Using AI to control energy for indoor agriculture
30 September 2024
Published online 10 أغسطس 2014
أصبح تهديد تفشي فيروس إيبولا المميت في الشرق الأوسط حقيقة محضة، لذا يتحتم على المنطقة تطوير وسائل الاستعداد التام لمقاومة ذلك المرض وسرعة اتخاذ الخطوات اللازمة عند سوء الحال في المستقبل.
يتصف فيروس حمى الإيبولا النزفية (EHV) -وهو مرض يصيب الحيوانات- بمعدل إماتة مرتفع. وقد ضربت أسوأ نوبات تفشي المرض في التاريخ في مارس الماضي ثلاث دول في أفريقيا الغربية: غينيا وليبيريا وسيراليون، والإصابة في الدول الثلاث ليست ببعيدة عن مصر والأردن ولبنان والمغرب وقطر والسودان والإمارات العربية المتحدة، ما يجعل انتشار الفيروس شديد القرب من المنطقة.
ومعدل تفشي هذا المرض ليس له مثيل، حيث سجلت منظمة الصحة العالمية خلال شهر واحد أكثر من 1,300 حالة إصابة و700 حالة وفاة، وذلك يقارب ثلث عدد حالات الوفاة منذ اكتشاف هذا المرض في أواخر السبعينيات.
وترتبط سلالة ذلك المرض المتفشي بالنوع الفرعي من فيروس الإيبولا الذي يُعرف بزائير، وهو الأكثر خبثًا، وليس ثمّة إشارة توحي بتراجع التفشي، وقد صرحت منظمة أطباء بلا حدود (MSF) بأن تفشي المرض قد أصبح خارج نطاق السيطرة تمامًا.
وقد سُمي الفيروس باسم نهر إيبولا في زائير -جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليًّا- حيث اكتُشِف المرض لأول مرة في عام 1976. ويُعد خفاش الفاكهة مستودعًا لذلك الفيروس؛ إذ تنتقل العدوى إلى الإنسان عن طريق الاتصال بالخفافيش المصابة أو بتناول الفاكهة الملوثة بفضلاتها، أو بتناول الخفافيش نفسها، وهي عادة شائعة في مناطق محددة في أفريقيا. كما يصيب فيروس الإيبولا الثدييات غير البشرية، وقد تنتقل العدوى أيضًا عن طريق التعامل مع الحيوانات البرية المصابة، أو بتناول لحوم حيوانات الأدغال.
يبدأ ظهور المرض بحمى وأعراض تشبه أعراض الإنفلونزا، التي سرعان ما تتطور إلى قيء وإسهال، أما مرحلة الاحتضار فتتسم بالنزيف الداخلي يصحبه نزيف خارجي من فتحات الجسم في نصف الحالات تقريبًا.
أما النزيف فهو نتيجة مباشرة لمحاولات الجسم محاربة الإصابة، حيث تبدأ الاستجابة المناعية الفطرية المكثفة بإطلاق وابل من السيتوكينات -مضادات الالتهاب- التي سرعان ما تبدأ في الانتشار، وتزيد تلك الاستجابة الالتهابية غير المقيدة إضافة إلى تأثيرات حال الخلية للفيروس -خصوصًا في الخلايا البطانية التي تبطن أوعية الدم- من النفاذية الوعائية التي تتسبب في هبوط حاد في ضغط الدم وفشل جسيم في وظائف الأعضاء.
وقد شهد العالم 24 حالة تفشٍّ للفيروس، تمركزت في المناطق الوسطى من أفريقيا، بمعدل إماتة تراوح بين 60 بالمائة إلى 90 بالمائة حتى عام 2012.
يحتاج الشرق الأوسط إلى أساليب الرعاية الصحية السليمة والفعالة لعلاج مرضى فيروس الإيبولا.. دون خوف من انتشار آخر للمرض.
أما تفشي الفيروس الحالي فقد بدأ في قرية نائية جنوبي شرق غينيا، وبالاختلاف عن حالات التفشي السابقة التي ضربت المناطق الريفية المنعزلة، اخترقت حالة التفشي الحالية الحدود وشنت هجومًا على المدن المجاورة الأكثر ازدحامًا بالسكان في سيراليون وليبيريا.
وقد سُجِّلت حالة الانتقال الأولى لفيروس الإيبولا عبر الرحلات الجوية في الشهر المنصرم، عندما سافر باتريك سوير -وهو مريض ليبيري أمريكي- من ليبيريا إلى نيجيريا، حيث مرِض على متن الطائرة، وتوفي بمدينة لاجوس في حين كان يُفترَض أن يعود إلى الولايات المتحدة الأمريكية لزيارة عائلته.
وقد بثت تلك الحادثة المخاوف من انتشار الفيروس في العالم، حيث أغلقت ليبيريا المدارس جميعها، وأعلنت سيراليون حالة الطوارئ. أما البلدان المجاورة فمنها من بدأت إجراءات فحص الركاب الوافدين، وأخرى أغلقت الحدود بالكامل، كما علقت بعض الخطوط الجوية رحلاتها في مطارات الدول التي شهدت حالات الإصابة، أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد أطلقت تحذيرًا بخصوص رحلات السفر غير المهمة إلى المناطق التي تفشى فيها الفيروس.
وليس ثمّة لقاح أو عقاقير مضادة لفيروس الإيبولا متاحة في الوقت الراهن، لولا وعود بعض المرشحين والجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية لسرعة متابعة اللقاح المؤتلف الذي سيُختبر على البشر لاحقًا.
لا ينتشر فيروس الإيبولا بسهولة؛ لأنه ليس من الأمراض التي تنتقل عبر الهواء كالإنفلونزا وفيروس الحصبة، لكنه ينتقل إلى جسم الإنسان عبر سحجات الجلد والأغشية المخاطية.
ويتطلب انتقال الفيروس بين البشر اتصالًا مباشرًا مع سوائل الجسم والإفرازات الناتجة عن المرضى المصابين (الدم واللعاب والقيء والإسهال والمنيّ)، أو بصورة غير مباشرة عن طريق لمس الأشياء الملوثة بالفيروس (كالملاءات والمناشف والملابس... إلخ).
ولا يمكن أن ينتشر المرض عبر المصابين إلا إذا بدأت أعراضه بالظهور عليهم، لذلك يمكن –نظريًّا- التعرف على المرضى المصابين سريعًا، وعزلهم كما ينبغي، وبذلك نتتبع المرض ونقضي على تفشيه المحتمل في مهده.
سوف يستغرق تمييز التفشي المستمر في أفريقيا شهورًا على الأرجح؛ نظرًا لحجم القارة وتنوعها وأنظمة الرعاية الصحية العاجزة بها ونقص مواردها، إضافة إلى الأمية الشائعة بين مواطنيها.
"حالة التفشي الراهنة تنتشر بسرعة، وتفوق الجهود التي نبذلها لمواجهتها"، هكذا أعلنت مارجريت تشان -المدير العام لمنظمة الصحة العالمية- بعد اجتماع لبحث الأزمة أقيم مطلع هذا الشهر بمدينة كوناكري، عاصمة غينيا، وأضافت مؤكدة: "إذا استمر الوضع في التدهور فلن تكون العواقب وخيمة من حيث الوفيات فحسب، بل سيكون ثمّة اضطراب اقتصادي واجتماعي بالغ، إضافة إلى خطورة انتشار الفيروس إلى الدول الأخرى".
وبالرغم من شروع أغلب الدول النامية في تشديد التدابير الصحية المطبقة على مداخلها، يظل الشرق الأوسط في حالة تباطؤ نسبي؛ إذ لم تُعلَن أية إجراءات احترازية سوى تعليق الخطوط الجوية الإماراتية رحلاتها إلى كوناكري، ووقف الحكومة اللبنانية إصدار تصريحات للعمل هناك، إضافة إلى تعليق وزارة الصحة السعودية تأشيرات رحلات الحج والعمرة لمواطني الدول الأفريقية الثلاث التي ضربها الفيروس.
وتؤكد المعلومات أن وجود مريض مصاب بالفيروس على متن رحلة جوية احتمال ضئيل، ولكنه ليس مستبعدًا بالكلية؛ فحضانة الفيروس تستغرق مدة تتراوح بين يومين إلى ثلاثة أسابيع، كما أن سيناريو انتقال الفيروس مع المسافر المصاب منطقي، خصوصًا عندما يُحتضَن الفيروس داخل جسم المريض مع عدم ظهور أيٍّ من الأعراض، لذلك يتحتم فحص الركاب الوافدين من الدول التي تفشى فيها المرض.
وفي حالة سفر المريض على متن رحلة جوية دون معرفة ذلك، ينبغي تدريب أفراد الطاقم الجوي على كيفية كشف المرض والتعامل مع المريض بالسبل التي تحد من خطر انتقال المرض إلى الركاب، وعند الوصول يتحتم عزله في حجر صحي بداخل المطار وسرعة نقله إلى مستشفى مزود بوحدة للحجر الصحي، أما باقي الركاب محتملي الإصابة فينبغي مراقبتهم وفحصهم لمدة ثلاثة أسابيع؛ للتأكد من خلوهم من أية علامات توحي بإصابتهم بالمرض.
ولأن العاملين بقطاع الرعاية الصحية يتعاملون مباشرة مع المصابين يكون لهم النصيب الأكبر من التعرض للإصابة بالعدوى، لذلك ينبغي تثقيفهم بأعراض الفيروس، والبروتوكول المناسب الذي يمكِّنهم من التعامل مع المرضى المصابين. ويعتمد علاج المصابين على الرعاية الداعمة وتعويض السوائل المفقودة، كما أن بدء إجراءات العلاج مبكرًا قد يكون سببًا في ارتفاع معدلات الشفاء.
وعند علاج فيروس الإيبولا يرتدي الأطباء ملابس وقائية من الرأس حتى أصابع القدمين، ولكن ذلك لا ينفي خطورة إصابتهم بالفيروس، حيث شهدت سيراليون خسارة مفجعة في 29 يوليو، بوفاة الشيخ هومار خان، الذي عالج أكثر من مائة مريض، بعد مدة قصيرة من إصابته بالعدوى من أحد مرضاه.
ومن المؤكد أن المستشفيات ذات الإجراءات الصحية الملائمة وأدوات الحجر الصحي ستتمكن من كسر سلسلة انتقال المرض وتقليل العواقب الوخيمة التي تتبع أي تفشٍّ له، أما الشرق الأوسط فهو يحتاج إلى أساليب الرعاية الصحية السليمة والفعالة لعلاج المرضى دون خوف من انتشار آخر للمرض.
أما أدوات التشخيص فلها أيضًا أهمية كبرى؛ لأن أعراض الفيروس عامة نوعًا ما، ومن دون الأدوات السيرولوجية والجزيئية المناسبة سيشكل تأكيد تشخيص الفيروس تحديًا جسيمًا، وسيكون نقل العينات لاختبارها بالخارج كابوسًا لوجيستيًّا.
وختامًا، ينبغي توخي أقصى درجات الحذر، وخصوصًا في طقوسٍ بعينها عند التعامل مع ضحايا الإيبولا، فمثلًا مراسم دفن الموتى عند المسلمين تقتضي تغسيل جثة المتوفَّى من قِبل أحد أفراد عائلته، وحيث إن الفيروس يمكنه البقاء في جثة المريض مدةً طويلة حتى وإن دُفِن، فعندئذٍ ينبغي تطهير الجثة، وعلى مَن يتولى التعامل معها ارتداء ملابس وقفازات واقية مُحكمة.
ولا شك في أن فيروس الإيبولا فيروس مميت، ومع ذلك ليس ثمّة داعٍ للهلع، حيث إن تثقيف العوام وتنفيذ خطط استعداد الرعاية الصحية تُسهم بجدارة في احتواء أية حالة انتشار عارضة لفيروس الإيبولا في الشرق الأوسط.
إسلام حسين باحث واختصاصي الفيروسات بمعهد ماساتشوستس للتقنية، وهو مشارك في العديد من المشاريع العلمية المختصة بالتعرف على أية تغييرات جينية قد تؤدي إلى ظهور جيل من سلالات الإنفلونزا الوبائية المحتملة وتعقبها وتفحصها.
doi:10.1038/nmiddleeast.2014.199
Stay connected: