كيف آل الحال بشركة سلحت علماءها بأدوات الذكاء الاصطناعي؟
09 December 2024
نشرت بتاريخ 11 يوليو 2019
فيروس غزير الوفرة مكتشَف حديثًا ربما كان موجودًا في المعي البشري منذ ملايين السنين.
ذكر فريق دولي مكون من أكثر من 100 عالِم1 أن عاثية منسيّة -وهي فيروس يصيب البكتيريا بالعدوى، تسمى crAssphage، وُصفت لأول مرة2 في عام 2014- شائعة الانتشار بين البشر، ولا يبدو أنها ترتبط بالصحة الجيدة أو بالمرض.
"هذه هي المرة الأولى التي تُبدي فيها عاثيةٌ مرافقةٌ للإنسان توزُّعًا حقيقيًّا منتشرًا في جميع أنحاء العالم"، وفق قول المؤلف الرئيسي وخبير المعلوماتية الحيوية، روبرت إدواردز، من جامعة ولاية سان دييغو، ويتابع: "من اللافت أننا في كل مكان نجد فيه البشر، نجد crAssphage أيضًا".
وبجهد جماعي هائل، عمدت الدراسة إلى تحليل 32273 تسلسلًا للحمض النووي لفيروس الأمعاء من أكثر من 60 بلدًا. لقد وجدوا آلافًا من سلالات crAsphage المختلفة بدقّة في جميع أنحاء العالم، تميل إلى التجمع محليًّا ضمن البلدان، والذي يمكن تفسيره جزئيًّا بالأنماط الحديثة للهجرة البشرية.
وقد عمدوا أيضًا إلى فحص الحمض النووي لمجموعات بشرية نائية، ووجدوا تسلسلات تشبه تلك الموجودة في crAssphage في عينات من مالاوي ومن حوض الأمازون في فنزويلا.
"لقد كان الفضول دافعنا"، وفقًا لقول رامي عزيز، المؤلف المشارك من جامعة القاهرة، مصر، الذي كان بين عدد قليل من الباحثين في أفريقيا. "اتضح أن العاثية أعمق تجذّرًا في السلالات البشرية مما هو متوقّع".
البحث عن crAssphage عند أقاربنا من الرئيسيات
للتحقق من التاريخ التطوري للعاثية، بحث الفريق عن التسلسلات المشابهة لتلك الخاصة بـcrAssphage في خمسة أنواع من الرئيسيات غير البشرية: البابون، والغوريلا، والشمبانزي، والقرود العوّاءة، والليمور.
لم تكشف الاختبارات الأولية التي أُجريت باستخدام أداة تُدعى بلاست BLAST لمقارنة تسلسل الحمض النووي، عن نتائج مهمة لمثل هذه التسلسلات. ولكن عندما جمع باس دوتيل، من جامعة أوتريخت، المؤلف الرئيسي الآخر، هذه النتائج التي كانت تبدو غير ذات أهمية، واستخدم طريقة أخرى لمطالعة البيانات تُدعى (المخطط النقطي – dot plot)، ظهر تشابه واضح. وباعتبار أن crAssphage لم يمكن العثور عليه من قبل خارج السياق الإنساني، فقد كان هذا اكتشافًا مذهلًا.
يشير التشابه إلى الاستقرار الجينومي طويل المدى لـcrAssphage في أمعاء الرئيسيات، ويقترح وجود "تطور ثلاثي بين الفيروس، ومضيفه (بكتيريا)، والبشر وغيرها من الرئيسيات"، كما يقول إدواردز، الذي يضيف: "لقد خيضت هذه المعركة التطورية لملايين السنين".
ساكن حميد، وهادئ
عن طريق تحليل البيانات الوراثية والصحية البشرية المستقاة من أكثر من 1000 مشارك في مجموعة Dutch LifeLines DEEP، وجد الفريق أن crAssphage لا تترافق معها اختلافات في النظام الغذائي أو أي مؤشر على الصحة أو المرض.
هذا الأمر يطرح سؤالًا عن الدور الذي قد تؤديه crAssphage. "تشير أبحاثنا إلى أن crAssphage عاثية حميدة. لقد كانت ناجحةً جدًّا واستمرت مدة طويلة عن طريق عدم إحداث أي مشكلات!"، وفق قول إدواردز. نظرًا إلى أنه ليس معروفًا بعد ما إذا كانت crAssphage تُسهم إيجابيًّا في تكوين مضيفها أو أنها تقبع في كنفه بشكل سلبي، فإنه يعتزم استكشاف هذا الموضوع بمزيد من التفاصيل.
ويضيف: "إننا لا نفهم تمامًا دور العاثيات في الميكروبيوم البشري"، ويتابع: "ربما كانت تغيّر مكوّنات أمعائنا... ومن المؤكد أنها ستؤثر على طريقة عمل الأدوية".
بناءً على الأدلة ، يوافق دوتيل على أن crAssphage "حميدة بالفعل". تطرح هذه النتائج العديد من الأسئلة الجديدة. "سيكون من المثير للاهتمام تحديد نطاق مضيفها. هل هي نوعية جدًّا مثل العديد من العاثيات الأخرى، أم أنها تستطيع إصابة مضيفين آخرين؟ وهل يمكن أن يفسر هذا سبب وفرتها؟".
اتجاهات مستقبلية
قد تكون العاثية مفيدةً في تطبيقات الطب الشرعي كواسم سريع وموثوق لتلوث المياه. "تشير التجمعات المحلية التي وجدناها في هذه الدراسة إلى احتمال استخدام crAssphage لتتبُّع مصدر عينات البراز"، وفق قول عزيز. "مع الجهود الحالية لتوصيف الاختلافات بين تنوعات crAssphage حول العالم، فقد يكون من الممكن أيضًا استخدام تسلسلات محدّدة لـcrAssphage بغية تتبُّع هجرة البشر".
ويجري العمل أيضًا للكشف عن أدلة على وجود crAssphage عند البشر الأوائل. لقد فحص الفريق حتى الآن عينات من الحمض النووي من أوتزي، أقدم رفات معروف لرجل أوروبي عاش في الفترة بين 3400 و3100 قبل الميلاد، وثلاث مومياوات أنديزية من الفترة السابقة لكولومبوس يرجع تاريخها إلى القرن الحادي عشر الميلادي على الأقل. على الرغم من أنهم لم يعثروا على أي نتائج بعد، فقد يكون هذا عائدًا إلى صعوبة العثور على حمض نووي سليم من الأمعاء القديمة. "إننا بصدد إنشاء مختبر خاص لتحليل الحمض النووي القديم في جامعة أوتريخت، وهذا يشمل استخراجه، ووضع تسلسله، وتحليله من الناحية المعلوماتية الحيوية"، وفقًا لدوتيل.
doi:10.1038/nmiddleeast.2019.99
تواصل معنا: