رحلتي من علم النفس إلى مناصرة العلوم المفتوحة
19 October 2025
نشرت بتاريخ 19 أكتوبر 2025
التجارب التي خاضتها كيلي كوبي في مقتبل مشوارها المهني ألهبت حماسها لمناصرة العلوم، واليوم تنصب جهودها على محاربة دور النشر الاستغلالية والنهوض بالتقييم المسؤول للأبحاث.
لمحة عن عالم
هذا المقال جزء من سلسلة مقالات متفرقة تتناول فيها دورية Nature لمحة عن عالم ذي مسيرة مهنية أو اهتمامات شخصية غير تقليدية.
عام 2019، صادفت جينا كايندل ورقة بحثية غيرت مجرى حياتها. وقعت هذه الكندية، التي كانت آنذاك في السابعة والثلاثين من العمر، على ورقة بحثية على صفحة على منصة «فيسبوك» للمصابين بمرض حثل عضلات حزام الطرف (LGMD)، وهو حالة تسبب وهنًا عضليًا مستمرًا. كانت كايندل قد شُخصت بهذا المرض في السادسة عشر من العمر.
لفتت الورقة البحثية إلى أن حالة مرضية أخرى تُعرف باسم الاعتلال العضلي الناجم عن مهاجمة إنزيم HMGCR (مرض مناعة ذاتية نادر يسبب وهنًا شديدًا في العضلات) تشترك في بعض الأعراض مع أنواع محددة من حثل عضلات حزام الطرف، وكثيرًا ما تُشخص هذه الحالة خطأ على أنها حثل عضلات حزام الطرف.
وهنا، صُعقت كايندل من مدى تشابه أعراض هذه الحالة مع أعراضها. ولأن هذا البحث خضع لسياسة نشر تقوم على الوصول المفتوح إلى الأبحاث، سنح الاطلاع عليه مجانًا، وأمكن لكايندل قراءته واستيعاب نتائجه قبل مشاركتها مع فريق الأطباء الإكلينيكيين المعالج لها في مستشفى أوتاوا. وأجمع الفريق الإكلينيكي على جدوى إخضاعها لفحص لهذا المرض.
حول ذلك، تقول كايندل: "لا يُمكن للأطباء والمتخصصين قراءة كل ما يُنشر من أوراق بحثية. "لذا، عندما تكون مصابًا بمرض نادر، يتعين عليك بدرجة ما أن تُشجع وتساعد على اكتشاف مصادر كهذه".
وبعد ستة أسابيع، أكد الأطباء أن كايندل بالفعل مصابة بالاعتلال العضلي الناجم عن مهاجمة إنزيم HMGCR، وليس بحثل عضلات حزام الطرف. ومنذ أن تلقت كيندل العلاج الملائم لتشخيصها الجديد، تباطأ التدهور العضلي لديها بصورة كبيرة. وتزوجت عام 2023، وهي اليوم تقطن وتعمل في بلدة شوفيل، وهي منطقة تحتضن مجتمعًا ريفيًا صغيرًا في شمال غرب كندا.
واليوم، تحتفي كيلي كوبي - التي تدير برنامجًا للأبحاث التجميعية والعلوم المفتوحة في معهد القلب التابع لجامعة أوتاوا - بقصة كايندل باعتبارها دليلًا على المنافع التي تعود من إتاحة البيانات البحثية للجميع. وفي الوقت الحالي، تركز جهود كوبي على تبني ممارسات العلوم المفتوحة، وعلى تعزيز التقييم المسؤول للأبحاث وعلى مراقبة جودة الإبلاغ عن النتائج البحثية.
والعام الماضي، بفضل جهود كوبي في هذا المجال، ولتركيزها على رفع الوعي بالدوريات الاستغلالية، حازت جائزة جون مادوكس ضمن فئة شباب الباحثين من الجائزة.
وتحتفي الجائزة التي وُلدت من رحم مبادرة مشتركة بين دورية Nature ومنظمة «سينس أبوت ساينس» Sense about Science الخيرية الكائنة في لندن، بالعلماء الذين ينتصرون في وجه التحديات للنزاهة العلمية، ويلهمون غيرهم بالقيام بالمثل.
وتعليقًا على قصة كايندل، تقول كوبي: "تمكين الأشخاص بالمعلومات قد يغير بمعنى الكلمة مجرى حياتهم، وهذا مما لا يجوز أن نبخس تقديره. إذ يجب أن يكون المرضى طرفًا إيجابيًا في صنع القرار وفي رسم مسار الرعاية الصحية التي يتلقونها".
سمعت كوبي بقصة كايندل للمرة الأولى في عام 2019، عندما كانت تعمل استقصائية ومسؤولة نشر في مركز علم النشر التابع لمستشفى أوتاوا. وهناك، قسمت الوقت ما بين إجراء الأبحاث حول العلوم المفتوحة والنزاهة البحثية والشفافية البحثية، والدوريات الاستغلالية، وما بين تقديم التدريب والتوعية بهذه الموضوعات.
وقد رأى قائد شبكة إشراك المرضى في الأبحاث بالمستشفى، وهو بمنزلة حلقة الوصل بين الراغبين في المشاركة في الأبحاث والباحثين المهتمين بإشراك هؤلاء الراغبين أن قصة كايندل مناسبة للعرض في سلسلة من ندوات الإنترنت والمدونات التي كانت كوبي تطورها. وقد هدفت هذه الندوات والمدونات إلى البرهنة على أن إتاحة معلومات الأبحاث للأشخاص الذين يتلقون الرعاية الصحية تعود عليهم بمنافع، بعضها قد يغير مجرى حياتهم.
وتوضح كوبي أن شغفها بالعلوم المفتوحة وتقييم الأبحاث قد وُلد عام 2011، في أثناء دراساتها لنيل درجة الدكتوراة في علم النفس الاجتماعي من جامعة جرونينجن بهولندا. فذاك العام، ديدريك شتابل، اختصاصي علم النفس الاجتماعي الشهير من جامعة تيلبورج المجاورة لجامعة جرونينجن أُوقف عن العمل بسبب الاشتباه في فبركته للبيانات على نطاق واسع. وفي نوفمبر من العام التالي، خلص تقرير إلى أنه على مدى 15 عامًا فبرك وتلاعب بالبيانات في 55 ورقة بحثية، تأتي بعض فصول أطروحته لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أمستردام في عام 1997 منها. وتسترجع كوبي هذه الأحداث قائلة: "عندما حدث ذلك، أدى إلى حذف زملاء جمعتني معرفة بهم في مقتبل مسيرتي المهنية، من باحثي ما بعد الدكتوراة أو الأساتذة المساعدين، لأجزاء كبيرة من سيرتهم الذاتية".
وهذه التجربة دعتها إلى التساؤل عن الأسباب التي قد تدفع بأمر كهذا إلى الاستمرار لكل هذا الوقت. وتقول عن ذلك: "لا أزعم أن تبني ممارسات العلوم المفتوحة سينال من كل العناصر السيئة، لكن ما خطر لي عندئذ هو كيف لم يكن هناك شواهد على ذلك، ولم انعدمت الشفافية هنا؟".
من هنا، قررت كوبي البحث عن مناصب تسمح لها بتقصي المنهجيات التي تُجرى بها الأبحاث وسبل تشجيعها ومكافأتها. وعندما وقعت بسبيل الصدفة في عام 2015 على إعلان عن وظيفة استقصائي ومسؤول نشر في مركز علم النشر في أوتاوا، لم تكن قد سمعت من قبل بالأبحاث التجميعية، أي باستخدام المنهجيات البحثية المحكمة والتحليل النقدي لتقصي المنهجيات والإجراءات البحثية في حد ذاتها.
وقد استهوتها فكرة أن منصبًا كهذا قد يقدم الأدلة التي من شأنها تحسين البيئة البحثية. كذلك كانت متشوقة لأن تحظى بالفرصة لتدريس كيفية إجراء الأبحاث والإبلاغ عن نتائجها، وهي موضوعات لا تُدرس عادة في التعليم الرسمي.
ويذكر ديفيد موهير اختصاصي علم الوبائيات الإكلينيكي من مركز علم النشر في أوتاوا أنه في مقابلة العمل التي أجراها مع كوبي من أجل المنصب، أُعجب باهتمامها البالغ بأهمية الأدلة العلمية. وبعد ست سنوات، عُينت في منصبها الحالي، الذي تقدم فيه، في الأيام العادية، الدعم بصفة غير رسمية لعدد من المؤسسات. ومن ذلك، إرشاد هذه المؤسسات في عملية تقييم ما يُقترح من مشورة بشأن السياسات الفيدرالية المتعلقة بالعلوم المفتوحة.
وتجري كوبي في برنامجها البحثي الكثير من المراجعات للسياسات المتعلقة بالعلوم. وتوضح ذلك قائلة: "لدينا في كندا بعض السياسات العلمية الرائعة التي تُعنى بالعلوم المفتوحة، لكنها إن لم تخضع للمراجعة أو المتابعة بأي شكل من الأشكال، لن تُنفذ طالما أنه ليس هناك ضوابط". على سبيل المثال، وجدت ورقة بحثية شاركت في تأليفها في عام 2023 1 أن 3% فقط من التجارب الإكلينيكية التي تُجرى في كندا، تستوفي جميع المعايير الفيدرالية الثلاثة المفروضة للأبحاث، وهي: التسجيل المسبق لخطة الدراسة، وتسجيل نتائجها ونشر هذه النتائج.
كذلك تعمل كوبي على إنتاج أدوات تساعد الباحثين الراغبين في تبني ممارسات العلوم المفتوحة، ومن ذلك إنشاء نماذج خطط إدارة بيانات الدراسات، وهي نماذج شائعة الاستخدام في مجال الطب الحيوي.
حرب مع دور النشر الاستغلالية
اهتمام كوبي بممارسات النشر حدا بها إلى تقصي ظاهرة الدوريات الاستغلالية، أي تلك الدوريات تلح في طلب نشر المقالات البحثية وتقبل بنشرها دون تمييز ودون إجراء ما تعد به من إجراءات للتحقق من الجودة، مثل مراجعات الأقران.
وعام 2019، شاركت في تأليف مقال في قسم «التعليقات» لدورية Nature2، يسلط الضوء على مؤسسات مرموقة، يُعرف عنها نشر الأبحاث في الدوريات الاستغلالية، ومنها بعض جامعات رابطة اللبلاب (التي تجمع ثماني من أشهر وأعرق جامعات الولايات المتحدة). ناشد هذا المقال بتدريب الباحثين على كيفية اختيار الدوريات العلمية المناسبة عند تقديم أعمالهم البحثية للنشر وإلى الإعلان في السير الذاتية للباحثين عن خلو قائمة منشوراتهم البحثية من الدوريات الاستغلالية.
وترى كوبي أن النقاش بشأن الدوريات الاستغلالية قد فتح الباب أمام إضفاء المزيد من الشفافية على ممارسات النشر في جميع الدوريات. وقد ابتكرت بالشراكة مع مشروع «المعرفة العامة» Public Knowledge في جامعة سايمون فريزر في مدينة برنابي الكندية أداة تعرف بـ"ملصق حقائق النشر" (اختصارًا PFL). وهذه الأداة المستلهمة من ملصقات معلومات المنتجات الغذائية تُدرج معلومات متعلقة بالدورية التي تُنشر فيها الورقة البحثية ونسبة قبولها، ومعلومات عن الورقة في حد ذاتها، مثل عدد مراجعيها وتفاصيل حول الجهات الممولة للبحث، وما إذا كانت البيانات الواردة في الورقة البحثية متاحة للاطلاع عليها أم لا. والهدف من ذلك هو بيان ما إذا كانت الدوريات أو المقالات البحثية المنشورة باستخدام منصة أنظمة المجلات المفتوحة - وهي منصة برمجية للنشر، تستخدمها أكثر من 50 ألف دورية حول العالم - تلتزم بالمعايير البحثية.
ونذكر هنا كريم خان، الفيزيائي والباحث في مجال الطب، المقيم في مدينة فانكوفر الكندية، وهو رئيس «معهد صحة العضلات والعظام وأمراض التهابات المفاصل» Institute of Musculoskeletal Health and Arthritis في هيئة «المعاهد الكندية لأبحاث الصحة»، الجهة الفيدرالية الممولة لأبحاث الطب في كندا. فعن كوبي، يقول خان إنها تدفع المنظمات دفعًا إلى إمعان النظر في إرشاداتها للممارسة الإكلينيكية وبياناتها المتفق عليها.
دعَّم خان ترشيح كوبي لجائزة جون مادوكس، وأثنى علىى"مبادرتها بالوقوف على العمل المطلوب قبل أن يسبقها إلى ذلك آخرون"، مسلطًا الضوء على جهودها في تحديد مفهوم الدوريات الاستغلالية والمؤتمرات الزائفة والإرشاد إلى سبل تلافيهما. عام 2019، عمل خان إلى جانب كوبي و41 باحثًا بارزًا آخر وعدد من جهات النشر في مدينة أوتاوا على وضع تعريف متفق عليه لممارسات النشر الاستغلالية. ويسترجع خان تلك الفترة قائلًا إنه وجد جهود كوبي في خلق ثقافة وروح فريق يسودها التكاتف مثيرة للإعجاب وأشاد بإلمامها الملحوظ بالأدبيات البحثية. فيقول حول ذلك: "شتان ما بين ملم تمام الإلمام بالتخصص، وآخر لا يعرف إلا القشور عنه".
كذلك يأتي فوز كوبي بجائزة جون مادوكس تكريمًا لجهودها في وضع إعلان مبادرة تقييم البحوث (DORA)، وهي مبادرة عالمية تهدف إلى تغيير سبل تقييم نتائج الأبحاث العلمية. أُرسيت اللبنة الأولى لهذه المبادرة في عام 2012، عندما التقت مجموعة من المحررين والناشرين لوضع توصيات لتحسين تقييم الأبحاث الأكاديمية. وقد هدفت إلى تشجيع جهات التمويل والمؤسسات على عدم اعتبار النشر في المجلات ذات الاستشهادات العالية العامل الأساسي والحاسم في تقييم جودة الأبحاث. ويُغطي إعلان المبادرة، الذي بات يُعرف باسم «إعلان سان فرانسيسكو لتقييم الأبحاث»، جميع المجالات الأكاديمية، ووقع عليه أكثر من 26 ألف شخص ومؤسسة من 166 دولة.
انضمت كوبي إلى مجلس المبادرة الاستشاري في عام 2020، لتتولى في غضون ثلاث سنوات منصب الرئيس المشارك للمجلس. وفي هذا المنصب، تتباحث عادة مع صناع السياسات من جميع المستويات بشأن تغيير كيفية تقييم الأبحاث. ومما أثمرت عنه جهودها كرئيس مشارك للمجلس، وضع دليل للتقييم المسؤول للأبحاث. ويفصِّل هذا الدليل للأفراد خطوات تصميم وتنفيذ استراتيجية تقييم مسؤولة للأبحاث في مؤسساتهم.
وترى كوبي أن أهم وأبسط ما يمكن لقادة الفرق البحثية القيام به في هذا الإطار هو مساعدة مجتمعاتهم على فهم المشكلات التي يواجهونها في المنظومة البحثية الحالية. فهذا، بحسب ما توضح، يمكِّنهم من دعم أفراد فريقهم البحثي في صناعة التغيير وتحقيق أوسع أثر ممكن. غير أنه من الأهمية بمكان أيضًا رصد آثار ما يستتبعه هذا التغيير. فتقول كوبي: "نحن في غنى عن الانتقال من نظام سيء إلى آخر. لذا، نحتاج إلى ما يبرهن على كفاءة الأنظمة الجديدة".
من ثم، تسعى مبادرة «إعلان سان فرانسيسكو لتقييم البحوث» إلى وضع دليل عملي للتقييم المسؤول للأبحاث يخدم جهات التمويل البحثية. وعملًا على تحقيق ذلك، تستعين المبادرة بمجموعات نقاش للتعاوُن مع عدد من المؤسسات مثل مؤسسة «ساينس يوروب» التي تمثل جهات تمويل عامة ومؤسسات بحثية في أوروبا، و«مجلس البحوث العالمي» Global Research Council، وهو كيان افتراضي يهدف إلى تعزيز التعاوُن بين مختلف أطراف مجتمع تمويل البحوث الدولي.
ضغوط
أقر حكام جائزة «مادوكس» بأن الجهود التي تبذلها كوبي في التشجيع على إحداث تغيير في ثقافة وضع الأبحاث، ليست بالهينة. في ذلك الصدد، تقول كوبي إن منصبها يُحتمل فيه أن تشعر بـ"بوطأة ضغوط حملات مناصرة العلوم. فهو يتطلب في أغلب الوقت الاجتماع بأشخاص إما لا يؤيدونك، أو يؤيدونك لكن يرفضون إحداث تغيير. وأعتقد أن المعتاد هنا هو أن تجد مقاومة".
كيف تبقي كوبي إذن على حماسها لهذه المهمة؟ نصيحتها لذلك هي: "اسع وراء الفرص الجيدة. الجأ إلى من يطلبون الخبرة والبصيرة، حيث يمكنك أن تسعى إلى إحداث تغيير وإلى البرهنة لآخرين على جدوى هذا التغيير".
وتقر كوبي بأنها حتى بعد أن أصبحت رئيسة مشاركة لمبادرة «إعلان سان فرانسيسكو لتقييم البحوث»، شأنها شأن جميع الباحثين، تواجه ضغوطًا في نشر بعض الأبحاث التي من شأنها أن تؤمن لها التمويل اللازم للدفع من أجل إحداث تغيير.
في العام الماضي، على سبيل المثال، في مقال في قسم «أنباء وآراء» News and views في دورية Nature، أوردت تأملاتها فيما يخص فشل طلبها في الحصول على منحة بحثية 3 وكيف أن صيغة طلب المنحة حالت دون ذكرها لإجازتي أمومة حصلت عليهما، كما منعتها من الإشارة إلى انخراطها في العلوم المفتوحة كجزء من مسيرتها المهنية. ووصفت كيف أن ممارسات تقييم الأبحاث الحالية، مثل معامل تأثير الدوريات تخذل العلوم، وكيف أن مقالات الرأي التي تنشرها لا تُعطى الوزن نفسه الذي تحظى به الأوراق البحثية عند التقدُم للمنح.
وفي الوقت الحالي، تعمل كوبي على برنامج بحثي كبير باسم «شبكة التفاعلات بين الدماغ والقلب» Brain-Heart Interconnectome. وحسبما توضح كوبي، يقوم هذا البرنامج على فكرة مفادها أنه "ثمة علاقة ترابط بين الدماغ والقلب، وينبغي لنا دراسة كلا العضوين معًا في آن واحد، لا كل بمعزل عن الآخر". وبمنحة قيمتها 109 مليون دولار كندي (80 مليون دولار أمريكي)، هي أكبر منحة تلقاها البرنامج حتى يومنا هذا، تقود كوبي مهمة تبني ممارسات العلوم المفتوحة في أنشطة هذه المبادرة، من خلال تكليف البرنامج ببعض سياسات العلوم المفتوحة والتشاوُر مع أعضاء الفرق البحثية حول كيفية تعزيز شفافية أبحاثهم. كما تشغل منصب رئيس مشارك لمشروع بوابة بيانات باسم «آرشيميدس» ARCHIMEDES. وهي بوابة من شأنها أن تخدم كمستودع ووسيلة لإدارة البيانات، فضلًا عن العمل كبيئة تحليلية لأبحاث القلب والدماغ، تتيح للباحثين جمع البيانات وإيداعها بطريقة موحدة لتعزيز القدرات التحليلية.
وتعي كوبي، التي تشارك اليوم في لجنة الخبراء المعنية بالأبحاث ذات الطبيعة المزدوجة بـ«المجلس الكندي للهيئات الأكاديمية»، أن تبني ممارسات العلوم المفتوحة يتطلب عناية دقيقة. وتوضح مفهوم الأبحاث التي تُعنى بها قائلة: "الأبحاث ذات الطبيعة المزدوجة هي بالأساس أبحاث يمكن توظيفها لخدمة الخير أو الشر".
وبتأمل مسيرتها المهنية، ترى كوبي أن أعظم إنجازاتها حتى اليوم هي أنها نجحت في توطيد مكانتها في مجال العلوم المفتوحة وحركة إصلاح الأبحاث. فتقول: "خلال السنوات العشرة الأخيرة، أسست لنفسي مكانة جديدة في مجال مختلف تمامًا. وأعتقد، بعدما وصلت إلى مكانة تتيح لي التركيز على تحليل الدراسات ضمن جوهر عملي، أن أمرًا كهذا مما يندر جدًا حدوثه".
وتنصح الباحثين الساعين إلى تغيير مجالهم ممن في مقتبل مسيرتهم المهنية بالتفكير في المهارات التي يمكن أن يحملوها معهم إلى مجالهم الجديد لإكسابهم التميز.
وتفضِل أن يسعوا إلى العمل في مجال إصلاح تقييم البحوث أو تحليل الدراسات أو مجال العلوم المفتوحة. فتقول: "نحن بحاجة إلى من يكرسون أنفسهم لهذه المجالات، كي نشهد حقًا التغيير المطلوب في مجال العلوم المفتوحة ولندعم المزيد من بحوث تحليل الدراسات". وهو ما تعلل له قائلة: "عندما عُينت في معهد القلب، قال لي كبير المسؤولين (وهو ما وجدته طريفًا وإيجابيًا في آن معًا): لا أفهم صراحة طبيعة عملك، لكنني أحسب أنه ذو قيمة وأن أهميته تزداد مع الوقت".
سيُعلن عن أسماء الفائزين بجائزة « جون مادوكس» لعام 2025 في التاسع والعشرين من أكتوبر المقبل.
هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور في دورية Nature بتاريخ 17 سبتمبر عام 2025.
doi:10.1038/nmiddleeast.2025.166
تواصل معنا: