هل يقف التغير المناخي وراء انهيار مباني الإسكندرية؟
06 May 2025
نشرت بتاريخ 6 مايو 2025
شهدت مدينة الإسكندرية الساحلية المصرية انهيار أكثر من 280 مبنى خلال الأعوام العشرين الماضية.. ويعتقد العلماء أن للتغير المناخي يدًا في ذلك.
حقوق الصورة: مجدي إبراهيم
أظهرت دراسة1 حديثة نُشرت في دورية «إيرثز فيوتشر»Earth's Future ، أن الإسكندرية، أكبر مدن مصر الساحلية، تشهد ارتفاعًا حادًا في وتيرة انهيار المباني، وأن هذا يرتبط مباشرةً بارتفاع مستوى سطح البحر وتسرب مياه البحر إلى التربة.
وثَّقت الدراسة انهيار أكثر من 280 مبنًى في مناطق المدينة المطلَّة على البحر خلال العشرين عامًا الماضية. وفي تعليق أدلى به عصام حجي، قائد فريق البحث الذي أنجز الدراسة، وهو الباحث المتخصص في دراسة المياه بكلية فِيتِرْبي للهندسة بجامعة جنوب كاليفورنيا الأمريكية، قال: "المدن الساحلية التاريخية، مثل الإسكندرية، تختفي شيئًا فشيئًا".
خلُصت الدراسة إلى أن انهيار الأبنية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بما يتعرَّض له الخط الساحلي من تآكلٍ شديد، ناجمٍ عن اختلالات في الرواسب نتيجةَ عقودٍ من فشل إدارة المشهد المعماري بالمدينة، والتوسع العمراني غير المنضبط. هذا التآكل، الذي تفاقم مع ارتفاع مستوى سطح البحر، أدى إلى زيادة تسرب مياه البحر إلى التربة، وارتفاع مستويات المياه الجوفية الساحلية. وهذا كله يؤثر بالسلب في استقرار التربة بشكل مطرد، ويسرّع من تآكل أساسات المباني، بما يُفضي في نهاية المطاف إلى انهيارها.
لتقييم الضرر الناجم عن هذه الظاهرة، اعتمد الفريق نهجًا يرتكز على ثلاثة محاور: كانت البداية بإنشاء خريطة رقمية لتتبُّع مواقع المباني المنهارة في ستة من أحياء الإسكندرية، تحوي معلومات تفصيلية عن كل مبنى، تشمل موقعه، وحجمه، ومواد البناء المستخدمة، وعمق الأساس. جمع الباحثون هذه البيانات من تقارير حكومية، وشركات قطاع خاص تعمل في قطاع البناء والتشييد، وكذلك من زيارات ميدانية امتدت بين عامي 2001 و2021.
ثم كان أن ناظَرَ الفريق صور الأقمار الصناعية مع خرائط تاريخية تعود إلى الأعوام 1887 و1959 و2001، سعيًا إلى مراقبة حركة الساحل، وتحليل كيفية تزحزُح الشاطئ وتوغُّله في اليابسة خلال العقدين الماضيين، مما أسهم في ارتفاع مستويات المياه الجوفية.
وأخيرًا، باستخدام صور ملتقَطة بالأقمار الصناعية بين عامي 1974 و2021، حدد الفريق منطقة ساحلية بالمدينة مهدَّدة أكثر من غيرها، بما عليها من أبنية يزيد عددها على 7 آلاف مبنًى معرَّض لخطر الانهيار، لتكون هذه المنطقة بذلك واحدة من أكثر المناطق الحضرية المطلَّة على البحر الأبيض المتوسط عُرضةً لتأثيرات تغيُّر المناخ.
يقول حجي إنه إذا اتُّخذت إجراءات لاحتواء هذه التأثيرات والتخفيف منها، تجمع بين الحلول المعمارية وعلاج الأسباب الطبيعية، فسوف يكون لها تأثير حاسم في التصدي لتداعيات الظواهر المناخية المتطرفة وارتفاع مستوى سطح البحر.
وتقول سارة فؤاد، المؤلفة الرئيسة للدراسة، وهي الباحثة المعمارية في جامعة ميونخ التقنية: "إذا قصرنا النظر على الإسكندرية، سنجد أن هذا يتضمَّن اتخاذ تدابير من قبيل: إنشاء أحزمة خضراء على طول الساحل، وإقامة حدائق ساحلية، واستحداث حوائل طبيعية، كالكثبان الرملية والمناطق المستزرعة".
وتضيف فؤاد: "من شأن هذه الإجراءات أن تثبِّت خط الشاطئ وتحافظ على استقراره، فضلًا عن تقليل معدلات تسرب مياه البحر إلى التربة، وحماية البنية التحتية من الانعكاسات السلبية لتآكل الشاطئ وارتفاع مستوى سطح البحر".
* هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور بموقع «نيتشر أفريكا» Nature Africa بتاريخ 28 أبريل 2025.
doi:10.1038/nmiddleeast.2025.53
1. Fouad, S. S., Heggy, E., Amrouni, O., Hzami, A., Nijhuis, S., Mohamed, N., et al. Earth's Future 13, e2024EF004883 (2025).
تواصل معنا: