«زويل» وأثره في إرساء دعائم النهضة العلمية في مصر
08 October 2024
نشرت بتاريخ 8 أكتوبر 2023
تتزامن الاستجابات الجسدية لجمهور الموسيقى الكلاسيكية على نحوٍ مذهل.. بما في ذلك معدل ضربات القلب والتنفس وموصلية الجلد
سلطت دراسة منشورة في دورية "ساينس ريبورتس" الضوء على الجوانب الاجتماعية والعاطفية لحضور حفلات الموسيقى الكلاسيكية والكيفية التي قد تؤدي إلى "تجارب مشتركة" بين أفراد الجمهور، وقالت الدراسة إن الحركة وبعض الاستجابات الجسدية -بما في ذلك معدل ضربات القلب، ومعدل التنفس، والتوصيل الكهربائي للجلد- قد تتزامن بين أفراد جمهور تلك الحفلات.
وتشير الدراسة -التي أُجريت على 132 فردًا، حضروا ثلاث حفلات عامة للموسيقى الكلاسيكية- إلى أن الموسيقى لديها القدرة على المزامنة، ليس فقط لعواطفنا، بل لاستجاباتنا وحركاتنا الفسيولوجية أيضًا، كما تقول أيضًا إن الأفراد الذين حصلوا على تصنيف أعلى لسمات الشخصية -مثل القبول أو الانفتاح- أكثر تعرضًا للتزامن مع أعضاء الجمهور الآخرين.
أُجريت الدراسة المعنية في ثلاث حفلات منفصلة، تضم جميعها مقطوعات لمشاهير مثل "بيتهوفن" و"بريت دين" و"يوهانس برامز".
وكان الهدف الأساسي للباحثين هو تحليل الاستجابات الفسيولوجية والحركية لأفراد الجمهور خلال هذه العروض، مع التركيز بشكل خاص على مفهوم "التزامن التعريفي".
يفترض التزامن التعريفي أن الموسيقى لها القدرة على تحفيز استجابات فسيولوجية وحركية متزامنة بين المستمعين، مما يؤدي بشكل أساسي إلى تنسيق ردود أفعال أفراد الجمهور.
يقول المؤلف الأول للدراسة "وولفجانج تشاشر"، الذي يعمل باحثًا في المستشفى الجامعي للطب النفسي بجامعة برن السويسرية: إنه "وفقًا لنظرية التجسيد، يجب أن يرتبط هذا التزامن الجسدي بالعمليات العقلية والعاطفية لأفراد الجمهور".
تقترح "نظرية التجسيد" أن العمليات المعرفية -بما في ذلك الإدراك والعاطفة والفكر- تتشابك تشابُكًا وثيقًا مع الجسم وتفاعُلاته مع البيئة. ففي الجوهر، لا يُنظر إلى العقل على أنه كيان معزول يعالج المعلومات مستقلًّا عن الجسم، بل على أنه مرتبط بعمق بالجسد المادي وتجاربه الحسية، وفق ما يقول "تشاشر" في تصريحاته لـ"نيتشر ميدل إيست".
ويشير "تشاشر" إلى أن التزامن ظاهرة طبيعية تسيطر على الحياة الاجتماعية، بدءًا من التفاعل الخاص بين شخصين وصولًا إلى السلوك الجماعي؛ إذ يوجد التزامن في حركة الجسم وفي علم وظائف الأعضاء، وكذلك في ديناميكيات الدماغ، وذلك على تسلسل هرمي من مستويات مختلفة، "وكونك مستمعًا لحفلة موسيقية يعني أنك تصبح جزءًا من نظام متعدد الأشخاص، تنبض قلوبهم بالإيقاع نفسه، وكلما زاد تقديرك للموسيقى، أصبحت جزءًا من هذا النظام".
في الدراسة، استخدم الباحثون كاميرات علوية وأجهزة استشعار يمكن ارتداؤها لمراقبة المشاركين، الذين ملأوا استبانات حول شخصياتهم قبل الحفل، وما إذا كانوا قد استمتعوا بالأداء، وما هو مزاجهم بعد انتهاء الحفل.بشكل عام، وجد الباحثون تزامنًا ذا دلالة إحصائية في عدة مقاييس؛ إذ تنبض قلوب الناس بشكل أسرع أو أبطأ خلال المقاطع الموسيقية نفسها، كما هو الحال مع مستويات "توصيل الجلد".
ترتبط موصلية الجلد ارتباطًا وثيقًا باستجابة الجسم، فعندما تكون الموصلية مرتفعة، يشير ذلك إلى حالة من الإثارة ويمكن ربطه بالقشعريرة على الجلد، عندما يكون منخفضًا نكون في حالة من الاسترخاء. حتى إن الكاميرات التقطت محاذاة حركات الجسم، والتي كتب المؤلفون عنها أنها "تبدو جديرةً بالملاحظة، إذ كان جمهور جميع الحفلات جالسًا في إضاءة خافتة".
ومع ذلك، على الرغم من تطابُق معدلات التنفس لدى الأشخاص، إلا أن أداءهم للشهيق والزفير لم يكن في انسجامٍ تام.وقد قدمت الدراسة دليلًا ملحوظًا على ما يقوله "تشاشر"؛ إذ أكدت وجود تزامُن فسيولوجي بين رواد الحفل، مقيسًا بمعدل ضربات القلب، ومعدل التنفس، واستجابة موصلية الجلد، بالإضافة إلى ذلك، وُجد أن الحركات داخل الجمهور متزامنة، مما يعزز فكرة أن الموسيقى لها القدرة على توحيد الأفراد في تجارب مشتركة.
وكانت إحدى النتائج الأكثر إثارةً للاهتمام هي العلاقة بين التزامن الجسدي والتجارب الجمالية للجمهور، كان تزامن معدل ضربات القلب -على وجه الخصوص- أكثر وضوحًا عندما أبلغ المستمعون عن شعورهم بالتأثر العاطفي والإلهام من مقطوعة موسيقية، وكذلك عندما كانوا منغمسين تمامًا في الموسيقى.
ويشير هذا إلى أن التزامُن الفسيولوجي الذي لوحظ لدى الجمهور كان مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بكثافة تفاعلهم العاطفي.
فقد كشفت الدراسة أن الإسهامات الفردية في التزامن التعريفي تأثرت بسمات الشخصية؛ فالمشاركون الذين سجلوا درجات أعلى في سمات مثل القبول والانفتاح كانوا أكثر تعرضًا للتزامن مع زملائهم من الجمهور، يشير هذا إلى أن استعداد الفرد لامتلاك سمات شخصية معينة يمكن أن يؤثر على كيفية استجابته للموسيقى والتفاعل مع التجربة الجماعية للحفل الموسيقي.
تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن الجمهور في حفلات الموسيقى الكلاسيكية فعل أكثر من مجرد الاستماع إلى الموسيقى؛ فقد "جسدوها" بعد أن عكست استجاباتهم وحركاتهم الفسيولوجية مشاعر الموسيقى وطاقتها، مما خلق رابطًا عميقًا بين المستمعين والمقطوعات الموسيقية التي تُؤدى.
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.197
تواصل معنا: