مقالات

نظارات سباحة تقيس معدل ضربات القلب

نشرت بتاريخ 8 أغسطس 2012

سليم السيد


نظارات هند حبيقة من المفترض أنْ تُطرَح في الأسواق في نهاية هذا العام.
نظارات هند حبيقة من المفترض أنْ تُطرَح في الأسواق في نهاية هذا العام.

في السوق العالمي، حيث تكون المنافسة قوية، نجد أنَّ اختراع وتطوير منتج جديد ليس بالأمر السهل. إنَّ أحداث الربيع العربي دفعت بالعديد من صغار رجال وسيدات الأعمال إلى محاولة طرح منتجات مبتكرة في السوق.

وبَرَزَ من بين صغار رجال الأعمال العالِمَة وسيدة الأعمال هند حبيقة، وعمرها 24 عامًا، التي درست في الجامعة الأمريكية في بيروت، وفازت بالمركز الثاني في مسابقة نجوم علوم قطر في العام الماضي. إنَّ نظارة السباحة التي طوَّرتها في خلال المسابقة، وأطلقت عليها ـ مجازًا ـ عين الفراشة، فازت بالمركز الأول في مسابقة خطَّة الأعمال العربية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وعن منتَجها الذي سوف يُطرح قريبًا في الأسواق، قامت بوابة "نيتشر ميدل إيست Nature Middle East " بعمل لقاء معها؛ للتحدث عن اختراعها، وعن تحديات مفهوم النموذج الأوَّلي ـ التي يمكن أن تواجهها ـ عند طرح هذا المنتَج الجديد في السوق.

كيف وردت إليكِ فكرة هذه النظارة، وما الذي يجعل منها شيئًا مميزًا؟

لقد كنتُ جزءًا من فريق السباحة في الجامعة الأمريكية ببيروت، وقد اعتاد مدرِّبنا أنْ ينظِّم تدريبنا بالكامل بناءً على النسب المئوية لأقصى معدل لضربات القلب. وقد كنتُ أندهش دائمًا من عدم وجود أداة تقوم بقياس معدَّل ضربات القلب، حيث كنا نقوم بقياس معدل ضربات قلوبنا بأنفسنا يدويًّا بعد كل سباق. وهذه الطريقة غير فعالة بالطبع، ولا يمكن أن يُعَوَّل عليها.

إنَّ عين الفراشة هو أول جهاز رصد لمعدل ضربات القلب، خاص بالسباحين. وتصميم الجهاز هو الأول من نوعه، حيث إنه يتناسب مع الميكانيكا الحيوية للسباحة. إنَّ الأجهزة الموجودة حاليًا في الأسواق تتطلب أن يقوم السبـّاح بقراءة معدل ضربات القلب من خلال ساعة يد، وبالتالي فإن ذلك سوف يجعل حركة الأذرع مضطربة وغير مضبوطة، ولا تناسب السباحة. وحتى لو كان الجهاز يقرأها بصوت مسموع للسَّبَّاح، فمن الممكن ألا يسمعه، نظرًا إلى أن البيئة المحيطة به في حمام السباحة مليئة بالإزعاج. وبالإضافة إلى ذلك.. فإن قياس ضربات القلب عن طريق حزام صدر خارجي، أو مِشْبَك للإصبع، أو مِشْبَك للأذن، سيكون بمثابة عائق للسَّبَّاح في الماء، نتيجةً للاحتكاك الناتج من أيٍّ منها. وقد تم دَمْج جهاز استشعار في جهاز عين الفراشة، بحيث يتم عرض معدل ضربات القلب على العدسة؛ وبذلك لا يحتاج السَّبَّاح أنْ يغير من حركته الاعتيادية أثناء السباحة ليقرأها.

وربما تُثار تساؤلات عديدة، مضمونها هو: لماذا لم يتم اختراع جهاز مثل هذا من قبل حتى وقت ظهور هذا الاختراع؟ لكن انا أعتقد أن المنتَج ـ بصفة عامة ـ هو كيان خاص، وأن الشركات الكبرى لديها اهتمام بمثل تلك المنتجات التي تجذب قاعدة عريضة من الناس.

كيف تقوم النظارة بالعمل، وكيف يستقبل السَّبَّاح النتائج؟

يمكن تطوير تكنولوجيا الجهاز؛ ليستخدمه كبار السن، والذين يعانون من أمراض قلبية.

إن الجهاز منفصل عن نظارة السباحة، فهو وحدة مستقلة بذاتها، ويمكن أنْ يثبَّت على شرائط أي نوع من أنواع نظارات السباحة.

والمبدأ الذي نستخدمه في قياس معدل ضربات القلب هو نفس المبدأ المستخدَم في قياس الضغط.. فعندما يقوم القلب بضخ الدم، يزداد حجم الشرايين، وعند توجيه جهاز استشعار ضوئي على الشريان الصدغي، فإن الضوء المنعكس يختلف في شدته عن الضوء الساقط، تبعًا لحجم الشريان. وطبقًا لذلك المبدأ.. من الممكن أن نعرف مقدار السرعة التي يضخ بها القلب الدم. وهذا الاختلاف في الضوء سوف يعطي القيمة المعيارية لضربات القلب على شكل منحنى ذي قمة، وعندئذٍ نقوم بحساب عدد قمم المنحنى، ثم نقوم بحساب الزمن بين كل واحدة؛ لرصد المعدَّل اللحظي لضربات القلب.

يتصل جهاز الاستشعار بلوحة دوائر مطبوعة ذات بطارية خارجية، تقوم بمعالجة الإشارات، وتزيل الضوضاء، وتحسب معدل ضربات القلب. وسوف يرى السَّبَّاح أضواء مُرَمَّزَة على عدسته، تنعكس بشكل غير مباشر كالآتي: اللون الأخضر: إذا كانت الحالة طبيعية، واللون الأحمر: إذا كان يجب عليه الإبطاء، واللون الأصفر: إذا كان يجب عليه الإسراع قليلاً.

النموذج الأوَّلِي الذي قمتِ بعرضه في مسابقة نجوم العلوم، بدا ضخمًا إلى حدِّ ما، فهل عملتِ على تحسينه؟

النموذج الذي قمتُ بإنشائه خلال المسابقة كان بالطبع كبيرًا جدًّا. لقد تم تصميمه وتصنيعه وتجميعه في خمسة أسابيع فقط، وكان الهدف منه هو إثبات النظرية والمفهوم ذاته. وبعد أن فزتُ بالمركز الثالث في المسابقة، عملتُ على تسجيل الجهاز في مكتب براءات الاختراعات الأمريكية الموجود في لبنان، ومكتب براءات الاختراعات لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. لقد أمضيت سنةً في البحث عن مستثمرين. وفي سبتمبر من عام 2011، وقعتُ عقدًا مع شركة قانونية، تسمى بيري تك (وهي مؤسسة دعم لبنانية). وبعد ذلك تعاقدتُ مع مهندس إلكترونيات، ومصمِّم متخصص في مجال الصناعة، وباحث في المنتجات، من أجل العمل على تحسين النموذج المبدئي؛ ليتم تقديمه إلى السوق. وقد فُزتُ مؤخرًا بالمركز الأول في مسابقة خطة الأعمال العربية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في يونيو 2012.

منذ ذلك الحين، قللنا الحجم بنسبة 70%، والوزن بنسبة 50%. وكان لدينا كثير من القيود في تحسين المنتج، منها جَعْله لا يتأثر بالماء، وخاصية عرض الألوان، وإيجاد مكان لوصلة نقل البيانات ... إلخ. وقد اسنطاع فريق التصميم أن يواجه كل هذه التحديات.

هل توجد تطبيقات أخرى للتكنولوجيا التي استُخدمت في تصنيع هذا الجهاز؟


منذ أن فازت بالمركز الثالث في مسابقة نجم العلوم العام الماضي، فقد أستمرت لتفوز بالمركز الأول في مسابقة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في إجتماع القمة العربية لرجال الاعمال
منذ أن فازت بالمركز الثالث في مسابقة نجم العلوم العام الماضي، فقد أستمرت لتفوز بالمركز الأول في مسابقة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في إجتماع القمة العربية لرجال الاعمال

يمكن استخدامه في مجالات عديدة، مثل الطب، حيث إن قياس معدل ضربات القلب ليس فقط ذا دور كمعيار في الأنشطة الجسدية، ولكنه مهم جدًّا لمتابعة مرضى القلب ذوي الحالات الخاصة. والجهاز الذي نطوره اليوم، لديه من المميزات التي تجعله ضروريًّا للرياضيين. كما يمكن تطوير تكنولوجيا الجهاز؛ ليستخدمه كبار السن، والذين يعانون من أمراض قلبية. وبهذه الطريقة، سوف يكونوا قادرين على ملاحظة قلوبهم على مدار 24 ساعة، وطوال أيام الأسبوع، بدون الاحتياج إلى توصيلهم بأجهزة قياس طبية كثيرة.

ماهي التحديات التي واجهتِها في بيروت وفي العالم العربي لتقومي بإنتاج جهازك؟

إن بدايتي تعتبر واحدة من البدايات القليلة جدًّا في العالم العربي التي تتعامل مع تطوير الأجهزة، حيث يوجد أناس قليلون معروفون في هذا المجال، إلى جانب ندرة المصادر أيضًا. لقد مررتُ بوقت صعب كذلك في البحث عن الجادين ليعملوا معي، نظرا إلى عدم توفُّر المعدات والأدوات والتكنولوجيا في المنطقة، ولذلك.. احتجتُ إلى أنْ أطلبهم بالمراسلة من الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت هذه العملية مضيعة للوقت بالطبع، وذات تكلفة عالية.

ولكي أتغلب على هذه التحديات، وجَعْل الأمر أسهل وأفضل لمن سيبدأ فيه مستقبلاً، فقد قمت بإنشاء مدونة، وضعتُ فيها كل المصادر التي أعرفها، المرتبطة بتطوير الأجهزة في بيروت وخارجها.

ما هي خططك الاّن، حيث لديكِ تكنولوجيا يمكن البدء في تطويرها؟

سوف نقوم بإطلاق مجموعة صغيرة من عين الفراشة في ديسمبر 2012، ونخطط لأنْ يكون لدينا منتج في السوق بحلول الربع الثاني من عام 2013. كما نخطط لإطلاق مجموعة من المنتجات الرياضية خلال 3 سنوات من الآن، حيث سنتوسع بالتكنولوجيا التي لدينا؛ لنصل بها إلى قطاعات أخرى، وإلى سوق أكبر فيما بعد. وفي خلال 15 عامًا، أرى أن المنتج سيكون صعب الاستغناء عنه في كل التدريبات، وأنه سوف يكون عندئذٍ لجميع الفئات، من رياضيين، إلى مدربين، وأطباء، ومتخصصي اللياقة البدنية. وأتمنى أن أرى المنتَج يتوسع ليشمل مجالات أخرى كثيرة.

doi:10.1038/nmiddleeast.2012.110