رحلة باحثة بين محطات حقل دراسة التكاثفات
04 December 2024
نشرت بتاريخ 31 أغسطس 2023
احتوت مكونات البلسم على شمع العسل والزيوت النباتية والدهون الحيوانية
كشفت دراسة حديثة نشرتها دورية "ساينتفك ريبورتس" اليوم "الخميس"، 31 أغسطس، عن مكونات المستحضر المستخدَم في تحنيط مرضعة الملك المصري السابع بين ملوك الأسرة الثامنة عشرة "أمنحتب الثاني"، مشيرةً إلى أن السيدة كانت تُدعى "سينيتناي"، وعاشت في مصر حوالي 1450 قبل الميلاد.
اكتُشفت بقايا مومياء "سينيتناي" في أوانٍ كانوبية داخل جرتين عُثر عليهما بمقبرة في وادي الملوك بواسطة عالِم الآثار الإنجليزي "هوارد كارتر" عام 1900، وتوجد الجرتان حاليًّا في متحف "أغسطس كيستنر" بمدينة هانوفر الألمانية، والأواني الكانوبية من الأواني ذات الصبغة الجنائزية التي استخدمها المصري القديم عند أدائه لشعائر التحنيط وطقوسه، لحِفظ الجثمان سليمًا أبدًا.
احتوت مكونات البلسم أو المستحضر المستخدم في التحنيط على شمع العسل، والزيوت النباتية، والدهون الحيوانية، والقار، والراتنجات من عائلة الأشجار الصنوبرية التي تشمل الصنوبر والأرز، ومركبات الكومارين العطرية وحمض البنزويك، ومواد أخرى مستوردة في العينات المأخوذة من الجرتين اللتَين استُخدمتا في حفظ أعضاء السيدة النبيلة، ويتمتع كثيرٌ من المنتجات العطرية الموجودة في الخليط بخصائص نشطة بيولوجيًّا تساعد في الحفاظ عليها.
تشير "باربرا هوبر" -الباحثة في معهد ماكس بلانك لعلوم الجيو-أنثروبولوجي، وقائدة فريق البحث- إلى أن هذا المستحضر يكشف أغنى أنواع البلسم التي تم تحديدها لمثل هذه الفترة المبكرة وأكثرها تعقيدًا، مما يسد الثغرات في هذا الجانب، إذ تقدم المصادر النصية المصرية القديمة معلوماتٍ محدودةً عن مكونات البلسم، كما أن مكونات البلسم تؤكد الوضع الاستثنائي لـ"سينيتناي"، وتسلط الضوء على الروابط التجارية الواسعة للمصريين خلال الألفية الثانية قبل الميلاد.
تقول "هوبر" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": وجود بعض المكونات التي يُعتقد أن أصولها غير مصرية في المستحضر يشير إلى أن المصريين أنشأوا طرقًا وشبكاتٍ تجاريةً بعيدة المدى، وربطوها بالأراضي والثقافات البعيدة، ومن بين تلك المكونات المستوردة كان هناك راتنج شجرة الصنوبر، الذي من المحتمل أن يكون قد جاء من شمال البحر المتوسط، والدَّمَر وهو إفراز عضوي (راتنج) يحوي المواد الهيدروكربونية من النبات ويُستخرج من أشجار الديبتيروكارب التي تنمو في الهند وجنوب شرق آسيا.
وتضيف: بلسم سينيتناي عبارة عن خلطات معقدة للغاية مع مواد غريبة من أماكن بعيدة، خاصةً إذا تم التأكد من وجود راتنج الدَّمَر، وتوضح المكونات الموجودة في البلسم أن المصريين القدماء كانوا يحصلون على مواد من خارج مملكتهم منذ وقت مبكر، وإذا تأكد وجود راتنج الدَّمَر -كما هو الحال في البلسم الذي تم تحديده مؤخرًا من سقارة والذي يعود تاريخه إلى الألفية الأولى قبل الميلاد- فسيكشف هذا أن المصريين القدماء تمكنوا من الوصول إلى هذا الراتنج في جنوب شرق آسيا عبر التجارة البعيدة في زمان يسبق ما كان معروفًا في السابق بألف عام تقريبًا.
استخدم الباحثون تقنيات تحليلية متقدمة -تتضمن التفريق اللوني الغازي، وقياس الطيف الكتلي- لإعادة بناء المواد التي ساعدت في الحفاظ على سينيتناي ورائحتها إلى الأبد.
وأفادت الباحثة أن نتائج الدراسة -في جوهرها- لا توفر نافذة على الممارسات الدينية والثقافية للمصريين القدماء فقط، بل توفر أيضًا فهمًا أوسع لتفاعلاتهم مع العالم الأوسع، مع التركيز على أهمية التجارة والترابط بين الحضارات القديمة.
وبالتعاون مع شركة عطور فرنسية، أعاد الباحثون إنشاء الرائحة المستخدمة في البلسم بناءً على النتائج التحليلية التي توصلوا إليها، وسمَّوها "رائحة الخلود"، وستُعرَض الرائحة القديمة في معرض مستقبلي في الدنمارك، ما يتيح لزوار المعرض فرصة التعرف مباشرةً على رائحة العصور القديمة، واستنشاق نفحة من رائحة عملية التحنيط المصري القديم، وفق "هوبر".
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.152
تواصل معنا: