رحلة باحثة بين محطات حقل دراسة التكاثفات
04 December 2024
نشرت بتاريخ 4 يونيو 2023
تعلن شركات الوقود الأحفوري عن أرباح هائلة في الوقت الذي ينخفض فيه حجم الإنفاق الضروري للحد من التغير المناخي.
تُشير بعض التحليلات إلى ضرورة خفض إنتاج الوقود الأحفوري على وجه السرعة
حتى يتمكن العالم من تحقيق الأهداف المناخية لاتفاقية باريس للمناخ.
Barry Lewis/Pictures
via Getty
إذ اقترب إجمالي أرباح تسعة من كبرى شركات الطاقة في الربع الأول من العام الجاري من 100 مليار دولار أمريكي. كما بلغ إجمالي الأرباح السنوية للشركات نفسها في عام 2022 457 مليار دولار. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه وفقًا للبيانات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، تضاهي الأرباح السنوية لهذه الشركات سدس الاستثمار السنوي تقريبًا الذي يلزمه الوفاء بالتعهدات التي قدمتها الحكومات لمكافحة التغير المناخي.
في ذلك الصدد، يوضح تشارلي ويلسون، الباحث في مجال الطاقة والتغير المناخي من معهد التغير البيئي في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة، أن ارتفاع هذه الأرباح عن المعتاد قد يُعزى في جانب منه إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز نتيجةً للغزو الروسي لأوكرانيا من ناحية، وبسبب جائحة «كوفيد-19» من ناحية أخرى.
وتعقيبًا على ذلك، يقول دانيال دوما، الباحث من معهد ستوكهولم للبيئة: "إن رباح صناعات النفط والغاز هذه ليست إلا انعكاسًا لحجم الطلب على هذه السلع".
وفي الوقت نفسه، باتت التظاهرات ضد شركات الوقود الأحفوري والمرتبطة بأزمة المناخ حدثًا يتكرر أسبوعيًا تقريبًا في مدن العالم؛ حيث توجِّه حركات مثل «كفى نفط» Just Stop Oil و«تمرد ضد الانقراض» Extinction Rebellion مطالب إلى الحكومات باتخاذ إجراءات بخطى أسرع لمواجهة التغير المناخي. على سبيل المثال، في فبراير الماضي، تظاهر ناشطون من منظمة «جرينبيس» Greenpeace البيئية خارج مقر شركة شل في لندن، في أعقاب إعلان الشركة عن أرباحها السنوية. وصرحت إيلينا بوليسانو، الناشطة في مجال العدالة المناخية في منظمة «السلام الأخضر» بالمملكة المتحدة آنذاك أنه "بينما تسجل شركة شل أرباحًا غير مسبوقة بلغت مليارات، يعاني أفراد في جميع أنحاء العالم من الأضرار الناجمة عن موجات الجفاف والحر والفيضانات غير المسبوقة التي تسببت تلك الشركة العملاقة في حدوثها".
الوصول إلى صافي انبعاثات صفري
بيد أن استثمارات الدول في مجال الطاقة المتجددة، للوفاء بتعهداتها بخفض انبعاثات الكربون والتصدي للتغير المناخي، لا تواكب هذه الأرباح. فوفقًا لوكالة الطاقة الدولية، وهي منظمة معنية بالسياسات الحكومية الدولية ومقرها باريس، يتعين على الدول استثمار 2.7 تريليون دولار سنويًا في مجال الطاقة النظيفة بحلول عام 2030 لتحقيق الأهداف المناخية الحالية. ومن جانب آخر، من الآن وحتى عام 2030، يتعين إنفاق 4.6 تريليون دولار سنويًا (انظر "مليارات مواجهة التغير المناخي) للتحول إلى عالم تنعدم فيه بحلول عام 2050 انبعاثات الكربون الناتجة عن النشاط البشري، إما عن طريق الحد من الانبعاثات الكربونية أو عن طريق إزالة الكربون. وجدير بالذكر أنه وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية، فإن حجم الإنفاق السنوي الحالي على الطاقة الخضراء (الصديقة للبيئة) يقدر بنحو 1.4 تريليون دولار.
علاوة على ذلك، تُشير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA) في أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة إلى أنه يلزم إنفاق 131 تريليون دولار بين عامي 2021 و2050 لتحقيق هدف اتفاقية باريس للمناخ المتمثل في كبح الاحترار العالمي ليصل إلى 1.5 درجة مئوية بحد أقصى.
من هنا، يتساءل دانيال دوما عما إذا كانت أسعار وأرباح صناعة النفط والغاز الحالية يُتوقع أن تصبح الأساس الذي تقوم عليه قرارات الاستثمار التي قد تجد إنتاج الوقود الأحفوري يستمر للعشرين أو الثلاثين سنة القادمة. فيقول: "تُظهر أبحاثنا أنه يجب خفض إنتاج الوقود الأحفوري على الفور حتى يسنح للعالم باب لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ". غير أنه يضيف "يُلاحظ من سلوك وقرارات الدول والشركات المنتجة للنفط والغاز أنها تعتزم الاستمرار في اتجاهاتها والتوسع فيها".
ولعل ما يُجده دوما باعثًا على الأمل رغم كل شيء هو أن الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة بمعية التطورات التقنية الآخذة وتيرتها في التسارع بدأت تجلب لنا طاقة صديقة للبيئة. وهو ما يشير إليه بقوله: "لا شك أننا نأمل في تسارع هذه الوتيرة وفي تساوي توزيع هذه الاستثمارات في جميع أنحاء العالم".
أما ويلسون، فيضيف: "يتعين على شركات النفط الكبرى التحوُل إلى استثمار أرباحها في البنية التحتية للطاقة منخفضة الكربون"، ويوضح أن بعض الدول حاولت تشجيع هذا الاتجاه من خلال إعفاء الشركات من الضرائب على الأرباح الكبيرة المفاجئة، إذا تغير اتجاه ضخ استثمارات أرباحها ليصب في تحسين إنتاجيتها من الطاقة.
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.77
تواصل معنا: