رحلة باحثة بين محطات حقل دراسة التكاثفات
04 December 2024
نشرت بتاريخ 8 أغسطس 2024
تُعد منطقة شمال إفريقيا قبلةً للثقافات منذ آلاف السنين.. والالتقاء السكاني بين تلك الثقافات خلق "لغزًا تطوريًّا معقدًا".
تُعتبر منطقة شمال إفريقيا -التي تتكون من تونس وليبيا والمغرب ومصر والجزائر- بوتقةً تنصهر فيها الثقافات مع وجود مجموعتين بشريتين مهيمنتين لكلٍّ منهما لغته وثقافته الخاصة هما العرب والأمازيغ، وهناك اعتقاد سائد بأن العرب والأمازيغ انفصلوا بسبب "الجغرافيا أو الثقافة أو اللغة".
لكن دراسة حديثة نشرتها دورية "جينوم بيولوجي" (Genome Biology) كشفت أن "الأمازيغ والشعوب العربية في شمال إفريقيا لديهم أصول وراثية مختلفة".
استخدم الفريق البحثي -بقيادة ديفيد كوماس، الأستاذ المتفرغ في قسم الطب وعلوم الحياة في جامعة "بومبيو فابرا" الإسبانية- أدوات الذكاء الاصطناعي، واكتشف الباحثون -للمرة الأولى- أن الأمازيغ والشعوب العربية انفصلا قبل أكثر من 20 ألف سنة.
ونظرًا لموقعها الجغرافي، استقبلت شمال إفريقيا أشخاصًا من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منذ آلاف السنين، وأثرى هذا الالتقاء السكاني الجينوم السكاني للمنطقة، لكنه أدى في الوقت ذاته إلى "لغز تطوري معقد".
ولتسليط الضوء على أصل السكان العرب والأمازيغ وتطورهم، أجرى الباحثون تحليلًا شاملًا لـ364 جينومًا كاملًا من مجموعات سكانية مختلفة.
وطور الباحثون نموذجًا حسابيًّا يعتمد على الحوسبة الطبيعية والذكاء الاصطناعي، أُطلق عليه اسم "البرمجة الجينية لعلم الوراثة السكانية" (GP4PG)، وهو برنامج يقوم على استنتاج التواريخ الديموجرافية المعقدة باستخدام البرمجة الجينية.
وتكشف النتائج أن التمايُز بين الشعب العربي والأمازيغي حدث في وقت أبكر بكثير مما كان متوقعًا.
يقول "أوسكار لاو"، الباحث الرئيسي في معهد علم الأحياء التطوري بإسبانيا، والمشارك في الدراسة: "أتاح نظام البرمجة الجينية لعلم الوراثة السكانية إجراء تحليل أكثر دقةً وقوة، وأوضح لأول مرة التمايُز بين الشعبين العربي والأمازيغي".
ويشير "كوماس" إلى أن "العرب والأمازيغ لم ينفصلوا مؤخرًا بسبب مسألة الجغرافيا أو الثقافة أو اللغة، لكن الاختلافات في تسلسل الجينوم تؤكد أنهم أصبحوا متمايزين وراثيًّا قبل أكثر من 20 ألف سنة بسبب اختلاف الحقب الزمنية التي استوطنت فيها المجموعتان شمال أفريقيا؛ إذ وصل الأمازيغ والعرب إلى شمال أفريقيا في حقب زمنية مختلفة".
ويؤكد "لاو" أن "العرب وصلوا إلى شمال أفريقيا من الشرق الأوسط حوالي 600 قبل الميلاد، في حين عُثر على بقايا بشرية عمرها حوالي 22 ألف سنة في المغرب، ووفق النتائج التي توصلت إليها الدراسة، فإن هذه البقايا يمكن أن تكون لأسلاف الأمازيغ"، وفق قوله.
doi:10.1038/nmiddleeast.2024.245
تواصل معنا: