الحشرات على نقل مسببات الأمراض البشرية.

وهو ما ثبت بالتجربة: فالبعوض الحامل للبكتيريا الولبخية كان أقل احتمالًا لالتقاط فيروس حمى الضنك من الدم المحتوي على الفيروس مقارنةً بالبعوض غير المصاب (L. A. Moreira et al. Cell 139, 1268–1278; 2009). ولم يقف العلماء بعد على الآلية الدقيقة التي تنطوي عليها تلك العملية، لكن ربما تكون البكتيريا تتنافس مع الفيروس على الموارد، أو لعلها تحفز إنتاج بروتينات مضادة للفيروسات. ووجد الباحثون أن لها نفس التأثير الوقائي ضد فيروسات أخرى أيضًا.

بدأ أونيل اختبار البعوض ميدانيًا في أستراليا، وعاد موريرا إلى البرازيل لتولي وظيفة بحثية في «مؤسسة أوسوالدو كروز» Oswaldo Cruz Foundation (المعروفة أيضًا باسم «فيوكروز» Fiocruz) في معهد «بيلو هوريزونتي»، وهو معهد علمي تابع لوزارة الصحة البرازيلية. وشكّل فريقًا صغيرًا للبدء في تنفيذ التجارب داخل البرازيل.

يقول موريرا: "إنتاج البعوض تمَّ في البداية بطريقة تكاد أن تكون يدوية، في غرفة صغيرة دافئة، باستخدام الماصات والعمليات اليدوية". لكن إقناع السلطات الصحية العامة بإطلاق ملايين البعوض في المدن كان تحديًا كبيرًا.

ويستذكر موريرا قول أحد مسؤولي الصحة في نيتيروي: "مُحالٌ أن ينجح هذا". لكن بعد أن بيَّن له مويريرا أن الاستراتيجية قد قللت بالفعل من حمى الضنك في أماكن أخرى، اقتنع المسؤول. وقد آتت هذه الخطوة ثمارها، إذ انخفضت نسبة الإصابة بحمى الضنك في نيتيروي بنسبة 89% منذ إطلاق البعوض.

أثارت هذه النتائج الإيجابية اهتمامًا أوسع، وقرر موريرا وزملاؤه التوسع في التنفيذ.

ساهم موريرا في إقامة شراكة بين برنامج البعوض العالمي بقيادة أونيل، ومعهد علم الأحياء الجزيئي في بارانا، وهو شركة تابعة لمعهد «فيوكروز» مقرها كوريتيبا. أثمرت هذه الشراكة عن شركة «وولبيتو دو برازيل» Wolbito do Brasil، التي تدير المصنع لتلبية الطلب المتزايد في البلاد على البعوض المصاب بالبكتيريا الولبخية، ويشغل موريرا منصب الرئيس التنفيذي للشركة. في أغسطس الماضي، جرى إطلاق الدفعة الأولى من البعوض في ولاية سانتا كاتارينا الجنوبية، حيث من المقرر أن تستمر عمليات الإطلاق الأسبوعية لمدة ستة أشهر كاملة.

يقول موريرا إن المصنع، الذي يحتاج إلى أكثر من 70 لترًا من دم الإنسان والحيوان أسبوعيًا، يعمل بسلاسة، وأنه يسير بخطًى ثابتة نحو تحقيق هدفه المتمثل في إنتاج خمسة مليارات بعوضة مصابة بالبكتيريا الولبخية سنويًا. وقد رفض طلبات من دول أخرى مهتمة بالبعوض، للتركيز على تلبية الطلب في المدن البرازيلية، حيث أودت حمى الضنك بحياة أكثر من 6300 شخص العام الماضي. وتضم الشركة الآن 75 موظفًا. يقول موريرا: "جميعهم يعمل بحماس شديد، لأنهم يشاركونني الرؤية المتمثلة في أننا نعمل على حماية صحة مواطنينا. وإنه لشيء يبعث على الأمل أن أرى التزامي [حيال أبناء شعبي] يتضاعف 75 ضعفًا".

حقوق الصورة: VCG/Getty
حقوق الصورة: VCG/Getty

ليانج ونفنج: خبير مالي أذهل العالم بنموذج ذكاء اصطناعي صيني

إليزابيث جيبني      

في يناير من هذا العام، اهتزَّ عالم الذكاء الاصطناعي بأنباء قادمة من الصين: فقد أطلقت شركة «ديبسيك» DeepSeek نموذجها القوي والرخيص «آر» R1 دون سابق إخبار أو إنذار، وما هي إلا أن تبيَّن للكافة أن الولايات المتحدة لم تكن متقدمة في الذكاء الاصطناعي كما كان يعتقد عديد من الخبراء.

وراء هذا الإعلان المفاجئ يقف ليانج وينفنج: محلل مالي سابق يبلغ من العمر أربعين عامًا، ويُعتقد أنه حقق ملايين الدولارات من تطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي في سوق الأسهم قبل أن يستخدم هذه الأموال في عام 2023 لتأسيس «ديبسيك» في هانجتشو. يُحجم ونفنج عن الظهور، ولم يُدلِ إلا بالقليل جدًا من التصريحات للصحافة الصينية (لذا لم يكن مستغربًا رفضه إجراء مقابلة مع Nature).

وإذا كان ونفنج يميل بطبيعته إلى السرية، فإنه يُطلق نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة. نموذج R1 هو أحد النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) القادرة على الاستدلال، والتي تتفوق على نظرائها في حل المهام المعقدة — مثل حل المسائل الرياضية والمشاكل البرمجية — من خلال تقسيمها إلى خطوات. وكان أول نموذج من نوعه يُطرح بوزن مفتوح (open-weight)؛ ما يعني أن النموذج يمكن تحميله وتطويره مجانًا، وكان ذلك خبرًا سارًّا للباحثين الذين يرغبون في تكييف الخوارزميات لمجالات تخصصهم. ويبدو أن نجاح «ديبسيك» دفع شركات أخرى في الصين والولايات المتحدة لتبني نفس النهج وإصدار نماذج مفتوحة خاصة بها.

وعلى الرغم من أن النموذج R1 يمتلك قدرات تضاهي أفضل النماذج الأمريكية، بما في ذلك النماذج المستخدمة في «تشات جي بي تي»، يُلاحَظ أن تكاليف تدريبه كانت أقل بكثير من تكاليف الشركات المنافسة، بحسب خبراء الذكاء الاصطناعي. فتكاليف تدريب النموذج «لاما 3» (Llama 3 405B) من شركة «ميتا» Meta، على سبيل المثال، كانت أكبر بأكثر من عشرة أضعاف. وعلى صعيد الشفافية، نشرت «ديبسيك» تفاصيل كيفية بناء وتدريب نموذجها R1، عندما قررت في سبتمبر الماضي إخضاع النموذج للتحكيم البحثي (أو مراجعة الأقران)، ليكون أول نموذج لغوي كبير متقدم يخضع لهذه العملية (D. Guo et al. Nature 645, 633–638; 2025). ومن خلال نشر تفاصيل النموذج، أتاحت «ديبسيك» لعموم الباحثين طريقة تدريب نموذج استدلال.

تقول أدينا ياكيفوفو، وهي باحثة في منصة الذكاء الاصطناعي المجتمعية «هاجنج فيس» Hugging Face في نيويورك: "كان لـ«ديبسيك» تأثير هائل".

ما أبعد مراكز الذكاء الاصطناعي الصينية عن تلك القرية الصغيرة في مقاطعة جوانجدونج، حيث نشأ ونفنج لأبوين كانا يشتغلان بالتدريس في المدارس الابتدائية! تمرُّ الأيام، ويقوده العالي إلى جامعة تشجيانج المرموقة في هانجتشو، حيث حصل على درجة الماجستير في الهندسة عام 2010؛ وكانت رسالته تدور حول صياغة خوارزميات لتتبع الأجسام في الفيديوهات. وسرعان ما نقل حبه للذكاء الاصطناعي إلى الأسواق المالية، إذ شارك في عام 2015 في تأسيس صندوق التحوط «هاي فلاير» High-Flyer، ومن رحِمه خرجت شركة «ديبسيك» في عام 2023.

في ذلك الوقت، كانت الصين تواجه صعوبة في تطوير نماذج لغوية كبيرة: فقد حالت القيود الأمريكية المفروضة على التصدير بين الشركات الصينية وبين شراء بعض وحدات معالجة الرسوميات القوية (GPUs) المصنَّعة من قبل شركة «إنفيديا» NVIDIA الأمريكية، والتي تصلح لتدريب النماذج اللغوية الكبيرة. لكن ذلك لم يكن ليوقف مساعي ونفنج، فقد أمضى السنوات العشر الماضية في شراء 10 آلاف وحدة معالجة من «إنفيديا»، بدافع الفضول لمعرفة ما يمكن البحث فيه باستخدامها. وفي مقابلة أُجريت معه عام 2023 مع شركة الإعلام الصينية «كيه آر 36» 36Kr، شبَّه شراءها بشخص يشتري بيانو لمنزله: "واحدٌ يقتنيه، وآخرون متحمسون للعزف عليه".

وشأنه شأن العديد من رواد الذكاء الاصطناعي في الغرب، وضع ونفنج نصب عينيه تحقيق هدف الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام — بتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تناهز البشر في أدائهم للمهام الإدراكية — وقد اتخذ من هذا الهدف أساسًا أقام عليه شركته، بحسب بنجامين ليو، الباحث السابق في «ديبسيك». وعند التوظيف، تركز الشركة على قدرات الشخص بدلًا من مستوى خبرته (أحد مؤلفي ورقة «ديبسيك R1» لا يزال يدرس في المدرسة الثانوية)، وتعمل بحد أدنى من القيود، تاركةً للباحثين حرية اختيار ما يفعلون. ويقال إن ونفنج منخرط بنفسه في النشاط البحثي، بل وذكر ليو أن "حتى المتدربين عوملوا كموظفين بدوام كامل، وأُسندت إليهم مسؤوليات غير هينة".

وقد أبدى الباحثون من خارج الشركة إعجابهم بآلية العمل داخل «ديبسيك». فبدلًا من استغلال شعبيتها لتعظيم نجاحها التجاري، "من المدهش أن بقيت «ديبسيك» متمسِّكةً بالسعي إلى حل المشكلات الأساسية الصعبة إلى حدٍّ ما" في أبحاث الذكاء الاصطناعي، كما تقول كوان يي نج، التي تقود الحوكمة الدولية للذكاء الاصطناعي في شركة «كونكورديا إيه آي» Concordia AI، وهي شركة استشارية مقرها بكين تركز على سلامة الذكاء الاصطناعي.

أصبحت نماذج «ديبسيك» جزءًا لا يتجزَّأ من الحياة في الصين: تستخدمها الحكومات المحلية لتشغيل خطوط المساعدة عبر الدردشة، وللمساعدة في تعبئة النماذج، ويستخدمها عشرات الملايين من الأشخاص يوميًا في تعاملهم مع منصة التواصل الاجتماعي الصينية «وي تشات» WeChat. ويرجع جزء من هذا الاتجاه إلى دفع الحكومة نحو دمج الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد من خلال مجموعة من التطبيقات، في مجالات تتراوح من المدن الذكية حتى الرعاية الصحية.

وسرعان ما غدت «ديبسيك» رمزًا لتحسين سُمعة البلاد: من مُقلدين بارعين إلى مبتكرين حقيقيين، بحسب ونفنج وباحثين صينيين آخرين. وتقول يو وو، الباحثة في «ديبسيك»: "إنها نقلة حقيقية، وتتسارع وتيرتها". والآن، يترقب العالم بفارغ الصبر نموذج الاستدلال التالي للشركة «آر 2» R2، والذي يُشاع أنه تأخر بسبب مشاكل في الأجهزة وبيانات التدريب، ولكن من المرجح أن تطلق شركة ونفنج النموذج R2 بالمجّان أيضًا. تقول وو: "نحن متمسكون بمبدأ المصدر المفتوح حتى النهاية".

حقوق الصورة: Daniel Rolider for Nature
حقوق الصورة: Daniel Rolider for Nature

ييفات ميربل: اكتشفت حيلة جديدة لجهاز المناعة بالتنقيب في مخلفات الخلايا

كاساندرا ويليارد

غالبًا ما يعثر المحققون على أدلة مهمة من خلال التنقيب في القمامة. ويبدو أن الحيلة نفسها قد ثبتت نجاعتها مع عالمة بيولوجيا الأنظمة ييفات ميربل. فعندما عمدت هي وفريقها إلى دراسة مراكز إعادة التدوير الخلوية المعروفة بالبروتيازومات، اكتشفوا جزءًا من جهاز المناعة لم يكن معروفًا من قبل.

تقول ميربل: "لم تكن مكتشَفةً لأن أحدًا لم ينظر في صناديق قمامة الخلايا".

من مكتبها في معهد فايسمان للعلوم في رحوفوت، بإسرائيل، ترفع الباحثة نموذجًا بلاستيكيًا أزرق للبروتيازوم، وهو هيكل على شكل برميل أجوف. تبدو الوظيفة بسيطة: تدخل البروتينات إلى الحجرة، حيث يجري تمزيقها ثم تخرج على شكل شظايا وشذرات ببتيدية أصغر. لكن الآلية على قدر هائل من التعقيد. فالنواة تتألف من أكثر من عشرين وحدة بروتينية فرعية، ويمكن أن تتحد مع مجموعة متنوعة من الأغطية المنظِّمة للنشاط الخلوي. وتتساءل ميربل: إذا كان الهدف هو تقطيع البروتينات، فلماذا كل هذه التعقيدات؟

استخدمت ميربل وفريقها مطياف الكتلة لتحديد الببتيدات التي تنتجها البروتيازومات في مجموعة متنوعة من الخلايا. ثم قارنوا تسلسلات هذه الببتيدات بتلك المعروفة وظائفها، باستخدام قواعد بيانات عامة. ووجدوا أن العديد منها يطابق ببتيدات معروفة بتدمير البكتيريا، مثل اختراق أغشيتها. كما حدد الفريق شذرات أخرى — حوالي ألف شذرة إجمالًا — بتسلسلات ربما تشير إلى أنها مضادة للميكروبات.

ليس هذا كل شيء؛ فعندما استخدمت ميربل وزملاؤها النماذج الحاسوبية لتقطيع جميع البروتينات البشرية إلى كل الشظايا الببتيدية الممكنة، وجدوا أن هناك أكثر من 270 ألف نتيجة محتملة مضادة للميكروبات، ليكتشف الفريق ما بدا أنه آلية دفاع مناعية جديدة.

تقول ميربل: "كانت تلك اللحظة التي شعرتُ فيها بالقشعريرة، بالمعنى الحرفي للكلمة، عندما أدركت أنني ربما اكتشفتُ شيئًا مهمًّا". كشفت التجارب اللاحقة أنه عندما تصاب الخلايا بالبكتيريا، يستبدل البروتيازوم غطاءه التنظيمي بآخر يفضل إنتاج الببتيدات المقاومة للبكتيريا. تقول ميربل إنها خط الدفاع الأول، الذي يعمل بشكل مستقل عن الآليات المناعية التقليدية في الخلايا.

ظهرت النتائج في دراسة نُشرت في مارس الماضي (K. Goldberg et al. Nature 639, 1032–1041; 2025)، وأثارت حماسًا كبيرًا لدى الكثيرين من المتخصصين في هذا المجال، كما يقول روسلان ميدجيتوف، عالم المناعة في كلية ييل للطب في نيو هيفن بولاية كونيتيكت الأمريكية. ويضيف: "كنا نظن أننا نتعامل مع شيء نألفه ونفهمه تمامًا، ثم إذا بنا نكتشف شيئًا غير متوقع، ومثير للدهشة". والأكثر إثارةً للدهشة، حسب قوله، أن الببتيدات تأتي من "بروتينات خلوية عادية جدًا"، لا من بروتينات وظيفتها الدفاع المناعي.

وهذا يعني أن المعالجة بواسطة البروتيازوم تزيد بشكل كبير من عدد الوظائف التي يمكن أن يؤديها بروتين واحد، كما ذكر سزار دي لا فونتي، المتخصص في الهندسة الحيوية في جامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا. يقول: "إنها طريقة ذكية جدًا، من الناحية التطورية، لترميز الكثير من الوظائف في جين واحد".

هذا نجاح لم تكن ميربل تطمح إلى تحقيقه. ففي طفولتها، لم تكن الدراسة يسيرةً عليها، بسبب اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. كانت تحب علوم الحاسوب والبيولوجيا، لكنها كانت تجد صعوبة كبيرة في حضور الدروس، وتأخرت عن أترابها من التخرج من المدرسة. ولكنها تعلمت على مر السنين أن طريقة عمل دماغها ميزة وليست عبئًا، وأنها تمنحها منظورًا مختلفًا.

يتذكر مارك كيرشنر، عالم الكيمياء الحيوية وبيولوجيا الأنظمة في كلية هارفارد الطبية في بوسطن بولاية ماساتشوستس الأمريكية، والذي كان مشرفًا عليها في مرحلة الدكتوراه، شغفها وذكاءها وتفانيها. كانت تحب القيام برحلات علمية لا تعرف مسبقًا ما الذي ستعود بها منها. ويقول: "لقد قدَّمت اكتشافات رائعة".

وتقول ميربلل: "لن تكون مضادات للميكروبات فقط، فالقصة لم تنتهِ بعد".

حقوق الصورة: Children's Hospital of Philadelphia
حقوق الصورة: Children's Hospital of Philadelphia

كيه جيه مولدون: ابتسامته لم تنطفئ بفضل علاج «كريسبر» المخصَّص  

هيدي ليدفورد

أطلق عليه الفريق المعالِج «المريض إيتا»، واسمه الأصلي: كيه جيه مولدون.

لم تمرّ بضعة أشهر على مولده إلا وقد أصبح اسم الرضيع مولدون — وابتسامته العريضة التي تزين وجنتيه الممتلئتين — حديث وسائل الإعلام حول العالم، كأول شخص معروف يتلقى علاجًا مخصصًا باستخدام تقنية «كريسبر» لتعديل الجينات.

بعد ولادة مولدون في أغسطس من عام 2024، لاحظ الأطباء أنه ينام كثيرًا ويأكل قليلًا. وبعد سلسلة من الاختبارات، اكتشفوا أن الطفل يعاني من اضطراب جيني نادر جدًا هو «نقص كاربامويل-فوسفات سينثاز 1» (CPS1)، الذي يحُدُّ من قدرة الجسم على معالجة البروتين.

عندما يكسر الجسم البروتينات، ينتج عن ذلك الأمونيا، وهي مادة سامة عادةً ما تتم معالجتها بواسطة إنزيمات في الكبد وتُصرَف في البول. يؤدي نقص CPS1 إلى اختلال أحد هذه الإنزيمات، مما يسبب تراكم الأمونيا في الدم، وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى تلف الدماغ. يمكن علاج الحالة بزراعة كبد، لكن ما يقرب من نصف الأطفال المصابين بهذا المرض يموتون في مرحلة الرضاعة المبكرة.

تساءلت طبيبة الأطفال المعالِجة لمولدون، وتُدعَى ريبيكا آهرينز-نيكلاس، وتعمل في مستشفى الأطفال بفيلادلفيا في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، عما إذا كان هناك حل آخر من شأنه إصلاح الإنزيم المعطوب في كبده. وكانت هي وكيران موسونورو، طبيب القلب في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا، يملكان خطة جريئة لعلاج الأطفال المصابين بأمراض جينية نادرة باستخدام علاجات تحرير الجينوم المصمَّمة وفقًا لتسلسل الحمض النووي (DNA) الذي يمتاز به كل طفل. ووجدوا في مولدون فرصةً سانحة.

كانت العلاجات السابقة القائمة على تحرير الجينوم مصممة لعلاج عدد كبير من الأشخاص. فالعلاج الأول المعتمد باستخدام تقنية «كريسبر»، وهو «كاسجيفي» Casgevy، كان بإمكانه معالجة عشرات الآلاف من الأشخاص المصابين بأحد اضطرابين دمويين. أما علاج مولدون فقد صُمِّم لعلاج حالته هو فقط.

اعتمد الفريق أحد أشكال تحرير الجينوم بواسطة تقنية «كريسبر»، وهو تحرير القواعد النيوكليوتيدية، لاستهداف الطفرة الإشكالية — وهي عبارة عن حرف واحد معيب من بين ثلاثة مليارات حرف في الجينوم البشري — وإصلاحها (K. Musunuru et al. N. Engl. J. Med. 392, 2235–2243; 2025). لم يسبق تص علاج تحرير مخصص بهذه السرعة؛ فلم يكن أمام مولدون سوى بضعة أشهر قبل أن تغمر الأمونيا جسده الصغير.

شارك في هذا العمل فريق كبير من الباحثين، منهم الأكاديميون ومنهم القادمون من القطاع الخاص. ولمَّا كان مولدون يسحر كل من تقع عينه عليه، فقد التزم موسونورو وأعضاء مختبره بأن يحجبوا أنفسهم عن أي تفاصيل شخصية عنه، حتى اسمه. يقول موسونورو: "وضعنا اعتبارات أساسية، بنينا عليها قرارنا بالإقدام على هذه العملية أو الإحجام عنها، حيث كان لا بد من اتخاذ قرارات حاسمة، كان يجدر بنا أن نتحلَّى حيالها بأكبر قدر من الموضوعية".

عملت شركات التصنيع على مدار الساعة لإنتاج المكونات اللازمة للتحرير الجيني المطلوب لعلاج مولدون. تقول ساندي أوتنسمان، نائبة الرئيس التنفيذي لشركة «إنتجريتد دي إن إيه تكنولوجيز»Integrated DNA Technologies  في كورالفيل بولاية أيوا الأمريكية: "قدّرنا أن الأمر سيستغرق 18 شهرًا، لكننا أنجزناه في ستة أشهر".

في الخامس والعشرين من فبراير 2025، تلقَّى مولدون حقنة، هي الأولى من ثلاث، فزادت قدرته على تحمل البروتين في نظامه الغذائي، لكنه لا يزال يحتاج إلى الأدوية والمراقبة المنتظمة لضمان بقاء مستويات الأمونيا تحت السيطرة.

بعد أن قضى أول 307 أيام من حياته في المستشفى، عاد مولدون إلى المنزل في يونيو الماضي. لدى مغادرته المستشفى، اصطفَّت الطواقم الطبية على طول الممرات والطريق الخارجي لتوديعه. وفي المنزل، أخذ الطفل ينمو بشكل طبيعي: يتناول الأطعمة الصلبة ويخطو أولى خطواته. تقول والدته نيكول آرون: "الابتسامة لا تفارق وجهه".

السؤال الآن هو: كيف لنا أن نضمن لغيره من الأطفال الحصول على الفرصة نفسها؟ فتكلفة علاج شخص واحد بـ«كاسجيفي» تُقدَّر بملايين الدولارات، لاسيما بعد أن انفضَّ المستثمرون من حول شركات تحرير الجينوم. فقد رأينا كيف أن شركات عدة عمدت إلى تسريح الموظفين وإيقاف برامجها. يقول جوزيف هاسيا، عالم الوراثة الطبية في كلية كيك للطب بجامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس: "يبدو أن المال هو ما يتحكَّم في هذه الأمور". لكنه يشير أيضًا إلى بارقة أمل، تتمثل في إعلان وكالة المشاريع البحثية المتقدمة للصحة الأمريكية عن برنامجين يهدفان إلى توفير "أدوية جينية دقيقة" للأشخاص المصابين بأمراض نادرة.

تعمل آهرينز-نيكلاس وموسونورو على صياغة تجربة إكلينيكية للنهج الذي ابتكراه، يشارك فيها مزيد من الأطفال، على أن يتمَّ ذلك بأسرع ما يمكن. آهرينز-نيكلاس: "رأى الجميع الفرصة قائمة، وقالوا لأنفسهم: لماذا لا يتاح هذا لطفلي أيضًا؟".

* هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور على أجزاء بمجلة Nature بتاريخ 8 ديسمبر 2025. 

 

doi:10.1038/nmiddleeast.2025.235