مقالات

ترتيب الدول العربية بمؤشر أداء تغير المناخ 2024

نشرت بتاريخ 14 ديسمبر 2023

السعودية تذيلت القائمة.. والمغرب الأفضل أداءً بالمرتبة التاسعة عالميًّا.. ومصر تتراجع مركزين في جهود مكافحة أزمة المناخ

محمد السيد علي

تؤثر التغيرات المناخية على نمط حياة الأفراد ومستقبلهم
تؤثر التغيرات المناخية على نمط حياة الأفراد ومستقبلهم
COP28 Enlarge image
أدى حرق الوقود الأحفوري إلى ارتفاع حرارة الأرض حاليًّا بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ما تسبب في زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات.

ولوقف هذه الوتيرة وإبقاء الاحترار العالمي عند حدود 1.5 درجة مئوية (وفق اتفاق باريس)، يتعين خفض الانبعاثات بنسبة 45% بحلول 2030، وتحقيق الحياد المناخي (صافي انبعاثات صفري) بحلول 2050، وفق الأمم المتحدة.

لكن مؤشر أداء تغير المناخ لعام 2024، الصادر عن منظمة "جيرمان ووتش" غير الحكومية ومعهد "نيو كلايميت"، كشف أن تحقيق هذا الهدف مرهون بخفض الوقود الأحفوري خفضًا كبيرًا.

ويرصد المؤشر الأداء البيئي للدول المسؤولة عن 92% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بناءً على البيانات التي تسبق صدوره بعامين.

تقييمات متباينة

يشير التقرير إلى تراجُع جهود الدول العربية -خاصةً المُنتجة للنفط- في مجال مكافحة أزمة المناخ؛ إذ تذيلت السعودية الترتيب العالمي محتلةً المركز 67، في حين جاءت الإمارات بالمرتبة 65، والجزائر (54)، ومصر (22)، وكان المغرب الأفضل أداءً بالمرتبة (9) عالميًّا.

أما عالميًّا، فظلت المراكز الثلاثة الأولى فارغة؛ إذ لم تتخذ أي دولة تم تقييمها أي إجراء يتسق مع حد الـ1.5 درجة، واحتلت الدنمارك قمة المؤشر (المرتبة 4)، تليها إستونيا (5)، والفلبين (6)، والهند (7)، وهولندا (8)، والمغرب (9)، والسويد (10).

ويُقيّم المؤشر أداء كل دولة بـ4 فئات هي: انبعاثات الغازات الدفيئة (40% من التصنيف العام)، والطاقة المتجددة (20%)، واستخدام الطاقة (20%)، وسياسة المناخ (20%)، من أجل تحقيق أهداف اتفاقية باريس.

تسريع الوتيرة

من جهته، قال جان بورك، مستشار الإستراتيجيات والطاقة بمنظمة "جيرمان واتش"، وقائد مشروع مؤشرات المناخ: "تحقق بعض البلدان أداءً جيدًا بالفئات الفردية، لكن لا يوجد بلد يتمتع دائمًا بأداء مرتفع أو مرتفع جدًّا، وعلى ذلك فإن المتوسط ببساطة لا يكفي للوصول إلى 1.5 درجة مئوية، ويجب على البلدان أن تضاعف جهودها".

وفيما يتعلق بالعالم العربي، يقول "بورك" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تعتمد جميع الدول العربية على الوقود الأحفوري إلى حدٍّ ما، وهو ما لا يتوافق مع هدف الـ1.5 درجة مئوية.

لكنه أشار -في الوقت ذاته- إلى أن "الدول العربية تتمتع بإمكانيات كبيرة لتسريع وتيرة الطاقة المتجددة كما هو الحال بالنسبة للمغرب، ويتعين على البلدان الأخرى أن تحول نظام الطاقة والاقتصاد بعيدًا عن الوقود الأحفوري في جميع المجالات".

البلدان العربية

تباينت مراكز الدول العربية بالمؤشر، ففي المقدمة جاء المغرب (الأول عربيًّا والتاسع عالميًّا)، ويعود تصنيفه باعتباره دولةً ذات أداء عالٍ إلى انخفاض انبعاثات غازات الدفيئة، والاتجاه نحو زيادة كفاءة استخدام الطاقة، والتقدم في إنتاج الطاقة المتجددة.

وحصل المغرب على تصنيفات "متوسطة" في كلٍّ من الطاقة المتجددة وسياسة المناخ، وتصنيف "مرتفع" في انبعاثات الغازات الدفيئة واستخدام الطاقة.

أما مصر فتراجعت مركزين في مؤشر هذا العام، لتحتل المركز 22 ضمن الدول متوسطة الأداء، وحصلت على تقييمات متباينة عبر فئات المؤشر الأربع الرئيسية: "عالية" في انبعاثات الغازات الدفيئة واستخدام الطاقة، و"منخفضة" في سياسة المناخ، و"منخفضة جدًّا" في الطاقة المتجددة.

وتراجعت الجزائر 6 مراتب مقارنةً بالعام الماضي، وجاءت بالمرتبة 54 بين الدول ذات الأداء "المنخفض للغاية"، وحصلت على تصنيف "متوسط" في استخدام الطاقة، و"منخفض" في انبعاثات الغازات الدفيئة وسياسة المناخ، و"منخفض جدًّا" في الطاقة المتجددة.

ودخلت الإمارات مؤشر هذا العام في المرتبة 65، باعتبارها واحدةً من الدول ذات "الأداء الأدنى"، وحصلت على مستوى "منخفض جدًّا" في فئات انبعاثات الغازات الدفيئة والطاقة المتجددة واستخدام الطاقة، وتصنيف "متوسط" في سياسة المناخ.

وفي المرتبة الأخيرة، جاءت السعودية بالمرتبة 67، ما يجعلها الدولة "الأدنى تصنيفًا" بين البلدان التي شملها المؤشر بحصولها على مستوى "منخفض جدًّا" بجميع فئات المؤشر الأربع.

منتجو النفط

بجانب السعودية والإمارات، أظهر المؤشر مرةً أخرى أن أكبر منتجي النفط ومصدريه يقبعون بقاع التصنيف أيضًا، مثل روسيا (63)، وإيران (66)، وكندا (62)، ما يعزز مطالب التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري وبسرعة، وأن تركز الدول جهودها وتمويلها على توسيع نطاق أنظمة الطاقة المتجددة بطريقة عادلة ومُنصفة وسريعة.

وشهدت الإمارات ارتفاع نصيب الفرد من الانبعاثات إلى (25.9 طنًّا) وانخفاض حصة الطاقة المتجددة (أقل من 1٪)، في حين تزايد نصيب الفرد من الانبعاثات بالسعودية على نحوٍ مطَّرد، كما أن حصتها من الطاقة المتجددة بإجمالي إمدادات الطاقة الأولية تقترب من الصفر.

المسار الصحيح

يقول سمير موافي، الخبير البيئي والاستشاري السابق للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة: "السياسات التي تتبعها الدول الكبرى والبلدان المنتجة والمصدرة للنفط، عبر اعتمادها بشكل أساسي على الوقود الأحفوري في الصناعة والاقتصاد، تؤكد أننا لسنا على المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاق باريس".

يضيف "موافي" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": حديث الدول الكبرى ومنتجي النفط عن ضرورة تقليل الانبعاثات والتحول بقوة إلى الطاقة المتجددة لا يرتقي إلى حيز التنفيذ حتى الآن، لذلك فإن التحرك العالمي يجب أن يبدأ من تلك الدول المسؤولة عن الجزء الأكبر من الانبعاثات.

وفيما يتعلق بمصر، أشار "موافي" إلى أنه رغم أهمية الاتجاه للطاقة المتجددة والحد من الانبعاثات، فإن حصة مصر من الانبعاثات العالمية تمثل نحو (0.73%)، أي أقل من 1%، رغم تأثر مناخها بشدة بتداعيات تغير المناخ مثل ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط هطول الأمطار.

ويتابع: حتى لو تحولت مصر إلى الطاقة النظيفة تحولًا كليًّا، فلن تكون مؤثرةً تأثيرًا قويًّا في الحد من الانبعاثات، وهذا ينطبق على غالبية الدول النامية.

بدورها، تقول نهى سمير دنيا، أستاذ الري والهيدروليكا البيئية، وعميد كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس بمصر: "إن البلدان المنتجة للنفط وخاصةً في الخليج، تحتاج بقوة إلى نقل التجارب الدولية الناجحة، بهدف التحول إلى الطاقة المتجددة في ظل وفرة الموارد الاقتصادية ووجود بيئة ملائمة وإرادة سياسية يمكن أن تدعم هذا التوجه".

تضيف "دنيا" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": قدمت الإمارات -على سبيل المثال- مساهمة كبيرة ضمن "كوب 28" عبر إطلاق صندوق بقيمة 30 مليار دولار لمعالجة فجوة التمويل الخاصة بقضايا المناخ.

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.279