كيف تُطور مسيرتك في علم الحفريات الفقارية؟
09 July 2025
نشرت بتاريخ 8 يوليو 2025
تسهم تجارب المُحاكاة لحوادث المختبرات في تدريب الطلاب على كيفية التعامل مع حالات الطوارئ على أرض الواقع.
Credit: JohnAlexandr/iStock/Getty
في أغسطس من عام 2016، بدأت مارجريت براش-توري دراساتها العليا في قسم الكيمياء بجامعة ولاية كولورادو في مدينة فورت كولينز الأمريكية. وخلال أسبوع الدورات الإرشادية للتعريف بآليات العمل بالقسم، بينما كانت تتعرف على البروتوكولات الخاصة بسلامة المختبرات، لم تستطع عند دخولها أحد المختبرات أن تنتبه إلى أن ثمة خطبًا ما، رغم أن هواء غرفة المختبر كان مفعمًا برائحة لوز حادة. وبعد بضع ثوان من اكتشافها لمجموعة من الجثث الملقاة على الأرض في الطرف البعيد من الغرفة، أصبحت هي الأخرى في عداد الموتى.
هكذا كان الموقف ليبدو أمام أي مراقب عابر لهذا المشهد الدرامي. إلا أن واقع الأمر كان يتمثل في أن مارجريت وبقية أفراد المجموعة كانوا يشاركون في تدريب يحاكي وقوع حادث في أحد المختبرات. أصيب الطلاب نوعًا ما بالصدمة عندما ربت المعلمون المشرفون على التدريب على أكتافهم وأخبروهم بتلك النهاية المرعبة. تتذكر مارجريت أنه خطر ببالها حينذاك أن تسألهم: "ماذا تقصدون بأننا سنلقى حتفنا؟ ما الذي فاتنا؟" اتضح أن التجربة كانت محاكاة لتسرب غاز السيانيد الذي تشبه رائحته رائحة اللوز.
ولا شك أن ذلك الموقف الخطير قد يصادف أي من يعمل في مختبر أبحاث، إلا أن عدد الباحثين المدربين على اكتشاف تلك الإشارات التحذيرية والتصدي لها بطريقة مناسبة لا يزال قليلًا. ومن هذا المنطلق، قبل ما يقرب من عشر سنوات، قرر بن رينولدز، منسق شئون المختبرات بقسم الكيمياء في جامعة ولاية كولورادو وأحد المعلمين المشاركين في التدريب المذكور آنفًا، الارتقاء بمستوى التدريب القياسي على سلامة المختبرات والذي استند إلى عروض تقديمية عبر شبكة الإنترنت أو قراءة دليل للسلامة. كانت الوسيلة التي استخدمها رينولدز تتلخص في وضع سيناريوهات لحوادث محتملة وحث طلابه على التعامل مع تلك المواقف ثم تقييم ما تعلموه من تلك التجارب. كان السؤال الذي يشغل باله: "كم عدد الوحدات التدريبية التي يمكن لطالب دراسات عليا أو طالب جامعي أن يستوعبها من خلال تصفح عرض تقديمي مصمم باستخدام برنامج «باوربوينت»؟"
يمكن لتجارب المحاكاة التي تجسد حالات طوارئ حقيقية أن تُثير مشاعر قوية، كما يمكن أن تثير قضايا غير متوقعة. ولكي تتمكن الهيئات والمؤسسات المختلفة حول العالم من إعداد الطلاب لمواجهة مثل تلك الحالات، تلجأ إلى استخدام التدريبات على حوادث المختبرات، التي تُعرف أيضًا باسم حوادث المختبرات التخيلية أو الافتراضية، وغيرها من الأنشطة التي تضفي متعة على التدريبات، وفي الوقت ذاته تُعلم الطلاب كيفية التعامل مع مشاعر القلق والتوتر وفهم الإجراءات الخاصة بحالات الطوارئ. كذلك تساعد هذه التدريبات المشاركين على تحديد المخاطر والتعرف عليها؛ كما تُمكّن فريق العمل بالمختبر من إجراء عمليات تقييم لثقافة السلامة وتفتح المجال لإجراء نقاشات مفتوحة. (أوقفت جامعة ولاية كولورادو عمليات التدريب على حوادث المختبرات بصفة مؤقتة خلال جائحة «كوفيد-19» بهدف منح الأولوية للتدريبات الخاصة بالصحة النفسية، ولا تزال متوقفة ولم تُستأنف حتى الآن).
من بين الأمثلة على تلك التدريبات التي خاضتها براش-توري والمشاركون الآخرون في إحدى الأمسيات تجارب تحاكي التعرض للصعق بالكهرباء والانفجارات وتسرب المواد الكيميائية وغيرها من الحالات الطارئة الأخرى. جدير بالإشارة أن جميع تلك الأدوار التمثيلية كان يؤديها بعض الطلاب الآخرين وموظفو الجامعة، حيث أظهروا جميعًا مهاراتهم الدرامية لكي تبدو السيناريوهات واقعية بقدر الإمكان؛ فقد حطموا ألواحًا من الزجاج، وأشعلوا حرائق موجهة، وصرخوا بأعلى صوتهم تعبيرًا عن اليأس، وارتموا على الأرض وهم يتلوون من الألم وقد سالت من أجسادهم برك من الدماء الزائفة أمام الطلاب المرتبكين الذين كان يتعين عليهم إيجاد وسيلة للتعامل مع تلك المواقف دون أن يتعرضوا هم أنفسهم "لخطر الإصابة".
كان كل سيناريو يمتد لفترة تتراوح بين 15 و20 دقيقة، وكان الطلاب يؤدون أدوارًا مختلفة، من بينها تدوين الملاحظات أو قيادة جهود الاستجابة لحالة الطوارئ أو الاتصال برقم الطوارئ على جهاز الرد الآلي الخاص برينولدز. وفي نهاية كل عملية تدريبية كان المدربون يعقدون جلسة تقييمية يستعرضون خلالها التصرفات الصائبة أو الخاطئة أثناء التدريب. وفي أعقاب تلك الجلسة، كان المشاركون ينتقلون إلى السيناريو التالي وهكذا. ومع نهاية الفترة التدريبية، يكون جميع المشاركين قد تناوبوا لعب كل الأدوار.
تسترجع براش-توري تلك اللحظات وما كانت تفكر فيه ساعتها قائلة: "يا إلهي، كم أن هذا التدريب مُرهق! إنني لا أطيق الاستمرار فيه". كانت بوصفها طالبة دكتوراه جديدة، تشعر بأنها غير مستعدة لتولي زمام المسؤولية عن موقع الحادث، سواء كأحد أفراد طاقم المختبر أو كباحثة مساعدة. بيد أن وجهة نظرها قد تغيرت بعد خوض التدريب. لم تقتصر أسباب ذلك التغيير على أن الجلسات التدريبية بهذه الطريقة كانت ممتعة بصورة أكبر بكثير من الجلسات التقليدية؛ بل إن تلك الجلسات منحتها أيضًا شعورًا بمزيد من الثقة والجاهزية لمواجهة حالات الطوارئ في مختلف بيئات المختبرات. تقول عن ذلك: "ساعدتنا تلك الجلسات في التعرف على أنواع المخاطر التي من المحتمل أن نصادفها في أي مختبر".
Credit: Anthony Appleton
كن على استعداد لمواجهة أي طارئ!
ثمة عوامل عديدة من الممكن أن تؤدي إلى وقوع حوادث في المختبرات. أبرزت دراسة منشورة في دورية «نيتشر كيميستري» Nature Chemistry (A. D. Ménard and J. F. Trant Nature Chem. 12, 17–25; 2020) أسبابًا عدة لوقوع مثل تلك الحوادث، منها، على سبيل المثال، غياب التدريب الكافي على إجراءات السلامة، ونقص المعدات الخاصة بالوقاية والحماية، وعمل الباحثين بمفردهم دون إشراف، وسوء تخزين الأجهزة والمعدات. غير أنه لا تتوفر بيانات دقيقة عن تلك الحوادث على الصعيد العالمي إلا في حالات قليلة. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تضع إدارة السلامة والصحة المهنية معايير للسلامة وظروف العمل الصحية في أماكن العمل وتطبقها، إلا أنها لا ترصد المعدلات السنوية لوقوع حوادث المختبرات.
من هنا، يعمل معهد سلامة المختبرات، وهو منظمة غير ربحية مختصة بالتعليم التثقيفي والتوعوي بشأن سلامة المختبرات من مقره الرئيس في مدينة ناتيك بولاية ماساتشوستس الأمريكية، منذ فترة على رسم خرائط لحوادث المختبرات حول العالم استنادًا إلى التقارير الصحفية أو محتويات قواعد البيانات العامة، وذلك بهدف معالجة ذلك القصور. استلهم مؤسس المعهد، جيمس كوفمان، فكرة إنشاء المعهد عام 1978 إثر مشاهدته للآثار الناجمة عن انفجار أحد المختبرات في معهد ووستر بوليتكنيك بولاية ماساتشوستس، وهو جامعته الأم التي حصل فيها على درجة الدكتوراه. سجل المعهد خلال العقد الراهن وحتى الآن وقوع ما يقرب من 240 حادثًا، تتراوح بين التعرض للمواد الكيميائية والبيولوجية والحرائق والانفجارات، مع ملاحظة أن النوع الأخير كان الأكثر شيوعًا (انظر "الحوادث المتعلقة بسلامة المختبرات على الصعيد العالمي"). إلا أن المدير التنفيذي للمعهد، ستيفن تايلور، يقول إنه من المرجح أن تكون الأرقام المسجلة أقل من عدد الحوادث التي تقع بالفعل نتيجة لقلة البلاغات. يقول تايلور: "ثمة جوانب كثيرة للغاية ينبغي الكشف عنها فيما يخص سلوكيات العلماء، والأخطاء التي قد نرتكبها وتؤدي إلى حدوث مشكلات".
علاوة على ذلك، تختلف لوائح إدارة السلامة والصحة المهنية من مختبر إلى آخر بحسب الولاية التي يقع فيها المختبر، على حد قول أنتوني أبلتون، المنسق السابق لثقافة السلامة في جامعة ولاية كولورادو، والذي لا يزال يقدم استشارات في مجال سلامة الأبحاث رغم وصوله حاليًا إلى سن التقاعد.
يرى أبلتون أنه على الرغم من التحسن الكبير الذي طرأ على ثقافة السلامة في المختبرات منذ كان طالبًا في منتصف العقد الأول من هذا القرن، لا يزال هناك خوف متأصل من ارتكاب الأخطاء أو الإبلاغ عن الحوادث. على سبيل المثال، في عام 2008، وخز أبلتون نفسه بماصة زجاجية بطريق الخطأ عندما كان لا يزال يدرس للحصول على الدكتوراه في معهد جورجيا للتكنولوجيا في أتلانتا. وبمحض الصدفة، أبلغ بتلك الإصابة أحد الإداريين الموثوق بهم في القسم والذي كان على دراية بالإجراءات الصحيحة التي ينبغي اتخاذها. كانت تلك اللحظة بمثابة الحافز الذي دفع أبلتون إلى تكريس حياته المهنية لتحسين سلامة المختبرات. وفي سياق عمله منسقًا للسلامة في عديد من المؤسسات، كان في الغالب يصطدم بإحجام من الباحثين الرئيسين عن التعامل مع مكاتب الصحة والسلامة البيئية.
يقول أبلتون إن إحدى أفضل السمات التي تميز برنامج حوادث المختبرات التخيلية أنه يجمع بين الباحثين ومديري المختبرات ومسؤولي الموارد البشرية والباحثين الرئيسين والإداريين وموظفي الصحة والسلامة البيئية بهدف التواصل وتبادل الآراء استنادًا إلى الفكرة الآتية: "دورنا جميًعا يتلخص في الإسهام في دعم البحث العلمي، ولا يمكن لنا أداء عملنا على أكمل وجه إلا إذا توفرت لدينا جميعًا المعلومات الكافية والمناسبة".
جدير بالإشارة أن هذه التدريبات يمكن أيضًا أن تساعد الطلاب في توقع المشكلات بشكل استباقي. على سبيل المثال، لم يتمكن طلاب رينولدز في مواقف عديدة من الاتصال برقم الطوارئ 911 لأن المختبر كان يقع تحت سطح الأرض ولم يكن متاحًا لهم استخدام الهاتف المحمول نتيجة لضعف الإشارة. كانت هذه المشكلة سببا في إثارة نقاشات عديدة بشأن الإجراءات التي ينبغي اتخاذها في تلك الحالة، والتي كان منها، على سبيل المثال، محاولة الوصول إلى أقرب خط هاتفي أرضي.
كذلك يتعين على المؤسسات مراعاة ذوي الاحتياجات الخاصة عند وضع تدابير السلامة في المختبرات. تعاني يائيل ميدلي، وهي طالبة دكتوراه في الكيمياء بجامعة ولاية فلوريدا في تامبا، من إعاقة بصرية، وهو ما يعني أن بالها دائما ما يكون مشغولًا باعتبارات السلامة. كانت ميدلي تعمل في أحد المختبرات بالطابق السابع، ورغم أن قدرتها البصرية تتيح لها إمكانية الخروج من المبنى في حالات الطوارئ، أدركت أن غيرها من المصابين بدرجة أشد من ضعف البصر أو ممن يعانون من إعاقات جسدية أخرى، لن يتمكنوا من ذلك. تقول ميدلي: "للأسف لن يتمكنوا من نزول الدرج أو استخدام المصعد إذا ما نشب حريق؛ ومن ثم سيضطرون إلى انتظار من يقدم لهم يد المساعدة".
ترى ميدلي، التي كُسرت ساقها ذات مرة عندما سقطت على درج مغطى بالسجاد لم يكن يحمل علامات واضحة لها، أنه من المهم أن يراعي الموظفون الجالسون في مكاتبهم والمسؤولون عن تخطيط بروتوكولات السلامة في مناقشاتهم ذوي الاحتياجات الخاصة حتى يمكنهم تلبية تلك الاحتياجات بالشكل السليم.
جدير بالذكر أن مسألة الاحتياجات الخاصة كانت تظهر في بعض المواقف خلال تدريبات سلامة المختبرات التخيلية في جامعة ولاية كولورادو، كما كانت من الأسباب الإضافية التي جعلت رينولدز مقتنعًا بضرورة مشاركة المسئولين الإداريين عن المختبرات في التدريبات. يقول عن ذلك: "لا شك أن مشاركتهم وإنصاتهم إلى شخص آخر يروي قصته من وجهة نظر مختلفة تفتح أعينهم على اعتبارات أخرى".
التدريبات العملية على السلامة في المختبرات
لا شك أن حوادث المختبرات التخيلية المعدة بشكل مدروس، كما هو الحال في جامعة ولاية كولورادو، تتميز بندرتها، إلا أن ثمة مختبرات أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة وفي دول عديدة حول العالم تعمل حاليًا على اتخاذ الخطوات المطلوبة نحو تفعيل التدريب العملي على السلامة بدرجة أكبر.
على سبيل المثال، يُجري مكتب الصحة والسلامة البيئية بجامعة ويسكونسن-ماديسون تدريبات مشابهة في مختبر الزراعة التابع للمكتب، والذي يتمتع بمستوى سلامة بيولوجية من الدرجة الثالثة. يُجري باحثو هذا المختبر تجاربهم على فيروسات إنفلونزا الطيور تحت إشراف البرنامج الفيدرالي لإدارة معالجة المواد الخطرة، والذي يضطلع بمراقبة حيازة واستخدام ونقل مجموعة مختارة من المواد والسموم التي تُشكل تهديدًا للصحة العامة أو لصحة الحيوانات والنباتات. ويُلزم البرنامج المختبرات التي تستخدم تلك المواد بوضع خطط أمنية وبروتوكولات استجابة لحوادث السلامة، كما يفرض عليها أن تتضمن تلك الخطط والبروتوكولات تدريبات عملية.
وفي كل عام، تتجمع عدة فرق من العاملين في المختبرات في حرم الجامعة ويُجري أفرادها دورات تدريبية عملية لمجموعات صغيرة. تغطي هذه الدورات سيناريوهات عديدة من بينها التعرض للمواد الخطيرة وعمليات التطهير من الملوِّثات، والتصرف إزاء لدغات الحيوانات، ووخز الإبر، وأعطال معدات الوقاية الشخصية مثل أجهزة التنفس الصناعي، وبروتوكولات الاتصال في حالات الطوارئ التي يتعين اللجوء إليها حال الاضطرار إلى عزل المختبر تمامًا عن العالم الخارجي. كما تقدم تلك الدورات عمليات محاكاة لسيناريوهات تتطلب مساعدة شخص فقد وعيه على خلع ملابسه الواقية من المخاطر البيولوجية.
تقول كريستينا بير، المشرفة على التدريبات بصفتها المسؤولة عن برنامج معالجة المواد الخطرة في الجامعة، وكذلك عن ضمان الامتثال للوائح: "هذه هي المواقف التي من المحتمل أن تنتهي نهاية سيئة. لا شك أن بعضها نادر الحدوث بدرجة كبيرة، بل ربما لا تحدث إلا مرة واحدة في العمر أو قد لا تحدث بتاتًا، غير أن الاستعداد لوقوعها بالغ الأهمية للحفاظ على سلامتنا".
في أماكن أخرى، تشمل جلسات التدريب ألعابًا لوحية وأنشطة ترفيهية، إلى جانب عمليات محاكاة، بهدف زيادة الوعي بمعدات السلامة والمخاطر البيولوجية المحتملة، وكذلك تقديم إرشادات حول الوسائل السليمة للتخلص من المواد البيولوجية. تقول إيزابيل آرس، مديرة قسم إدارة السلامة البيولوجية في كلية الطب بجامعة المكسيك الوطنية المستقلة التي يقع مقرها في مدينة مكسيكو، إن تلك الأنشطة تساعدها في تقييم مدى استفادة المشاركين من محاضرات السلامة. وتضيف أن المشاركين يعتقدون في بعض الأحيان أنهم يفهمون الإجراءات المطلوب اتخاذها فهمًا جيدًا، لكن التدريب يبين أن واقع الأمر ليس كذلك.
وعلى الرغم من أن إجراء تجارب المحاكاة المشار إليها آنفًا يتطلب بذل جهود مشتركة بين الباحثين ومكاتب السلامة والمسؤولين الإداريين، فإن عملية التنفيذ ليست في المجمل باهظة التكلفة. فمثلًا يستخدم الموظفون الذين يتولون إجراء تلك التجارب في جامعة ولاية كولورادو وجامعة شمال أريزونا في فلاجستاف، التي كانت القوة الملهمة للبرنامج الخاص بجامعة ولاية كولورادو، مختبرات أو فصولًا دراسية خالية لإجراء التدريبات دون تعطيل عملية البحث العلمي. أما بالنسبة إلى الأدوات المستخدمة في التدريبات، فإنهم يستخدمون معدات مخبرية قابلة للاستخدام لمرة واحدة، إلى جانب الدماء الزائفة ومستحضرات التجميل التي يُمكن شراؤها بسهولة خلال الأشهر التي تسبق عيد الهالوين.
إلا أنه لا بد من التشديد على أن الأمر ليس كله متعة وتسلية. فعلى المسئولين القائمين على عمليات التدريب والمشرفين على إجرائها التأكد من الإشراف بدقة على التدريبات لتجنب وقوع أية حوادث حقيقية. من ثمَّ، يقدم القائمون على التدريب عدة نصائح في هذا الصدد، من بينها استخدام الماء كبديل عن السوائل الخطيرة، وتحطيم ألواح الزجاج داخل حاويات، والتفكير في طرق مبتكرة لإشعال الحرائق الزائفة، مثل تعليق ألسنة لهب مزيفة في إحدى المراوح. وكما يقول رينولدز، فإنه من الأهمية بمكان أن نكون على أهبة الاستعداد للتصرف في حال تعرض أحد المشاركين للانفعال. ومن الضروري أيضًا وجود بعض المراقبين الذين يمكنهم التدخل في حالة حدوث ذلك للمساعدة في تهدئة ذلك الشخص.
وبغض النظر عن شكل الحوادث التخيلية التي تحاكيها عمليات التدريب في المختبرات، تُشدد براش-توري على أهمية التدريب لمواجهة الاحتمالات غير المتوقعة، وكذلك على تكرار الجلسات التدريبية. تعمل براش-توري حاليًا كيميائية بجامعة فورت هايز ستيت في مدينة هايز بولاية كانساس الأمريكية، وفي كل فصل دراسي تلقي محاضرات عن السلامة وتقدم تدريبات عملية لطلابها. تُدرك براش-توري أنه من السهل أن يراود الباحثين شعور بالدعة والاسترخاء، ولسان حالهم يقول: "قضيت عمري في مأمنٍ تام من الحوادث، بل وصار بإمكاني التحايل على بعض الخطوات واختصارها". إلا أن الباحثة تستدرك هنا بقولها: "تعلمتُ أن تلك هي اللحظة التي يتسلل فيها الخطر فعليًا إلى حياة هؤلاء الباحثين".
هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور في دورية Nature بتاريخ 9 يونيو عام 2025.
doi:10.1038/nmiddleeast.2025.104
تواصل معنا: