أخبار

حبة قمح عمرها عشرة آلاف عام تبشر بتحسين زراعة الغلة في الشرق الأوسط

نشرت بتاريخ 6 أغسطس 2023

قمح "إينكورن" هو أول أنواع القمح التي قام البشر بتدجينها.. وأدى دورًا محوريًّا في تأسيس الزراعة في الهلال الخصيب

محمد السعيد

Kimbra Cutlip/ UMD

Enlarge image
تمكن فريق من الباحثين في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) من إعداد أول خريطة كاملة للجينوم لحبة قمح قديمة تُعرف باسم "إينكورن" أو القمح وحيد الحبة، وفق دراسة نشرتها دورية "نيتشر".

 

ويُعَدُّ "إينكورن" أحد أقدم الحبوب المستأنسة في العالم؛ إذ يعود تاريخه إلى أكثر من 10 آلاف عام في المناطق الخصبة في الشرق الأوسط. 

 

يقول المؤلفون إن التسلسل الجيني للحبة، البالغ طوله 5.2 مليارات حرف، يوفر نافذةً على الأصول التطورية لأنواع القمح المختلفة، ويمكنه مساعدة المزارعين ومربي المحاصيل على تطوير أصناف قمح الخبز مع تعزيز مقاومة الأمراض وزيادة الغلات وتحسين الصلابة من خلال فهم التنوع الجيني والتاريخ التطوري لهذا الصنف القديم من الحبوب.

 

يقول "سايمون كراتينجر"، أستاذ علم النبات في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وقائد فريق البحث: إن الفريق البحثي تمكن من تمييز التنوع الوراثي عبر أكثر من 200 سلالة من سلالات "إينكورن" البرية والمستأنسة التي تم جمعها من بلدان ومناطق مختلفة، ما أتاح لهم الحصول على نظرة ثاقبة وغير مسبوقة في تطور قمح إينكورن وثرائه الوراثي.

 

يضيف "كراتينجر" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": أدى تدجين القمح الحديث وتربيته إلى انخفاض كبير في التنوع الجيني مقارنةً بأقارب القمح البري وأنواع القمح المزروعة القديمة، فيما يُعرف بـ"عنق زجاجة التدجين" بالنسبة لمعظم أنواع المحاصيل. 

 

ويتابع: إن عنق زجاجة التدجين ليس بالضرورة أمرًا سلبيًّا؛ لأن البشر اختاروا أصناف القمح الأفضل أداءً والأعلى إنتاجية، ونتيجةً لذلك، قد لا تكون الجينات المفيدة التي من شأنها أن تساعد في إنتاج قمح مقاوم للمناخ أو مقاوم للأمراض موجودةً في مجموعة جينات القمح الحديثة، ولكن لا يزال من الممكن العثور عليها في الأقارب القديمة للقمح، وبمقارنته بأبناء عمومته البرية، فإن قمح الخبز الحديث يتسم بتنوع وراثي منخفض، في ظل تزايُد القلق بشأن كيفية نجاح المحاصيل الحالية في مواجهة تغيُّر المناخ والتهديدات المرضية الطارئة.

ويؤكد الباحث الأهمية العلمية الكبيرة لهذه النتائج، مضيفًا: من خلال فتح نافذة على الماضي وفهم التنوع الوراثي والتاريخ التطوري لقمح "إينكورن"، قمنا بتمهيد الطريق لإنقاذ الجينات المهمة زراعيًّا، والتي ستساعد في معالجة تحديات تربية القمح في القرن الحادي والعشرين، وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة له في الماضي، فقد تم إحلال قمح الخبز الأكثر إنتاجية محل قمح إينكورن، لكن ما هو مهم جدًّا لعملنا هو حقيقة أن قمح إينكورن يمكن تهجينه مع قمح الخبز، ويتيح هذا نقل السمات المفيدة زراعيًّا من قمح إينكورن إلى قمح الخبز.

من جهتها، أشارت "حنين أحمد" -باحثة ما بعد الدكتوراة في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، والمؤلفة الأولى للدراسة- إلى أن قمح "إينكورن" هو أول أنواع القمح التي قام البشر بتدجينها منذ حوالي 10 آلاف عام؛ إذ أدى هذا القمح دورًا محوريًّا في تأسيس الزراعة في الهلال الخصيب، وفي المقابل، فإن قمح الخبز هو نتيجة تهجين بين أنواع القمح المختلفة، لذلك فهو ليس من أقدم أنواع القمح.

 

تقول "حنين" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": أحد الاختلافات الملحوظة بين أنواع قمح إينكورن البرية والمستأنسة هو نظام تشتت الحبوب؛ إذ يحتوي القمح البري على محور هش (الجذع المركزي للسنبلة التي تحمل الحبوب الفردية)، مما يسهل انتشار البذور، في حين أن المحور الموجود في الأنواع المستأنسة غير هش.

 

وعن مدى مقاومة قمح إينكورن للصدمات المناخية أو شح المياه، أو المياه المالحة، تقول "حنين": إن الدراسة لم تختبر أو تبحث مرونة إينكورن مع هذه المشكلات، ومع ذلك، فإن إينكورن له تاريخ طويل من الزراعة في ظروف بيئية متنوعة تشير إلى أنه قد يكون ذا درجة معينة من المرونة في مواجهة الضغوطات المختلفة، وكمحصول تقليدي وقديم، يتكيف إينكورن مع الظروف المحددة للمناطق التي نما فيها منذ آلاف السنين، وقد يُسهم تنوع هذا القمح الجيني أيضًا في قدرته على التكيف مع التحديات الحيوية وغير الحيوية.

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.121