مقالات
Specials

Read this in English

التكيُّف أو الفناء: كيف تحافظ الشعاب المرجانية في المنطقة على بقائها رغم كل الصعاب؟

نشرت بتاريخ 17 نوفمبر 2015

تُعدُّ الشعاب المرجانية في الشرق الأوسط النموذجَ المثالي للتكيّف مع الأوساط البيئية المتطرفة. وعلى الرغم من أن الأبحاث التي تدرس طرق بقائها ما زالت تحبو، إلا أن النتائج تتراوح بين الواعدة والمذهلة.

باكينام عامر

الشعاب المرجانية في الشرق الأوسط مدرَّبة على العيش في المياه الدافئة
الشعاب المرجانية في الشرق الأوسط مدرَّبة على العيش في المياه الدافئة
© Getty Images/iStockphoto Thinkstock Images
 

تتعرض الشعاب المرجانية في العالم حاليًّا لابيضاض شامل شديد، ذلك الحدث الذي يقول العلماء إنه وقع مرتين أخريين فقط في التاريخ المسجّل.

والسبب هو إل نينيو، الظاهرة التي تؤدي إلى رفع درجة حرارة المحيطات في العالم، مسبِّبةً كارثة للحياة البحرية. فآثارها الوخيمة على الشعاب المرجانية تُرغم الحيوانات البحرية والطحالب التي تمنحها ألوانها النابضة بالحياة على الابتعاد، وبذلك تنقطع علاقة تكافلية أساسية لبقاء الشعاب المرجانية؛ مما يجعلها تذوي وتموت في نهاية المطاف.

أدت آخر ظاهرة إل نينيو، خلال 1997- 1998، إلى إبادة نحو سدس جميع المستعمرات المرجانية في جميع أنحاء العالم.

عند محو مجموعات الشعاب المرجانية، تسبِّب هذه المرحلة اضطرابًا في الدورات الغذائية لهذه النظم الإيكولوجية وثيقة التواصل. من التأثيرات الجانبية الأخرى تجويع أنواع الأسماك المختلفة في المناطق المائية الأكثر تأثرًا بظاهرة إل نينيو، المتوقع استمرارها بضعةَ أشهر. وعلى الرغم من أن الظاهرة تضرب الشعاب المرجانية في المحيط الهادي، والهندي والأطلسي، إلا أن تأثيراتها ستمتدُّ إلى الشعاب المرجانية في جميع أنحاء العالم.

وسط كل الخراب، فإن الأنواع الفريدة في الشرق الأوسط معتادة هامشيًّا على الدفء القاتل بسبب التكيّفات الرائعة.

فقد تعلمت الشعاب المرجانية في الخليج الفارسي/ العربي والبحر الأحمر بالفعل كيفية البقاء على قيد الحياة خارج النظم الإيكولوجية البحرية الباردة الغنية بالمغذيات، التي اعتادتها نظيراتها في أماكن أخرى عمومًا.

فهي، في الواقع، نوع من الشعاب المرجانية التي تعيش في دفء مستمر على مدار السنة.

بسبب صمودها في مواجهة ارتفاع درجات الحرارة والملوحة، أصبحت مصدرًا لاستمالة علماء المنطقة على امتداد المرافق البحثية المتميزة التي تشمل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية KAUST، وجامعة نيويورك أبو ظبي NYUAD. يشكل الصمود تجاه الضغوط القاسية، نموذجًا للتحمل يعتقد بعض العلماء أنه يستطيع تسليط الضوء على حلول لاستعادة الأنواع والحفاظ عليها في بيئات قاسية أخرى- لكن فقط بعد دراسته دراسة مكثَّفة وتفكيك غموضه.

في هذا المجموعة الخاصة من المقالات، تتحدث "نيتشر مدل إيست" إلى كبار الباحثين الذين يقودون الجهود البحثية المتعلقة بالشعاب المرجانية في المنطقة.

في التحقيق الذي أجرته نادية العوضي، الشعاب المرجانية تكتفي بقليل المساعدة من صديق، تتحدث الكاتبة إلى جون بيرت وإميلي هاولز حول تجاربهما عن الإجهاد الحراري. يتحدث بيرت عن الطريقة التي تستطيع بواسطتها بيولوجيا أحياء الشعاب المرجانية في الخليج توفير بعض الأفكار الرائعة التي توضح كيف قد تتمكن بواسطتها الشعاب المرجانية والكائنات الحية الأخرى المرتبطة بها من التأقلم مع التغيُّرات المناخية في المستقبل. وتقدّم هاولز رؤية واضحة حول كيفية تمكّن العلاقة التكافلية في الشعاب المرجانية لهذه المنطقة من تحمُّل درجات حرارة البحر المرتفعة في الصيف.

في عمق مياه الشرق الأوسط تتوضع عدة مئات من الشعاب المرجانية التي ربما كانت المنافس الوحيد لنظيراتها التي تستوطن المياه الضحلة من حيث القوة والمرونة. في مقالته التي تحمل عنوان الشعاب المرجانية لمياه البحر الأحمر العميقة: مستودعات الأمل، يرسم سدير الشوق الخطوط العريضة لآفاق البحث التي تبدّت بسبب وجود شعاب الأعماق هذه.

"الشعاب المرجانية ناجحة جدًّا من الناحية التطورية. فقد كانت هنا منذ 250 مليون سنة"، وفقًا لقول كريس فولسترا، الباحث في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، كاشفًا زيف الأسطورة القائلة إن الشعاب المرجانية هي كائنات جامدة ضعيفة الحظوظ في مواجهة تغيُّر المناخ.

"الشعاب المرجانية ناجحة جدًّا من الناحية التطورية، فقد كانت هنا منذ 250 مليون سنة"

وفي نفس الوقت، يذهب محبّ قسطندي باحثًا عن أدلة تثبت أن القضاء على الحيوانات المفترسة في هذه المنطقة، كأسماك القرش، يؤثر على الشعاب المرجانية. تبحث مقالة الصيد الجائر يهدد الشعاب المرجانية في الشرق الأوسط في الصراع على الأسماك بوصفها مصدرًا للقوت بين الشعاب المرجانية والإنسان، مع قضاء الأخير على الموارد الأساسية لتحقيق الاستقرار والتنوع البيولوجي في النظام الإيكولوجي للبحر الأحمر.

يقول العالِم مايكل بيرومين: إن الصيد الجائر قد قضى على مجموعات برُمّتها من الأسماك من سلسلة المغذيات البحرية الهشة.

ويمضي بنا الباحثان يي جين ليو ومانويل أراندا عبر موضوع التكيّف الجيني للشعاب المرجانية، ليطلعانا على انبهارهما بالطريقة التي تزدهر بها مرجان البحر الأحمر، على سبيل المثال، ضمن ظروف لن تتحملها أقاربها من الشعاب المرجانية في المحيطات الأخرى. في تعليق حصري إلى "نيتشر مدل إيست"، يستكشفان قدرات الشعاب المرجانية الموجودة هنا على التكيُّف، ويضعان في الاعتبار مسألة ما إذا كانت الأنواع الأخرى ربما تمتلك إمكانات مماثلة غير مستغَلَّة.

"لقد نجا المرجان من عدة أحداث مسببة للاندثار الجماعي، تتضمن تلك التي أدت إلى زوال الديناصورات"، كما كتبوا، استمرارًا في توضيح الأمور الصحيحة التي تفعلها الشعاب المرجانية من حيث التكيّف الوراثي.

وأخيرًا، في مقالها الذي يحمل عنوان تصنيف حديث ينير البحر الأحمر، تتعمق لويز سارانت في طرق التصنيف التي يعتمد عليها العلماء في تصنيف أنواع الشعاب المرجانية- وكيف قد يكون تجنُّب بعض الطرق التقليدية الطريقة الوحيدة أحيانًا لدراسة الأنواع دراسةً مجدية في هذه المنطقة.

بيرومين وجوستاف بولي، ينتقيان لسارانت مجموعة متنوعة من الدراسات الإقليمية التي تقدم تحليلًا للمعلومات الوراثية عن الأنواع الجديدة والمحدِّدة للحقائق عنها من خلال طرق مبتكرة.

ويرافق مقال سارانت مدوَّنة نُشرت في بيت الحكمة باللغة الإنجليزية الملحق بنا تسلّط الضوء على أهمية جهود الحفاظ على البيئة في المنطقة– على الرغم من قدرة الشعاب المرجانية على التحمُّل.

البحر الأحمر، على سبيل المثال، سيتحمل في النهاية وطأة تغيّر المناخ، وفي حين أن العديد من الأنواع منيعة بشدّة تجاه تغيُّرات درجات الحرارة الآن، إلا أنها ليست محصّنة. ويطلق العلماء تحذيرًا من احتمال تعرُّض النظام الإيكولوجي للتلف مع ارتفاع درجات الحرارة.

على الرغم من أنه لا يزال ثمة كثير مما يمكن تعلُّمه حول الشعاب المرجانية في المنطقة، فمن الواضح أن درجة تعقيدها وقدراتها تستحق استثمار الوقت والبحث؛ لأن أسرارها ربما كانت تحمل مفتاح بقاء كافة الأنواع البحرية ذات الصلة بها.

تحقيقات

الشعاب المرجانية تكتفي بقليل المساعدة من صديق

الصيد الجائر يهدد الشعاب المرجانية في الشرق الأوسط

 الشعاب المرجانية لمياه البحر الأحمر العميقة: مستودعات الأمل 

تصنيف حديث ينير النظام الإيكولوجي في البحر الأحمر

تعليق

التكيُّف الجيني للشعاب المرجانية: أمل جديد؟ 

مدوَّنة 

آخر ما تبقى من الشعاب المرجانية

doi:10.1038/nmiddleeast.2015.224