بعد الإطاحة بالنظام: هذه خارطة طريق للعلم في
سوريا
11 December 2024
نشرت بتاريخ 11 يناير 2017
التقدّم التكنولوجي في المنطقة يخلق فرصًا جديدة في مجال علم الآثار، ولكن ثمة حاجة للتعاون والتمويل والرؤية الشاملة.
في العقد الماضي، انتشرت في المنطقة المختبرات الجديدة ومشاريع البحوث التي تطبق معارف الكيمياء والفيزياء والبيئة، إضافة إلى تقنيات الحاسب الآلي والأقمار الصناعية على المواد الأثرية.
الأسئلة التي لم تكن لها إجابات سابقًا أصبحت في طريقها للحل، كما تقول أنيتا كوايلز، مديرة مختبر القياسات الأثرية من المعهد الفرنسي للآثار الشرقية (IFAO) في القاهرة، "فاتحةً جبهة جديدة من البحوث لفهم الماضي".
لقد طال انتظار التطورات الأخيرة في العلوم الأثرية الإقليمية، وهي الطريقة الوحيدة التي ستمكّن الشرق الأوسط من المنافسة في التطورات التي تُحدث ثورة في مجال علم الآثار في الغرب.
ولكن، على الرغم من ثرائها التاريخي، لا يزال مجال علم الآثار في المنطقة متعثرًا بسبب التحديات. فمثلًا، أدى التاريخ الطويل من الاستغلال من قِبل تجار الآثار الأجانب والمستكشفين، وعلماء الآثار العاملين في الشرق الأوسط إلى تشديد اللوائح في كثير من البلدان التي يحظر معظمها الآن تصدير أي مواد أثرية.
دون توفر أي مرافق وخبرات محلية جيدة، ستتباطأ بحوث الآثار. واستنادًا إلى قول مرتو يورغاكوبولو، المحاضرة في علم المواد الأثرية في كلية لندن الجامعية في قطر، فإن "واحدًا من أهم التحديات في تطوير بحوث علوم الآثار في المنطقة، يتركز حول إمكانية الحصول على المواد لدراستها، نتيجة لسياسات معقدة أو غير واضحة في بعض الأحيان لإدارة التراث قد تمنع أخذ العينات أو تصديرها".
هناك حاجة لإجراء بحوث إقليمية من أجل تحليل مُجْدٍ والحفاظ على المواد المحلية. "كل مادة وتقنية أثرية تحتاج إلى طريقة خاصة بها للمحافظة عليها"، وفق توضيح عبد الرحمن مدحت، الوصي في المتحف المصري الكبير. وهذا هو السبب وراء عدم إمكانية تطبيق تقنيات الحفظ عالميًّا، كما يضيف.
ويصرّ العالم على أن ثمة حاجة لممارسات الحفاظ النوعية بالمواد والتقنيات التي كانت مستخدَمة من قبل المجتمعات القديمة في الشرق الأوسط.
في الماضي، أجري معظم التحليل العلمي للمواد الأثرية من الشرق الأوسط في مختبرات أوروبا وأمريكا الشمالية. ولكن في الآونة الأخيرة، مع تطوير البرامج الأكاديمية والمختبرات الخاصة بالعلوم الأثرية الإقليمية، بدأت هذه الديناميكية بالتغيّر.
تتميز مصر بواحد من أطول تواريخ العلوم الأثرية في المنطقة، مع إجراء التحليلات في مختبرات الجامعات والمتاحف والمراكز البحثية التابعة للدولة، ومعاهد الآثار الأجنبية. حاليًّا، يُعَد IFAO أكبر معهد عالمي للبحوث، فهو يضم مرافق لتوصيف المواد (التحليل الكيميائي والمعدني)، وحفظها، وتحديد عمرها بالكربون المشع. وتدير وزارة الآثار عددًا من المختبرات، ومن ضمنها مركز للصيانة والترميم، إضافة إلى العديد من المختبرات الموجودة في المتاحف في القاهرة، مثل تلك الموجودة في المتحف المصري في القاهرة والمتحف المصري الكبير.
وقد عمدت جامعات الخليج العربي الجديدة أيضًا إلى وضع علم الآثار في المقدمة. ففي عام 2013، افتُتحت مختبرات علوم المواد الأثرية في كلية لندن الجامعية في قطر. إنها مختبر للتدريس والبحوث، توفّر التوصيف الكيميائي للمواد الأثرية غير العضوية.
تقول يورغاكوبولو إن هناك مشاريع مستمرة لتحليل المعادن القديمة من شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، والسودان، إضافة إلى الزجاج والسيراميك من الخليج وكردستان العراق.
يعتقد الباحثون أن نتائج بحث حديث تُظهر زخمًا كبيرًا في العلوم الأثرية في المنطقة. وتعمد المنطقة حاليًّا إلى النشر في دوريات علم الآثار الأكثر تأثيرًا، مثل: Archaeometry و Journal of Archaeological Science، فضلًا عن العديد من الدوريات الكبيرة التأثير في الطب والأنثروبولوجيا الفيزيائية، وعلوم الأرض، إضافة إلى العلوم الكيميائية والفيزيائية.
ولكن نظرًا لمحدودية عدد المرافق والمعدات، والتي تتضاعف بسبب نقص التمويل، وضعف التعاون بين علماء الآثار والعلماء والمختبرات المتوفرة، ثمة عدد كبير من أنواع التحليلات التي لا تُجرى في المنطقة.
المشكلة ذات شقين: هناك نقص المختبرات المتخصصة بعلوم الآثار، ومحدودية في الوصول إلى مختبرات العلوم الفيزيائية الموجودة. فمثلا، يُستخدم مطياف الكتلة لتحليل النظائر الموجودة في بقايا الإنسان والحيوان، والنبات؛ مما أحدث ثورة في فهم علماء الآثار لكل من الأوساط البيئية والصحة والنظام الغذائي للمجتمعات الأثرية. تتوفر هذه التقنية في العديد من المختبرات الإقليمية المتخصصة في العلوم الفيزيائية، ولكن علماء الآثار لا يستطيعون الوصول إلى مرافق كهذه، مما يؤخر الأبحاث بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تواصل ضئيل بين الأثريين والعلماء، وهو أمر أساسي لتفسير البيانات. تشرح يورغاكوبولو قائلة: "المختبرات والخبرات المتخصصة ضرورية لردم الهوة بين المجالات المتميزة تقليديًّا لعلم الآثار والعلوم الطبيعية".
والأكثر من ذلك، أن المنح الكبرى كثيرًا ما تخصص للعلوم الأكثر تقليدية. وهذا ما يجعل التكلفة الباهظة للتحليلات المختبرية مثبطة لعلماء الآثار، مما يحدّ من إمكانية البحث.
تتراكم هذه المشكلات في غياب التكاتف ضمن المجمع الإقليمي لعلم الآثار، مما ينذر بعواقب بعيدة المدى. يرغب علماء الآثار بمعالجة الأمور الكبيرة للمنطقة، وهذه تتطلب قواعد بيانات شاملة صادرة عن مختبرات مختلفة وتقنيات مختلفة. قواعد البيانات هذه يجب أن تكون من نوعية جيدة وتمكن مقارنتها بين بعضها، وفق قول يورغاكوبولو. وفي غياب الشراكات بين العدد المحدود من المختبرات الإقليمية، ثمة مقارنة قليلة للبيانات، مما يجعل من المستحيل معالجة تأثير الظواهر على المنطقة ككل.
doi:10.1038/nmiddleeast.2017.7
تواصل معنا: