أخبار

«كيمي كيه 2»: نموذج ذكاء اصطناعي جديد يخرج من الصين ويفجر ضجة

نشرت بتاريخ 30 يوليو 2025

الإصدار الأحدث من هذا النموذج الجديد ابتكرته شركة «مونشوت» الناشئة للذكاء الاصطناعي، وهو روبوت دردشة مفتوح الأوزان، صُمم ليُسمح للباحثين بالبناء على تصميمه وتطويره.

إليزابيث جيبني

نموذج «كيمي كيه 2» أنتجته شركة «مونشوت» الصينية للذكاء الاصطناعي، وقد أُثني على كفاءته في التأليف والبرمجة.

نموذج «كيمي كيه 2» أنتجته شركة «مونشوت» الصينية للذكاء الاصطناعي، وقد أُثني على كفاءته في التأليف والبرمجة.
حقوق الصورة: CFOTO/Future Publishing via Getty

بعد أن أذهلت شركة «ديبسيك» Deepseek الصينية العالم بنموذج «آر 1»  للذكاء الاصطناعي الذي طرحته في يناير الماضي، بدأ يتعاظم حماس الباحثين لنموذج ذكاء اصطناعي جديد عالي الكفاءة يُتوقع خروجه من الصين.

هذا النموذج الجديد، الذي يأتي باسم «كيمي كيه 2» Kimi K2، طرحته في الحادي عشر من يوليو الجاري شركة «مونشوت» للذكاء الاصطناعي الكائنة في بكين، وهو يقدم أداءً يضاهي أو يتفوق على النماذج الغربية المنافسة له وبعض فئات نموذج الذكاء الاصطناعي «ديبسيك» في عديد من مقاييس الأداء، وفقًا للشركة المنتجة له. ويبدو بالأخص أنه يتفوق في البرمجة، كما أحرز درجات مرتفعة في عدد من اختبارات الأداء مثل اختبار منصة «لايف كود بِنش» LiveCodeBench (التي تستهدف تقييم أداء النماذج اللغوية الكبيرة).

وشأنه شأن نماذج شركة «ديبسيك» للذكاء الاصطناعي، يتسم نموذج «كيمي كيه 2» بأنه مفتوح الأوزان، ما يتيح للباحثين تنزيله وتطويره بالبناء على تصميمه مجانًا. ويمكن الوصول إلى روبوت الدردشة هذا عبر واجهة تطبيقات برمجية (API) بجزء بسيط من تكلفة عدد من نماذج الذكاء الاصطناعي البارزة مسجلة الملكية مثل نموذج «كلود 4»، الذي أنتجته شركة «أنثروبيك» Anthropic في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية.

فعن «كيمي كيه 2»، تقول أدينا ياكيفو، الباحثة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي لدى منصة «هاجينج فيس» Hugging Face للوصول المفتوح إلى العلوم في ولاية نيويورك الأمريكية: "يُمكن للباحثين استخدامه مجانًا، ومواءمته والبناء على تصميمه مع الاستغناء عن الحاجة إلى تدريب نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بهم من الصفر". في هذا الإطار، تشير بيانات منصة «هاجينج فيس» إلى أن النموذج «كيمي كيه 2» بعد يوم واحد من طرحه، جرى تنزيله بمعدل أكبر من أي نموذج ذكاء اصطناعي آخر على المنصة. فتعقيبًا على لحظة طرحه، تقول ياكيفو إنها كانت "لحظة أخرى على غرار إطلاق نموذج «ديبسيك»".

وبعكس العديد من نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى قوية الأداء، لا يُعد نموذج «كيمي كيه 2» من "نماذج التفكير المنطقي"، أي تلك التي تُدرب على التعامُل مع الاستفسارات باستخدام خطوات من التفكير المنطقي. فهو يتخصص بدلًا من ذلك في العمل كنموذج لغوي وكيل كبير، بمعنى أنه يبشر بإجراء مهام متعددة الخطوات باستخدام طيف من الأدوات كتصفح الويب أو الاستعانة ببرمجية لمعالجة البيانات الرياضياتية. يذكر هنا أن بعض النماذج، ومنها إصدارات معينة من «تشات جي بي تي»، يمكنها بالفعل العمل على نحو مماثل، إلا أنها مسجلة الملكية. وحتى الوقت الحالي، تنظر عدة فرق بحثية في مجال الذكاء الاصطناعي في إمكان تكرار إنتاج نماذج ذكاء اصطناعي تحقق أداءً مضاهيًا في العمل كنماذج وكيلة لذلك الذي أفادت شركة «مونشوت» للذكاء الاصطناعي بتحققه في النموذج «كيمي كيه 2».

أفضل النماذج الجديدة

خروج نموذج مذهل جديد للمرة الثانية من الصين في غضون ستة أشهر يدل على أن إنجازًا كهذا ليس مما يُعد مستغربًا. فكما يقول ناثان لامبيرت، الباحث المتخصص في تعلُم الآلة من معهد آلين للذكاء الاصطناعي في مدينة سياتل بولاية واشنطن الأمريكية في نشرته الإخبارية التي تصدر بعنوان «إنتركونيكتس» Interconnects: "لم يكن إطلاق نموذج « آر1 » لشركة «ديبسيك» ضربة حظ، بل كان بالأحرى فصل المقدمة في قصة تطوُر الذكاء الاصطناعي" وفي منشور على موقع «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي كتب أن «كيمي كيه 2» هو "أفضل نماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة مفتوحة الأوزان على مستوى العالم".

يُذكر في هذا السياق أن شركة «مونشوت»، تأسست في مارس من عام 2023، وقبل هذه اللحظة لم يعرف الغرب الكثير عنها. لكن، وفقًا لشركة «كاونتربوينت» Counterpoint لأبحاث السوق في هونج كونج، فإن روبوت الدردشة الخاص بـ«مونشوت»، «كيمي»، والذي استند تصميمه إلى نماذج لغوية كبيرة سابقة، كان بالفعل قد حصد المرتبة الثالثة بين نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر استخدامًا في الصين. وقد أُفيد بأن عملاقتي التكنولوجيا الصينيتين شركة «علي بابا» Alibaba وشركة «تينسنت» Tencent من بين جهات الاستثمار الممولة لتصميمه.

وشأنه شأن الجهات الداعمة له، يُصنف النموذج «كيمي كيه 2» على أنه من العيار الثقيل، إذ يتضمن تريليون معامل، والمعاملات هي القيم القابلة للتعديل التي تُعبر عن قوة علاقات الارتباط بين البيانات في النموذج. وهذا العدد الكبير من المعاملات يصعب بدرجة كبيرة على المختبرات الصغيرة التحكم فيه، بحسب ما يفيد لامبرت. غير أن «كيمي كيه 2» يستخدم 32 مليار معامل فقط في المرة، ويعتمد في ذلك على تصميم من "مزيج من الوحدات المتخصصة"، يسمح له باستخدام الوحدات المناسبة فقط في النموذج في كل مهمة، وهذا يساعد على خفض القدرات الحوسبية التي يتطلبها. 

ويبدو أن النموذج صُمم ليبرع في البرمجة والتأليف معًا. وقد أثنى محللون لأخبار الذكاء الاصطناعي في منشوراتهم على منصة التواصل الاجتماعي «إكس» X على أسلوب النموذج في التأليف، بالنظر إلى أنه يبدو مختلفًا عن ذلك الذي يميز نماذج الذكاء الاصطناعي التقليدية. ويتصدر النموذج حاليًا قائمة أفضل النماذج أداءً في اختبار «v3» لتقييم الكتابة الإبداعية ، والذي يقيِّم استيفاء معايير أداء مثل أصالة الأسلوب في ابتكار الشخصيات، وتلافي الأفكار المبتذلة. كذلك تفوق لفي اختبار «EQ-bench 3» الذي يُقيم الذكاء العاطفي لنماذج الذكاء الاصطناعي في سيناريوهات لعب الأدوار.

أداء النموذج في العلوم

غير أن نموذج «كيمي كيه 2» لا يتفوق في جميع أنواع المهام. على سبيل المثال، حسبما يفيد ماريو كرين، الذي يقود مختبر «آرتيفيشيال ساينتست» Artificial Scientist في «معهد ماكس بلانك لعلوم الضوء» في مدينة إرلانجن الألمانية، في اختبار الأداء المُسمى « « SciMusلتقييم كفاءة نماذج الذكاء الاصطناعي في توقع الأفكار التي سيجدها الباحثون البشريون مثيرة للاهتمام، تفوقت على النموذج خوارزميات نموذج «جيميناي» لشركة «جوجل» ونماذج التفكير المنطقي لشركة «أوبن إيه آي».

لكن حسبما تفيد ياكيفو، تُعد شركة «مونشوت» واحدة من بين العديد من الشركات الصينية التي قررت إتاحة نموذجها للعموم. وهنا يضيف لامبيرت أن الولايات المتحدة تحتاج إلى نموذج مفتوح الأوزان على مستوى النماذج التي أنتجتها شركتا «ديبسيك» و«مونشوت» للتصدي لتضاؤل مكانة البلد في مجال النماذج مفتوحة المصدر الأكاديمية. وهو ما يسميه لامبيرت بـ"المشروع الأمريكي للتفوق على «ديبسيك»".

ويضيف: "مما لا شك فيه أن هذا المشروع تقف وراءه أجهزة مذهلة وعدد من أفضل الباحثين والمهندسين في مجال تعلُم الآلة.  لذا لن أُفاجأ إن خرجت إلى النور [من الصين] نماذج أخرى في الأشهر القادمة".

هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور في دورية Nature بتاريخ 16 يوليو عام 2025.

doi:10.1038/nmiddleeast.2025.124