أخبار

المولدات تزيد المخاطر على الصحة العامة في لبنان

نشرت بتاريخ 4 أبريل 2013

استخدام مولدات الكهرباء التي تعمل بالديزل على نطاق واسع يقلل من جودة الهواء.

أندرو بوسون


آخر ما يمكن أن نحتاج إليه هو وضع مولدات الديزل خارج غرف نومنا ومكاتبنا.
آخر ما يمكن أن نحتاج إليه هو وضع مولدات الديزل خارج غرف نومنا ومكاتبنا.
© أندرو بوسون

اعتاد لبنان على مشكلة مزمنة في الطاقة، حيث تنقطع الكهرباء بصفة منتظمة في جميع أنحاء البلاد، حتى إن ضجيج مولدات الديزل صار ملازمًا للسكان الذين يعتمدون عليها للحصول على الكهرباء خلال هذه الانقطاعات اليومية.

وقد وجدت دراسة - أجراها باحثون بالجامعة الأمريكية في بيروت- أن تركيز الملوثات القوية في الغلاف الجوي يرتفع في المناطق الحضرية بلبنان أثناء أوقات الذروة لاستخدام مولدات الديزل.

هذه الملوثات عبارة عن مواد مسببة للسرطان والتشوهات، وهي نوع من الغازات يسمى الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات (PAH) التي تنتج عن حرق الوقود الأحفوري. ويقارب معدل تلوث الهواء في بيروت ضعف الحد الآمن للتلوث الذي وضعته وكالة حماية البيئة الأمريكية وهو 12 ميكروجرامًا لكل متر مكعب.

ورصدت الدراسة 184 مبنى و109 مولدات بمنطقة "الحمرا" في بيروت دقيقة بدقيقة لمدة نحو أسبوعين في كل موقع على مدار السنة، واستخدم الفريق أجهزة لرصد الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات لتسجيل نوعية الهواء، وقام بتحليل البيانات عن طريق بناء نموذج ثلاثي الأبعاد لمحاكاة تدفق الهواء وتوزيع الملوثات. وخلص الفريق إلى أن حوالي 40٪ من الهيدروكربونات العطرية في الغلاف الجوي بمنطقة الحمرا تصدر من المولدات.

وقال آلان شحادة، قائد فريق إعداد الدراسة: "أتوقع أنه في مناطق أخرى ذات تجمعات سكانية كثيفة في الحضر سنشهد مستويات أعلى من الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات في الهواء ناجمة عن مولدات الديزل"، وحذر من أن الاعتماد المستمر للبلاد على مولدات الديزل من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والجهاز التنفسي.

بديل مكلف

آخر ما يمكن أن نحتاج إليه هو وضع مولدات الديزل خارج غرف نومنا ومكاتبنا.

لم يواكب نظام توليد ونقل وتوزيع الكهرباء المتداعي في لبنان الزيادة الهائلة في معدل الاستهلاك على مدار العقدين الماضيين، كما أن انعدام أمن الطاقة في البلاد هو أيضًا من مخلفات الحرب الأهلية التي استمرت 15 عامًا وأهلكت بنيتها التحتية. وتفاقمت المشكلة بعد الهجمات التي شنتها إسرائيل عام 2006 واستهدفت محطات توليد الطاقة.

شركة كهرباء لبنان الحكومية لا تستطيع إنتاج سوى حوالي نصف القدر المطلوب من الطاقة، وفي بيروت تنقطع الكهرباء بشكل يومي لمدة ثلاث ساعات في الفترة بين الساعة السادسة صباحًا والساعة السادسة مسًاء (بالتوقيت المحلي)، أما في خارج العاصمة فقد يستمر انقطاع الكهرباء على مدار الساعات الاثنتى عشرة كلها، ومن ثم فليس هناك أي خيار أمام السكان حاليًا إلا سد هذه الفجوة بالمولدات.

يقول حبيب بطاح، وهو صحفي وصاحب مدونة beirutreport.com، إن هناك حلًا أفضل يتمثل في إنتاج الكهرباء عبر شبكة عامة بدلًا من بحث الأفراد عن حلول خاصة، وأضاف بطاح أن ارتفاع أسعار الكهرباء المولدة بوسائل خاصة يسبب فروقات اجتماعية حيث لا يستطيع الفقراء تحمل تكلفتها.

وكانت دراسة نشرت في عام 2011 –شارك في إعدادها نجاة صليبا أستاذة الكيمياء بالجامعة الأمريكية في بيروت- أظهرت أن 93٪ من سكان بيروت يتعرضون لملوثات خطيرة في الهواء مثل ثاني أكسيد النيتروجين، وبمعدل أعلى بنسبة 50% من الحدود التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية واعتبرتها آمنة.

وفي دراسة عام 2011 –التي خلصت أيضًا إلى أن معدل الجسيمات المنتشرة في الجو يعادل ضعف المعدل الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية– تم قياس تأثير الانبعاثات الصادرة من المركبات، أما الدراسة الجديدة فهي الأولى التي تبحث في مدى إسهام مولدات الديزل في التلوث.

يقول شحادة: "تعاني بيروت بالفعل من مستويات عالية من تلوث الهواء"، وأضاف: "آخر ما يمكن أن نحتاج إليه هو وضع مولدات الديزل خارج غرف نومنا ومكاتبنا".

doi:10.1038/nmiddleeast.2013.51