أمادو سال: سفير إفريقيا لتصنيع اللقاحات
23 July 2025
نشرت بتاريخ 20 يوليو 2025
المؤشرات التي رشحت عن إحدى لجان المجلس تُلمح إلى احتمال الإبقاء على تمويل مؤسسة العلوم الأمريكية وغيرها من المؤسسات العلمية.. وليس الاقتطاع منها كما اقترح ترامب.
حقوق الصورة: Tom Williams/CQ-Roll Call, Inc via Getty
أعربت لجنة رئيسية في مجلس الشيوخ الأمريكي عن عزمها رفض اعتماد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتطاع من ميزانية بعض المؤسسات العلمية، التي تشمل مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا). وقد انعقدت لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الخميس، العاشر من يوليو الجاري، للتصويت على تنفيذ مشروع قانون يقرر الميزانية العلمية للعام المالي 2026، غير أن أعضاء اللجنة وصلوا إلى طريق مسدود بشأن مسألة غير متعلقة بالعلم — وهي تحديد موقع المقر الجديد لمكتب التحقيقات الفيدرالي — فأُجِّلت الجلسة إلى أجلٍ غير مسمّى.
تحمل هذه الجلسة أول مؤشر على أن الكونجرس الأمريكي، الذي يمتلك سلطة الإنفاق الحكومي، ربما لا ينصاع وراء رغبات ترامب. ولو وُضعت قراراته موضع التنفيذ الفعلي، لكان لذلك تداعيات وخيمة على منظومة العلوم الأمريكية؛ فقد أصدرت رابطة النهوض بالعلوم الأمريكية الأسبوع الماضي تحليلًا يخلص إلى أن مقترح ترامب من شأنه أن يؤدي إلى تقليص البحوث الأساسية الممولة فيدراليًّا بمقدار الثلث. وقد دأب العلماء وجماعات الضغط والمنظمات المؤيدة للعلم خلال الأسابيع الماضية على مناشدة أعضاء الكونجرس بحماية تمويل وكالات البحث العلمي. ويبدو أن هذه الحملة بدأت تؤتي ثمارها: فبحسب مشروع قانون لجنة مجلس الشيوخ، لن ينخفض تمويل مؤسسة العلوم الوطنية إلا بمقدار 0.67%، بدلًا من نسبة الـ57% التي اقترحها ترامب، كما ستستمر العديد من بعثات «ناسا» في مجالي الفضاء وعلوم الأرض، بعدما قررت إدارة ترامب إلغاءها (انظر: طلبٌ مرفوض).
وخلال الاجتماع، قال السيناتور الجمهوري جيري موران، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كانساس: "هذا المشروع يحمي البعثات العلمية الهامة".
لكي يصبح مشروع القانون قانونًا نافذًا، يجب أن يوافق عليه مجلس الشيوخ بكامل أعضائه، بالإضافة إلى مجلس النواب الأمريكي، قبل أن يُقدَّم للرئيس للتوقيع عليه. ويُذكر أن هذا المشروع منفصل عن التشريعات الخاصة بتمويل وكالات علمية أخرى، مثل معاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH)، وعن قانون خفض الإنفاق والضرائب الكبير الذي تمت المصادقة عليه في وقت سابق من الشهر الجاري.
خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب (بين عامي 2017 و2021)، حافظ الكونجرس إلى حد كبير على مستويات تمويل البحث العلمي رغم تخفيضات الرئيس المقترحة. لكن الخوف يسيطر على الأوساط العلمية هذا العام من احتمال أن تتجاهل إدارة ترامب ما يقرره الكونجرس. فقد مضى البيت الأبيض في تطبيق خطة تخفيض الإنفاق الحكومي من خلال تسريح آلاف الموظفين الفيدراليين، ومنهم العلماء، وتجميد أموال كانت قد خُصصت بالفعل للسنة المالية الحالية، بل وأصدرت الإدارة تعليمات لبعض الوكالات الفيدرالية للتخطيط للسنة المقبلة كما لو كانت التخفيضات المقترحة قد أُقرّت بالفعل.
صحيحٌ أن مشروع قانون مجلس الشيوخ لم يُقَرّ بعد، إلا أن هناك "تفاؤلًا حذرًا عوضًا عن حالة التشاؤم التي سادت خلال الأشهر الثلاثة الماضية"، بحسب كيني إيفانز، الذي يدرس سياسات العلوم بجامعة رايس في مدينة هيوستن بولاية تكساس. وأضاف: "إذا وُجدت إرادة حقيقية لالتزام الحزبين بميزانيات العلوم، فذلك يُعد إنجازًا كبيرًا".
هل قوبلت الاقتطاعات بالرفض؟
واحدة من أكثر الجهات تضررًا من الاقتطاعات التي نص عليها مشروع موازنة الرئيس هي مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، التي تمول 25% من البحوث الأساسية المدعومة فيدراليًّا في الجامعات الأمريكية. بحسب مقترح ترامب، كان من المفترض تقليص ميزانية المؤسسة من 9 مليارات دولار أمريكي إلى 3.9 مليار فقط. ودخول هذا المقترح حيز التنفيذ يعني أن المؤسسة لن تتمكن من تمويل أكثر من ربع منحها البحثية الحالية، ما يخفض معدل النجاح للمتقدمين من نحو 26% إلى ما لا يزيد على 7%. وقد طالت هذه الاقتطاعات جميع أقسام المؤسسة تقريبًا، بحيث لم يكد ينجو منها قسمٌ واحد. فعلى سبيل المثال، قد نشهد خلال الفترة القادمة إغلاق إحدى منشأتي مرصد قياس تداخل موجات الجاذبية بالليزر «ليجو»، الذي يكتشف تموجات الزمكان الناتجة عن تصادمات كونية.
كان لهذه الاقتطاعات وقع الصدمة على كثيرٍ من المراقبين، رغم أنها لا تختلف كثيرًا عن مقترح تقدَّمَت به في عام 2023 منظمة يمينية يرأسها راسل فوت، الذي يشغل حاليًا منصب مدير مكتب الإدارة والموازنة في البيت الأبيض. وقد برر البيت الأبيض هذه الاقتطاعات بتصوير مؤسسة العلوم على أنها "موجَّهة" سياسيًا، مشيرًا إلى أنه يعيد توجيه الاستثمارات نحو المجالات ذات الأولوية، من قبيل علوم الكم والذكاء الاصطناعي، رغم أن التمويل الموجَّه إلى هذه المجالات ظل ثابتًا تقريبًا.
أما في وكالة «ناسا»، فقد اقترح ترامب خفض ميزانية العلوم إلى النصف تقريبًا؛ وهو الأمر الذي كان من شأنه إلغاء أكثر من 40 مشروعًا، منها مشاريع رصد الأرض والتلسكوبات الفضائية المقرر تدشينها مستقبلًا. وقد انهالت على هذا القرار انتقادات جميع من شغلوا منصب مدير العلوم في «ناسا» فيما مضى، في رسالة موجهة إلى الكونجرس بتاريخ الأول من يوليو الجاري. وقال جون جرينسفيلد، رائد الفضاء السابق والمدير الأسبق لقطاع العلوم في ناسا (بين عامي 2012 و2016): "خفض تمويل علوم «ناسا» يعني الترجُّل عن الصدارة لصالح دول أخرى"، مضيفًا: "أنا متفائل – تفاؤلًا حذرًا – بأن مجلس الشيوخ سيوفر التمويل الكافي، لكنني قلق عمومًا على مستقبل الريادة الأمريكية في ميدان العلوم، وقلِق من أن تمتد الاقتطاعات إلى البحوث بالغة الأهمية".
خلال اجتماع اللجنة في العاشر من يوليو، أعرب أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي عن رغبتهم في تمويل ناسا بمبلغ 24.9 مليار دولار، وهو ما يعادل تقريبًا نفس مستوى التمويل في العام المالي الحالي. وهناك مؤشرات أخرى على أن الكونجرس لا يوافق ترامب على رؤيته لإعادة هيكلة وكالة «ناسا»؛ لاسيما أن مشروع قانون الإنفاق والضرائب الذي أقره النواب الأسبوع الماضي أعاد مليارات الدولارات إلى برامج اقترح ترامب الاقتطاع من تمويلها، مثل عمليات إطلاق صاروخ «نظام الإطلاق الفضائي» المخصص لبعثات برنامج «أرتميس» للهبوط على سطح القمر.
الوقوف في وجه العاصفة
ناقش أعضاء مجلس الشيوخ أيضًا أوضاع الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، وهي مؤسسة يسعى ترامب إلى تقليص تمويلها بمقدار 2.2 مليار دولار، أي نحو ثلث ميزانيتها. وقد لاقت هذه الاقتطاعات المحتملة معارضة شديدة، لا سيما فيما يخص «هيئة الطقس الوطنية»، التي تديرها الإدارة وتُعد الجهة الرسمية المسؤولة عن التنبؤ بالطقس في البلاد. وقد جرى هذا العام تسريح المئات من موظفي المؤسسة، من أصل أكثر من 4 آلاف موظف، مما أثار تساؤلات حول تداعيات خفض العمالة على الاستجابة لحالات الطوارئ، خصوصًا بعد الفيضانات التي ضربت وسط تكساس وأودت بحياة أكثر من 120 شخصًا في الرابع من يوليو الجاري. يقول السيناتور موران: "استطعنا تمويل هذا المشروع على النحو الذي يحُول دون تقليص عدد العاملين في هيئة الطقس".
لا أحد يعلم متى ستستأنف اللجنة اجتماعاتها، لكن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين ألمحوا إلى أن الاستقرار على موقع المقر الجديد لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وهو من أولويات إدارة ترامب، يُعد شرطًا أساسيًا لنيل أصواتهم. وبمجرد أن يخرج مشروع القانون من مجلس الشيوخ، فسوف يمر على بمجلس النواب، الذي لم يُحدَّد موعد جلسة الاستماع فيه بعد. تقول سوزان كولينز، النائبة الجمهورية عن ولاية مين، وهي التي ترأس اللجنة: "ما زال الطريق أمامنا طويلًا".
* هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور بمجلة Nature بتاريخ 10 يوليو 2025.
doi:10.1038/nmiddleeast.2025.112
تواصل معنا: