لماذا حصد التنبؤ ببنية البروتينات جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2024؟
12 October 2024
نشرت بتاريخ 27 أكتوبر 2013
من المتوقع أن يتضاعف معدّل حدوث السرطان في الشرق الأوسط خلال العقد القادم، وهذه الزيادة تتجاوز أي زيادة في أي جزء من العالم، وقد دعت السلطات الصحية إلى تجاوب منسق لمواجهة هذا العبء المتزايد.
وفي حين أن المعدل الحالي أقل بثلاث إلى أربع مرات في الشرق الأوسط مما هو عليه في العالم المتقدم، فإن معدّلات البقاء على قيد الحياة أقل بكثير من مثيلاتها في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، وتحدث قرابة نصف إجمالي الحالات قبل سن الخامسة والخمسين، أي نحو 10– 20 سنة أبكر من سنّ حدوثها عموما في الدول الصناعية.
في العقد الماضي، تم تجهيز العديد من المنظمات الدولية لكي تواجه عبء السرطان في الشرق الأوسط. وتشارك الآن مؤسسات بحثية مختلفة في المنطقة في التجارب السريرية التي تختبر طرقا جديدة للكشف عن هذا المرض وعلاجه، بالإضافة إلى بحوث الأورام الأساسية.
يشكّل عدم وجود السجلّات أحد التحديات الكبيرة. "كان هناك بالفعل تسجيل في إسرائيل، بالإضافة إلى بعض الجيوب الصغيرة في كل من القاهرة والإسكندرية، ولكن ليس في بلدان أخرى"، كما يقول مايكل سلبرمان، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لاتحاد مكافحة السرطان في الشرق الأوسط (MECC)، وهي منظمة حكومية دولية تأسست في عام 1996، إثر اتفاق بين وزارات الصحة في كل من قبرص ومصر وإسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية، وفي عام 2004 بتركيا.
يقول سلبرمان: "لقد أدرك جميع المشاركين أن السرطان كان سيصبح مشكلة صحية حقيقية في الشرق الأوسط"، ويتابع: "ولكن أحدا لم يعرف أعباء المرض، لذلك كان أول ما قمنا به هو إنشاء شبكة لتسجيل السرطان في جميع الدول المشاركة".
إن سرطان الثدي هو الشكل الأكثر تسيّدا في الشرق الأوسط، ويليه سرطان المثانة، فسرطان الرئة، فسرطان الفم، ثم سرطان القولون. معدلات البقاء على قيد الحياة لسرطان الثدي مرتفعة جدا في المراحل المبكرة. ولكن البيانات التي حصلوا عليها حديثا أظهرت لسلبرمان وزملائه أن الغالبية الكبرى من مرضى السرطان في الشرق الأوسط لا تراجع طبيبا إلا بعد فوات الأوان. في الأردن ومصر وسوريا والسودان، يكشف عن أكثر من 65٪ من حالات سرطان الثدي في مراحلها المتقدمة فقط، أي عندما يصبح العلاج الجراحي غير ذي جدوى.
يختلف الحال في البلاد الأخرى. "يجب أن نميّز بلدان الخليج عن سواها من بلدان الشرق الأوسط"، يقول أراش رفيع -من كلية وايل كورنيل في الدوحة- "ففي الخليج للمرضى فرص جيدة جدا للحصول على الرعاية الصحية. هنا في الدوحة تجرى الفحوص الكاشفة للجميع. أما في البلدان الأخرى، فإن عملية الكشف والحصول على الرعاية الصحية ليست بالجودة نفسها، لذلك يعاني المرضى من نقص التشخيص. إذا كنت في قرية صغيرة في المغرب، فلن تحصل على فحص".
يوافق سلبرمان على أن الحصول على خدمات الرعاية الصحية يشكّل مشكلة في كثير من مناطق الريف في الشرق الأوسط. "هناك الكثير من النساء اللواتي لا يراجعن طبيبا إلا إذا تقدّمت حالة السرطان لديهن إلى المرحلة المسببة للآلام، أو عند حدوث الآفات النخرية"، كما يقول.
ومن العوائق الأخرى أمام الكشف والعلاج المبكرين نذكر المسألة الثقافية المحيطة بالمرض. فالسرطان لا يزال مرضا موصوما بشدة في العديد من بلدان الشرق الأوسط، مما يجعل طلب النساء للمساعدة أقل احتمالا.
حتى في الحالات التي يسعى فيها المرضى للحصول على تشخيص، كثيرا ما لا يستطيعون تحمل الأعباء المالية للعلاج الضروري. "التحدي العظيم لتدبير حالات مرضى السرطان في مصر هو ضعف إمكانية الحصول على الجيل الجديد من الأدوية"، استنادا إلى حمدي عبد العظيم، المختص بالأورام السريرية في جامعة القاهرة. "هذه الأدوية باهظة الثمن للغاية، ولكنها لا تحظى بدعم من وزارة الصحة، لذا يجب أن يقوم المريض بدفع ثمنها من جيبه الخاصّ".
في عام 1992، أسس عبد العظيم مركز القاهرة للأورام، وهو أكبر مركز خاص في الشرق الأوسط. وقد عالج 1,750 مريضا في العام الماضي، ولديه الآن 43 موظفا، منهم 18 مختصا بالأورام، وصيادلة ومديرون للبيانات الطبية، ومستشار للعناية الملطفة ومختص في الأمراض النفسية لسرطانات النساء. وقد شارك المركز في عدد كبير من التجارب السريرية الدولية على مدى الخمس عشرة سنة الماضية، وهو يشارك حاليا في العديد منها.
إن الأمر الأكثر أهمية للحد من عبء السرطان هو تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية.
يجري رفيع، المختص بأمراض النساء بالتدريب، مع زملائه بحثا أساسيا في بيولوجيا الخلايا الجذعية لسرطان المبيض.
"إن الهدف هو استخدام مقاربات للنظم البيولوجية لفهم كيفية تفاعل خلايا سرطان المبيض مع البيئة المكروية المحيطة بها"، كما يقول. "إننا ننتقل الآن إلى الجينومات الورمية (oncogenomics) الوظيفية. لقد حصلنا على أورام من مراكز مختلفة في جميع أنحاء العالم، ونعمل على دراستها لمعرفة كيف تؤثر تغايرية الورم على العلاج والتشخيص".
كما تجري مجموعة الرافعي بحثا في أنواع السرطان المنتشرة في المنطقة. "هناك شكل معيّن من سرطان الثدي -سرطان الثدي الالتهابي- يتميز بمعدل انتشار أعلى قليلا في الشرق الأوسط"، كما يقول. "كما أننا بصدد بدء برنامج لسرطان بطانة الرحم، الشديد الانتشار نظرا للانتشار الواسع لمرض السكري في المنطقة".
ويعزى معدل الانتشار المرتفع في الشرق الأوسط جزئيا إلى زيادة متوسط العمر المتوقع، والتغيرات على نمط الحياة. "لقد اعتمد كثير من الناس في هذا الجزء من العالم على نمط الحياة المتّبع في الغرب"، وفقا لسلبرمان. " لقد تغير نظامهم الغذائي، وهم لا يمارسون التمارين الرياضية كما كانوا في السابق".
التدخين هو عامل آخر. فاستعمال التبغ آخذ في الازدياد في جميع أنحاء المنطقة، وخاصة بين النساء والشباب. في العقد الماضي، أصبح تدخين النارجيلة هو الاتجاه السائد، ومن المرجح أن يكون مرتبطا بارتفاع معدل انتشار سرطان الرئة وسرطانات الفم.
"إن ارتفاع معدلات التدخين بدءًا من سنّ مبكرة ليس إلا واحدا من تحديات عديدة" للحد من عبء السرطان في المنطقة، استنادا إلى عبد العظيم. "وتشمل التحديات الأخرى السمنة المفرطة، وارتفاع معدل انتشار فيروس التهاب الكبد الوبائيC [الذي يرتبط بسرطان الكبد]، والتلوّث الصناعي والزراعي".
يقول سلبرمان إن زيادة الوعي بالمرض أمر ضروري لتقليل أعبائه، "التوعية، ثم التوعية، ثم التوعية. إذا شعر شخص ما بشيء غريب، فيجب أن يذهب إلى طبيب أو مركز طبي في أقرب وقت ممكن".
إنه متفائل بالنسبة للمستقبل، مع التشديد على حقيقة أن بلدانا مثل مصر وإسرائيل وقطر والمملكة العربية السعودية "مهتمة جدا" بتطوير أبحاث السرطان وتشجيعها، والاستثمار في التعليم والتدريب المحيطَين بالمرض. إن قمة هذه الجهود ستكون التدابير الوقائية التي تسعى إلى رفع وعي الناس، وتقليل تعرضهم لعوامل الخطر البيئية المعروفة، مثل تدخين التبغ.
"إن الأمرالأكثر أهمية للحد من عبء السرطان في هذه البلدان [خارج الخليج] هو تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية". حسب قول الرافعي، "ويليه بناء شبكات منظمة لدفع التجارب السريرية وتحسين مستوى الرعاية". وأنظمة الرعاية الصحية الأفضل التي تركز على السرطان بحاجة إلى التزام مالي وإرادة سياسية يسيران جنبا الى جنب، كما يضيف.
doi:10.1038/nmiddleeast.2013.189
تواصل معنا: