أخبار

المرجان والبكتيريا الموجودة داخله

نشرت بتاريخ 29 يوليو 2013

دراسة جديدة تكشف عن وجود بكتيريا مفيدة داخل أنسجة المرجان قد تكون مؤشرا على صحة الشعاب.

لويز سارانت


مستعمرة من  Stylophora pistillata
مستعمرة من Stylophora pistillata
© Christian R. Voolstra

توصلت دراسة لتحديد وظيفة البكتيريا الموجودة داخل أنسجة المرجان إلى أنها قد تعمل بمنزلة "وسيط"، محوِّلة منتجات التخليق الضوئي من الطحالب المحيطة إلى حالة تتمكن معها الشعاب المرجانية من استخلاص الطاقة.

أثناء بحث العلماء عن حلول للتراجع السريع في عدد الشعاب المرجانية في العالم -التي تقلصت مساحتها بنسبة 30٪ في العقود الثلاثة الماضية– كانوا حريصين على كشف علاقة التعايش بين المرجان والبكتيريا.

منذ مدة طويلة كان معروفا أن الطبقة المخاطية الخارجية التي تحيط بالشعاب المرجانية وتحميها ملأى بالبكتيريا. لكن فريقا من الباحثين من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (KAUST)، ومعهد وودز هول لعلوم المحيطات وجدوا أن العلاقة بين الطرفين أوثق بكثير.

معظم الكتلة الحيوية البكتيرية الموجودة في المرجانيات من نوع Stylophora pistillata –وهي نوع من المرجانيات البانية للشعاب الموجودة في المحيط الهندي وغرب المحيط الهادي- تتوضع داخل الخلايا المرجانية. وقد يكون هذا التعايش الجواني مسؤولا عن الحفاظ على صحة الشعاب المرجانية.

"إن وجود نوع من البكتيريا في الطبقة المخاطية الخارجية من المرجان يختلف تماما عن وجوده داخل الخلية الحيوانية"، استنادا إلى عالم البحار كريستيان فولسترا، الذي شارك في تأليف الدراسة، مشيرا إلى ندرة هذه الظاهرة بين الحيوانات البحرية. "نحن بحاجة إلى أن نفهم لماذا يسمح المرجان للبكتيريا باستعمار خلاياه".

استخدم الباحثون تقنية التهجين الموضعي المتألِّق، وهي تقنية شائعة تستخدم لسبر المادة الوراثية بحثا عن واسمات معينة لتسلسل الحمض النووي، وذلك للكشف عن البكتيريا في الأنسجة المرجانية وتحديد موقعها بدقة.

ووجد الباحثون بكتيريا من جنس Endozoicomonas داخل خلايا Stylophora pistillata بكميات أكثر من أي بكتيريا أخرى. وهذا يشير إلى وجود علاقة تعايش أكثر تقدما بكثير مما كان متوقعا، كما يقولون في بحثهم المنشور في دورية "علم الأحياء الدقيقة التطبيقي والبيئي".

تشكل البكتيريا بنيانا مميزا بشكل العنب داخل خلايا المرجان. "يجب أن يكون هناك مُنتج معين تُفكِّكه البكتيريا"، يشرح فولسترا. وفي حين توجد فرضيات مختلفة تحاول تفسير هذا التموضع المشترك، فإن باحثي جامعة الملك عبد الله ومعهد وودز هول سوف يركزون تجاربهم الجارية على عملية الأيض لدى المرجان.

التعايش والصحة

فهم وظيفة هذه البكتيريا قد يجعل منها مؤشرا مفيدا للغاية على صحة الشعاب المرجانية.

بما أن معظم الشعاب المرجانية تعيش في مياه فقيرة بالعناصر المغذية، فإن 95٪ من طاقتها تأتي من أشعة الشمس المُقْتَنَصة من قبل الطحالب ضوئية التخليق التي تعيش معها. يقترح فولسترا وفريقه أن البكتيريا قد تحوِّل بعض منتجات التخليق الضوئي من الطحالب إلى شكل قابل للاستخدام من قِبل المرجان.

وللتحقّق من هذه الفرضية، يقوم الباحثون بإنماء مزارع من عدد من أنواع Endozoicomonas في مختبرهم حيث يمكن عزل مستقلباتها وتوصيفها. "نأمل أن يخبرنا هذا مزيدا عن الغرض من وجودها"، حسب فولسترا.

"إذا وجدنا مركّبا واحدا تتمكّن هذه البكتيريا من تصنيعه بطريقة جيدة، عندئذ ستكون الخطوة التالية هي تحديد علاقة هذا المركب بالشعاب المرجانية".

ما يزال فهمنا لمناعة الشعاب المرجانية في مهده؛ لأن أبحاث البيولوجيا الجزيئية للمرجان بدأت قبل 10 سنوات فقط. يقول فولسترا: "في حين تبدو الأمور التي تلحق ضررا بصحة الشعاب المرجانية واضحة، إلا أن العلماء لا يعرفون الكثير عن ما هو مفيد لها"، ويتابع، "إذا استنتجنا أن هذه البكتيريا جيّدة فعلا بالنسبة للشعاب المرجانية، فسيكون هذا مؤشرا جيدا".

محمود حنفي -عالم الأحياء البحرية في جامعة قناة السويس بمصر، وكبير العلماء في جمعية الغردقة لحماية البيئة والحفاظ عليها (HEPCA)- يقترح أن تستخدم هذه البكتيريا كنظام إنذار لدعاة حماية البيئة.

"هذا الاكتشاف على درجة كبيرة من الأهمية؛ لأن فهم وظيفة هذه البكتيريا قد يجعل منها مؤشرا مفيدا للغاية على صحة الشعاب المرجانية"، يقول حنفي.

إن التقلّص السريع لهذه الغابات تحت المائية -العائد أساسا إلى تغيّر المناخ، وتحمّض المحيطات، وتآكل السواحل، والصيد الجائر- لا يبدي أي مؤشّر على التوقف.

"سيزيد فهم علاقة التعايش بين هذه البكتيريا والمرجان من معرفتنا حول كيفية عمل هذا الكائن الحي، مما سيساعدنا بدوره على حمايتها"، استنادا إلى حنفي.

doi:10.1038/nmiddleeast.2013.115


  1. Bayer, T. et al. The microbiome of the Red Sea coral Stylophora pistillatais is dominated by tissue-associated Endozoicomonas bacteria. Appl. Environ. Microbiol. (2013) doi:10.1128/AEM.00695-13