أخبار

استكشاف الصلة بين المبيدات الحشرية وداء باركنسون

نشرت بتاريخ 17 فبراير 2014

تعاون مصري ألماني يبدأ دراسة عن انتشار داء باركنسون في الريف المصري.

لويز سارانت


يأمل محمد سلامة أن تتمكن الشبكة الجديدة من تحسين البحث العصبي في مصر.
يأمل محمد سلامة أن تتمكن الشبكة الجديدة من تحسين البحث العصبي في مصر.

تُجرى دراسة كبيرة على الصلة بين التعرض للمبيدات الحشرية والنسبة المرتفعة من داء باركنسون (PD) في مصر، أملاً في أن تستكشف التأثير النسبي للبيئة والوراثة على هذه الحالة.

وسيسعى التعاون الجديد بين أطباء الأعصاب المصريين والألمان إلى محاولة تحديد الأسباب الكامنة وراء الانتشار المرتفع للإصابة بالمرض التنكسي العصبي في مصر، وخاصة في أوساط المزارعين والمقيمين في المناطق الريفية.

هناك ندرة في الدراسات الوطنية الشاملة عن داء باركنسون، ولكن جامعة أسيوط قامت بإجراء مسح مجتمعي، مدفوعة بالأعداد الكبيرة من مرضى داء باركنسون الذين أدخلوا إلى مستشفى جامعة أسيوط. وقد استخدمت الشبكة المصرية للاضطرابات العصبية التنكسية (ENND) -التي تشكلت حديثًا- هذا البحث بوصفه نقطة انطلاق؛ في محاولة لسدّ هذه الفجوة البحثية وتحديد ما إذا كانت البيئة و/أو الوراثة هي العوامل الرئيسية في انتشار داء باركنسون.

تقول إيمان خضر -المختصة بطب الأعصاب في قسم الأمراض العصبية والنفسية في جامعة أسيوط، والتي قادت الدراسة-: "إن جامعة أسيوط رائدة في مجال استخدام تحفيز المخ غير الباضع بحسبانه أداة علاجية لاضطرابات عصبية مختلفة، ومنها داء باركنسون".

تُعَد الشبكة المصرية للاضطرابات العصبية التنكسية نتيجة جهد تعاوني بين جامعة ميونيخ التقنية (TUM) وجامعة المنصورة (بتمويل من هيئة التبادل الأكاديمي الألمانية). وقد انضمت ست عشرة جامعة في مصر إليها، وستجمع بيانات عن مرضى داء باركنسون في جميع أنحاء البلاد.

حصل كل من محمد سلامة، المختص بعلم السموم في جامعة المنصورة، والمنسق المصري لـENND، وغونتر هوجلنر، طبيب الأعصاب في قسم التنكس العصبي الانتقالي، على منحة من هيئة التبادل الأكاديمي الألمانية؛ لدراسة التفاعل بين الخلفية الوراثية والتعرض للمبيدات الحشرية من ضمن مسببات داء باركنسون في مصر.

التعرض المرتفع للمبيدات الحشرية

غالبا ما يركّز علم الأعصاب في مصر على علاج المرضى بدلا من إنتاج البحث العلمي.

"هناك تعرض مرتفع بشكل غير عادي للمبيدات الحشرية؛ بسبب الظروف الجغرافية والزراعية في مصر"، كما قال هوجلنر.

ولا يشير سلامة إلى الاستعمال الحر للمبيدات الحشرية فحسب، بل أيضا لطريقة التعرض لها. "في مصر ليس هناك احترام للتدابير الوقائية الأساسية في أثناء الرش؛ فالمزارعون لا يغطون أفواههم، ولا يرتدون القفازات، ولا يغسلون أيديهم بعد الرش، لذلك حتى لو كانت المبيدات وجرعة رشها مماثلة لتلك التي في البلدان الأخرى، فإن معدل التعرض لها أكبر"، كما يقول.

في أثناء العام الماضي، جمع الباحثون معلومات من مرضى داء باركنسون حول مدينة المنصورة، ووجدوا تماثلا في صفاتهم العامة؛ فهم مزارعون كثيرو التعرض للمبيدات الحشرية.

ونظرا لأن المنصورة منطقة زراعية، فهم بحاجة للوصول إلى كافة الديمغرافيات في مصر لإنجاز دراسة موضوعية.

يبحث سلامة وهوجلنر عن طفرات في الجينات التي تعمل عادة على تخليص الجسم من المواد السامة بعد التعرض لها. "إذا لم تكن هذه الجينات مصابة بالأذى في الأساس، فستكون قادرة على التخلص من الجرعات العادية اليومية"، يقول سلامة. ولكن إذا كان الجينات معيبة، فقد تستغرق عملية إزالة السموم مدة تصل إلى أسبوع، مما يؤدي لتعرض أطول أمدا للمادة السامة.

يعتبر هوجلنر أن إنشاء الشبكة الجديدة يمثل تقدما كبيرا بالنسبة للدراسة الحالية وللبحوث العصبية في مصر. "غالبا ما يركز علم الأعصاب في مصر على علاج المرضى بدلا من إنتاج البحث العلمي"، يقول سلامة، الذي يأمل أن يكون الدعم التقني الذي تقدمه جامعة ميونيخ التقنية مساعدا للباحثين المصريين على النشر في الدوريات ذات التأثير الكبير، مما سيتيح لهم "التقدم بطلب للحصول على منح أكبر في المستقبل".

ستعمل الجامعات المشاركة على جمع المعلومات عن مرضى داء باركنسون وتحديد مرحلة المرض قبل تصنيفهم ضمن المجموعة "المعرضة للمبيدات الحشرية" أو "غير المعرضة للمبيدات الحشرية". كما ستعمل أيضا على متابعة مجموعات شاهدة من الأشخاص المعرضين بشدة ممن لم يتطور المرض لديهم؛ للتأكد من أن البروفيل الجيني لشخص ما يمكن أن يؤثر على حساسية التعرّض للمبيدات الحشرية.

يقول سلامة: إن جميع المصريين معرضون بدرجات مختلفة إلى مستويات متفاوتة من المبيدات الحشرية، ويصنّف هذا التعرض إلى ثلاث فئات: مجموعة عالية التعرض تتكون في معظمها من المزارعين، ومجموعة متوسطة التعرض تشمل سكان الريف، ومجموعة منخفضة التعرض يشكلها سكان المناطق الحضرية الذين يتعرضون لمستوى أقل من المبيدات الحشرية عن طريق الغذاء. وأضاف أنه تم تحديد 200 مصاب بداء باركنسون من أجل الدراسة، ولكن ثمة احتياج لما لا يقل عن 2000 شخص للوصول إلى نتائج جيدة.

doi:10.1038/nmiddleeast.2014.48