أخبار

تفادي أسراب الجراد في اليمن

نشرت بتاريخ 14 يوليو 2011

عدم الاستقرار السياسي في اليمن قد يجعل من الصعب السيطرة على تكاثر الجراد.

جيف توفلسن


يحاول المسؤولون تجنب تكرار ما حدث في 2004 من هجوم لأسراب الجراد في السنجال وبعض مناطق أفريقيا
يحاول المسؤولون تجنب تكرار ما حدث في 2004 من هجوم لأسراب الجراد في السنجال وبعض مناطق أفريقيا
رويترز

ليس الدبلوماسيون والمحللون فقط هم المنشغلون بالاشتباكات المسلحة والمظاهرات في اليمن، بل إن العلماء ومسؤولي الزراعة يتابعون أيضاً عن كثب الاضطرابات التي تشهدها البلاد، على أمل أن يساعد عدم سقوط الأمطار في إنجاز ما فشلت فيه الحكومة اليمنية، ألا وهو منع انتشار الجراد الصحراوي المخيف (Schistocerca gregaria) على نطاق واسع.

وقد انتشر الجراد بالفعل بساحل المملكة العربية السعودية على البحر الأحمر، وقامت فرق خاصة لمكافحة الجراد، مسترشدة ببيانات الأقمار الصناعية التي تحدد أماكن توالده، برش مبيدات لمكافحته على امتداد أكثر من 90 ألف هكتار منذ كانون ثان/يناير. لكن مسؤولي الزراعة الدوليين تنتابهم مخاوف من إمكانية هروب بعض الجراد إلى اليمن، حيث تتوالد في أغلب الأحيان. وهناك، قد يستغل أفراد الجراد ضعف الدفاعات في البلاد وتتكاثر بشدة لتشكل أسراباً هائلة مثل تلك التي اجتاحت في السابق مساحات واسعة من أفريقيا والشرق الأوسط.

أصدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في روما تحذيرا من تفشي الجراد في وقت سابق من هذا الشهر، وقالت أن عدم الاستقرار السياسي قد يحول دون السيطرة بشكل فعال على الجراد داخل مناطق اليمن. ويؤكد فؤاد باحكيم، مدير برنامج مكافحة الجراد في اليمن في صنعاء "أننا نتابع الوضع، ولكن حتى الآن لم نتمكن من الانتقال إلى تلك المناطق بسبب المشاكل الأمنية." ويضيف بأن فرق مكافحة الجراد لديها الموارد التي تحتاج إليها، لكن السفر عبر أنحاء البلاد لا يزال محفوفاً بالمخاطر.

يضع الجراد بيضه في التربة الرطبة الرملية وتنمو عندما تتفتح الزهور في الصحراء. إذا خرج التكاثر عن نطاق السيطرة، يتخلى كبار الجراد الذي يكون عادة بني اللون عن أساليبه الفردية، ويتحول إلى اللون الأصفر ويصبح "قطيعي". هذه هي المرحلة الخطرة، التي يتبع فيها الجراد الرياح ويلتهم كل شيء في الأفق. تهدد مثل هذه الأسراب الإنتاج الزراعي في نحو 50 بلداً في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشبه القارة الهندية. آخر مرة حدث فيها مثل هذا الانتشار لأسراب الجراد كانت في عام 2004، عندما سدت أسراب الجراد من منطقة الساحل الأفق في سماء القاهرة، ودمرت المحاصيل في جميع أنحاء أفريقيا، وأدى هذا الانتشار، الذي استغرق عاماً للسيطرة عليه، إلى خفض إنتاج الحبوب بنحو 80٪ في المناطق المتضررة من بوركينا فاسو، وبما لا يقل عن 90٪ في مناطق بمالي وموريتانيا.

يقول كيث كريسمان، وهو مسؤول كبير في التنبؤ بتفشي الجراد في منظمة الفاو، أن الأنباء السارة هذا العام هي أن خطورة تفشي الجراد بشكل خارج عن نطاق السيطرة في اليمن تتراجع، حيث تتجه البلاد لموسم الجفاف. وحتى الآن ، شهدت أماكن تكاثر الجراد هناك هطولا قليلا للأمطار، وبدأت تتراجع احتمالية حدوث تلك الموجة من الأمطار التي من شأنها أن تزيد بشكل كبير من أعداد الجراد. ويضيف كريسمان "إذا مر الأسبوعين المقبلين، عندئذ ربما سنكون على ما يرام".


ومع ذلك، يحذر كريسمان أن هذا لا يعني أن الخطر قد زال، حيث أنه يمكن للرياح أن تنقل الجراد عبر البحر الأحمر وإلى شمال السودان (انظر صورة "أماكن التوالد")، حيث موسم الأمطار الذي يمتد عادة من تموز/يوليو حتى أيلول/سبتمبر. ويضيف كريسمان أنه على الرغم من استمرار القتال بين القوات الحكومية والميليشيات في إقليم دارفور السوداني، فإن مسؤولي الزراعة هناك ينبغي أن يكونوا قادرين على مكافحة الجراد في معظم أنحاء شمال السودان.

ويمكن لفرق مكافحة الجراد الاستعانة بأدوات متطورة على نحو متزايد، من بينها التنبؤ بالطقس الإقليمي والصور التي تلتقط بالأقمار الصناعية لتتبع هطول الأمطار والغطاء النباتي وكذلك أجهزة تحديد الاماكن العالمية المحمولة يدوياً لرصد التقدم الذي يتم إحرازه في هذا المجال.

ويشير بيترو شيكاتو، وهو عالم الاستشعار عن بعد في المعهد الدولي لبحوث المناخ والمجتمع الذي يعمل مع فريق الجراد في منظمة الفاو في مرصد لامونت دوهرتي للأرض بجامعة كولومبيا في نيويورك، إلى أن أجهزة الاستشعار الفضائية يمكنها تحديد جيوب النباتات المخفية في قاعدة الكثبان الرملية وعلى امتداد مجاري سريعة الزوال.

ويقول شيكاتو، الذي طور الأسلوب الحالي للكشف عن الغطاء النباتي باستخدام مقياس الطيف التصويري والاستشعار الخاص بوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" وبرامج مماثلة، أن المنظمة تعمل حالياً مع الفرق الميدانية في الجزائر لاختبار فعالية الأساليب التي يستخدمونها في هذا المجال. والهدف من هذا هو العثور على جيوب نمو النبات عن طريق الجمع بين قياس "خضرة" منطقة معينة وبيانات الأشعة تحت الحمراء التي تكشف عن محتوى الماء. وقال: "نريد أن نعرف ما هي مساحة أصغر رقعة من النباتات التي نستطيع اكتشافها."

يرى كريسمان أن للتكنولوجيا الحديثة فوائدها، لكنها ليست كافية. ويقول أن "الفكرة هي أنه إذا تمكنا من الكشف عن حالة تفشي (الجراد) والسيطرة عليها بعد ذلك، فإننا لن نشهد وضعا مثل الذي واجهناه في 2004، لكن هذا الأمر سيعتمد على الدول بشكل منفرد وعلى السياسة والأمن، وكافة هذه الأشياء."

doi:10.1038/nmiddleeast.2011.90