Using AI to control energy for indoor agriculture
30 September 2024
Published online 8 مايو 2023
أسفرت الاشتباكات عن انقطاع المياه والكهرباء عن المستشفيات والجامعات، التي باتت صيدًا سهلًا أمام الطرفين المتحاربين.
أعمدة الدخان تتصاعد أثناء الاشتباكات الدائرة بين قوات
الجيش السوداني النظامي وقوات الدعم السريع في الخرطوم في التاسع عشر من أبريل.
Omer Erdem/Anadolu Agency/Getty
مع احتدام المواجهات بين الفصيلين العسكريين على الأراضي السودانية، وعلى وَقْع القصف الجوي والمدفعي الكثيف للعاصمة، الخرطوم، وعددٍ من كبريات المدن الأخرى، لم يجد أساتذة الجامعة والطلابُ بُدًّا من ترك جامعاتهم ومُدُنهم الجامعية.
كانت أعمال العنف، التي انطلقت شرارتها في الخامس عشر من شهر أبريل الماضي، قد اندلعت بين القوات المسلحة السودانية من جهة، وجماعة مسلحة مناوئة لها تُعرف باسم قوات الدعم السريع من جهة أخرى. وعلى الرغم من موافقة الطرفين على وقفٍ مؤقت لإطلاق النار، لا تزال الأخبار تجيء تترى عن نشوب الاشتباكات والمعارك ووقوع التفجيرات في شوارع الخرطوم.
وبحسب تقديرات الأمم المتحددة، أودى الصراع الدائر بحياة أكثر من 450 شخصًا، وتسبب في إصابة ما يربو على 4 آلافٍ آخرين، فضلًا عن نزوح آلاف الأشخاص، الذين هجروا منازلهم بحثًا عن ملاذ آمن. زِد على ذلك أن غالبية المصابين لا يتلقَّون خدمات الرعاية الطبية اللازمة، بعد خروج ما يقرب من ثلثي عدد المستشفيات الواقعة في الخرطوم من الخدمة، بحسب ما ورد عن منظمة الصحة العالمية.
يقول دين شارب، اختصاصي علم الجغرافيا الحيوية بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، والذي يقيم بالخرطوم: "اندلع الصراع فجأة، ولم يكن أحدٌ مستعدًا له في حقيقة الأمر". يُذكَر أن شارب يعكف حاليًا على إعداد قائمة بأسماء الأكاديميين الذين يعيشون على الأراضي السودانية، وتشتدُّ حاجتهم إلى المال والطعام والمياه والأدوية.
جديرٌ بالذكر أنه منذ نال الشعب السوداني استقلاله عن بريطانيا ومصر عام 1956، عاش أكثر الوقت تحت وطأة الحكم العسكري. وحتى بعدما أطاحت الهبَّة الشعبية العارمة التي شهدتها البلاد في عام 2019 بالحكم الديكتاتوري، الذي جَثَم على صدر هذا البلد ثلاثة عقود، ظلَّ الجيش هو المؤسسة الأقوى في البلاد.
وقد أجرت دورية Nature حديثًا مع ثلاثة باحثين في السودان، من بين ملايين الأشخاص الذين وجدوا أنفسهم محاصرين وسط هذه الاضطرابات.
Courtesy of Hisham Bilal
هشام بلال: "لم تكن لدينا مياه"
اختصاصي علم الأنثروبولوجيا بجامعة الخرطوم
في صباح يوم الخامس عشر من شهر أبريل، استيقظت على اتصال هاتفي من شقيقتي. كنت أنوي الذهاب إلى الجامعة، غير أنها أخبرتني أن أصوات الاشتباكات قد تناهَتْ إلى مسمعيها.
تقع جامعة الخرطوم غير بعيد من مقر كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وخلال هذه الاشتباكات، حوصر قرابة 90 طالبًا وعضوًا من أعضاء هيئة التدريس المقيمين داخل أسوار الحرم الجامعي، وحيلَ بينهم وبين الهرب، واضطُروا للنزول إلى القبو، والاحتماء به برفقة بعض الموظفين على مدى أيام، قبل أن يُطلق سراحهم بعد ثلاثة أيام؛ غير أن أحد الطلاب لقى حتفه بعدما تلقَّى رصاصةً قاتلة، ولم يكن بُدٌّ من أن يوارَى الثرى في أرض الحرم الجامعي لكلية الهندسة.
أما أنا، فكنت أقيم برفقة زوجتي وأبنائي بحرم جامعي آخر، بالقرب من قاعدة عسكرية. وقد انقطعت عنا الكهرباء، ولم تكن لدينا مياه. كما لم يكن في مقدور أحد أن يخطو خارج الحرج الحرم الجامعي، فانقطعت دوننا سبل الحصول على أية مؤنٍ للإعاشة، حتى المواد الغذائية.
وقد أُصيب مسكني بأعيرة نارية عدَّة، أحصيت منها أربع رصاصات، اخترقت الشرفة والنوافذ ووجدت سبيلها إلى الغرفة. عندئذٍ، قررنا مغادرة المكان، وليكُن ما يكون.
شاهيناز بيدري: "مجموعات مسلَّحة تقتحم المنشآت الصحية"
اختصاصية علم الأمراض، والمديرة العامة للمختبر الوطني للصحة العامة بالخرطوم
غادرت الخرطوم بالأمس، برفقة والدتي طريحة الفراش والمصابة بداء الخرف، والتي ساءت حالتها الصحية. قطَعْنا الطريق بحذاء ساحل البحر الأحمر، قاصدين مدينة بورتسودان، التي تبعد عن الخرطوم 800 كيلومتر، لكونها أكثر أمانًا من ناحية، ولإمكانية توفير الخدمات الطبية اللازمة لوالدتي من ناحية أخرى.
أشغلُ منصب المختبر الوطني للصحة العامة، وهذا المختبر، ومقرُّه الخرطوم، يُعد المختبر الوطني التنظيمي المرجعي للأمراض المعدية، ويعمل به أكثر من 500 موظف. ولدينا في المختبر عينات من فيروس «كوفيد-19»، والإنفلونزا، والحصبة، وشلل الأطفال، والسل، والكوليرا، وغيرها. كما أن لدينا وحدة للأمن الحيوي. وصحيحٌ أننا نحتفظ بالعينات في مكان آمن، إلا أن هناك ما يثير قلقنا، وهو إمكانية إساءة التعامل مع تلك العينات من قبل الجماعات المسلحة التي تقتحم المنشآت الصحية.
كانت جماعة من المسلحين قد اقتحمت المختبر قبل عدة أيام، وطالبت موظفي الأمن المدربين على التعامل مع حالات الطوارئ بمغادرة المبنى. وأخشى ما نخشاه أن يتعرض هؤلاء الأفراد لمخاطر بيولوجية حال قيامهم بفتح الثلاجات الموجودة هناك، لأنهم يتجوَّلون في المبنى ويعيثون فيه فسادًا.
وقد انقطعت الكهرباء مراتٍ عدة عن المستشفيات وعن مختبرنا. صحيحٌ أن السودان طالما كان يعاني من نقصٍ في إمدادات الكهرباء، فنلجأ إلى مولِّدات الديزل سعيًا إلى الحصول على الكهرباء، إلى أننا أصبحنا الآن عاجزين عن تزويد تلك المولدات بالوقود من جراء الحرب الدائرة.
معظم العينات غير المجمدة ربما تكون قد تعرضت للتلف؛ ولذلك فإن الأمر يقتضي إرسال فريق إلى المختبر لتقييم الوضع هنالك بشكل آمن، والتعامل مع المشكلات، وإدارة النفايات البيولوجية والكيميائية.
وأمرٌ ثانٍ مثير للقلق، هو أن لدينا معدات شديدة الحساسية، خاصة بالكيمياء التحليلية، مثل أجهزة الكروماتوغرافيا الغازيَّة، والتي يكون بعضها متصلًا بأسطوانات غاز، كتلك التي تحوي غازي الهيليوم والهيدروجين مثلًا، وهو ما يجعلنا نخشى دخول أي شخص إلى المبنى وإطلاق النار بداخله. سيكون هذا خرابًا محقَّقًا.
عزة أحمد عبد العزيز: "العسكر يقوِّضون الديمقراطية"
اختصاصية علم الأنثروبولوجيا الطبية والاجتماعية بمركز الدراسات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية بالخرطوم
الوضع الراهن في جامعة الخرطوم أصاب الجميع بحالةٍ من الهلع؛ على أنَّ هذه الحالة لم تقتصر على الأوساط الجامعية، وإنما تعدَّتها لتشمل المدينة ككل؛ تلك المدينة التي افترشَتْ شوارعَها وطرقاتِها جُثثُ الضحايا الذين سقطوا من جراء الاشتباكات.
أما الأكاديميون الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى البقاء في منازلهم، فقد لجأوا إلى تدوين تحليلاتهم حول الوضع الراهن، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تعج صفحاتها أيضًا بالكثير من الشائعات والأكاذيب التي يبثها أناس مجهولون، لا ينشرون إلا معلومات مضللة وخاطئة عن الوضع الراهن.
يا له من تحدٍّ يواجه الأكاديميين العاملين في السودان، وعليهم التصدي له. إننا بإزاء مشكلة ما فتئت تفرض نفسها على الواقع السوداني منذ انقضاء العهد الاستعماري، وهي أن العسكر يقوِّضون الديمقراطية؛ ودائمًا ما كانت الدولة السودانية هي التي تأبى تقبُّل الأيديولوجيات المخالفة.
يمكن للقراء الراغبين في دعم المجتمع الأكاديمي في السودان التواصل مع شبكة «باحثون في خطر» Scholars at Risk، وهي مؤسسة خيرية مقرها مدينة نيويورك، تختص بمساعدة الباحثين المعرضين للخطر حول العالم.
خضعت هذه المقابلات للتحرير لدواعي الاختصار والوضوح.
doi:10.1038/nmiddleeast.2023.44
Stay connected: