بعد الإطاحة بالنظام: هذه خارطة طريق للعلم في
سوريا
11 December 2024
نشرت بتاريخ 10 يونيو 2014
يبدو أن الفيروس التاجي المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، التي ظهرت للمرة الأولى في الشرق الأوسط، يُحدث في الوقت الراهن موجة من القلق في جميع أنحاء العالم. فقد أكّدت كل من الفلبين وماليزيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة ظهور حالات فيها، وذُكر مؤخرًا أن أستراليا أبدت قلقا، كونها عرضة لمرض مشابه له أيضا.
وتبقى طرق انتقال الفيروس ومدى قابليته للتكيّف غامضة إلى حد كبير، ولكن قدرته على القتل مؤكدة؛ فقد سبّب 193 حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، غالبيتها العظمى حدثت خلال بضعة أشهر. يُظهر هذا المخطط المعلوماتي الحصري الخاص بـ"نيتشر مِدِل إيست" مدى العدوى الفيروسية وقدرتها على الانتشار، والتي توضح لمُشاهِدِها سجلّها المرتفع في الإماتة مقارنة بسجلّ كل من فيروسH1N1 والسارس.
اعتبارًا من الأسبوع الماضي، ووفق بيانات منظمة الصحة العالمية (WHO)، جرى الإبلاغ عن حوالي 636 حالة مؤكدة مختبريًّا في 19 بلدًا. ويتركّز معظم الإصابات في المملكة العربية السعودية، حيث اكتُشف هذا الفيروس لأول مرة.
في هذه النظرة الشاملة على الصورة العالمية الراهنة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، تحاور نيتشر مِدِل إيست العالِم الذي أطلق صافرة الإنذار عند ظهورها في يونيو 2012. تمكّن علي محمد زكي -عالم الفيروسات المصري، والذي كان موظفًا في أحد مشافي جدّة- من تحديد الفيروس الجديد بعد العمل على حالة المريض السعودي البالغ من العمر 60 عامًا، الذي توفي نتيجة لمرض تنفسي حادّ. إسلام حسين -عالم الفيروسات البارز في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا- يستمع من زكي إلى قصة هذا "المريض رقم صفر" وكفاحه في كشف الفيروس، ويرويها هنا.
عندما واجه العلماء الفيروس التاجي المسبّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية لأول مرة -وهو شديد القرابة من فيروس السارس– سبّب تداعي ذكريات الأضرار التي أحدثها السارس تَوَلُّد ضغوط هائلة للعثور على مصدر الفاشية. وكان من المُعتقد أن الفيروسين كليهما قد ظهر أولاً في الخفافيش. بدأ البروفسور إيان ليبكين وزملاؤه في جامعة كولومبيا باختبار الخفافيش في المملكة العربية السعودية، وتمكنوا من استخلاص جزء فيروسي صغير مماثل للفيروس التاجي المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
ولكن التّماسَّ بين الإنسان والخفافيش قليل جدًّا، لذا بدأ ليبكين وزملاؤه بالبحث عن خزّان حيواني آخر يكون الإنسان أكثر تماسًّا معه، وربما أدى دورًا في انتقال الفيروس التاجي المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط الحيواني المصدر. وقد تمكّنوا من عزل فيروس من المسحات الأنفية التي جُمعت من الإبل وحيدة السنام في المملكة العربية السعودية، وكان تسلسل كامل جينوم هذا الفيروس مطابقًا لجينوم الفيروس التاجي البشري المسبب للمتلازمة التنفسية. تقول الفرضية المعمول بها حاليًّا إن الفيروس التاجي المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية قد ظهر بسبب الانتقال بين الأنواع من الخفافيش إلى الإبل، التي نقلت الفيروس بعد ذلك إلى البشر.
"على أي حال، هناك العديد من الأسئلة حول انتشاره، بما فيها كيفية انتقال الفيروس من الإبل إلى البشر. ما زلنا لا نعرف ما إذا كانت الإبل هي المستودعات الحيوانية الوحيدة لهذا الفيروس"، كتب حسين في مقال افتتاحي واضعًا في اعتباره احتمالات نجاح العلم في كسب الحرب ضد الفيروس التاجي.
وقد قلل المهنيون في المنطقة من إمكانية وجود خطر وشيك لوباء متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، حتى في بلدان مثل مصر، التي لها تاريخ سيئ في السيطرة على الفيروسات. ولكن المنطقة لا تزال معرّضة للإصابة، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الانتقال الجماعي بين الدول العربية، وبشكل خاص بين المملكة العربية السعودية وبقية العالم العربي والإسلامي.
وقد أدى اقتراب حلول موسم الحج، حينما يشدّ ملايين المسلمين الرحال إلى المملكة العربية السعودية، إلى وضع مسألة احتواء الفيروس التاجى في مركز الصدارة. يقدّم حسين نظرة متعمّقة إلى التدابير التي أثبتت فعاليَّتها في الماضي في الحدّ من تفشّي فيروسات مماثلة.
وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية، لم يصل الفيروس التاجي المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية إلى مستويات الطوارئ على المستوى العالمي بعد، ولكن هذا الوضع قد يتغير إذا لم تُتخذ الاحتياطات في البلدان عالية المخاطر مثل المملكة العربية السعودية، وإذا لم يُجر مزيدٌ من الأبحاث.
تُجري حكومة المملكة العربية السعودية محادثات مع شركات الأدوية بشأن تطوير لقاح. يكتب محب قسطندي، الكاتب في نيتشر مِدِل إيست، عن مركّب يثبِّط بشدّة انتساخ الفيروسات التاجية البشرية، ومن ضمنها فيروس السارس والفيروس التاجي المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وهذا ما قد يقود إلى تركيب أدوية مضادة للفيروسات يمكنها احتواء هذه الفيروسات. وبالفعل، قامت مجموعة من الباحثين بتصميم ببتيد يمكنه أن يعيق انتشار والفيروس التاجي المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، ولكن حتى الآن لا تتوفر في السوق أي أدوية مضادة للفيروس التاجي المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
إن اعتبارَ إنتاج كميات كبيرة من اللقاح أولويةً حيويةً لشركات الأدوية أمرٌ لا يزال يشكل تحديًا؛ إذ هي عملية طويلة ومكلفة، كما يشير قسطندي في قصته. في بوسطن، تمكّنت مجموعة أخرى من العلماء من تحديد أجسام مضادة يمكنها المساعدة في تحييد الفيروس، ولكن مرةً أخرى، يبدو من غير المحتمل أن تجد هذه الأجسام المضادَّة طريقها إلى السوق في المستقبل القريب.
ستكشف الأشهر القادمة ما إذا كانت تكلفة الفيروس التاجي المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية بشريًّا واقتصاديًّا مرتفعة كما كانت الحال مع فيروس H1N1 أو فيروس السارس. وستعتمد تأثيراته على عدة عوامل: النتائج الإيكولوجية، وجهود إدارة الأزمات، ونجاح الأبحاث، وقدرة الفيروس على التحوّر والانتقال بكفاءة بين البشر.
مخططات معلوماتية:
الانتشار العالمي للفيروس التاجي المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط
تحقيقات:
قصة أول مريض بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية
هل نستطيع كسب المعركة ضدّ متلازمة الشرق الأوسط التنفسية؟
فاشية متلازمة الشرق الأوسط التنفسية "مستبعدة" في مصر
أخبار:
باحثون يحددون مثبطا قويا للفيروس التاجي
العلماء يكتشفون: الطفرات تُضعِف الفيروس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية
السعي وراء لقاح لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية مع ظهور فاشية جديدة
دراسة تكشف خطوة مهمة لإيجاد علاج محتمل لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية
دليل جديد على انتقال متلازمة الشرق الأوسط التنفسية
متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في مكّة المكرّمة؟
المدوّنة:
الجمال قد تكون الحيوانات المضيفة لفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية
doi:10.1038/nmiddleeast.2014.140
تواصل معنا: