مبادرة مصرية لحماية الشعاب المرجانية في البحر الأحمر
06 October 2024
نشرت بتاريخ 12 سبتمبر 2022
الأمين العام السابق لسلطة المياه في الأردن يوضح في هذا المقال ما يجب القيام به لتطوير نموذج مستدام لإدارة المياه في المملكة، بما يدعم رؤيتها للتحديث الاقتصادي لعام 2033.
يعكف الأردن حاليًا على وضع الخطط الخاصة برؤية التحديث الاقتصادي في البلاد لعام 2033، لتكون بمثابة خارطة طريق لبناء اقتصاد متنوع ومرن، تضمن زيادةً سنوية في متوسط دخل الفرد نسبتها 3%، وتوفِّر مليون وظيفة جديدة كلَّ عام، على مدى السنوات العشر القادمة. سوف يتطلب ذلك جذب استثمارات، وتنفيذ شراكات بين القطاعين العام والخاص، وتوجيه 41 مليار دينار لتمويل 355 مبادرة في ثمانية قطاعات، ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف دون ضمان الأمن المائي للبلاد. وتحقيقًا لهذه الغاية، تستهدف الرؤية وضع نموذج مستدام لإدارة المياه.
نموذج جديد
سوف يتطلب الإصلاح الجديد وضع ضوابط لإعادة هيكلة سلطة المياه الأردنية؛ وهي المؤسسة الحكومية المسؤولة عن إمدادات المياه، وخدمات الصرف الصحي. في السابق، اعتمد نموذج الأعمال التقليدي لسلطة مياه الأردن على سلسلة قِيمةٍ متكاملةٍ رأسيًا، تتولى إنجاز جميع المراحل: بدءًا من إنتاج المياه من المصادر المختلفة، وحتى تقديم الخدمة النهائية للمواطن (سواءٌ أكانت تلك الخدمة مياهًا أم صرفًا صحيًا). وبعد تفويض تقديم الخدمة النهائية للمواطن إلى ثلاث شركات للمياه والصرف الصحي في المحافظات الشمالية والوسطى والجنوبية بالمملكة، أصبح من الضروري الآن إعادة هيكلة سلطة المياه، وتحويلها إلى مؤسسة حكومية مسؤولة عن تنمية وإدارة موارد المياه (بحيث تتمُّ إمدادات المياه بالجملة)، وتنفيذ استثمارات رأسمالية كبيرة، ومراقبة أداء شركات المياه والصرف الصحي الثلاث من خلال عقود الأداء والحوافز.
وثمة خطوة مهمة أخرى، تتمثَّل في وضع خطط لتمويل وبناء مشاريع موارد المياه غير التقليدية، التي ستعتمد بشكل أساسي على تحلية مياه البحر وآبار المياه الجوفية العميقة، وذلك من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص. من شأن تلك المشاريع أن تكفل تحمُّل «الحمل الأساسي» لتلبية الطلب المنزلي، مع إمكانية استخدام المياه السطحية والمياه الجوفية كخزانات استراتيجية لتلبية الاحتياجات المائية في أوقات الذروة. وسوف يُسهم هذا النهج أيضًا في الحدّ من السحب الجائر للمياه الجوفية، التي يمكن إعادتها إلى مستويات آمنة، واللجوء إليها كمصادر ثانوية عند الحاجة.
كما يجب أن يتم ربط جميع المشاريع بنظام نقل للمياه الوطنية، يربط جميع مصادر المياه الرئيسية من الجنوب إلى الشمال، وينظم استخدام المياه تبعًا للظروف الهيدرولوجية، والتغيرات الموسمية. وكذلك فسوف يضمن هذا الربط مرونة الإدارة التشغيلية، من خلال نقل إمدادات المياه الفائضة أو الطارئة من موقع إلى آخر، لتلبية الطلب في مختلف مناطق المملكة. إنَّ بنيةً تحتية بهذا الحجم والأهمية الاستراتيجية يجب أن تكون مملوكة من قبل الحكومة الأردنية، وأن يجري تشغيلها من قبل شركة مياه عامة حكومية، على أن يتم توفير مواردها المالية عن طريق إصدار سندات طويلة الأجل، وأدوات تمويل أخرى لتخفيف الضغط المالي على الميزانية العامة.
سيحتاج قطاع المياه أيضًا إلى التحكم في استهلاك المياه، وتخصيصها، ومراقبتها من خلال أنظمة صنع القرار المركزية، التي تدعم معالجة البيانات في الوقت الفعلي، واتخاذ القرار بشأن تخصيص موارد المياه لتلبية متطلبات الاستخدامات المنزلية والري والصناعية. وسوف يتعين على صانعي القرار النظر في عوامل عدَّة، مثل حجم الطلب، وتكاليف الضخ، والقيمة الاقتصادية للمياه، ومدى توافر الموارد. سوف يساعد ذلك على تحديد المشاريع الاستثمارية الجديدة، وترتيبها حسب الأولوية، وتحديد تأثيرها على المياه والوضع الاقتصادي. يمكن الاستناد إلى هذا النظام في التفسير (أي معرفة سبب وقوع حدث ما، في وقت محدد)، والتنبؤ بمثل هذه الأحداث، وتقديم المشورة بشأن أفضل الخيارات لحل مشكلة معينة.
وعن طريق تطبيقات الذكاء الاصطناعي، يمكن أتمتة الأنظمة، ودعم التحوُّل الرقمي في عمليات مرافق المياه؛ من شأن ذلك أن ينعكس في تحسين كفاءة الأداء المالي. على سبيل المثال، سوف يساعد في الكشف عن تسرب المياه، من خلال التمثيلات المكانية، وتقليل الوقت والتكلفة اللازمَيْن لنشر فِرَق الكشف عن التسرُّب والفصل المادي لشبكة التوزيع. وكذلك فسوف تعمل حلول العدادات الذكية المتقدمة على تحسين دقة الفواتير، وتوفير البيانات التي تتيح للمستخدم النهائي أن يكون على إلمامٍ وافٍ بتفاصيل استخدامه للمياه، ومساعدة شركات مرافق المياه على تحسين الرسائل المتعلقة بالحفاظ على المياه. كما أن إتاحة هذه البيانات تتيح أيضًا الإدارة الاستباقية للأصول، من خلال تحديد الجداول الزمنية المثلى للمراقبة والاستبدال.
وبموازاة ذلك، يجب تعزيز الابتكار، من خلال إنشاء نظام بيئي تعاوني فريد من نوعه، يشجع على تطوير تقنيات المياه المبتكرة والذكية، واختبارها. يمكن دعم هذا النظام البيئي من خلال صناديق بدء التشغيل المتاحة، أو تمويله من خلال المانحين الدوليين، أو برامج البحث والشراكة. من شأن ذلك أن يساعد في تحسين الأمن المائي، وزيادة الدخل القومي عن طريق تصدير المنتجات والخدمات التي جرى تطويرها واختبارها في واحدة من أصعب البيئات التي تعاني من ندرة المياه.
من الأهمية بمكان، أيضًا، بناء أنظمة نقل مياه الصرف الصحي ذات المعالجة الثلاثية الحديثة، لتأمين مياه الصرف الصحي المعالَجة بجودة عالية؛ إذ يمكن استخدام هذه المياه كمصادر موثوقة للري الزراعي في وادي الأردن والمناطق المرتفعة، لتقليل الاعتماد على المياه العذبة في الزراعة. كما أن إعادة استخدام المياه العادمة من قبل المجتمعات التي تعيش بالقرب من محطات معالجة المياه العادمة سيحمي البيئة، ويرفع مستوى الدخل.
أخيرًا، يجب على الأردن أن يبحث في سبل تعزيز إمداداته المائية من خلال التعاون الإقليمي في مجال المياه والدبلوماسية مع جميع البلدان المجاورة؛ لأن أزمة المياه الوشيكة تهدد المنطقة بأكملها. وقد عكست سياسة المياه في الأردن، منذ فترة طويلة، غياب التنسيق بين هذا البلد وجيرانه في إدارة ملف المياه. فإذا نظرنا إلى الجيران التي تتشارك الأنهار مع الأردن (إسرائيل وسوريا على نهر الأردن، وسوريا على نهر اليرموك)، لوجدنا أن نفوذ الأردن السياسي في التمسك بحقوقه على هذه المياه السطحية محدود. ويمكن للجهود المبذولة للنهوض بالتعاون الإقليمي والعابر للحدود، إذا وُجِّهت في الاتجاه الصحيح، أن تُفضي إلى تعاون أوسع، ومقايضات مفيدة في العلاقة بين الماء والغذاء والطاقة والنقل. من الضروري، كذلك، الحفاظ على أنماط التعاون العابر للحدود، بل وتحسينها. إن الانخراط في مشاريع إقليمية مشتركة يمكن للأطراف من خلالها الاستفادة من مواردهم الطبيعية، والشعور بالمساواة، هو أساس أي تعاون إقليمي.
ملاحظات ختامية
الحكومة الأردنية بحاجةٍ إلى إضفاء الطابع المؤسسي على نهج الإدارة النموذجية الجديدة هذه، وتنفيذ خطة عمل منطقية، مع اتخاذ إجراءات واضحة وقابلة للقياس، تمتد على المدى القصير والمتوسط والطويل. وسوف يتطلب ذلك إشراك جميع أصحاب المصلحة في العملية، ورفع رأس المال والميزانيات التشغيلية اللازمة من مصادر مختلفة، ووضع أُطُر رصد وتقييم واضحة، وتحديد مؤشرات الأداء الرئيسية لضمان تنفيذها ومتابعتها حتى الإنجاز.
doi:10.1038/nmiddleeast.2022.52
من 20 عامًا من الخبرة في وضع إستراتيجيات المياه وسياساتها، وفي الإدارة المتكاملة لموارد المياه، وفي الاستدامة المالية واسترداد التكاليف، وفي التأقلم مع آثار التغيّر المناخي والحد منها، وفي كفاءة استهلاك الطاقة والطاقة المتجددة، كما تولَّى إياد إدارة أكثر من 50 مشروعًا لتحسين الخدمات الأساسية وتعزيز الكفاءة التشغيلية للمرافق في قطاع المياه، وبلغت القيمة الإجمالية لهذه المشروعات مليار دولار أمريكي، كما تولى منصب مدير البرامج والمستشار الفني الأول لدعم حكومة الأردن في تنفيذ الإطار الجديد للشراكة بين القطاعين العام والخاص في إدارة الاستثمارات العامة.
حاليًّا، يشغل إياد منصب مدير العمليات في مجموعة "أرابتك جردانة" ، وهي مؤسسة استشارات هندسية أردنية رائدة، كما شارك إياد مؤخرًا في المجموعة المعنية بقطاع المياه ضمن الورشة الاقتصادية الوطنية للفترة 2022-2033، والتي كان عنوانها "الانطلاق نحو المستقبل: تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد"، يحمل إياد درجة الماجستير في إدارة الأعمال، ودرجة الماجستير في إدارة المياه والبيئة من المملكة المتحدة، بالإضافة إلى درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة الأردن.
تواصل معنا: