أخبار

وكالة فضاء جديدة في إفريقيا.. ما المهام المرتقبة لها؟

نشرت بتاريخ 15 يونيو 2025

تهدف هذه المؤسسة الرائدة إلى تعزيز التعاوُن البحثي ورصد آثار التغير المناخي وتحسين جهود الإغاثة من الكوارث.

إليزابيث جيبني

تتخذ وكالة الفضاء الإفريقية من مدينة الفضاء المصرية في القاهرة مقرًا لها. 

تتخذ وكالة الفضاء الإفريقية من مدينة الفضاء المصرية في القاهرة مقرًا لها. 


حقوق نشر الصورة: Ahmed Gomaa/Xinhua via Alamy


بعد تدشينها في إبريل الماضي، ومع انطلاق أول مشروعاتها، تتطلع وكالة الفضاء الأولى لعموم القارة السمراء، وكالة الفضاء الإفريقية (AfSA)، إلى جمع تمويلات.

وُلدت هذه الوكالة، التي تتخذ من القاهرة مقرًا لها، من رحم مبادرة للدول الأعضاء بالاتحاد الإفريقي البالغ عددها 55 دولة. وقد أُسست بهدف تنسيق العمل على مشروعات الفضاء الإفريقية الحالية. ففي الوقت الراهن، تنظم أكثر من 20 دولة إفريقية برامج فضاء. وتشمل قائمة أولويات الوكالة أهدافًا مثل تحسين الاتصالات بالأقمار الصناعية، التي تؤمن الاتصالات الحيوية للمجتمعات الريفية. كما تطمح الوكالة إلى استحداث وجمع بيانات من أرصاد فضائية لمتابعة تأثيرات التغير المناخي والإغاثة من الكوارث ودعم الزراعة والأمن المائي والغذائي.

غير أن الوكالة لم يكتمل بعد تجهيزها بطواقم العمل، ولم تتأكد إلى اليوم ميزانيتها ولا برنامج عملها التفصيلي، ولا مصادر تمويلها. فمع أنه من المزمع أن تغطي الميزانية العامة للاتحاد الإفريقي، والتي بلغت قيمتها 606 ملايين دولار أمريكي في عام 2024، التكاليف الأساسية للوكالة، فبحسب ما يفيد مهندس الفضاء لدى الوكالة ميشاك كينيوا إنديريتو، ستتكفل مصادر خارجية أخرى مثل بنوك التنمية بجزء من تمويلها. وعلى حد قول إنديريتو، يتمثل تحد آخر في حث الدول الأعضاء بالاتحاد على الاتفاق على الأولويات العامة للوكالة، بالنظر إلى التفاوتات بين هذه الدول في مستويات التنمية بها.

ويشير تحليل أجرته شركة أبحاث السوق الكائنة في مدينة لاجوس النيجيرية، «سبيس إن أفريكا» Space in Africa، أن الميزانية المجمعة لبرامج الفضاء الإفريقية بلغت 465 مليون دولار أمريكي في عام 2024. ورغم أن هذا المبلغ يمثل نسبة تقل عن 1% من إجمالي النفقات العالمية المرصودة لبرامج الفضاء، يُذكر أنه ارتفع بنسبة 64% عنه في عام 2018.

وقد وقَّعت «وكالة الفضاء الأوروبية» و«وكالة الفضاء الاتحادية الروسية» (Roscosmos)، و«وكالة الإمارات للفضاء»، اتفاقيات تعاوُن مع الوكالة في فعالية افتتاحها في العشرين من إبريل الماضي. كذلك أرسلت الصين والولايات المتحدة وفودًا ممثلة لهما إلى الوكالة.

ومن بين أول المشروعات التعاونية للوكالة، مشروع «الشراكة الإفريقية الأوروبية في مجال الفضاء» Africa–EU Space Partnership، وهو مشروع يمتد لأربعة أعوام، بقيمة 45 مليون يورو (51 مليون دولار أمريكي) يموله الاتحاد الأوروبي، ويهدف إلى تعزيز التعاوُن بين أوروبا والقارة السمراء ودعم منظومة الأنشطة الفضائية الإفريقية.

كذلك من المتوقع أن تسعى الوكالة إلى بناء علاقات تعاوُن مماثلة حول العالم، مع التركيز على الأولويات الإفريقية، بحسب ما تفيد دانييل وود، خبيرة هندسة الطيران والفضاء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج، وهي متخصصة في التعاوُن مع القادة الإفريقيين في مجال الفضاء.

أما الصين، فلطالما جمعتها علاقات تعاوُن مع وكالات الفضاء الوطنية الإفريقية، ودورها في قطاع الفضاء الإفريقي يشهد حاليًا نموًا. فعلى صعيد القيمة، يُشار إلى أن شركات التقنيات المدعومة من الحكومة الصينية قد فازت بحوالي خمس عقود إنشاء الأقمار الصناعية الأجنبية في إفريقيا خلال الفترة ما بين عامي 2005 و2013 (بقيمة تبلغ 871.5 مليون دولار أمريكي)، لتحل في ذلك في المرتبة الثانية بعد فرنسا من حيث قيمة العقود الممنوحة لها، وبذلك تصبح قيمة هذه العقود أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة العقود الممنوحة للشركات الأمريكية والبالغة 250 مليون دولار أمريكي.

وحسبما تضيف ريبيكا نادين، اختصاصية السياسات الصينية والسياسات الخارجية في مركز أبحاث «أوه دي آي جلوبال» ODI Global، ومقره لندن، أقرضت البنوك الحكومية الصينية العديد من مشاريع الفضاء الإفريقية. فعلى حد قول نادين، نجحت مؤسسات صينية في تشييد وإطلاق أقمار صناعية للاتصالات والاستشعار عن بعد لدول أفريقية، كما قدمت قروضًا لتمويل عدد من المنشآت الفضائية، ومن المتوقع أن يتعاظم هذا الدور مستقبلًا.

ساعدت الصين مصر على إرسال قمر الاستشعار عن بعد «مصر سات -2» إلى مداره في عام 2023.
ساعدت الصين مصر على إرسال قمر الاستشعار عن بعد «مصر سات -2» إلى مداره في عام 2023.
حقوق نشر الصورة:Wang Jiangbo/Xinhua via Alamy


أما انسحاب الولايات المتحدة من تمويل جهود التنمية الدولية تلك، فيُتوقع أن تستتبعه عواقب. في هذا الإطار، يقول إنديريتو: "ستختلف طبيعة الشراكات الدولية مع الوقت، وسيطرأ عليها تطوُر، بمعنى أن الشراكات المعتادة قد لا تظل قائمة لوقت طويل. من هنا، علينا أن نبتكر طرقًا للحفاظ على استمرارية برامجنا، من دون الاعتماد على الشراكات الحالية، أو بمعيتها بأساليب مبتكرة". بعبارة أخرى، حسبما يشير ميشاك، ستحتاج الوكالة إلى التحلي بروح الابتكار في مقارباتها في عقد الشراكات.

وتلفت نادين إلى أن الجامعات الأمريكية ووكالة ناسا قد أقاما بالفعل عديدًا من المشروعات التعاونية مع مؤسسات إفريقية، غير أن جهود الولايات المتحدة في هذا الإطار أضعف على صعيد الوحدة والفاعلية الاستراتيجية من مساعي الصين، التي تنظر - حسبما تضيف نادين - إلى إفريقيا كشريك تجاري ومشتر لخدماتها في مجال الفضاء.

برامج فضاء الدول الإفريقية - التي يعود تاريخ بعضها إلى عقود - تركز بالدرجة الأولى على تطوير الأقمار الصناعية لأغراض الاتصالات والاستشعار عن بعد. على سبيل المثال، أطلقت مصر وجنوب إفريقيا أكثر من اثني عشر قمرًا صناعيًا، وتستضيف العديد من الدول الإفريقية المحطات الأرضية التي تستقبل وتعالج بيانات الأقمار الصناعية. على أن عددًا ضئيلا من الدول الإفريقية يملك إمكانات تصنيع الأقمار الصناعية، وغالبية دول القارة تعتمد على موارد أجنبية لإطلاق أقمارها الصناعية. وتركيز الوكالة على إطلاق الأقمار الصناعية وليس بعثات الفضاء الخارجي "لا يعني أنها لن تشارك في مهام أكبر"، بحسبما يفيد إنديريتو الذي يضيف مستدركًا: "نتحلى هنا بالواقعية. فنحن كمن يريد أن يتعلم المشي ليمكنه بعدها الركض".

وهنا تقول وود إن من أبرز الأهداف المزمعة للوكالة دعم التعاوُن داخل القارة الإفريقية وخارجها. فالدول الأكثر خبرة يمكنها مشاركة خبراتها وتحقيق أقصى استفادة من الاحتياجات المشتركة بين مناطق القارة.

ختامًا، تقول وود: "إنه لعهد جديد. في الماضي، ربما بدا أن الفرص لا مكان لها داخل إفريقيا. أما اليوم، فيمكن القول إن القارة باتت تحمل العديد من فرص التعاوُن".

هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور في دورية Nature بتاريخ 6 يونيو عام 2025.

doi:10.1038/nmiddleeast.2025.85