أيهما أكثر ابتكارية: الأفكار وليدة الذكاء الاصطناعي أم وليدة البشر؟
01 December 2024
نشرت بتاريخ 15 أكتوبر 2023
يتغذى الثقب الأسود على محيطه من المادة الدوارة خلال عدة أشهر فقط.. وليس على مدار مئات أو آلاف السنين
على مدى العقود الماضية، رأى الفلكيون أن الثقوب السوداء الدوارة تلتهم المادة الموجودة في قرص الغاز والغبار الذي يحيط بها ويغذيها في نمط بطيئ مستمر على مدار مئات -أو ربما آلاف- السنوات.
لكن فريقًا بحثيًّا بقيادة علماء من جامعة "نورث ويسترن" الأمريكية تحدى تلك الفرضية، وفق دراسة نشرتها دورية "ذا أستروفيزيكال جورنال" (The Astrophysical Journal).
وأوضح الباحثون أن "الثقب الأسود يتغذى على محيطه من المادة الدوارة بشكل أسرع مما كان متوقعًا في السابق، وأن ذلك يتم خلال عدة أشهر فقط، وليس على مدار المئات أو الآلاف من السنين".
يقول نيك كاز -الباحث بجامعة نورث ويسترن، والمؤلف الرئيسي للدراسة- في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": هذه نتيجة جديدة جدًّا، لقد هيمن النموذج الكلاسيكي على فهمنا لفترة كبيرة، لكننا عرفنا منذ عقود أنه لا يمكن تفسير كل شيء.
إحدى المشكلات التي لم تتمكن افتراضات العلماء السابقة من تفسيرها يتعلق بالكوازارات أو النجوم الزائفة، وهي مراكز مجرات ضخمة بعيدة جدًّا لدرجة أن العلماء لا يتمكنون إلا من رصد مركزها المتوهج المحيط بثقب أسود عملاق.
وقد لاحظ الباحثون أن لمعان بعض هذه الأجرام يتغير من أعلى درجة إلى أقل درجة في فترة قصيرة نسبيًّا تمتد لأشهر أو سنوات، ولم يجدوا تفسيرًا لذلك إلا من خلال فرضية "كاز" ورفاقه، التي تفسر هذا اللمعان بالفترة التي فيها يلتهم الثقب الأسود دفعةً من محيطه.
وضع الباحثون آليةً لمحاكاة العادات الغذائية للثقوب السوداء، وأوضحوا أن "الثقب الأسود يتسبب في تشوه الزمكان في محيطه، وبالتبعية فإن القرص الدوار حوله يتحول إلى قرصين أحدهما داخلي قريب من الثقب الأسود والآخر خارجي".
وأضافوا: يلتهم الثقب الأسود مادة القرص الداخلي، ثم يقوم القرص الخارجي بتزويد القرص الداخلي مرةً أخرى بالمادة، ويبدأ الثقب الأسود في دورة التهام جديدة.
أجرى الباحثون هذه المحاكاة باستخدام الحاسوب "ساميت" (Summit) فائق السرعة، الذي يمكنه أداء 200 مليون مليار (كوادريليون) عملية حسابية في الثانية الواحدة، ويوجد في "مختبر أوك ردج الوطني" بولاية تينيسي الأمريكية.
وفق "كاز" فإن توهج الكوازارات خلال فترة قصيرة نسبيًّا يشير إلى أن شيئًا كارثيًّا يحدث لقرص التراكم؛ إذ تتزاحم مادة الحلقة الداخلية في أثناء التهام الثقب الأسود لها، وهذا هو ما ينتج معظم الضوء، ويتم تجديد تلك المادة خلال فترة زمنية قصيرة جدًّا.
ويتابع: "نظرية قرص التراكم الكلاسيكية لا يمكنها تفسير هذا الفارق القصير بين دورات تغذية الثقوب السوداء، لكن عمليات المحاكاة التي قمنا بها يمكنها فعل ذلك".
بَنَت النظرية الكلاسيكية نفسها على فكرة أن قرص التراكم يدور بالكامل في اتجاه دوران الثقب الأسود بتوافق تام، لكن المحاكاة الحاسوبية التي أجراها الفريق البحثي تشير إلى أن الثقوب السوداء عندما تدور فإنها تسحب الفضاء من حولها مثل دوامة عملاقة وتجبره على الدوران.
يقول "كاز": تسمى هذه الظاهرة بعملية "سحب الإطار"؛ إذ تتسبب الثقوب السوداء في دوران الزمكان المحيط بها، فيدفع ذلك قرص التراكم إلى التحرك مثل مستشعر الجيروسكوب المتراقص، ما يؤدي إلى التواء القرص الداخلي بشكل يسهِّل عملية تغذية الثقب الأسود.
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.202
تواصل معنا: