«زويل» وأثره في إرساء دعائم النهضة العلمية في مصر
08 October 2024
نشرت بتاريخ 4 أكتوبر 2022
بيانات مثيرة للقلق تبين كيف تتفاوت خسائر جائحة «كوفيد-19» ما بين المجتمعات الغنية والفقيرة، تفاوتًا يدفع بعشرات الملايين إلى براثن الفقر، ويلقي بالعبء الأكبر على عاتق الفئات التي تعيش على حد الكفاف.
الصدمات المتلاحقة التي أحدثَتْها جائحة «كوفيد-19» تجاوبت أصداؤها في جميع أنحاء العالم؛ غير أن أحدث البيانات تكشف أن عبء جائحة «كوفيد» وتبعاتها لا يقعان بنفس الدرجة على جميع البلدان. وفي ستة مخططات بيانية، تقدم دورية Nature معلومات مُفَصَّلة عن الكيفية التي أدت بها الجائحة إلى تفاقم أوجه عدم المساواة القائمة، وإبراز أوجه أخرى، فيما يتعلق بالدخل والصحة والسلامة وغير ذلك.
الصورة على الصعيد العالمي
كان وطأة العامين الماضيين ثقيلةً على الفئات الأشد فقرًا في العالم أكثر من غيرها، وهذه ليست سوى البداية. فبحلول نهاية هذا العام، سيزداد عدد الأشخاص الذين سيقعون في براثن الفقر (ليعيشوا على أقلَّ من 1.90 دولار أمريكي في اليوم) عما كان متوقعًا قبل الجائحة 75 مليون شخص على الأقل. فقد أدَّت الحرب في أوكرانيا وارتفاع التضخم إلى مفاقمة آثار الجائحة، إذ ارتفعت أسعار الغذاء والوقود، وكل شيء تقريبًا، ارتفاعًا مذهلًا.
قدَّر الباحثون في البنك الدولي حجم التغيير في أعداد الأشخاص الذين يعانون من الفقر على مدى السنوات القليلة الماضية، بافتراض أن دخل كل فرد قد ارتفع وانخفض بما يتناسب مع التباين في دخل الفرد العادي في بلده. تفترض تقديرات «خط الأساس» أن التضخم يؤثر في جميع الخصائص الديموجرافية بنفس الدرجة، في حين أن الإسقاطات الإحصائية المتشائمة تتوقع أن تأثير التضخم الأكبر سيكون على أصحاب الدخل المتدني (انظر المخطط البياني رقم 1).
وتكشف مجموعة بيانات أخرى، صادرة عن البنك الدولي، كيف أن الفئة التي تكبَّدت أكبر الخسائر المالية هي الفئة الأقل دخلًا. وبحساب التغيُّرات في الناتج المحلي الإجمالي كدليل غير مباشر، قَدَّر الباحثون مقدار الدخل الذي فقده الأشخاص، ومقدار ما استردوه، بالنسبة إلى ما كانوا سيكسبونه لو لم تكن هناك جائحة. وتُبَيِّن النتائج أنه على الرغم من تكبُّد أشخاص، على اختلاف مستويات دخلهم، لخسارةٍ في الأموال، فقد استعاد أصحاب الدخل المرتفع أكثر من نصف خسائرهم في عامي 2020 و2021، في حين أن أصحاب الدخل المتدني لم يعوضوا خسائرهم بالنسبة إلى الزيادات المتوقعة في الأرباح (انظر المخطط البياني رقم 2).
تفاوُت في الخسائر
إلى جانب الصدمات الاقتصادية التي أنتجَتْها الجائحة، كانت لها آثار متفاوتة على صحة الناس. تُظهِر البيانات الواردة من «المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها» (CDC) أن معدلات الوفيات في الولايات المتحدة قد تركَّزَتْ بوجه خاص في السكان الأصليين: إذ وُجد أن معدل الوفيات كان أعلى من معدل الوفيات بين ذوي البشرة البيضاء بنحو 108%، وأكثر بنحو 180% من الأشخاص المنحدرين من أصول آسيوية. خضعت هذه البيانات للتعديل حسب الشريحة العمرية، وهو تصحيح إحصائي يتيح إجراء مقارنات عادلة بين الخصائص الديموجرافية بالتوزيعات العمرية المختلفة (انظر المخطط البياني رقم 3).
في كثير من الأحيان، تقترن الحالة الصحية للفرد بعوامل مثل العمل والسكن؛ فالأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تفتقر إلى الحاجات الأساسية، مثل السكن الكريم أو التعليم، تكون صحتهم في الغالب أسوأ من أولئك الذين يعيشون في المناطق التي تفي بهذه الاحتياجات. والعلاقة نفسها تنطبق العلاقة على جائحة «كوفيد-19»، وفق ما تُبَيّنه إحدى التحليلات البريطانية. وقد استعان ويليام بالمر، اختصاصي الوبائيات في مركز بحوث الصحة البريطاني «نوفيلد تراست» Nuffield Trust في لندن، ببيانات من مكتب الإحصاءات الوطنية ومكتب تحسين الصحة والتفاوتات، لمقارنة معدلات الوفيات جراء الإصابة بمرض «كوفيد-19»، والحالات الصحية الأخرى، قياسًا إلى مؤشرات أوجه الحرمان المتعددة، والتي تقيس مدى حرمان منطقة ما بناءً على عوامل تشمل متوسط الدخل ومعدل التوظيف ومستوى التعليم ومعدل الجريمة.
في ذروة الموجة الأولى من جائحة «كوفيد-19»، في الفترة بين شهرَي مارس ويوليو 2020، كان معدل الوفيات في المناطق التي سجلت أعلى درجات الحرمان في إنجلترا ضعف مثيله في المناطق الأقل حرمانًا. ورُصِدَت درجات مماثلة من التفاوت في بعض الحالات الأخرى (انظر المخطط البياني رقم 4).
وابتكر باحثون في بلدان مختلفة طرقًا أخرى لقياس مخاطر المرض لدى فئات مختلفة. ففي البرازيل، نجد أن لويزا ناصيف بيريز، الخبيرة الاقتصادية في معهد ليفي للاقتصاد في كلية بارد في أنانديل أون هدسون بولاية نيويورك، وزملاءها، قد حدَّدوا لكل ولاية (يُشار إليها بنقطة في المخطط البياني رقم 5) عامل خطر اجتماعيًّا يستند إلى مقاييس تشمل عدد الأشخاص الذين يمتلكون سيارات — مما يقلل الحاجة إلى استخدام وسائل النقل العام — وعدد الأشخاص الذين يعيشون في ظروف مزدحمة. فكان سكان الولايات ذات عوامل الخطورة الأعلى أقل قدرة على تطبيق التباعد الاجتماعي. وقُبيل ذروة الموجة الأولى للجائحة في عام 2020، وجد الفريق أن الأشخاص الموجودين في المناطق ذات عوامل الخطورة الأعلى أُصيبوا بمرض «كوفيد-19» وتُوفوا بسببه بمعدلات أعلى من أولئك الموجودين في المناطق ذات الدرجات الأقل.
كما كان للجائحة تأثير متفاوت على مشاكل الصحة العامة الأخرى، كمفاقمة العنف ضد المرأة مثلًا.
ففي 13 دولة من الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، ذكرَتْ 45% من السيدات اللواتي شملهن الاستطلاع الذي أعدته هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (هيئة الأمم المتحدة للمرأة) إنهن تعرَّضن، أو يعرفن سيدة تعرَّضت، للعنف أثناء الجائحة. يُمكِن أن يكون العنف جسديًّا، مثل الضرب أو رمي شيء على إحداهن، أو لفظيًّا، مثل الصراخ، ويمكن أن يشمل الحرمان من الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء أو الرعاية الصحية، أو ينطوي على تحرش جنسي.
يُبيِّن المخطط البياني رقم 6 نسبة السيدات اللواتي يعتقدن أن العنف ضد المرأة قد ازداد في مجتمعهن منذ بداية الجائحة. أجرى الباحثون استطلاعًا لآراء ما لا يقل عن 1200 سيدة في كل بلد، بالاستعانة بالمقابلات الهاتفية. ونظرًا لعدم تمكن الباحثين من السفر أو التواصل المباشر أثناء إجراء الاستطلاعات، فهم لا يستطيعون مقارنة نتائجهم مباشرةً بالدراسات التي أُجريَّت قبل الجائحة.
سايما ماي صديق: صحفية علمية مُقيمة في مدينة سومرفيل بولاية ماساتشوستس الأمريكية.
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.210
تواصل معنا: