أخبار

دراسة: ذكور الفئران قد تنتج مبايض بسبب نقص الحديد لدى الأم

نشرت بتاريخ 16 يونيو 2025

تُعد هذه الدراسة الأولى التي تبرهن على التأثير المحتمل لمستويات الحديد في التطوُر الجنسي للأجنة.

رايتشل فيلدهاوس

حقوق نشر الصورة: Life on white/Alamy

وفقًا لنتائج دراسة نُشرت في دورية Nature1، في رحم الأم، يمكن أن ينمو لدى جنين الفأر الذكر أعضاء أنثوية إن كانت الأم تعاني من نقص الحديد في الحمل.

تعقيبًا على النتائج، يقول فينسنت هارلي، اختصاصي علم الوراثة الجزيئية من معهد هدسون للبحوث الطبية في مدينة ملبورن الأسترالية، إنها تُعد الشاهد الأول على تأثير لمعدن غذائي في تحديد جنس الجنين. ويضيف حول النتائج: "إن هذا يفتح الباب أمام عهد جديد ومشوق من الأبحاث".

يُذكر أن الجنس البيولوجي في الثدييات يتحدد بداية عن طريق الكروموسومات؛ فتحمل الإناث عادة أزواجًا من الكروموسوم X، في حين يحمل الذكور عادة أزواجًا من الكروموسوم X والكروموسوم Y. وبعد ذلك، يُحفز جين أولي تكوُن الأعضاء الذكرية أو الأنثوية حسب نوع الجنين. على سبيل المثال، غالبًا ما ينمو لدى الفئران التي تحمل أزواجًا من الكروموسوم X والكروموسوم Y، خصيتان، عند تنشيط جين يُسمى Sry، أو، على النقيض، تنمو لديها مبايض عند عدم تنشيط الجين.

في السابق، حسبما يفيد ماكوتو تاتشيبانا، اختصاصي علم الوراثة فوق الجينية من جامعة أوساكا في اليابان، وهو مؤلف مشارك في الدراسة الحالية، أثبت الفريق البحثي وراء الدراسة أن هذا الجين يُنشِّطه إنزيم يُعرف باسم histone demethylase 2، وهو إنزيم يحتاج في أدائه لوظيفته إلى الحديد. ومن هنا، تكهن الفريق بأن تغيير آلية أيض الخلايا للحديد قد يؤثر في نشاط هذا الإنزيم، ما قد يؤدي بالتبعية إلى تغيير شكل التعبير عن الجين Sry.

نظام غذائي منقوص الحديد

بعد ذلك، أجرى تاتشيبانا وفريقه البحثي سلسلة من التجارب للتحقق من صحة هذه النظرية. فأولًا، عمدوا إلى إمداد الفئران بنظام غذائي منقوص الحديد لشهر قبل الحمل، ولأسبوعين خلال الحمل، وقارنوا هذه الفئران بأخرى في مجموعة مقارنة، تناولت نظامًا غذائيا غير منقوص الحديد. فكانت مستويات الهيموجلوبين وخلايا الدم الحمراء بين الفئران التي عانت من نقص الحديد أقل منها بين الفئران في مجموعة المقارنة. أيضًا أظهرت أجنة الفئران التي عانت من نقص الحديد علامات على الإصابة بفقر الدم، غير أنها حملت السمات الجنسية التي توقعها الفريق من جيناتها.

وعندما كرر الفريق البحثي التجربة في أجنة الفئران المعرضة جينيًا لاضطراب نشاط الإنزيم، نمت أعضاء أنثوية في اثنان من 43 من الأجنة الحاملة لأزواج من الكروموسوم X والكروموسوم Y، والمولودة لإناث فئران عانت من نقص الحديد. أما الفئران في مجموعة المقارنة، فنمت لديها جميعًا أعضاء جنسية متناسبة مع نوع كروموسوماتها.

وللتحقق من تأثير نقص الحديد الناجم بطرق غير غذائية، أعطى الفريق البحثي إناث الفئران الحوامل مُستخلِب عن طريق الفم، وهو عبارة عن جزيئات ترتبط بالحديد وتؤدي إلى تراجع مستوياته في الجسم، وذلك ما بين اليوم السادس والعاشر من نمو الجنين، في الفترة التي يتحدد فيها عادة جنسه. وأظهرت الأجنة الاثنان والسبعون لهذه الفئران، وجميعها حاملة لأزواج من الكروموسومين X وY علامات على الإصابة بفقر الدم. ووُلد أربعة منها بمبيضين، وواحد بمبيض وخصية.

بالإضافة إلى ذلك، حذف الفريق البحثي من فئران في أرحام أمهاتها الجين المسؤول عن إدخال الحديد إلى خلايا الغدد التناسلية.  فانخفض التعبير عن الجين Sry في الفئران التي استُحدثت فيها هذه الطفرة الجينية إلى نصف مستواه بين الفئران في مجموعة المقارنة. وبعد ولادة الفئران الطافرة، لاحظ الفريق أن 6 فئران من أصل 39 فأرًا حاملًا للكروموسومين X وY نمى لدى كل منها مبيضين، في حين نمى لدى فأر آخر مبيض وخصية. ونمى لدى كل من الفئران الحاملة لأزواج من الكروموسوم X مبيضين.

وينوه هارلي إلى أن غالبية الأجنة لم تكتسب سمات جنسية غير مألوفة، ما يشير إلى وجود حاجة لاستكشاف العوامل الأساسية الأخرى المُعدلة لجنس الجنين. وبتعبيره، حتى اليوم، لم تقف أي أبحاث على علاقة بين الحديد وتحديد جنس الجنين في البشر، غير أنه قد يكون واحدًا من ضمن عدة عوامل. وتشير هذه الأدلة الجديدة إلى أن النظام الغذائي للأم وتعرُضها لمركبات سامة في البيئة قد يؤثر في النشاط الجيني الذي يسهم في المراحل المبكرة من تطوُر الغدد التناسلية. فوق ذلك، يضيف هارلي أن النتائج الأخيرة قد تكون لها دلالات فيما يخص المشورة الطبية حول تناوُل الحديد خلال الحمل.

أما تاتشيبانا، فيفيد بأن النتائج تثير أيضًا تساؤلات حول تأثير الحديد في شكل التعبير عن جينات أخرى. فأيض الحديد قد يلعب أيضًا دورًا مهمًا في تنظيم التعبير عن واسمات الحمض النووي غير الجينية وفي التطور العصبي.

هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور في دورية Nature بتاريخ 4 يونيو عام 2026.

doi:10.1038/nmiddleeast.2025.86


  1. Okashita, N. et al. Nature https://doi.org/10.1038/s41586-025-09063-2 (2025).

  2. Kuroki, S. et al. Science 6, 1106–1109 (2013).