أحدث الأبحاث

كيف تُرك كوكب الزهرة بلا ماء بعدما كان مغمورًا بالمحيطات؟

نشرت بتاريخ 22 مايو 2024

يحتوي كوكب الزهرة على مياه أقل بمقدار 100 ألف مرة من الأرض رغم أن لديهما نفس الكتلة والحجم

شادي عبد الحافظ

تنطلق ذرات الهيدروجين ذات اللون البرتقالي في الفضاء،
تاركة وراءها جزيئات أول أكسيد الكربون ذات اللونين الأزرق والأرجواني

تنطلق ذرات الهيدروجين ذات اللون البرتقالي في الفضاء، تاركة وراءها جزيئات أول أكسيد الكربون ذات اللونين الأزرق والأرجواني


Aurore Simonnet/LASP/CU Boulder Enlarge image

يُعرف كوكب الزهرة بـتوأم الأرض، بسبب التقارب في الحجم والشكل والمسافة بين الكوكبين، لكن إذا افترضنا أن الأرض هو التوأم الخيّر في هذه العلاقة فلا شك أن الزهرة هو التوأم الشرير، فهو يخلو من متطلبات الحياة مثل الماء، مع احتباس حراري هائل يجعل درجة حرارة الكوكب حوالي 464 مئوية.

ووفق دراسة نشرتها مؤخرًا دورية "نيتشر" (Nature)، وضع فريق من علماء الفلك تفسيرًا دقيقًا لكيفية خلو كوكب الزهرة بشكل شبه كامل من الماء، وهو اللغز الذي استمر لأكثر من 50 عامًا مضت؛ إذ  يعتقد العلماء أن الزهرة كان يومًا ما كوكبًا مائيًّا غنيًّا بالمحيطات مثل الأرض.

فعلى الرغم من حجمه الشبيه بالأرض ومصدره المادي، إلا أن كوكب الزهرة جاف للغاية، مما يشير إلى فقدانه شبه الكامل للمياه عن طريق تدفق الهيدروجين إلى الفضاء، فيما يمكن وصفه بالهروب الهيدروديناميكي (hydrodynamic escape).

باستخدام المحاكاة الحاسوبية، وجد الفريق أن ذرات الهيدروجين الموجودة في الغلاف الجوي للكوكب تنطلق إلى الفضاء من خلال عملية تُعرف باسم "إعادة التركيب الانفصالي"، مما يتسبب في فقدان كوكب الزهرة ما يقرب من ضعف كمية الماء يوميًّا مقارنةً بالتقديرات السابقة.

يقول مايكل تشافين، الباحث من جامعة كولورادو بولدر، والمشارك في الدراسة: "تشير الأبحاث السابقة إلى أن الماء فُقد من الغلاف الجوي للمريخ إلى الفضاء عبر آلية الهروب الهيدروديناميكي، لكن لا يمكن لهذه الآلية إزالة كل المياه من المريخ بالشكل الذي تشير إليه الأرصاد الحالية".

رسم توضيحي لمسبار دافينشي التابع لناسا وهو يسقط على
سطح كوكب الزهرة

رسم توضيحي لمسبار دافينشي التابع لناسا وهو يسقط على سطح كوكب الزهرة


NASA GSFC visualization by CI Labs Michael Lentz and others

Enlarge image

يضيف "تشافين" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": يحتوي كوكب الزهرة على مياه أقل بمقدار 100 ألف مرة من الأرض، ولو قمنا بنشر كل مياه كوكب الأرض على كرة مسطحة بحجم الأرض لكان سُمك الماء ثلاثة كيلومترات، بينما لو فعلت الأمر نفسه مع كوكب الزهرة لكان سُمك الماء 3 سنتيمترات فقط.

وتقترح الدراسة أن تفاعلًا كيميائيًّا يُعرف بـ"إعادة التركيب الانفصالي" يحدث لـ"أيون الفورمايل"، ينتج كميةً أكبر من الهيدروجين المتسرب من الغلاف الجوي مقارنةً بالعمليات الكيميائية المقترحة في الأبحاث السابقة.

يحدث ذلك التفاعل عن طريق اتحاد جزيئات HCO⁺ الغازية موجبة الشحنة، التي تتكون من ذرة واحدة من كلٍّ من الهيدروجين والكربون والأكسجين، مع الإلكترونات سالبة الشحنة، وتؤدي عملية التفاعل تلك إلى تفكك جزيئات HCO⁺ إلى جزيء أول أكسيد الكربون المحايد وذرة هيدروجين.

ووفق الدراسة، فإن هذا التفاعُل قادرٌ على مضاعفة معدل فقدان الماء إلى الفضاء من كوكب الزهرة، ما يفسر جفاف كوكب الزهرة إلى هذا الحد

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.159