أخبار

التواصُل الاجتماعي عزز تفاعُل المصريات مع العنف الأسري

نشرت بتاريخ 15 أغسطس 2023

أجرى الباحثون دراسةً بمشاركة 5618 مصرية أبدين اهتمامًا بالحصول على المعلومات ومقاطع الفيديو التي تتناول عنف الأقارب والأزواج خلال جائحة "كوفيد-19"

محمد السعيد

cyano66/ iStock / Getty Images Plus Enlarge image
مع تزايُد احتمالات حدوث العنف المنزلي ضد النساء في مصر خلال فترة الإغلاق العام الذي ساد جميع المحافظات المصرية بسبب جائحة "كوفيد-19"، تحولت بعض وسائل التواصل الاجتماعي إلى متنفس لزيادة وعي كثير من المصريات اللاتي تعرضن للعنف الأسري، وتزويدهن بالموارد والدعم والآليات التي تساعدهن على مواجهة هذا العنف.

 

ووفق دراسة نشرتها دورية "نيتشر هيومان بيهيفيور"، وجد فريق بحثي دولي بقيادة "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" أن "فترة الإغلاق بسبب جائحة "كوفيد-19" أدت إلى تزايُد المحتوى الإعلامي الذي تناول قضية العنف المنزلي ضد النساء"، ومن ثم تنامي معرفة النساء بالآليات التي تساعدهن على مواجهة العنف.

 

أجرى الباحثون تجربةً عشوائيةً على عينة من النساء المصريات اللائي جرى التواصل معهن عبر تطبيقي "فيسبوك" و"واتس آب"، وأرسل الباحثون إلى النساء مقاطع فيديو بالإضافة إلى تذكيرات لمشاهدة البرامج التلفزيونية لإحدى المحاميات المصريات العاملات في مجال حقوق الإنسان "نهاد أبو القمصان"، والتي يرتكز عملها على معايير النوع الاجتماعي والعنف.

 

استبانة أولية

 

اشترك الباحثون مع "المركز المصري لحقوق المرأة في القاهرة" من أجل تقييم تأثير نشر حملته الإعلامية "لست وحدك"، وأجروا استبانةً أوليَّةً على 10 آلاف امرأة عبر "فيسبوك"، وتم تقليص العدد إلى 5.618 امرأة أبدين اهتمامًا بالحصول على مثل هذه المعلومات ومقاطع الفيديو، وشاركن في التجربة التي استمرت من يوليو إلى سبتمبر 2020 وتراوحت أعمارهن بين 18 و55 عامًا.

 

يقول "هوراسيو لاريجوي"، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية المشارك في معهد التكنولوجيا المستقل في المكسيك، والمؤلف المشارك في الدراسة: تم توزيع النساء اللاتي أكملن مسحًا أساسيًّا وعبرن عن رغبتهن في تلقِّي معلومات حول قضايا المرأة في مصر بشكل عشوائي إلى أذرع علاجية مختلفة.

 

يضيف "لاريجوي" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تلقت المجموعة العلاجية الأولى رسائل عبر "واتس آب" تذكرهن بموعد البرنامج التلفزيوني ومنصة بثه على مدار ثمانية أسابيع، وفي أذرع العلاج الثلاثة المتبقية، تلقى المشاركون 13 رسالة، إما عبر "واتس آب" أو "فيسبوك" تتضمن رابط موقع إلكتروني ينشر مقاطع فيديو مستضافة على موقع الفيديو "يوتيوب" طوال فترة الأسابيع الثمانية، وبعد تقديم المحتوى المستهدف، أجرينا مسحًا نهائيًّا لمعرفة كيف شكلت العلاجات مواقفهن ومعرفتهن وسلوكياتهن.

 

كان محتوى التدخل المقصود هو المعلومات التي عرضتها "أبو قمصان" في الفيديوهات والتي تناولت قضايا العنف المنزلي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك قضايا مثل التحرش أو التحرش في العمل، وزيادة وعي المرأة بالموارد القانونية والمنظمات الداعمة.

 

استبعاد الرجال

 

يُرجع "لاريجوي" اقتصار التجربة على النساء -دون الرجال- إلى سببين رئيسيين: الأول يتعلق بالمحتوى نفسه الذي يقدمه المركز المصري، والذي يستهدف النساء على وجه الخصوص، أما السبب الثاني فيرجع إلى تجنيب النساء مخاطر التعرض للتحرش الإلكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي في حالة تضمينهن في مجموعات مختلطة الجنس.

 

وتعاني مصر مستوياتٍ عاليةً من عدم المساواة بين الجنسين والعنف القائم على النوع الاجتماعي؛ إذ تحتل المرتبة 129 من بين 153 دولة في مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2020 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، وفق الدراسة.

 

ويوضح الباحثون أن "النساء من مختلِف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية يبلغن عن مستويات عالية من العنف، وأن 36٪ من النساء المتزوجات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا يتعرضن للعنف الجسدي الأسري"، مضيفةً أنه "على الرغم من هذا الانتشار المرتفع للعنف، فإن ثلث النساء اللاتي شملهن الاستطلاع حاولن التعرف على وسائل تساعدهن على مواجهة العنف، وأكثر من نصف النساء المتزوجات اللاتي شملهن الاستطلاع في عام 2005 يرون أن العنف المنزلي الجسدي كان له ما يسوِّغه في بعض الحالات".

 

المعتقدات طويلة الأمد

 

وتشير النتائج إلى أن 45٪ من المشارِكات في التجربة زرن الموقع الإلكتروني الذي يستضيف البرامج المصورة، وشاهدن نحو 2.6 حلقة، وحقق إرسال رسائل "واتس آب" الشخصية أعلى تأثير في مشاهدة المستهدفات للبرامج.

 

يقول المؤلفون إنه قبل المشاركة في التجربة، كان 28٪ فقط من النساء اللائي شملهن الاستطلاع على دراية بوجود موارد على الإنترنت تساعدهن على مواجهة العنف، و22% منهن فقط يعرفن أن هناك منظمات تدعم النساء اللاتي يعانين من العنف القائم على النوع الاجتماعي. 

في شهري سبتمبر وأكتوبر عام 2020، أجرى المؤلفون استطلاعًا آخر للمتابعة شمل 4165 امرأة، ووجد الباحثون أنه على الرغم من تزايُد تفاعُل النساء مع المعلومات ومقاطع الفيديو التي تتناول قضية العنف الأسري، لم تُظهر الدراسة أي تغيُّر في المواقف طويلة الأمد حول قضايا المساواة بين الجنسين والزواج، والعنف الجنسي؛ إذ وجد الباحثون أن المشاركة في التجربة واكتساب المعرفة بالموارد وحتى مشاهدة بعض المحتوى الداعم لم تُسهم في تغيير المعتقدات الأساسية طويلة المدى لدى المشارِكات حول مكانة المرأة في المجتمع.

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.133