ما سر تقاطر الباحثين على نموذج الذكاء الاصطناعي ذائع الصيت «ديبسيك»؟
12 February 2025
نشرت بتاريخ 27 أكتوبر 2013
سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان المؤثرة على الإناث شيوعا، حيث يتم تشخيصه لدى أكثر من مليون امرأة كل عام، في جميع أنحاء العالم. وهو يصيب النساء المتقدمات بالسن بشكل رئيسي، فاستنادا إلى بيانات الولايات المتحدة، يتم تشخيص 5- 6٪ فقط من المريضات قبل سن الأربعين. وقد أدت التطورات الحديثة في مجال بيولوجيا سرطان الثدي إلى وضع توصيف أفضل لسرطان الثدي على المستوى الجزيئي، وبات من الواضح الآن أن سرطان الثدي ليس مرضا واحدا، حيث توجد أربعة أنواع فرعية منه على الأقل.
المريضات الأصغر سنا هن اللاتي يشيع تشخيص إصابتهن في مراحل متقدمة من المرض، وهو ما كان يعزى في البداية لعدم وجود برامج الكشف. ومع ذلك، وبغضّ النظر عن مرحلة المرض، تميل الأورام لدى المريضات الأصغر سنا لأن تكون أكثر عدوانية من الناحية البيولوجية . كما تميل المريضات الأصغر سنا أيضا لأن يكنّ أكثر عرضة لإمكانية انتكاس السرطان، بغضّ النظر عن المرحلة والسمات البيولوجية ، حتى عند علاجه بأكثر طرق العلاج الكيميائي هجومية7.
وقد وُجد أن الأورام التي تظهر لدى المريضات الأصغر سنا تنتعش بأهداف أساسية لسرطان الثدي، مما قد يفسر جزئيا الدورة السريرية المختلفة، والأهم من ذلك، أنه قد يفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية مصممة خصوصا للمريضات الأصغر سنا4.
إن السبب الذي يجعل السنّ عاملا مؤثرا بشكل كبير على بيولوجيا سرطان الثدي غير واضح. فقد كان يُعتقد سابقا أن التغيرات الصمّاويّة التي تحدث بشكل ثانوي للحيض لدى النساء قبل انقطاع الطمث هي المسؤولة عن هذه الاختلافات. ولكن مع ذلك، أظهرت الدراسات باستمرار أن إنذار المريضات الأصغر سنا سيء، حتى بين النساء قبل انقطاع الطمث .
ومن بين الحالات الفريدة من نوعها التي تحدث بين النساء الشابات نذكر الحمل. وقد أظهر كثير من الدراسات وجود خطر متزايد للإصابة بسرطان الثدي خلال السنوات القليلة التالية للحمل، وأن هذه الأورام تميل إلى أن تكون أكثر عدوانية كذلك . وهكذا، يستطيع المرء أن يفترض أن النساء الأصغر سنا أكثر عرضة لبدء الورم ولنموه بشكل عدواني بعد الحمل. ولكن تبقى هذه النظرية مجرد تخمين، وتحتاج إلى مزيد من التحقق لإثباتها.
لا تشير التحليلات الوبائية الكبيرة إلى أن حالات الإصابة بسرطان الثدي بين النساء الشابات تختلف بشكل كبير حسب البلد أو المنطقة. واستنادا إلى مشروع منظمة الصحة العالمية (WHO) لتقدير معدّل الإصابة بالسرطان والوفيات بسببه (GLOBOCAN)، فإن معدل السن الموحد لكل 100,000 حالة سنويا للإصابة بسرطان الثدي بين النساء الأصغر من 40 سنة متماثل غالبا في دول الشرق الأوسط مثل لبنان (9.9 ٪) ومصر (7٪)، والدول الأوروبية مثل إيطاليا (13.2٪) وفرنسا (12.8٪)، والولايات المتحدة (9.8٪).
ولكن على النقيض من هذا، تشير الدراسات المستندة إلى بيانات المستشفيات إلى أن ما يقارب 50٪ من مريضات سرطان الثدي في الشرق الأوسط تُشخّص إصابتهن قبل سن الخمسين بعمر متوسطه 49-52 سنة، مقارنة بعمر متوسطه نحو 63 عاما في الدول الغربية.
وقد وجدت دراسة تستند إلى بيانات مستشفى إحالة كبير في المملكة العربية السعودية أن متوسط عمر 867 مريضة بسرطان الثدي كان 45 سنة، وأن نحو 33٪ من الحالات تم تشخيصها قبل حلول عيد ميلادهن الأربعين. وذكرت دراسة أخرى من لبنان، شملت 1,320مريضة بسرطان الثدي في مستشفى جامعي كبير على مدى عشر سنوات (1990-2001)، أن 8٪ من المريضات اللاتي شخصت إصابتهن كنّ أصغر من 35 عاما من العمر، وأن نسبة تصل إلى 47٪ كنّ دون سن الخمسين. وقد أظهرت كلتا الدراستين نتائج سيئة للمريضات الأصغر سنا كذلك ، كما كان ملاحظا في دراسات غربية.
لوضع هذه البيانات في سياقها، من المهم أن نعترف بأن الغالبية العظمى من دول الشرق الأوسط تفتقر إلى برامج التسجيل الوطنية. كما أن النساء العربيات المتقدمات بالسن أقل ميلا لإجراء تصوير الثدي بالأشعة السينية مقارنة بنظيراتهن الأصغر سنا، وفي هذه النقطة بصفة خاصة تختلف عن الدول الغربية.
هناك نقطة أخرى مهمة يجب وضعها في الاعتبار، وهي التركيبة السكانية في الشرق الأوسط: فغالبية السكان هم من الأطفال واليافعين، بينما في أوروبا والولايات المتحدة نجد توزيعا أكثر توازنا بين الفئات العمرية. هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى ملاحظة وجود نسبة أعلى نوعا ما من المريضات اللاتي شخصت إصابتهن في سن أصغر في الشرق الأوسط.
من المقبول أيضا أن تؤثر الاختلافات العِرْقيّة على البيولوجيا الكامنة وراء المرض. ولكن حتى الآن، لا يتوفر سوى القليل من بيانات الصفات الجزيئية لسرطان الثدي في الشرق الأوسط. وقد ذكرت إحدى الدراسات وجود اختلافات في التعبير الجيني بين النساء الفرنسيات والعربيات في شمال أفريقيا، ووجدت بعض الاختلافات المثيرة للاهتمام في جينومات الانتساخ.
على أي حال، يتطلب هذا الأمر مزيدا من التحقق من صحته على أعداد أكبر من المرضى. إن توفر المزيد من التوصيف -ليس على مستوى mRNA فقط، بل على مستوى DNA أيضا بحثا عن محرك الطفرات- قد يزيد من صقل فهمنا لبيولوجيا سرطان الثدي الآخذة بالازدياد في الشرق الأوسط.
حاتم عبد العظيم الابن طبيب مختص بالأورام في معهد جول بورديه في بروكسل، بلجيكا؛ حيث يشغل منصب المدير العلمي المساعد. كان فيما مضى مدرسا مساعدا في مركز القاهرة الوطني للأورام وزميلا في المعهد الأوروبي للأورام في ميلانو. تركّز أبحاثه الرئيسية على سرطان الثدي لدى النساء الشابات وتأثير الحمل على بيولوجيا سرطان الثدي ونتيجته.
doi:10.1038/nmiddleeast.2013.191
تواصل معنا: