«زويل» وأثره في إرساء دعائم النهضة العلمية في مصر
08 October 2024
هل سمعت بهذا الارتباط بين البكتيريا المعوية وأمراض العيون المسببة للعمى؟
نشرت بتاريخ 31 مارس 2024
اكتشاف يُنعش الآمال في إمكان استخدام المضادات الحيوية لعلاج بعض الأمراض الوراثية التي قد تسبِّب العمى.. لكنه يثير الشكوك أيضًا.
أشارت دراسة حديثة1 إلى أن أمراض العيون التي طالما اعتُبرت أمراضًا وراثية خالصة ربما يكون أحد مسبِّباتها البكتيريا التي تُفلت من الأمعاء وتصل إلى شبكية العين.
يسود اعتقاد بأن العين محمية بغلاف من الأنسجة لا تستطيع البكتيريا اختراقه؛ وهو ما يجعل نتائج هذه الدراسة "مفاجئة"، كما وصفها مارتن كريجل، الباحث المتخصص في دراسة الميكروبيوم بجامعة مونستر في ألمانيا، وهو ليس ممن شاركوا في وضع الدراسة موضع النظر، مضيفًا أنها ستكون "نقلةً نوعيةً كبرى".
نُشرت الدراسة في دورية «سِل» Cell في السادس والعشرين من فبراير الماضي.
تصحيح المفاهيم
يبلغ عدد المصابين بأمراض الشبكية الوراثية، ومنها التهاب الشبكية الصباغي (retinitis pigmentosa)، نحوًا من 5.5 مليون شخص على مستوى العالم. وتُعد الطفرات التي تعتري الجين CRB1 من بين المسبَّبات الرئيسة لهذه الأمراض، وبعضها يذهب بالبصر تمامًا. وقد ذكر ريتشارد لي، الباحث في طب العيون بكلية لندن الجامعية، وأحد أعضاء الفريق المشارك في وضع الدراسة التي بين أيدينا، أن دراسات سابقة2 ذهبت إلى أن العين ليست بمنأى عن البكتيريا كما كان يظن أخصائيو العيون في الماضي؛ ما حدا بباحثي الفريق إلى التساؤل عما إنْ كان لهذه البكتيريا يد في أمراض الشبكية.
تبيَّن للباحثين أن الطفرات التي تطرأ على الجين CRB1 تُضعِف الروابط بين الخلايا المبطِّنة لجدار الأمعاء الغليظة، إضافةً إلى تأثيرها الملاحَظ منذ فترةٍ طويلة في تآكل غشاء الحماية المحيط بالعين. ومن هنا، أقدم لاي واي، أحد المشاركين في الدراسة، وهو باحث متخصص في طب العيون بجامعة جوانجتشو الطبية بالصين، على الإتيان بفئران تتدنَّى في أجسامها مستويات البكتيريا، وتعريضها للإصابة بطفرة في الجين CRB1. فوجد أن هذه الفئران لا تظهر عليها علامات تلف الأغشية الخلوية في شبكية العين، خلافًا لما رُصد في حالة غيرها من الفئران التي تملك في أجسامها المستويات المعتادة من الأحياء الدقيقة المعوية.
وعند استخدام المضادات الحيوية مع الفئران المصابة بالطفرة آنفة الذكر، لوحظ أن عيونها أصبحت أقلَّ تضرُّرًا. وفي ذلك إشارة إلى إمكان تقليل الضرر الواقع على الأشخاص المصابين بطفرات CRB1 إذا ما عولجوا بمضادات حيوية أو عقاقير مضادة للالتهاب. يقول لي: "إذا ثبت أن هذه آلية مستحدثة وقابلة للعلاج، فسوف تُغيِّر حياة الكثير من الأُسَر تغييرًا جذريًا".
تفاؤل حذِر
يرى جيريمي كاي، عالم البيولوجيا العصبية بجامعة ديوك في مدينة دورهام بولاية نورث كارولاينا الأمريكية، أن هذه الورقة، وإن كانت تطرح "فكرةً مثيرةً"، حسب وصفه، إلا أن المصابين بطفرات CRB1 عليهم ألا يُسرفوا في التفاؤل. يقول: "أخشى ما أخشاه أن يقرأ المريض هذا الكلام، فيظن أن العلاج قد أصبح في متناول يده"، في حين أن الصورة لا تزال معقدة.
ذلك أن أمراض العيون المرتبطة بطفرات CRB1، في حالة الفئران المستخدمة في الدراسة، عادةً ما تستغرق سنوات طويلة حتى تتطوَّر لتأخذ شكلها النهائي، وهي مدة تتجاوز الإطار الزمني الموضوع للدراسة؛ ما يشكك كاي في إمكان سحب هذه النتائج على البشر. بل يزيد على ذلك بقوله: "لا أعتقد أنهم أثبتوا أن البكتيريا تنتقل إلى العين بالكثافة الخليقة بأن تترك أثرًا كبيرًا، أيًّا ما كان هذا الأثر". وإذا كانت البكتيريا المعوية هي المسؤولة عن نقل العدوى إلى العين، "فلنا أن نفترض أنها تنقل [هذه العدوى] لأجزاء أخرى من الجسم كذلك"؛ وهو ما لم يُرصد حتى الآن لدى المصابين بطفرات الجين CRB1.
يرى لي أن "سحب النتائج [على البشر] هو السؤال الكبير دائمًا". أما كريجل فيرُد على هذا النقد بقوله إن البكتيريا المعوية يمكن أن ترتحل إلى أجزاء أخرى من الجسم، وتصيبها بالعدوى، إلا أن ذلك يتم بشكل انتقائي، لأسباب لم يتسنَّ للعلماء معرفتها بعد. وبسبب ندرة البكتيريا في العين، لا يبعُد أن يتسبب مقدار قليل منها في إحداث ضرر كبير، أكبر مما لو أصابت مواضع أخرى.
يقول كاي: "ما نعطي مضادات حيوية للمرضى على سبيل التجربة؟" ومع ذلك فإنه يرى أيضًا أن الجين CRB1 يسبب تغيرات جينية ضارة للعين، حتى في غياب البكتيريا. لذا، يقول إن المضادات الحيوية، وإن كان لها تأثير إيجابي في حالة الإصابة بتلف الشبكية، "لا يمكنها القضاء على هذا التلف، أو علاجه تمامًا".
doi:10.1038/nmiddleeast.2024.101
References
1. Peng, S. et al. Cell https://doi.org/10.1016/j.cell.2024.01.040 (2024).
2. Deng, Y. et al. Cell Discov. 7, 13 (2021).
تواصل معنا: