أحدث الأبحاث

Read this in English

باحثون يبتكرون تقنيةً فائقة الدقة لتصوير بِنى الزيوليت

نشرت بتاريخ 18 مايو 2023

التقنية الجديدة تُميط اللثام عن تفاصيل بنيوية مُعقدة في بلورات الزيوليت.. كما يُمكن أن تساعد العلماء على تعظيم الاستفادة من هذه المواد المهمة.

تيم ريد

Yu Han & Hui Zhang, 2023

مُركبات الزيوليت هي معادن بلورية مسامية تتكون من الألومنيوم والسيليكون والأكسجين، وتشتمل على تجاويف منتظمة الشكل وقنواتٍ جزيئية الحجم داخل البلورات، مما يُعزِّز دورها المهم كمُمتزاتٍ وعوامل حفازة يمكن الاستفادة منها في المجال الصناعي، لكن ثمة اختلافات دقيقة بين البِنَى الذرية لمختلِف أنواع الزيوليت، ويترتب على تلك الاختلافات أن مُركبات الزيوليت التي تبدو متطابقةً قد تُظهِر سلوكياتٍ مُتباينةً عند استخدامها في تطبيقاتٍ عملية، وهذا من شأنه أن يزيد من صعوبة التنبؤ بمدى الفائدة المحتملة لكل بلورة.

يقول هُواي جانج، الباحث بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) والذي تعاون مع زملائه بالجامعة المذكورة وباحثين من مختلِف أنحاء الصين في العمل على مشروعٍ يهدف إلى ابتكار طريقةٍ جديدةٍ يمكن من خلالها تصوير مُركبات الزيوليت: "المجهر الإلكتروني النافذ (TEM) أداةٌ فعالة في الكشف عن التفاصيل البنيوية للمواد، وذاك أمرٌ بالغ الأهمية من أجل فهم خواص تلك المواد وسلوكياتها".

ويُردف جانج موضحًا: "تنطوي دراسة مُركبات الزيوليت باستخدام المجهر الإلكتروني النافذ على تحدياتٍ كبيرة وتتطلب تقنياتٍ خاصةً منخفضة الجرعة؛ نظرًا إلى أن تلك المواد عُرضةٌ للتأثر بحزمة الإلكترونات؛ إذ يُمكن أن تتلف بنية الزيوليت البلورية في أثناء التصوير عند تعرُّضها لحزمة الإلكترونات، ويُضاف إلى ذلك أن استخدام تلك المجاهر في دراسة مُركبات الزيوليت محدودٌ بقيود أخرى، من بينها الاستبانة المُقيَّدة بالسُّمك، ونقص استبانة العمق، والحاجة إلى تركيز حزمة الإلكترونات بدقة".

وفي سبيل التغلُّب على هذه المشكلة، ابتكر جانج بالتعاون مع الفريق البحثي طريقة تصوير تايكوجرافي (أي التصوير بتراكُب أنماط الحيود) بالاستعانة بمجهر إلكتروني نافذ ماسح رباعي الأبعاد (4D-STEM)، والتصوير التايكوجرافي طريقةٌ حوسبية تُعالِج أنماط التداخل التي تتعرَّض للتشتُّت بفعلِ جسمٍ ما، والجسم في حالتنا هذه هو بلورات الزيوليت، وتوليد صور متعددة للجسم من كل الزوايا المختلفة فوق قاعدةِ مكشافٍ مُقسَّمة إلى وحدات بكسل تجعل من السهل ترتيب جميع الصور في طبقاتٍ بعضها فوق بعضٍ بدقة، ومن ثم تتشكَّل صورةٌ كليةٌ شديدة الوضوح، ثرية التفاصيل.

عن هذا يقول جانج: "التقنية التي ابتكرناها حقَّقت مستوىً قياسيًّا من الاستبانة في تصوير الزيوليت عبر مجموعة كبيرة من عينات متفاوتة السُّمك بلغ أقصى سُمكٍ لها 40 نانومترًا، وهو ما تعجز التقنيات التقليدية المعتمدة على المجهر الإلكتروني النافذ عن تحقيقه، وقد أتاح لنا تصوير العُمق باستبانةٍ تصل إلى المستوى النانومتري إمكانية تشكيل صور ثلاثية الأبعاد لبنية الزيوليت، وتمتاز تقنيتنا بكفاءةٍ أكبر إذا ما قُورنت بالتقنيات الحالية؛ إذ يمكن باستخدامها الاستغناء عن تركيز حزمة الإلكترونات بدقةٍ قبل التصوير".

ويمكن القول إن الصور الناتجة تكون ثريةً جدًّا بالتفاصيل إلى الحد الذي يجعلها تُبرِز ذرات الأكسجين المفردة وتُظهِر التوزيع الثلاثي الأبعاد للمواضع الشاغرة من الأكسجين داخل الإطار البلوري، وتُحدِّد هذه الصور أيضًا الموضع الزاوي للجزيئات المُمتزة وسلوكها بدقة، هذه التقنية الفارقة في التصوير من شأنها أن تُسهِم في تحسين بِنَى الزيوليت المُخلَّق من أجل استخدامها في تطبيقاتٍ صناعية وتعظيم الاستفادة منها.

يقول جانج: "نسعى إلى توسعة نطاق جهدنا البحثي بحيث يشمل أنظمة زيوليت أخرى، من أجل الحصول على توصيفاتٍ بنيوية أكثر تعقيدًا، مع التركيز على تحديد مواضع ذرات الإشابة داخل مُركبات الزيوليت، ولتحقيق ذلك، نحن بحاجةٍ إلى تعزيز استبانة العُمق ودقة إعادة الإنشاء، وإضافةً إلى ذلك، سنستكشف إمكانية الاستعانة بالتصوير التايكوجرافي بالمجهر الإلكتروني النافذ الماسح رباعي الأبعاد في فحص مواد شديدة الحساسية، من بينها الأطر الفلزية العضوية ومُركبات البيروفسكايت الهجينة".

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.57