بعد الإطاحة بالنظام: هذه خارطة طريق للعلم في
سوريا
11 December 2024
نشرت بتاريخ 28 سبتمبر 2022
التُقطتْ هذه الصورة في جبال دهوك بكردستان العراق. أظهر فيها وأنا انقِّب عن عينات صخرية، علَّها تعيننا على فهم شكل الحياة التي كانت هنا في أعقاب انقراض الديناصورات، أي قبل أكثر من 65 مليون سنة مضتْ. ما أفعله الآن يمثل، بالنسبة لي، أمرًا يتجاوز إجراء بحث علمي: إنه طريقتي لتحدي «داعش»، تلك الجماعة الإرهابية الإسلامية المتطرفة، التي حاول الفتكَ بي. وإني لفخور لوجودي هنا، ولكوني أفعل ما أفعله. فالسعي وراء المعرفة هو طريقتي في مقاومة تطرف «داعش».في عام 2008، وبينما كنتُ أدرس للحصول على درجة الماجستير في جامعة الموصل بالعراق، كانت المدينة أحد معاقل «داعش»، حتى قبل أن يسيطر التنظيم عليها رسميًا. نما إلى سمع أفراد ينتمون إلى «داعش» أنَّ لي أصدقاء مع الفتيات، ولم يرُقْهم ذلك، فأرسلوا لي تهديدات بالقتل، تصاعدت حتى وصلتْ إلى محاولة اغتيال، وضعوا فيها قنبلة خارج منزلي، ونتج عن ذلك إصابتي بجروح خطيرة، أبقتني في المستشفى أربعة أشهر كاملة، ومكثتُ في المنزل تسعة أشهر أخرى حتى تمَّ الشفاء.
لم يزدني هذا الاستهداف إلا تصميمًا على الاستمرار في إجراء أبحاثي العلمية. حصلتُ على درجة الدكتوراه عام 2022، وتخصصتُ في علم الجيولوجيا بجامعة دهوك.
أمضيتُ فترة دراستي لنيل شهادة الدكتوراه وأنا أنقِّب في ريف مدينة دهوك عن مقطع عرضي متصل من طبقات الصخور، التي تمتد لتشمل عدة عصور جيولوجية، بدايةً من وقت يسبق انقراض الديناصورات، ومرورًا بأحداث الانقراض نفسه، وحتى الوقت الذي عادتْ فيه الحياة إلى الظهور على كوكب الأرض، بعد ٣٠ ألف سنة على الأقل.
في عام 2020، توصلتُ إلى اكتشاف علمي مهم في مدينة دهوك: مقطع عرضي، يمتد 30 مترًا، ويضم طبقات مختلفة. حلّلتُ هذا المقطع، لكن مُعداتي المختبرية كانت محدودة، لذا أرسلتُ عينات منه إلى زملائي في إيطاليا؛ لإجراء اختبارات باستخدام النظائر الكيميائية، بغرض تأريخ طبقات الصخور.
استطعنا بالفعل إثبات أن هذا المقطع العرضي يغطي الإطار الزمني موضع الدراسة. وبذلك أصبح هذا الاكتشاف أوَّلَ اكتشافٍ من نوعه في العراق يقدِّم لمحةً عن الطريقة التي انقرضتْ بها الديناصورات هنا. وجدنا، على سبيل المثال، كائناتٍ حيّةً دقيقة، متحجرةً في الصخر، وبفضل وفرتها النسبية، تمكن العلماء من وضع استنتاجات حول أشكال الحياة التي وجدتْ هنا وقتها.
هذا الاكتشاف هو ثأري ممن حاولوا تعطيل مسيرتي.
عبد الرحمن بامرني: جيولوجي يعمل في جامعة دهوك العراقية.
أجرى المقابلة: بنجامين بلاكيت.
التَقطت الصورة لصالح دورية Nature: أليس مارتينز.
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.167
تواصل معنا: