مقالات

Read this in English

اللاجئون والنازحون في الشرق الأوسط معرضون بشدة للإصابة بفيروس كورونا المستجدّ كوفيد - 19

Published online 20 مارس 2020

تتحرك الجهات الإنسانية الفاعلة في جميع أنحاء المنطقة للتأكد من عدم إهمال الأفراد الأكثر ضعفًا مع استمرار الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجدّ كوفيد – 19.

كيرا ووكر

لاجئون سوريون في مخيم كورغوسك للاجئين، إربيل، شمال العراق
لاجئون سوريون في مخيم كورغوسك للاجئين، إربيل، شمال العراق
IHH Humanitarian Relief Foundation
مع ارتفاع أعداد حالات الإصابة بـCOVID-19 في الشرق الأوسط، تُغلَق الحدود وتضع البلدان نفسها تحت الحصار، وتستعد وكالات الإغاثة والمنظمات الإنسانية لمواجهة التهديد الذي يمثِّله الفيروس على الأفراد المعرضين للإصابة، من اللاجئين والمشردين داخليًّا في جميع أنحاء المنطقة.

فقد أثار الإعلان عن أول حالة مؤكدة بـCOVID-19 في جزيرة ليسفوس الأسبوع الماضي مخاوفَ على الأشخاص العالقين في مخيمات الجزيرة اليونانية، حيث توفّر ظروف الازدحام الشديد وغياب وسائل الصرف الصحي الملائمة والمحدودية الشديدة للرعاية الطبية "العاصفة المثالية" لتفشِّي المرض، وفق التحذير الذي وجهته منظمة ’أطباء بلا حدود‘.

وفي الشرق الأوسط، حيث خدمات الرعاية الصحية ضعيفة أو بطيئة، ثمة مخاوف مماثلة من الانتشار السريع للفيروس عبر مخيمات اللاجئين والنازحين، المكتظة، والتي تفتقر إلى مرافق الصرف الصحي الجيدة.

ولمنع انتشار COVID-19، قُيّدت الحركة مؤخرًا في مخيمات اللاجئين في الأردن، في حين فُرِضت إجراءات صارمة تتعلق بعودة الدخول إلى مخيمات اللجوء في كردستان العراق. "بمجرد حدوث العدوى في المخيمات، ستصبح الأمور صعبة"، وفق قول كارل شمبري، المستشار الإعلامي الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط لمجلس اللاجئين النرويجي (NRC).

يشكل الوضع المتغير بسرعة تحديًا كبيرًا للجهات الإنسانية الفاعلة التي تواجه قيودًا متزايدة على تحركاتها كل يوم. ففي حين أن تقييد الحركة ضروري للحدّ من إمكانية التعرُّض للعدوى ومنع انتشار الفيروس، إلا أنه يجعل التحدي المتمثل في القدرة على رعاية الأشخاص الأكثر ضعفًا أكبر، كما يقول شمبري.

أكد كلٌّ من لبنان والعراق والأردن وفلسطين وتركيا وقوع إصابات بـCOVID-19. ولكن في حين تستضيف جميعها مجموعات كبيرة من اللاجئين و/أو المشردين داخليًّا، لم يتأكد حتى الآن حدوث أي إصابة في أيٍّ من مخيمات المنطقة. وتصنف منظمة الصحة العالمية خطر الإصابة بـCOVID-19 في سوريا على أنه "مرتفع جدًّا"، على الرغم من إصرار الحكومة على عدم وجود حالات مؤكدة في البلاد.

على أي حال، لا تُجرى أعداد كبيرة من الاختبارات، لذا من المرجح أن يكون عدد الحالات غير المكتشَفة في البلدان المضيفة أعلى بكثير، وفقًا لقول رولا أمين، كبيرة مستشاري الاتصالات لمكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

"بمجرّد حدوث العدوى في المخيمات، ستصبح الأمور صعبة". كارل شمبري 

تختلف طبيعة المخيمات ومعاييرها على امتداد المنطقة بشكل كبير، فبعضها مجهز بالمياه وسبل النظافة والصرف الصحي على نحو أفضل من بعضها الآخر، كما يقول شمبري. "إن ما يدعو إلى القلق بشكل خاص هو المستوطنات غير الرسمية في لبنان، فهي دون المستوى الطبيعي، وظروفها سيئة جدًّا، وتَمكُّن المقيمين فيها من الوصول إلى الخدمات الطبية والصحية محدودٌ جدًّا".

في مخيمات اللاجئين والنازحين، يبدو اتباع التدابير الموصى بها لمنع انتشار COVID-19 -مثل الحجر الذاتي والتباعد الاجتماعي- مستحيل التطبيق؛ بسبب ظروف الازدحام والاكتظاظ، استنادًا إلى قول عبد الرحمن بزري، المختصّ بالأمراض المُعدية في الجامعة الأميركية في بيروت، لبنان. ولحماية أنفسهم، يرى بزري أنه من الضروري ممارسة طرق جيدة لحفظ النظافة، واتباع التوصيات المحدّثة الصادرة عن الحكومات بانتظام.

لكن يختلف الوصول إلى المياه والحصول عليها عبر المخيمات والمستوطنات، وبالنسبة لأولئك الذين يشكون من محدودية الوصول إلى المياه، فإن الإجراء الوقائي الأساسي المتمثل في غسل اليدين المتكرر يشكّل تحديًا خطيرًا في حد ذاته.

على أرض الواقع، عمدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمجلس النرويجي للاجئين، ومنظمة الصحة العالمية إلى تكثيف توزيع المياه النظيفة والصابون ومعقم اليدين في مخيمات اللجوء في كلٍّ من الأردن ولبنان والعراق، وهي تعمل على نشر معلومات الوقاية. يقول وائل حتاحت، قائد فريق الطوارئ في مكتب منظمة الصحة العالمية في العراق: إن منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية العراقية تعمل بنشاط في محاولة لتثقيف الناس حول فيروس كوفيد- 19 منذ تفشِّي المرض في ووهان، وهو يعتقد أن معظم اللاجئين والنازحين في البلاد لديهم فهمٌ كافٍ لطريقة انتشار الفيروس.

"إن القضية الرئيسية هي محدودية القدرة الاستيعابية لأنظمة الرعاية الصحية في البلدان المضيفة". رولا أمين.

تكتسب توعية وتثقيف اللاجئين والنازحين أهمية خاصة؛ لأن الظروف التي اضطروا إلى تحمُّلها وشروط معيشتهم تجعلهم عرضةً بشكل خاص للإصابة بـCOVID-19. وبالإضافة إلى الظروف الصحية الكامنة، فأي أمر يؤثر على الجهاز المناعي، كالإجهاد المزمن، وعدم كفاية التغذية، وقلة النوم، والشرب والتدخين، قد تترتب عليه نتائج خطيرة على سير المرض، كما يوضح حتاحت.

في حين تقع مسؤولية رعاية اللاجئين في زمن انتشار الوباء على عاتق حكومة البلد المضيف، فإن العاملين في المجال الإنساني يُبدون قلقهم حيال ما قد يحدث للاجئين إذا امتلأت المستشفيات بالمرضى من مواطنيها. تقول أمين: "إن القضية الرئيسية هي محدودية القدرة الاستيعابية لأنظمة الرعاية الصحية في البلدان المضيفة"، وفق قول أمين، التي تتابع: "في حالات كهذه، حيث يتعين على الأطباء تحديد الأولوية، هل سيُعطى اللاجئون الأولوية أيضًا؟ فكما رأينا في إيطاليا... ربما نصل إلى تلك النقطة".

تقول أمين إن المفوضية تضغط لتضمن دمجًا كاملًا للاجئين في إجراءات التأهب والوقاية والاستجابة الوطنية تجاه وباء COVID-19 في جميع أنحاء المنطقة.

إن الفشل في زيادة الخدمات وتحسينها لمساعدة اللاجئين والنازحين لن يعرِّض صحتهم للخطر فحسب، بل قد يجعل منهم أهدافًا أخرى للتمييز من قِبَل المجتمعات المضيفة. بوضع هذا الأمر في الحسبان، يُترك العاملون في المجال الإنساني لتحقيق توازن بين الدفاع عن الفئات الأكثر عرضةً للإصابة دون إثارة هجوم مضاد عليهم، كما تشرح أمين.

لمنع نظام الرعاية الصحية المنهك بالفعل في العراق من التهاوي، تركز منظمة الصحة العالمية على الوقاية، في محاولة للحد من عدد الإصابات. فمع وجود عدد كبير من الحالات، لن يتمكن نظام الرعاية الصحية من تحمّل التبعات، وفق قول حتاحت.

وتُبدي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمجلس النرويجي للاجئين قلقًا بالغًا إزاء انتشار الفيروس إلى مناطق النزاعات النشطة في سوريا واليمن، حيث تعرّضت أنظمة الرعاية الصحية وبناها التحتية للدمار بسبب النزاع، ولن تتمكن من التعامل مع تفشّي المرض.

doi:10.1038/nmiddleeast.2020.41