أخبار

التغيرات المناخية أثرت على أعداد الأوروبيين في العصر الحجري الحديث

نشرت بتاريخ 7 نوفمبر 2023

فحص الباحثون مناطق أوروبا الوسطى الغنية بالبقايا الأثرية والمصادر الجيولوجية.. ورصدوا حدوث تحولات ثقافية واجتماعية كبيرة بسب تقلبات المناخ

آسيا ضياء

استخدم الباحثون تقنية التأريخ بالكربون المشع
استخدم الباحثون تقنية التأريخ بالكربون المشع "كربون 14" لفحص العينات
Johannes Müller, CC-BY 4.0 (https://creativecommons.org/licenses/by/4.0/) Enlarge image
أجرى فريق من الباحثين في جامعة كيل الألمانية دراسةً استهدفت استكشاف الروابط بين التأثيرات المناخية وأعداد السكان في أوروبا خلال العصر الحجري الحديث، وتأثير التغير المناخي على المساواة الاجتماعية بين السكان.

ووفق الدراسة التي نشرتها دورية "بلوس وان" (PLOS ONE)، فحص الباحثون ثلاث مناطق أثرية وجيولوجية تقع في وسط أوروبا، هي منطقة سيركومهارز في وسط ألمانيا، ومنطقة جمهورية التشيك/النمسا، ومنطقة جبال الألب الشمالية في جنوب ألمانيا.

وتحتوي المناطق الثلاث على مناظر طبيعية وتضاريس مختلفة، مثل الجبال والسهول والتلال والأنهار.

جمع الباحثون أكثر من 3400 عينة أثرية يمتد تاريخها إلى ما بين 3550 إلى 1550 عامًا قبل الميلاد، أغلبها من العظام والخشب والفحم، وتعود إلى فترة ما بين أواخر العصر الحجري الحديث إلى أوائل العصر البرونزي.

واستخدم الباحثون تقنية التأريخ بالكربون المشع "كربون 14" لفحص العينات، وهي تقنية تُستخدم لتقدير عمر المواد العضوية مثل الخشب والجلود، وتقوم على فكرة أن الكائنات الحية (مثل الأشجار والنباتات والإنسان والحيوانات) تمتص الكربون 14 في أنسجتها، وعندما تموت، يبدأ الكربون 14 في التحول إلى ذرات أخرى مع مرور الوقت، ويمكن للعلماء تقدير المدة التي مات فيها الكائن الحي عن طريق حساب ذرات الكربون 14 الموجودة في العينة.

يقول رالف جروسمان -الباحث في معهد علم الآثار لعصور ما قبل التاريخ والعصور البدائية في جامعة كيل، والمؤلف الأول للدراسة- في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": وجدنا أن أعداد البشر في أوروبا خلال العصر الحجري الحديث تأثرت بالتغيرات المناخية آنذاك.

لضمان صحة النتائج، اختار الباحثون عينات تحتوي على كميات كبيرة من الكربون المشع، وعملوا على مقارنة نتائج العينات من عدة مصادر مثل المناطق السكنية وبيانات المدافن.

وأظهرت الدراسة أن "المناطق الثلاث شهدت زيادةً سكانيةً خلال الفترات الدافئة والرطبة بسبب تحسن جودة المحاصيل وانتعاش الاقتصاد".

وفي المقابل، انخفضت أعداد السكان في كثير من الأحيان في أثناء فترات البرد والجفاف.

يقول "جروسمان": بناءً على النتائج والبيانات التي جمعناها عن وسط أوروبا، وجدنا أن هناك أحداثًا مناخيةً مشابهة وأنماطًا متكررة أثرت على مناطق كثيرة حول العالم، منها مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل الجفاف الشهير الذي وقع قبل 4200 عام.

لم يؤثر تغير المناخ على أعداد السكان وحسب، بل تأثرت أيضًا الحياة الاجتماعية؛ إذ شهدت الحقب الجافة والباردة تحولاتٍ ثقافيةً كبيرة وتفرقةً اجتماعية بين السكان، فظهرت مدافن أميرية رفيعة المستوى لبعض الأفراد في منطقة سيركومهارز.

يضيف "رالف": طور البشر في الماضي إستراتيجيات مرنة لمواجهة تحديات تغير المناخ، ونحن بحاجة إلى تطوير مثل هذه الإستراتيجيات، لذلك فإن دراسة فهم ارتباط الإنسان بالبيئة وتأثيرات تغير المناخ على الثقافات البشرية عبر التاريخ أمرٌ بالغ الأهمية، ويحتاج إلى مزيد من البيانات لدعم نتائج الدراسات، وحاليًّا أعمل على تعميم التجربة على جميع أنحاء أوروبا.

doi:10.1038/nmiddleeast.2023.229