أخبار

Read this in English

التحكّم بالتفاعلات الكيميائية بواسطة الليزر

نشرت بتاريخ 29 يونيو 2014

العلماء يستخدمون نبضات الليزر لتوجيه نتائج التفاعلات الكيميائية.

سارة عثمان

استخدم الباحثون نبضات الليزر فائقة القِصَر لإزالة إحدى ذرات الهيدروجين بشكل تفضيلي من جزيء الأسيتيلين C2H2 – الهيدروكربوني المتناظر، مظهرين للمرة الأولى أن التحكّم الموجّه في كسر الرابطة الهيدروجينية في جزيء متناظر أمر ممكن.

ومع نشر عملهم في Nature Communications، يشير العلماء في الجامعة الأمريكية في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، وجامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية، وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ومعهد ماكس بلانك للبصريات الكمّيّة في ألمانيا، إلى أن إنجازهم يمكنه المساعدة في توجيه مسارات التفاعلات الكيميائية.

تعتمد الكيمياء على كسر الروابط و/ أو تشكيل روابط جديدة. وفي حين يمكن التحكّم في اختيار المواد المتفاعلة وظروف التفاعل، إلا أن التحكّم بمسار التفاعل اللاحق غير ممكن بشكل عامّ؛ لأن العمليات النووية والإلكترونية المسببة لتفاعلات كهذه تحدث وفقًا لمقياس زمني مختلف، حيث تتولى ميكانيكا الكمّ زمام الأمور.

استخدم العلماء نبضات ليزر قصيرة جدا للنجاح في مجاراة هذا المقياس الزمني –بواقع جزء من المليون من جزء من المليار من الثانية- والتلاعب بالخصائص الكمية للمواد المتفاعلة من أجل زيادة أرجحية نتيجة التفاعل التي ستكون – خلافًا لذلك – عشوائية.

"إن استخدام الليزر باعتباره كاشفًا ضوئيًّا لتوجيه نتائج التفاعلات الكيميائية سيقدم بصائر جديدة لفهم الأسس الفيزيائية والكيميائية التي تتحكم بالمسألة على مستواها القاعدي"، استنادًا إلى قول علي الناصر، عالم الفيزياء في الجامعة الأمريكية في الشارقة، والباحث الرئيسي للدراسة. كما يمكنه أيضًا أن يؤدي إلى تخليق مواد كيميائية جديدة لم يكن تركيبها ممكنًا في الماضي.

يقول إريك لوتشتد -الباحث من جامعة طوكيو، الذي لم يكن مشاركًا في الدراسة-: "إن البحث لافت للنظر؛ لأنه يُظهر كيف تتمكن نبضة ليزر قصيرة من تحفيز كسر غير متناظر للروابط في جزيء متعدد الذرات، مقارنةً بمعظم الدراسات السابقة التي استخدمت جزيئات ثنائية الذرة".

التحكم بالمجال الخاص بكسر روابط الهيدروجين غير المتناظرة بواسطة الليزر
التحكم بالمجال الخاص بكسر روابط الهيدروجين غير المتناظرة بواسطة الليزر
© Alnaser, A.S. / Nature Communications
يمكن للإلكترونات في جزيء ما أن تستحوذ على مستويات معينة من الطاقة الكمية المتاحة فحسب. خلال تفاعل كيميائي، يدخل الجزيء في حالة تفاعل وسطية مُنَشَّطة لمدة قصيرة جدًّا، ويعتمد تطور تفاعل ما على مستوى الطاقة الذي تستحوذ الإلكترونات عليه في هذه الحالة.

عند التفاعل مع نبضات الليزر، التي يأخذ مجالها الكهربائي أشكال موجات معينة، قد تتبدل مستويات الطاقة الكميّة التي تستحوذ عليها الإلكترونات في أثناء تواسط التفاعل. وهذا يعتمد على شكل موجات المجال الكهربائي لليزر المستعمل. ففي حال استعمال نبضات الليزر فائقة القصر، ولمدة بضع فمتوثوانٍ فقط، هناك ميزة خاصة بنبضات الليزر يمكن التلاعب بها، تعرف باسم مرحلة مغلّف الناقل (CEP)، تحدّد شكل موجات المجال الكهربائي لهذه النبضات بدقة. لذا، يسمح تعديل CEP للباحثين بسَبْر الديناميكا التي يولدها الليزر في الذرات والجزيئات والأهداف الصلبة، كما يشرح الناصر.

سلّط الفريق نبضات ليزر ذات أطوار مغلف ناقل متفاوتة على غرفة التفاعل لدراسة تأثير طور مغلف الناقل على التأيّن المحدث بالليزر وعلى تجزئة الأسيتيلين. يشرح الناصر قائلا: "يمكننا قياس اعتماد هذه العمليات ونتائجها بالنسبة إلى قيمة طور مغلف الناقل. وبمعرفة هذه الاعتمادية سنتمكن من تفصيل نبضات معينة ذات أشكال معينة يمكنها تحسين مسار تفاعل معين عن سواه، بما يمكننا بالتالي من تحسين نتائج تفاعل معيّن".

تمكن الفريق أيضًا من الكشف عن المسار الذي يتخذه البروتون -أو أي جسيم مشحون آخر- تجاوبًا مع استقطاب معين لليزر. ويضيف الناصر: "يمكننا عندئذ الربط بين الاندفاع المفضل يسارًا/ يمينًا لهذه الجسيمات المشحونة وقيمة طور مغلف الناقل. يتماشى الانطلاق المفضل إلى اليسار أو اليمين مع الكسر الانتقائي للرابط الأيسر/ الأيمن ضمن الجزيء الخطي للأسيتيلين في هذه الحالة".

على الرغم من التقدم الهائل في مجال التفاعلات الكيميائية الموجهة بالليزر، فإن معظم التقنيات المطوّرة حتى الآن يمكنها التلاعب بجزيئات صغيرة، والتخليق المراقب لمواد أكثر تعقيدًا سيتطلب فهمًا أكثر تطورًا للتفاعلات بين الليزر والمادة. 

"لن يحلّ التحكم الكمّي محلّ الطرق الكيميائية التقليدية للتخليق"، وفق أحمد زويل، الحائز جائزة نوبل في الكيمياء 1999 لعمله الرائد في التحليل الطيفي المقرر زمنيا وكيمياء الفيمتوثانية. "ولكن الثراء الفكري لهذا المجال يفتح آفاقًا جديدة أمام الاحتمالات المستقبلية".
 
وأضاف لوتشتد أن ثمة شوطًا طويلاً كان علينا قطعه قبل أن نتمكن من تطبيق هذا النوع من التحطيم الانتقائي للروابط على أي أمر يتخطى حدود التفاعلات وحيدة الجزيء للجزيئات الصغيرة في الطور الغازيّ.

doi:10.1038/nmiddleeast.2014.165