رحلة باحثة بين محطات حقل دراسة التكاثفات
04 December 2024
نشرت بتاريخ 14 أغسطس 2024
دراسة لباحثين مصريين: يؤثر دواء «أتورفاستاتين» على التغيرات الجينية للأنسجة المجاورة للأورام
يُعدّ سرطان الثدي أكثر أنواع الأورام الخبيثة شيوعًا بين الإناث، وأحد الأسباب الرئيسية للوفيات بين النساء عالميًّا خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ووفق دراسة عبء المرض العالمي لعام 2019، كان سرطان الثدي الأعلى في معدل الوفيات بين الإناث؛ إذ تجاوزت الوفيات 688 ألف حالة، مما شكّل 15.9% من جميع الوفيات المرتبطة بالسرطان.
وارتفع عدد حالات سرطان الثدي بين النساء عالميًا بنسبة 128.3% بين عامي 1990 و2019، فيما شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادات كبيرة في عدد الحالات الجديدة (377.9%) والوفيات (203.7%). وفي عام 2019، بلغ معدل الإصابة بسرطان الثدي بين الإناث في المنطقة 37.5 حالة لكل 100 ألف نسمة، مقارنةً بـ24.2 لكل 100 ألف نسمة عالميَّا.
وكشفت دراسة أجراها باحثون بجامعتي المنصورة وطنطا في مصر، بالتعاون مع باحث بجامعة ميشيغان الأمريكية، أن دواء "أتورفاستاتين" (Atorvastatin)، والذي يوصف على نطاق واسع لخفض الكوليسترول، قد يكون له دور كبير في الوقاية من سرطان الثدي.
وتوصلت الدراسة، التي نشرتها دورية "ساينتفك ريبورتس"، إلى أن هذا الدواء يمكنه عكس التغيرات الجينية المُبّكرة المرتبطة بتطور الورم، ما يوفر طريقًا جديدًا للوقاية من السرطان.
تقول أم علي يوسف الخواجة -أستاذ الكيمياء الحيوية ومدير برنامج الكيمياء الحيوية التطبيقية والبيولوجية الجزيئية بكلية العلوم بجامعة المنصورة، وقائد فريق البحث: أظهرت الدراسات المرجعية والتحليلات الإحصائية أن المجموعات التي تتلقى دواء "أتورفاستاتين" على المدى الطويل شهدت انخفاضًا في معدل ظهور حالات السرطان، وهذا الانخفاض قد يعكس تغيرات جينية مبكرة ترتبط بحدوث أو تطور الأورام.
وتتسم عملية تحول الأنسجة الطبيعية إلى خبيثة بعملية معقدة متعددة المراحل، تشمل تغيرات خلوية وجزيئية مختلفة.
وتعتبر دراسة الجينات التي تتغير تعبيراتها بشكل تفاضلي في أنسجة الثدي خطوة حاسمة لفهم التحولات التي تدفع الأنسجة للانتقال من خلايا طبيعية إلى خلايا سرطانية، مما يوفر أهدافًا علاجية محتملة.
كما تؤدي بيئة الورم وتفاعل الخلايا المناعية مع السرطانية دورًا حاسمًا في تطور الورم واستجابته للعلاج، مما يجعل استهداف هذه التغيرات المبكرة أمرًا مهما في مكافحة سرطان الثدي.
وخلال الدراسة، استعان الباحثون بيانات من قاعدة للبيانات الجينومية (Gene Expression Omnibus) التي تديرها المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة، لتحديد مجموعات البيانات التي تقارن أنسجة الثدي الطبيعية من عينات لحالات خضعت لعمليات جراحية تجميلية، مع عينات مجاورة للورم، مأخوذة من مصابين بسرطان الثدي.
كما أجروا مقارنة أخرى بين عينات مأخوذة من مجموعة من المرضى الذين أتموا أسبوعين من العلاج بالأتورفاستاتين، حيث قورنت العينات من نفس المرضى قبل وبعد فترة العلاج.
وأظهرت النتائج أن "الأتورفاستاتين يؤثر بشكل كبير على تعبير 105 جينات بعد العلاج، مما يدل على دوره في التأثير على المشهد الجيني لسرطان الثدي".
ووجد من بين هذه الجينات 13 جينًا يرتبط بشكل واضح بالتغيرات الجينية في الأنسجة المجاورة للأورام، والتي قد يعكس الأتورفاستاتين تأثيراتها.
وقد تأكد دور هذه الجينات في عمليات حيوية مثل الالتهاب، والإجهاد التأكسدي، وموت الخلايا المبرمج، والتحكم في دورة الخلية، بالإضافة إلى ارتباطها ببعض التغيرات المناعية المُثبّطة للبيئة المناعية للورم، ما يشير إلى أن تأثيرات العلاج قد تكون ذات صدى مناعي من خلال تحفيز بعض العمليات المناعية المستجيبة بشكل إيجابي ضد الورم.
كما ارتبط 12 من الـ13 جينًا المُحددة بتحسين معدلات البقاء على قيد الحياة، ما يشير إلى أن عقار أتورفاستاتين قد يكون له تأثير مفيد على بقاء المريض من خلال تنظيم الجينات التي تقلل من معدلات الوفيات وتقلل من احتمالية تكرار المرض.
تقول "الخواجة" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تفتح هذه النتائج المجال لإمكانية إعادة توظيف الأتورفاستاتين، كعلاج محتمل ضد سرطان الثدي، وهذا يمهد الطريق لدراسات مستقبلية تستهدف تحديد الجرعات الفعالة والفئات السكانية التي قد تستفيد بشكل أكبر من هذا النهج العلاجي.
من جهته، يرى حسن أبوالعلا عطيفي -مدرس مساعد الميكروبيولوجي والمناعة بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة- أن نتائج الدراسة تجدد الأمل في وجود دور وقائي لمركبات "الستاتينات" وخاصة الأتورفاستاتين، في مكافحة السرطان. ونحتاج إلى مزيد من الأبحاث لتطبيق هذه النتائج على أنواع أخرى من السرطان.
doi:10.1038/nmiddleeast.2024.253
تواصل معنا: