أخبار

تأثير الإيمان بـ"عالم عادل" على تلقي لقاح الأنفلونزا في الإمارات

نشرت بتاريخ 25 أبريل 2024

انتشار المعلومات المضللة حول خطورة اللقاحات يؤدي إلى تقليل رغبة الأفراد في تلقِّي اللقاحات

محمد السيد علي

الأشخاص المؤمنين بفكرة العالم العادل أكثر إقبالًا على تلقِّي لقاح الأنفلونزا الموسمية
الأشخاص المؤمنين بفكرة العالم العادل أكثر إقبالًا على تلقِّي لقاح الأنفلونزا الموسمية
GIUSEPPE CACACE/AFP via Getty Images Enlarge image

بالرغم من أن الأنفلونزا الموسمية ليست تهديدًا رئيسيًّا للصحة العامة، فإنها تمثل تحديًا مستمرًّا في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وتتزايد تعقيدات هذا التحدي نتيجة انخفاض نسبة السكان الذين يعبرون عن نيتهم في تلقي لقاح الأنفلونزا الموسمية السنوي، الذي يستهدف الوقاية خلال فصل انتشار الفيروس، وتخفيف شدة الأعراض والحد من احتمالية الإصابة بمضاعفات خطيرة.

وأظهرت دراسة أُجريت في الإمارات أن الأشخاص الذين يؤمنون بفكرة "العالم العادل" أكثر إقبالًا على تلقِّي لقاح الأنفلونزا الموسمية.

وتتحدى الدراسة -التي نشرتها دورية "هيومانيتيز آند سوشيال ساينس كوميونيكيشنز"-النهج التقليدي الذي يركز فقط على زيادة المعرفة باللقاحات لتعزيز معدلات التطعيم وتقليل حدة التردد في تلقِّيها.

ويشير مصطلح "العالم العادل" (Just-world) إلى فرضية في علم النفس تقول بأن "العالم يعتبر عادلًا حينما يحصل الأشخاص على ما يستحقونه في الحياة بناءً على أفعالهم وسلوكهم، ويفترض أن الأفراد الذين يتصرفون على نحوٍ جيد ويلتزمون بالقوانين والأخلاق سيحظون بالنجاح والسعادة، أما مَن يتصرفون على نحوٍ سيئ فسيواجهون عواقب سلبية".

وربطت أبحاث سابقة بين احتمالية الإيمان بفرضية "العالم العادل" ووجود تأثيرات صحية إيجابية، ووجدت إحدى الدراسات أن مَن يؤمنون بنظرية "العالم العادل" سجلوا مستويات أقل من مشاعر اليأس عقب جائحة كوفيد-19.

ومن أهم العوامل التي تؤدي إلى تردد الأفراد في تلقي اللقاحات المعلومات المضللة والمغلوطة حول خطورة اللقاحات وفاعليتها، والتي تنتشر بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ويمكن أن يزيد عدم الثقة بالهيئات الحكومية وشركات الأدوية من التردد، ما يؤثر على المصداقية المتصورة لتوصيات التطعيم.

وتشير الدراسة إلى أن "رجال الدين يمكنهم أداء دور مهم في إقناع المجتمعات بأهمية تلقي التطعيم إذا قدموا رسالةً صحيحةً حول أهمية التطعيم".

استطلع الباحثون رأي 401 من الأشخاص، بينهم 281 امرأة، من المواطنين والمقيمين بالإمارات؛ إذ بلغ عدد العرب 290 والأجانب 111. واستهدفت الدراسة تقييم تأثير المعرفة باللقاحات والاعتقاد بـ"عالم عادل" على رغبة الأشخاص في تلقي لقاح الأنفلونزا الموسمية.

وأظهرت النتائج أن 28% فقط من المشاركين ينوون تلقِّي اللقاح، وهو معدل أقل من النسبة المطلوبة لتحقيق مناعة القطيع، والتي تتراوح بين 70 و95%.

وأوضحت النتائج أن المعرفة باللقاح أو المستوى التعليمي لم يؤثرا تأثيرًا كبيرًا في نية تلقِّي لقاح الأنفلونزا، بينما كان الإيمان بنظرية "عالم عادل" مؤشرًا رئيسيًّا للرغبة في الحصول على اللقاح.

تقول داليا بديوي، الأستاذ المساعد في علم النفس، ومديرة وحدة الإرشاد في جامعة عجمان بدولة الإمارات العربية المتحدة، والباحثة الرئيسية للدراسة: "وجدنا أن الأشخاص الذين يعتقدون أن الأشياء الجيدة تحدث للأشخاص الطيبين والأشياء السيئة تحدث للأشخاص السيئين هم أكثر تعرضًا للرغبة في حماية أنفسهم من المرض من خلال التطعيم".

تضيف "بديوي" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": توضح هذه النتائج أن حملات الصحة العامة التي تستهدف تعزيز معدلات التطعيم ضد الأنفلونزا يمكن أن تستفيد من صياغة رسائلها بطريقة تتوافق مع نظرية "العالم العادل"؛ إذ يمكن لرجال الدين أن يؤدوا دورًا فعالًا في التشجيع على التطعيم من خلال تأكيد أن الحصول على لقاح الأنفلونزا لا يحميك فقط، بل يحمي مَن حولك أيضًا، ما يخلق عالمًا أكثر عدلًا للجميع.

من جهته، يقول إسلام عنان -أستاذ اقتصاديات الدواء وعلم انتشار الأوبئة في كلية الصيدلة بجامعة عين شمس المصرية- في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": إن المغزى من الدراسة جيد؛ إذ إن فكرة التردد في تلقي لقاح الأنفلونزا شائعة، ليس فقط في الإمارات، بل في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وتحتاج إلى تعزيز التوعية باللقاحات ودورها في حماية الإنسان من العدوى.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.129