أخبار

تفشّي شلل الأطفال في سوريا

نشرت بتاريخ 10 نوفمبر 2013

مع تراجع برنامج التحصين؛ تفشي شلل الأطفال في سوريا يهدد بالانتشار في المنطقة.

صوفي كزِنْز


© BrazilPhotos.com / Alamy

يهدد تفشّي مرض شلل الأطفال في سوريا بالانتقال إلى الدول المجاورة؛ حيث فرّ ملايين اللاجئين من البلد الذي مزقته الحرب. وفي حين تعطّل برنامج التحصين السوري -الذي كان قويا فيما مضى- بسبب النزاع، تم اكتشاف ما لا يقلّ عن 22 حالة من الإصابة بالفيروس في محافظة دير الزور شرق البلاد.

في الحالات العشر المؤكدة من الإصابة بالفيروس، والتي اكتُشفت في منتصف أكتوبر، وأصابت في معظمها الأطفال دون السنتين من العمر، يعتقد أنهم لم يتلقوا أي تطعيم على الإطلاق عندما كانوا رضّعا، أو أنهم تلقوا جرعة واحدة فقط من الجرعات الأربع الأساسية لتوفير الحماية الكاملة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية (WHO).

يمكن لمرض شلل الأطفال -شديد العدوى، والذي ينتقل بواسطة الطعام والمياه الملوثة- أن يسبب الشلل وحتى الموت، ولكنه كان قد قُضي عليه تماما في جميع أنحاء العالم تقريبا. ويعد الآن مرضا متوطنا فقط في أفغانستان ونيجيريا وباكستان.

قبل اندلاع الحرب في عام 2011، كانت سوريا خالية من شلل الأطفال منذ 14 عاما. وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية قبل عام 2010 إلى أن 91٪ من الأطفال تلقوا أربع جرعات من اللقاح.

وتقدر الأمم المتحدة أن نصف مليون طفل لم يتلقوا التطعيم، مما أثار مخاوف من تفشي المرض في جميع أنحاء المنطقة. وقد أُعِدَّت الخطط لمواجهته في حالات الطوارئ في سبع من دول الجوار في محاولة لوقف انتشار العدوى: الأردن، والأراضي الفلسطينية، وإسرائيل، وتركيا، والعراق، ولبنان، ومصر. ومن المنتظر ظهور نتائج فحص 12 حالة أخرى مشتبهًا فيها في غضون أيام، ولكن "لا أحد ينتظر تأكيد المختبر النهائي"، استنادا إلى أوليفر روزنباور، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية.

يشكّل الانتقال الجماعي للاجئين السوريين إلى البلدان المجاورة خطرا داهما يتمثل في عودة ظهور المرض في المنطقة، وفقا لزاهر سحلول، رئيس الجمعية الطبية السورية الأمريكية.

أعتقد أن فرض السيطرة الآن سيكون صعبا للغاية

في مسح نشرته منظمة أطباء بلا حدود مؤخّرا، أُجري في عام 2012، وجدت أن 32.6٪ فقط من الأطفال السوريين اللاجئين تلقوا لقاحا ضد بعض الأمراض الأكثر شيوعا، ومن ضمنها شلل الأطفال.

"شلل الأطفال من الأمراض شديدة العدوى، وإذا [وضعنا في الاعتبار] الازدحام وسوء النظافة والتشرد وعدم وجود اللقاحات، فسنجد أنفسنا أمام صيغة مثالية لانتشار وباء وخروجه عن السيطرة"، استنادا إلى سحلول.

في الأسبوع الماضي، بدأت الأمم المتحدة محاولة جديدة، لتطعيم 2,4 مليون طفل في سوريا ضد شلل الأطفال وغيره من الأمراض. كما تصعّد الحكومات في البلدان المجاورة أيضا من جهودها في التحصين.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن الحملات الإقليمية التي تغطي 20 مليون طفل، يجب أن تبدأ في الأسبوع القادم، وأن تستمر بين ستة وثمانية أشهر. وقد نشرت اليونيسيف أيضا بيانا جاء فيه أن "حملات تحصين متعددة، وتكميلية ضد شلل الأطفال وسواه من الأمراض التي يمكن توقّيها باللقاحات ستجرى في سوريا، وغيرها من البلدان في جميع أنحاء المنطقة حتى نهاية العام".

وكانت منظمة "أنقذوا الأطفال" الخيرية -ومقرها بريطانيا- قد حثّت كلا من الحكومة السورية والمتمردين على احترام 'وقف إطلاق النار' من أجل التطعيم، والسماح بهدنة من القتال لكي يتاح إجراء التطعيم.

لكن سحلول يشكّك في الفاعلية المتوقعة لجهود التطعيم في ظل الظروف الراهنة. "إن الأمل الوحيد في السيطرة عليها هو السماح للأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية بالوصول غير المشروط إلى جميع المناطق في سوريا، وهذا لن يحدث طالما استمر النزاع "، كما يقول.

آني سبارو -طبيبة الأطفال المتخصصة برعاية الحالات الحرجة في مدرسة إيكان للطبّ في ماونت سيناي في نيويورك، والتي أطلقت مؤخرا دراسة عن الآثار طويلة الأجل للحرب السورية على صحّة المدنيين- تشارك سحلول مخاوفه. "بالنظر إلى أن معظم الأطفال الذين يصابون بالمرض لا يبدون أي أعراض، أو يظهرون أعراضا خفيفة فقط، فإني أعتقد أن فرض السيطرة سيكون صعبا للغاية الآن"، كما تقول.

كما تحثّ سبارو على التحصين ضد الحصبة والكزاز والحصبة الألمانية والتهاب الكبد، والسعال الديكي، والسلّ، والخناق، والتهاب السحايا، والحماق (جدري الماء).

ويبدو روزنباور -المتحدّث باسم الأمم المتحدة- أكثر تفاؤلا. "شلل الأطفال مرض يتحول إلى وباء، و[منعه] سيكون تحديا، ولكن الخبرة بمناطق أخرى كانت فيها حالات طوارئ معقدة أظهرت أنه أمر ممكن الإنجاز".

في لبنان عبر الحدود، حيث ستبدأ حملة التطعيم في الأسبوع المقبل، تؤكد روبرتا روسو -الناطقة باسم وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هناك- أن مسؤولين من اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية ومفوضية شؤون اللاجئين والأونروا يعملون مع وزارة الصحة العامة اللبنانية؛ لضمان تلقي الأطفال اللبنانيين -فضلا عن اللاجئين السوريين والفلسطينيين والعراقيين- للقاح. ستقوم اليونيسف بشراء اللقاحات، وستدعم الوزارة بتلقيحها جميعَ الأطفال السوريين الذين يدخلون لبنان عبر المعابر الحدودية الرسمية.

doi:10.1038/nmiddleeast.2013.208


  1. Médecins Sans Frontières. Misery Beyond the War Zone: Life for Syrian Refugees and Displaced Populations in Lebanon.