«كيمي كيه 2»: نموذج ذكاء اصطناعي جديد يخرج من الصين ويفجر ضجة
30 July 2025
نشرت بتاريخ 26 يوليو 2025
حجم الاقتطاع من التمويل البحثي في الولايات المتحدة يعني أن كثيرًا من الباحثين سوف يفقدون وظائفهم.. ومن الحكمة أن يبدأ الباحثون في التفكير في مسارات مهنية بديلة.
حقوق الصورة: Myung J. Chun/LA Times/Getty
تتعرض منظومة البحث العلمي في الولايات المتحدة لهجوم غير مسبوق. فقد بات من الصعب الحصول على تمويل بحثي من مؤسسات كبرى، مثل «معاهد الصحة الوطنية الأمريكية» (NIH) و«مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها» (CDC) و«مؤسسة العلوم الوطنية» ((NSF. وهذه الصعوبة تكون مضاعفة حين يتعلق الأمر بمشروعات تتصل — ولو من بعيد — بمواضيع التنوع والمساواة والشمول الاجتماعي (DEI). وأغلب الظن أن هذا الوضع سوف يستمر لسنوات، ما سيضطر العديد من الباحثين إلى التماس مصادر دخل بديلة، أو حتى الرحيل عن ساحة العلوم تمامًا.
أحد البرامج التي كنت أشرف عليها في جامعتي أُلغي الشهر الماضي. كان هذا البرنامج، وهو برنامج «تحالف لويس ستوكس لدعم مشاركة الأقليات» (LSAMP) يوفّر تمويلًا إضافيًا وتوجيهًا أكاديميًا أسبوعيًا للطلبة من الفئات المهمّشة. إلغاء هذا البرنامج يعني تقليص الفرص المتاحة أمام هؤلاء الطلبة، وهم في الأغلب أول جيل يلتحق بالجامعة في عائلاتهم، وقد جاؤوا من أُسَر منخفضة الدخل ومدارس ضعيفة الأداء. كان تمويل البرنامج يأتي من «مؤسسة العلوم الوطنية»، ويدعم أنشطة التطوير المهني لقادة المستقبل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM). غير أن برنامج «تحالف لويس ستوكس» ليس سوى مثال واحد من أمثلة عديدة على البرامج الأكاديمية التي تواجه خطر الإلغاء.
والمُلاحَظ أن بعض الولايات، ومنها ولاية كاليفورنيا التي أقيم بها، تتعرض لاستهداف مباشر عبر الإلغاء واسع النطاق للتمويل، وتصعيد الإجراءات ضدها على نحوٍ متسارع. فقد أفادت صحيفة «بوليتيكو» Politico قبل بضعة أسابيع أن الحكومة الفيدرالية تنظر في قطع التمويل المخصّص للتعليم والبحث في كاليفورنيا، بسبب الخلاف مستمر حول ملف الهجرة.
المنح البحثية المُلغاة تُقدَّر بمليارات الدولارات. أعرف زميلًا فقد وظيفته في «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية» (USAID)، وآخر كان يعمل مستشارًا لدى «معاهد الصحة الوطنية» لشؤون الفوارق الصحية بين المجموعات السكانية، فُصل من وظيفته هو الآخر. وكثير من زملائي في جامعات كاليفورنيا فقدوا تمويلاتهم البحثية، لا سيما أولئك المنخرطين في دراسات الفوارق الصحية والمواضيع ذات الصلة بالتنوع والمساواة والشمول الاجتماعي، ما اضطرهم إلى البحث عن مصادر دعم بديلة.
التمويل الذي أتلقاه من جهات متعددة يغطّي جزءًا من راتبي، الذي تكفله لي الدولة لكوني أملك وظيفة أكاديمية دائمة. لكن عددًا من الولايات — من بينها هاواي وتكساس وأوهايو — تنظر حاليًا في تشريعات لحظر أو تقييد نظام التثبيت الأكاديمي (tenure). وإن اتسع نطاق هذه التشريعات لتشمل ولاية كاليفورنيا، فسوف أكون في طليعة المعرَّضين للخطر، نظرًا إلى أن عملي يركّز على قضايا باتت موضع استهداف في الوقت الراهن: من أبحاث فيروس نقص المناعة (HIV)، إلى أخلاقيات البحث العالمية، مرورًا بدعم الكفاءات الأكاديمية الشابة التي تدرس التحديات التي تواجه كبار السن في الأقليات.
من السذاجة الاعتقاد بأن هذا الوضع لن ينعكس على سوق العمل الأكاديمي: أتوقع أن يترتب على نضوب منابع التمويل فقدان عدد كبير من الباحثين رواتبهم، ووظائفهم، وتأمينهم الصحي. بل إن هذا بدأ يحدث بالفعل. ولذلك فربما يكون الوقت قد حان ليفكر كثير من العلماء جديًا في البحث عن مسارات مهنية بديلة؛ أو على الأقل، في تنويع مصادر دخلهم تحسبًا لانقطاع التمويل أو فقدان العمل.
يعتقد الكثيرون أن هذه التحديات مؤقتة، وأن الأمور ستعود إلى نصابها في غضون سنوات قليلة؛ لكن هذا وقت طويل للبقاء بلا مصدر رزق. وحتى لو قرر الباحثون الخروج من الولايات المتحدة، فإن فرص التمويل المتاحة بالخارج قد لا تكفي لتعويض الخسائر الحاصلة هنا.
أحد الحلول التي يمكن التفكير فيها تحسُّبًا لهذه الاقتطاعات والتخفيضات، البحث عن مصادر دخل بديلة، جنبًا إلى جنبٍ مع العمل العلمي. لكلٍّ منا مهارات خارج مجال التخصص العلمي. على سبيل المثال، أنا وأسرتي نزرع الأشجار المثمرة والطماطم، ونربّي الدجاج للحصول على البيض، وأبيع هذه المنتجات في دوائر معارفي. ومِن زملائي مَن يتكسَّب من تربية الحيوانات الأليفة، أو تحرير النصوص، أو العمل كمربيات أو طهاة، أو التدريس في المدارس، أو تقديم الاستشارات للمنظمات المجتمعية.
لا أدّعي أن بيع الفاكهة يضاهي شغفي بالبحث العلمي. لكن مجرد امتلاك القدرة والخبرة في الحصول على دخل إضافي في ساعات المساء، أو عطلات نهاية الأسبوع، أو العطلات الرسمية، بات ضرورةً ملحَّةً وسط هذا المناخ السياسي القاتم.
وأدرك أنه إذا ساءت الأمور أكثر، وجفّت موارد تمويل العلماء، فسأضطر إلى تعليق مسيرتي العلمية مؤقتًا، والتفرغ للعمل في الأرض لبضع سنوات، لتأمين لقمة العيش.
أنا محظوظ لكوني باحثًا كبيرًا ولديّ مرونة نسبية ومصادر دخل متنوعة بُنيت على مدار عقود. لكن احتمال فقدان الوظيفة يجب يجب ألا يغيب عنَّا جميعًا، لأنه لم يعد أحد في الوسط الأكاديمي بمنأًى عن هذا المصير اليوم.
فإلى زملائي الباحثين في الولايات المتحدة أقول: خصّصوا وقتًا لاكتشاف شغفكم، أو على الأقل، لتحديد ما تحبونه خارج المختبر. ثم فكّروا في سبل تحويل هذا الذي تحبونه إلى مصدر دخل. ولتستكشفوا آفاقًا مهنية بديلة وأنتم في سعةٍ من أمركم، فحين تبدأ موجة الفصل والتسريح، ربما يكون الأوان قد فات.
* هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور بمجلة Nature بتاريخ 30 يونيو 2025.
doi:10.1038/nmiddleeast.2025.119
تواصل معنا: