كيف آل الحال بشركة سلحت علماءها بأدوات الذكاء الاصطناعي؟
09 December 2024
نشرت بتاريخ 21 مارس 2013
إن حالة عدم الاستقرار هي ما تتصف به حياة اللاجئين في جميع أنحاء العالم، ولكن ظروف بعضهم أسوأ من ظروف البعض الآخر، حيث أظهرت دراسات استقصائية حديثة للاجئين الفلسطينيين في لبنان أنهم لا يعيشون في محيط فقير فحسب، بل إن لبيئتهم تأثيرا سلبيا على حالتهم الصحية الجسدية والعقلية.
قام فريقان من الباحثين بقيادة أساتذة الصحة العامة من الجامعة الأمريكية في بيروت مؤخرا بإجراء دراسات استقصائية في مخيمات اللاجئين في لبنان لتقييم تأثير الظروف المعيشية على الحالة الصحية الجسدية والعقلية للفلسطينيين الذين يعيشون هناك والبالغ عددهم 450,000.
وجد الباحثون صلة قوية بين الأمراض المزمنة وظروف الإسكان المتدنّية، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الفقر وانعدام الأمن الغذائي وسوء الحالة الصحية بشكل عام. "كان هناك ارتباط إيجابي بين الأمراض المزمنة وتسرّب المياه [في بيوت اللاجئين]، في حين كان تأخّر الصحة العقلية بشكل خاص مرتبطاً بالإسكان المكتظ، وتسرب المياه، و[الفقر]"، كما تقول ريما حبيب، الخبيرة بالصحة البيئية والمشاركة في تأليف إحدى الدراسات العديدة التي نشرت في مجلة «لانسيت».
وقد ركزّت أول دراسة على الظروف البيئية لـ356 لاجئاً فلسطينياً، وكان أكثر من 40٪ من المنازل التي شملها الاستطلاع يعاني من تسرب المياه من السقف أو الجدران، وقد ذكر ما يقرب من ثلث الأفراد المشمولين بالاستطلاع أنهم يشكون من مرض مزمن وأن 24٪ منهم عرضة للإصابة بمرض حاد خلال الأشهر الستة السابقة، وكانت معاناة النساء أسوأ. ويسلّط التقرير الضوء على العلاقة القوية بين تسرب المياه والأمراض المزمنة، ويؤكد على الارتباط بين الفقر والحالة الصحية في هذه المجتمعات.
أما الدراسة الثانية فعملت على تقييم الأمن الغذائي بين 11,900 لاجئ فلسطيني، حيث أشار ما يقرب من ثلثي الأسر إلى انعدام الأمن الغذائي، وأنهم يفتقرون إلى الغذاء الكافي والآمن والمغذي في كل الأوقات. ومن بين 59٪ من الأسر الواقعة تحت خط الفقر، يعاني 15٪ بشدّة من انعدام الأمن الغذائي، وكانت تلك الأسر أيضاً أكثر عرضة لكون أحد أفرادها على الأقل مصاباً بمرض مزمن، أو بالعجز أو بمرض عقلي، مقارنة ببقية المجتمع.
الحياة تحت الاحتلال تجعل الحفاظ على النظم والبنى الأساسية الصحية الجيدة أمرًا صعبًا.
تمتلئ مخيمات اللاجئين في لبنان بالأزقة الضيّقة الشديدة الازدحام، وبالكثير من حزم الأسلاك الكهربائية الفوضوية المتناثرة بين جميع أنحاء المباني. الفرص الاقتصادية المتاحة للاجئين قليلة وهم يتلقون أجوراً أقلّ من تلك التي يحصل عليها اللبنانيون لقاء قيامهم بنفس العمل، وتمنع القوانين الوطنية في لبنان اللاجئين من ممارسة أي مهنة خارج نطاق 30 مهنة محددة كما لا تسمح لهم بتملك الأراضي.
"يعاني اللاجئون من مخاوف تتعدّى إصلاح أنظمة الكهرباء أو رفع أسلاك الكهرباء من المياه" كما يقول صلاح حمزة، وهو فلسطيني كان يعيش ويتطوع في أحد مخيمات اللاجئين في بيروت. وأضاف: "إنهم بحاجة للخروج والعمل لتأمين القوت لأسرهم. إنهم لا يخططون للغدّ أويدّخرون الأموال، بل يعيشون يوماً بيوم".
وقد سجّلت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) أكثر من خمسة ملايين لاجئ يعيشون في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة.
"لا يستطيع اللاجئون الفلسطينيون الحصول على الخدمات التي تقدمها وزارة الصحة العامة للمواطنين اللبنانيين". هذا ما تقوله هدى سمرة، مسؤولة الإعلام في الأونروا في لبنان، مضيفة: "الأونروا [فقط] هي الجهة المسؤولة عن تقديم الخدمات الصحية للاجئين الفلسطينيين في لبنان".
يواجه 1,1 مليون لاجئ فلسطيني يعيشون في قطاع غزة الضيّق مشاكل مماثلة.
استناداً إلى تقرير التقييم الصحي الأولي لقطاع غزة، الذي صدر عن منظمة الصحة العالمية (WHO) في ديسمبر 2012، فإن ما يقرب من 10٪ من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من التقزّم. وقد ازداد معدّل سوء التغذية الحاد في هذه الفئة العمرية إلى أكثر من الضعف منذ عام 2000، وبالإضافة إلى ذلك فقد وجد أن ربعهم يعاني من فقر الدم.
يقول أنتوني لورانس ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة: "هناك نقص حاد جدا في الأدوية والمواد الاستهلاكية وخاصة خلال الأشهر الستة الماضية [والناجمة] عن المشاكل المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية، التي تمدّ غزة والضفة الغربية بالأدوية".
وقد عانى قطاع غزة من الحصار الاقتصادي منذ عام 2007.. وفي حين وعدت إسرائيل بتخفيف القيود في عام 2010 استمرت المستشفيات بالإبلاغ عن نقص في الأدوية وعن عدم تمكنها من الحصول على المعدّات التي تحتاج إليها.. واستنادا إلى تقرير منظمة الصحة العالمية فإن مستشفيات غزة تعاني من نقص في أكثر من 40٪ من الأدوية الأساسية وأكثر من 50٪ من الإمدادات الطبية العامة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن أي شخص يرغب بالسفر مغادرا غزة يحتاج إلى تقديم طلب للحصول على تصريح بالسفر من إسرائيل. وقد رفضت السلطات الإسرائيلية حوالي 10٪ من طلبات السفر من غزة إلى إسرائيل أو الضفة الغربية لدواع طبية، كما تواجه الطلبات الأخرى تأخيرا مما يضطر مقدميها إلى التغيّب عن المواعيد المبرمة، وفقا لكل من منظمة الصحة العالمية وجمعية مسلك Gisha ، وهي جمعية إسرائيلية تدعم حق حريّة الحركة في غزة.
تقول سري باشي، المديرة التنفيذية لجمعية مسلك: "الحياة تحت الاحتلال تجعل الحفاظ على النظم والبنى الأساسية الصحية الجيدة أمرًا صعبًا".
وتضيف باشي: "هناك موارد متاحة، ولكن أكثر ما يثير القلق هو القيود المفروضة على التنقل والحصول على الخدمات. بعض القيود الإسرائيلية تجعل الحصول على المعدات صعبا، فعلى سبيل المثال، من الصعب تشغيل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) وغيرها من المعدات بطريقة مناسبة لأن هناك قيودا على [قطع الغيار] ومن الصعب إخراج الآليات من غزّة من أجل صيانتها".
يذكر أن هناك جهازا واحدا فقط للتصوير بالرنين المغناطيسي يعمل في غزة، ومن بين 5 أجهزة للتصوير المقطعي موجودة هناك ثلاثة منها معطلة إلى أن تصل قطع الغيار، وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية.
في تقرير غزّة 2020 الذي صدر في أغسطس 2012 عن الأمم المتحدة، هناك شرح تفصيلي لأسباب اعتبار سكان قطاع غزة أسوأ حالا مما كانوا عليه في تسعينيات القرن العشرين، وكيف سيستمرون في المعاناة بسبب النقص المستمر في مجالات الإسكان والمياه والكهرباء والصرف الصحي والصحة والتعليم والفرص الاقتصادية، وخاصة إذا استمرّ الوضع السياسي الراهن.
ويُنظر إلى التنمية الاقتصادية في كل من غزة ولبنان بوصفها عاملا هاما في تحسين حياتهم.
تقول ريما حبيب: "يجب أن ينتهي التهميش الاقتصادي، وأن تتحسن فرص حصولهم على الخدمات الصحية المناسبة، وأن يتم تدارك الأوضاع السيئة التي يعيشون في ظلها.. إن إعطاء الفلسطينيين الحقوق العالمية غير المشروطة -التي هي من ضمن حقوقهم الأساسية كبشر- سيكون لها بالتأكيد تأثير إيجابي على صحتهم".
doi:10.1038/nmiddleeast.2013.39
تواصل معنا: