فيكتور أمبروس وجاري روفكون يحصدان جائزة نوبل في الطب لعام 2024
07 October 2024
نشرت بتاريخ 9 مايو 2023
شبكة إقليمية لجمع وتبادل المعلومات حول قياس فاقد المياه المتسربة من الأراضي الزراعية إلى الغلاف الجوي
تُعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر المناطق جفافًا في العالم، إذ تضم 15 دولة من بين أعلى 25 دولة تعاني من ندرة المياه عالميًّا، ونظرًا لانخفاض مقدار المياه في هذه المنطقة، وفي ظل التحديات التي يطرحها التغير المناخي، يحتاج تطوير إدارة الموارد المائية إلى تصوّر أدق لكميات المياه التي تفقدها التربة والنباتات عند تسرُّبها إلى الغلاف الجوي من خلال العملية المعروفة باسم النتح التبخُّري (evapotranspiration)، إلا أن تلك البيانات لم تكن متاحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى وقت قريب.
وحاليًّا، تعمل شبكة إقليمية لقياس النتح التبخري على سد هذه الفجوة المعرفية، إذ اشترك مؤخرًا كلٌّ من "المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة"International Center for Agricultural Research in the Dry Area- ICARDA ، و"منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة"Food and Agricultural Organization of the United Nations- FAO في تأسيس هذه الشبكة، بالتعاون مع مراكز البحوث الزراعية الوطنية في كلٍّ من الأردن ولبنان ومصر وتونس والمغرب وفلسطين، تهدف هذه الشبكة إلى وضع تصوّر إقليمي مشترك لقياس النتح التبخري والاتفاق على منهجية للقياس، مع تطوير إدارة الموارد المائية والعمل على التوصل إلى إستراتيجيات التدخُّل المناسبة لمواجهة ندرة المياه.
يقول فيناي نانجيا، قائد الفريق البحثي المعني بالتربة والماء وعلوم الزراعة في "المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة": "لم تُغدق الطبيعة على هذه المنطقة بالموارد المائية الكافية، ما جعل أمنها الغذائي مهددًا، نتيجةً لذلك، لا يبدو مستقبل المنطقة واعدًا في ظل التغير المناخي، ومما لا شك فيه أن وضع تصوّر واضح لمواردك المائية أمرٌ شديد الأهمية، فإن لم تكن على علم بقياساتها، فلن تستطيع إدارتها".
يُعد النتح التبخري أحد المكونات الأساسية في الدورة الهيدرولوجية، وهو عبارة عن تسرُّب الرطوبة من سطح الأرض إلى الغلاف الجوي عن طريق عمليتي تبخُّر الماء ونتح النباتات، وليس من السهل الحصول على معلومات دقيقة عن النتح التبخري بسبب تعقيد التفاعلات بين الأرض والنبات والغلاف الجوي، والتبايُن الطبيعي في طبوغرافيا الأرض ورطوبة التربة ونوع الغطاء النباتي، لا سيما في النظم البيئية-الزراعية التي تندر فيها المياه أو تتغير كمياتها موسميًّا، كما هو الحال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولتحقيق إدارة فعالة للموارد المائية، من المهم الحصول على قياسات دقيقة لكميات النتح التبخري، حتى يمكن تحديد احتياج المحاصيل الغذائية الأساسية من الماء وتحسين إنتاجيتها، في هذا السياق يقول نانجيا: "إذا كانت لديك كميات محدودة من المياه، فمن المهم معرفة قدْر الفقد الفعلي فيها".
كذلك، يشير نانجيا إلى أنه قبل إنشاء الشبكة، لم تكن القياسات الميدانية موحدةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ اعتمدت عمليات التخطيط والتطوير في المنطقة على تقديرات مستندة إلى قياسات أُجريت خارج المنطقة، تتضمن القياسات المتعلقة بالمحاصيل والتربة والطقس، ويضيف نانجيا قائلًا: "لا بد من إيجاد طريقة موحدة لإجراء القياسات، وعلى المنطقة بأكملها أن تتعاون، لذلك فإننا نحاول قياس كمية النتح التبخري وإتاحة هذه البيانات للجميع، على سبيل المنفعة الدولية العامة، ثم نترك للمعنيين في هذه المناطق توظيف تلك المعلومات في وضع رؤى واستخدامات جديدة تعود عليهم بالنفع"، وسوف يتيح المشروع البيانات أمام الجميع عن طريق النشر المفتوح، سعيًا إلى سد الفجوة المعلوماتية الجسيمة في المنطقة.
تعمل الشبكة -بالتعاون مع مراكز البحوث الزراعية الوطنية- على وضع تصوّر مشترك لعملية النتح التبخري والاتفاق على منهجيات لقياسه، سواءٌ ميدانيًّا أو عن طريق الاستشعار عن بُعد، ويمكن فيما بعد الاستفادة من هذه البيانات الموحدة في مجالات مرتبطة بالزراعة، مثل المحاسبة المائية والإنتاجية المائية وإدارة المياه.
ويُصدِر المشروع مجموعات بيانية إقليمية ونموذجية لقياسات فعلية للنتح التبخري تغطي مجموعةً متنوعةً من المحاصيل (مثل المحاصيل الصيفية والشتوية)، والظروف (مثل مستوى ارتفاع الأراضي)، ووسائل الري (مثل الزراعة المطرية أو المروية)، كما يمكن استخدام هذه البيانات فيما بعد -على سبيل المثال- في تصميم بوابات الإنذار المبكر الرقمية وتطبيقات الهواتف الذكية.
يقول إيهاب جمعة، باحث ورئيس قسم "الري والأرصاد الجوية الزراعية" في "مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية" في مركز تل عمارة بوادي البقاع في لبنان: "تُولِي ’شبكة قياس النتح التبخري‘ اهتمامًا كبيرًا لدراسة متطلبات المحاصيل الزراعية من المياه؛ إذ لا بد من دراسة التبخر النتحي الفعلي للمحاصيل في ظل ظروف التغير المناخي الحالية"، ويضيف جمعة قائلًا: "إن حصول صانعي القرار على معلومات دقيقة عن احتياجات المحاصيل الزراعية من المياه سوف يعود بفائدة عظيمة على عمليات إدارة الموارد المائية".
كذلك، يقول عبد الله العماري، الباحث في "المركز الوطني الفلسطيني للبحوث الزراعية" بالضفة الغربية في فلسطين: إن هذه الشبكة الإقليمية ستُسهم في تيسير تبادُل المعلومات والبيانات بين جميع أعضائها، ويضيف العماري قائلًا: "إن جهود قياس النتح التبخري جديدة في فلسطين، لا سيما استخدام أجهزة الاستشعار والأجهزة الإلكترونية لتقدير كميات التبخر النتحي، ونحن نأمل أن يكون بوسعنا استخدام هذه البيانات لمعرفة متطلبات المحاصيل الزراعية من المياه في فلسطين".
وسوف تبدأ المرحلة التالية من المشروع في وقت لاحق من العام الجاري، إذ تستهدف ضم اليمن وسوريا والجزائر إلى قائمة الدول المشاركة، غير أن الجهود المبذولة لتوسيع دائرة الأعضاء سوف تواجه بعض التحديات، مثل النزاعات الدائرة في بعض الأقاليم، أو تعذُّر الوصول إلى المناطق المستهدفة، أو صعوبة شراء بعض المعدَّات وتركيبها بسبب العقوبات المفروضة، ولكن نانجيا يؤكد قائلًا: "نحاول أن نجعل قياساتنا تقدم تمثيلًا وافيًا للمنطقة، وأن نغطي أكبر قدر ممكن من البيئات الزراعية".
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.46
تواصل معنا: