مقالات
Commentary

Read this in English

حماية مدبري فضلات الطبيعة

نشرت بتاريخ 4 يونيو 2019

تمثل بلدان الخليج العربي موئلًا جيدًا للنسور. ثمة حاجة إلى جهود للمحافظة عليها هكذا، وفق دعاة الحفاظ على البيئة1 .

مايكل مكغريدي، طارق العامري وأندرو سبالتون

النسر المصري البالغ (Neophron percnopterus) نوع مهدد عالميًّا وله مع البشر علاقة تبادل منافع، ويتغذى عادةً على الفضلات بشرية المنشأ.
النسر المصري البالغ (Neophron percnopterus) نوع مهدد عالميًّا وله مع البشر علاقة تبادل منافع، ويتغذى عادةً على الفضلات بشرية المنشأ.


Michael McGrady
تبدو بعض بلدان شبه الجزيرة العربية، مثل عُمان واليمن والمملكة العربية السعودية، معاقلَ صريحةً للنسور، ومن ضمنها نسر الأذون أو العقاب النوبي Torgos tracheliotos  والنسر المصري Neophron percnopterus، والتي تبدو أعداد مجموعاتها مستقرة أو متزايدة2  3  4 . هذه البلدان مهمة أيضًا لهجرة الطيور القَمّامة أو الزبّالة (آكلة الجيف)، ومن ضمنها عُقاب السهوب Aquila nipalensis المهدد بالانقراض، والذي ينتقل إلى المنطقة كل شتاء5  6 .  

وباعتبارها مدبرات نفايات الطبيعة، توفر الطيور الزبّالة استهلاكًا مجانيًّا للمخلّفات الحيوية، التي يمكنها أن تكون ناقلةً للأمراض وتستطيع تشجيع انتشار سواها من آكلات الجيف، كالكلاب الوحشية التي يمكنها أن تحمل داء الكلب 7 .  

ووفق الأعداد في مقالب القمامة8  9  10 ، فإن عشرات آلاف الكيلوغرامات من النفايات تُستهلك سنويًّا عن طريق الطيور الزبّالة في بضعة مواقع فقط في عمان واليمن. يخدم الحفاظ على الطيور الزبّالة المصالح البشرية عن طريق تمكينها من توفير خدماتها الإيكولوجية القيّمة هذه. وينطبق هذا على شبه الجزيرة العربية وغيرها من الأماكن.

تتعرض الطيور الزبّالة الموجودة في أوروبا وإفريقيا وآسيا -وخاصةً النسور- لضغوط  حفظ كبيرة11  12 . وتختلف التهديدات التي تواجهها من بلد إلى آخر، ولكنها تشمل التسمم المستهدف وغير المقصود، والصعق الكهربائي، وقلّة الغذاء، واستخدام أجزاء الجسم في الطب القائم على المُعتقَد. تسببت هذه التهديدات بدورها في انخفاض أعداد المجموعات بشكل كارثي، ودفعت ببعض الأنواع لتصبح مهددةً بالانقراض13 .

إن أسباب الحالة الصحية للمحافظة على الطيور الزبّالة في معظم أنحاء شبه الجزيرة العربية تختلف جغرافيًّا، ولكن من المرجح أن تكون مرتبطةً بالأغذية السليمة من مصادر بشرية، وأماكن التعشيش الآمنة الوفيرة، وانخفاض مستويات البنية التحتية الكهربائية الخطرة، والمستويات المنخفضة نسبيًّا من السموم والملوِّثات التي كانت تمثِّل تهديدًا كبيرًا لمجموعات الطيور في الهند والبلدان المحيطة بها14  15 .  

 تستفيد النسور المصرية من الأغذية المتوافرة في محيط النشاط البشري، أما نحن فنستفيد من خدمات التخلّص من النفايات التي تقدمها. يتضح هذا التنافع (التعايش متبادل المنافع) في أماكن مثل جزيرة سقطرى في اليمن9  2  وجزيرة مصيرة في عُمان10  3 ، حيث تُوجَد أفضل كثافات الاستيلاد في العالم مع استمرار الممارسات التقليدية للثروة الحيوانية والزراعة والصيد. كما يمكن رؤية تبادل المنافع بين النسور والإنسان حول مجتمعات بشرية أكثر حداثة، كما في القرب من مسقط في سلطنة عمان، حيث يتم تدبير نفايات البلديات في مكب نفايات هندسي حديث، وحيث تتغذى أعداد هائلة من النسور المصرية يوميًّا8 . 

نسور السهوب (Aquila nipalensis) المهددة عالميًّا، لَقْلَقْ أبديم (Cincona abdimii)، وغراب المنزل الهندي (Corvus splendens) تتغذى في موقع للتخلص من النفايات. مجتمعةً، تستهلك الطيور الزبالة كميةً كبيرةً من النفايات.
نسور السهوب (Aquila nipalensis) المهددة عالميًّا، لَقْلَقْ أبديم (Cincona abdimii)، وغراب المنزل الهندي (Corvus splendens) تتغذى في موقع للتخلص من النفايات. مجتمعةً، تستهلك الطيور الزبالة كميةً كبيرةً من النفايات.
Michael McGrady
ومع ذلك، فإن النسور المصرية الموجودة في شبه الجزيرة العربية تواجه بيئةً متغيرةً تلوح تهديدات في أفقها. يتغير توافر الأغذية مع تغير الاستهلاك البشري وطرق تدبير النفايات16 . فخطر الصعق بالكهرباء يتزايد مع توسُّع شبكات توزيع الطاقة. 

وبينما تحمل التغيرات التي يقودها الإنسان قدرةً على التأثير سلبًا على مجموعات النسور، إلا أن تخفيف حدة العديد منها أو التغلُّب عليها أو حتى تحويلها إلى إيجابي أمر ممكن عن طريق التخطيط الفعال. بالإضافة إلى ذلك، فإن اعتبار النسور أحد عوامل الإستراتيجيات يمكنه التقليل من تكاليف تدبير النفايات؛ لأن النسور تستهلك بعض النفايات. ما زالت بلدان الخليج العربي آخذةً في التطور، لذلك يمكن بناء بنية تحتية جديدة لتكون ملائمةً للنسور منذ البدء، ويمكن تخطيط تدبير النفايات بحيث يضمن بقاء غذاء النسور متوافرًا بأمان. إنها فرص حقيقية.

نظرًا للتطور السريع في شبه الجزيرة العربية، وأهمية المنطقة لفائدة الطيور الزبّالة المقيمة والمهاجرة، فإن الحفاظ على الطيور الزبّالة هناك أمر منطقي ويخدم الغرض. هذا هو الهدف الذي ندعمه. يمكن تطبيق جهود الحفظ عن طريق التخطيط المسبق بدلًا من العمل العلاجي، مما يشير إلى أن هذه الجهود يمكن أن تكون مُجدية اقتصاديًّا أو حتى موفّرة للمال. 

نُشرت خطة عمل للمحافظة على النسور11  تضع في اعتبارها أن الطيور الزبّالة تتناقص عدديًّا، ولكنها مفيدة للبشر، وأن تدبير النفايات بطريقة جيدة يمكنه أن يفيد الطيور والبشر بشكل مباشر17 . أيضًا، نشرت دورية بيرد لايف إنترناشيونال BirdLife International17  إرشادات حول تدبير النفايات تركز على الشرق الأوسط، وبدأت مشروع الطيور المهاجرة المحلّقة (https://www.birdlife.org/middle-east/projects/migratory-soaring-birds). وبالإشارة إلى الوضع في جزيرة سقطرى، دعا الباحثون إلى إعادة تأسيس العلاقة متبادلة المنافع بين النسور المصرية والناس في المناطق التي تتراجع فيها أعداد النسور (Gongoso et. al9 ).  

إن الوضع الحالي الإيجابي للطيور الزبّالة في شبه الجزيرة العربية تعززه بيئة سخيّة نسبيًّا أمر جيد، لكن يجب ألا يكون سببًا لعدم الإقدام على العمل. إذا لم يُتخذ أي إجراء على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية، فسوف تستمر حالة التناقص الحادة وسنخسر مدبّري النفايات الطبيعيين، بالنتيجة، ربما حتى في معاقلها الغنية الحالية، مثل شبه الجزيرة العربية.

doi:10.1038/nmiddleeast.2019.84


  1. مايكل مكغريدي عالم مختص بشؤون البيئة في مركز أبحاث الطيور الدولي في كريمس، النمسا. طارق العامري هو الرئيس التنفيذي لشركة عمان للخدمات البيئية القابضة ش.م.ع (بيئة)، ومقرها في مسقط، عُمان. أندرو سبالتون مستشار شؤون البيئة، مكتب الوزير، ديوان البلاط السلطاني في مسقط، عمان. 
  2. Porter, R. & Suleiman, A.S. The Egyptian Vulture Neophron percnopterus on Socotra, Yemen: population, ecology, conservation and ethno-ornithology. Sandgrouse 34, 44–62 (2012).
  3. Angelov, I. et al. Large increase of the Egyptian Vulture Neophron percnopterus population on Masirah Island, Oman. Sandgrouse 34, 140–152 (2013).
  4. Meyburg B.-U. et al. Oman’s resident Egyptian Vulture Neophron percnopterus population appears much larger than estimated. Br. Birds. In press.
  5. McGrady, M.J. Diurnal raptor migration, including wintering, on the Arabian Peninsula, an overview. Sandgrouse Suppl. 4, 85–104 (2018).
  6. https://steppeeaglesoman.blogspot.com/
  7. Markandya, A. et al. Counting the cost of vulture decline—an appraisal of the human health and other benefits of vultures in India. Ecol. Econ. 67, 194–204. (2008).
  8. Al Fazari, W.A. & McGrady, M.J. Counts of Egyptian Vultures Neophron percnopterus and other avian scavengers at Muscat’s municipal landfill, Oman, November 2013–March 2015.  Sandgrouse38, 99–105 (2016).
  9. Gangoso, L. et al. Reinventing mutualism between humans and wild fauna: insights from vultures as ecosystem services providers. Conserv. Lett. 6, 172–179 (2013).
  10. Al Farsi, G. et al. Use of the municipal dump site on Masirah Island, Oman by Egyptian vultures Neophron percnopterus, 2013–2018. Sandgrouse. In press.
  11. Botha, A. J. et al. Multi-species Action Plan to Conserve African-Eurasian Vultures. CMS Raptors MOU Technical Publication No. 5. CMS Technical Series No. 35. Coordinating Unit of the CMS Raptors MOU, Abu Dhabi, United Arab Emirates (2017).
  12. Safford, R. et al. Vulture conservation: the case for urgent action. Bird Conserv. Int. 29, 1–9 (2019). 
  13. IUCN 2019. The IUCN Red List of Threatened Species. Version 2019-1. http://www.iucnredlist.org. Downloaded on 21 March 2019.
  14. Green, R.E. et al. Diclofenac poisoning as a cause of vulture population declines across the Indian subcontinent. J. Appl. Ecol. 41, 793–800 (2004).
  15. Cuthbert, R. et al. Rapid population declines of Egyptian vulture (Neophron percnopterus) and red‐headed vulture (Sarcogyps calvus) in India. Anim. Conserv. 9, 349–354 (2006).
  16. McGrady M.J. et al. Home range and movement of Egyptian Vultures in relation to rubbish dumps in Oman and the Horn of Africa. Bird Study 65, 544–556 (2018).
  17. BirdLife International 2013.  http://migratorysoaringbirds.undp.birdlife.org/sites/default/files/waste_management_best_practices.pdf