عاصفة من الجدل أشعلها حصول الذكاء الاصطناعي على اثنتين من جوائز نوبل
14 October 2024
نشرت بتاريخ 14 يونيو 2024
القاهرة فقدت حوالي 910,894 مترًا مربعًا من مساحاتها الخضراء في الفترة بين عامي 2017 و2020
شهدت مصر في الأسابيع القليلة الماضية ارتفاعات شديدة في درجات حرارة بلغت أقصاها في مدينة أسوان التي سجلت 49 درجة مئوية، في ظل توقعات باستمرار موجة الحرارة المرتفعة لأيام أخرى، وفق الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية.
يوضح "محمد توفيق" -أستاذ المناخ التطبيقي في جامعة سوهاج- أن "ارتفاع درجة الحرارة ليس ظاهرة محلية، بل ظاهرة عالمية تتأثر بها معظم بلدان العالم في ظل تفاقُم تأثيرات الاحتباس الحراري".
يقول "توفيق" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": بعض الممارسات البشرية يمكن أن تكون سببًا في زيادة إحساس الإنسان بارتفاع الحرارة، مثل التلوث الجوي، وإزالة الغطاء الشجري، وهو ما يترتب عليه احتفاظ الأرض بالحرارة لفترة أطول من المعتاد، خاصةً في فصل الصيف في مصر.
بالتزامن مع الارتفاع المطَّرد في درجات الحرارة فوق المستويات المعتادة في مصر، تتسارع وتيرة إزالة الأشجار والحدائق من شوارع القاهرة ومدن أخرى لأغراض إنشاء الجسور أو توسعة الطرق المرصوفة؛ إذ فقدت القاهرة حوالي 910,894 مترًا مربعًا من مساحاتها الخضراء في الفترة بين عامي 2017 و2020، وفق دراسة سابقة.
وتشير الدراسة إلى تقلص نصيب الفرد من المساحات الخضراء في مصر عام 2020 بمقدار 0.3 متر مربع أقل من المتوسط المخطط للعام نفسه والمقدر بمتر مربع واحد، وفقًا لرؤية التنمية الحكومية 2030، وسط توقعات بأن يبلغ نصيب الفرد من المساحات الخضراء الحَضرية 3 أمتار مربعة بحلول عام 2030.
وفي عام 2012، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن الحد الأدنى لنصيب الفرد من المساحات الخضراء يجب أن يكون 9 أمتار مربعة على بُعد 15 دقيقة سيرًا على الأقدام من المنزل، وفق ما أوردته دراسة نشرتها دورية "ساستينابيليتي".
يقول "توفيق": تُعد الأشجار بمنزلة رئة للأرض؛ إذ تمتص ثاني أكسيد الكربون وتُخرج الأكسجين، ويُعتقد أن المنطقة التي فيها أشجار تنخفض فيها الحرارة درجتين إلى ثلاث درجات مئوية مقارنةً بالمنطقة الخالية من الأشجار، كما تسمح أوراق الأشجار الحضرية وفروعها لحوالي 10 إلى 30٪ فقط من الإشعاع الشمسي بالوصول إلى المنطقة الواقعة أسفل ظلها، ويتم امتصاص بقية الطاقة الشمسية من خلال أوراق الشجرة لعملية البناء الضوئي، أو تنعكس مرةً أخرى في الغلاف الجوي.
ويتابع: تفاوُت درجات الحرارة بين بعض المدن المصرية رغم وقوعها على دائرة عرض واحدة أو دائرتين قريبتين، يعود إلى ظاهرة المناخ المحلي للمكان، كما أن تفاوت هذه المدن في كثافة الغطاء الأخضر والمجاري المائية يخلق أيضًا تفاوتًا حراريًّا، فمدن الدلتا على سبيل المثال تنخفض فيها درجات الحرارة عن المدن الجديدة المنشأة في الصحراء على أطراف القاهرة، والتي تنخفض فيها نسبة الغطاء الأخضر، وتنعدم المسطحات المائية، ما يخلق لها مناخًا محليًّا يختلف عن المناطق الريفية القريبة، فيما يوصف بالجزر الحرارية الحضرية.
والجزيرة الحرارية الحضرية هي منطقة حضرية أكثر دفئًا من المناطق الريفية المحيطة بها بشكل ملحوظ، وعادةً ما يكون الفرق في درجات الحرارة في أثناء الليل أكبر منه في أثناء النهار، ويكون أكثر وضوحًا عندما تكون الرياح ضعيفة.
وتُعد قلة الغطاء الأخضر أحد الأسباب الرئيسية للجزيرة الحرارية الحضرية؛ إذ تنعكس كمية أقل من طاقة الشمس، وتحتفظ الأرض والمباني بالمزيد من الحرارة مقارنةً بالمناطق الريفية.
من جهته، يرى لطفي عزاز -أستاذ العمران ونظم المعلومات الجغرافية، ورئيس قسم الجغرافيا في جامعة المنوفية- أن "النسيج الحضري هو المسؤول عن هذه الجزر الحرارية.
ويوضح "عزاز" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست" أن "النسيج الحضري يشمل المصانع والمباني والطرق المرصوفة، وشبكات النقل المعقدة"، مضيفًا: دور أي غطاء أخضر هو تخفيف درجة حرارة المنطقة المزروع فيها، وإزالة الغطاء الأخضر تزيد الإحساس بالحرارة.
يتفق أستاذ العمران ونظم المعلومات الجغرافية مع "توفيق" في أن ارتفاع الحرارة في مصر ليس حدثًا محليًّا أو مرتبطًا بإزالة الأشجار، بل هو ارتفاع عالمي مصحوب بزيادة غازات الدفيئة ومشكلة الاحتباس الحراري، وأن زيادة المساحات الخضراء في الشوارع ليست هي الحل الوحيد المقترح للتخفيف من أثر موجات الحرارة، وإنما تساعد زراعة أسطح المباني، واستخدام مواد بناء خضراء من البيئة المحلية على تلطيف الحرارة داخل المباني.
يقول "توفيق": تتمثل نقطة البداية في التخطيط العمراني للمدينة، وفي حالة فوات الأوان، يجب التعامل مع الأمر بإستراتيجيات التكيف، مثل زيادة المساحات الخضراء في المناطق الحضرية، وزيادة نسبة الظل، وزيادة النافورات المائية في الميادين باستخدام المياه المعالَجة.
doi:10.1038/nmiddleeast.2024.192
تواصل معنا: